وجوب إيجاد العلماء العاملين المرشدين ، وتعليق حول كلمة الأستاذ " محمد رأفت " حول تنظيم السلفيين . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
وجوب إيجاد العلماء العاملين المرشدين ، وتعليق حول كلمة الأستاذ " محمد رأفت " حول تنظيم السلفيين .
A-
A=
A+
الشيخ : تعرَّض الأستاذ - جزاه الله خيرًا - في أثناء حديثه عن التنظيم وما يتعلَّق به ... = -- ... -- = المنظِّمين ، وأعني بهم العلماء العاملين ؛ لذلك ففي اعتقادي العمل يجب أن يُوجَّه من كل الجماعات الإسلامية على اختلاف مناهجها ومقاصدها ومراميها إلى إيجاد هؤلاء العلماء المرشدين ، ولا شك أننا - نحن السلفيين - حينما نعني إيجاد العلماء المرشدين نعني إيجاد علماء حقيقيين عارفين بالكتاب والسنة ، والسنة الصحيحة ، وفاهمين لهذَين الأصلين الكتاب والسنة فَهْمًا صحيحًا على منهج السلف الصالح ، فتحقيق مثل هؤلاء العلماء على هذه الصورة هو بلا شك من أصعب الأمور تحقيقًا في عصرنا الحاضر .

ومن هنا تجدون أن جلَّ الجماعات الإسلامية يتوجَّهون إلى أمور لا نقول : إنها ليست مهمة ، ولكني أقول : إنها ليست الأهم من ذاك المهم ، فكلُّهم لا يدندن حول إيجاد هؤلاء المرشدين الحقيقيين العلماء بالكتاب والسنة ، فإذا كان غيرنا قد قصَّر في ذلك ؛ فحينئذٍ يصبح واجبًا عينيًّا علينا نحن أن نقوم بهذا الواجب ، وحينئذٍ إذا عرفنا عظمة وخطورة هذا الواجب وتفرَّدنا نحن للقيام به وتحقيقه ؛ نكون قد قدَّمنا إلى المجتمع الإسلامي أمرًا لم يقدِّمْه سوانا ، والواقع في رأيي أن كلَّ مَن يفكِّر في خطورة هذه الحقيقة أو هذه الغاية سوف لا يفكِّر مطلقًا فيما يدندن حوله الجماعات الأخرى ومَن قد يغتَرُّ بهم منَّا - نحن السلفيين - الذين ينشدون ما يسمُّونه بالتنظيم ، مَن عرف هذه الغاية العظيمة وفكَّر في سعيها وفي تحقيقها ؛ سوف لا يخطر في باله أن يُوجِدَ شيئًا يسمُّونه اليوم تنظيمًا .

إذًا نحن بحاجة إلى تحقيق هذه الغاية الهامة وهو إيجاد العلماء الذين يوجِّهون هذه الأمة الضائعة ، هذا الشيء الأول نفقده ، والشيء الآخر قد نجد أفرادًا من العلماء ولكن نفقد فيهم المحرِّك الأساسي الذي يُثمر الفائدة التي يرجوها المجتمع الإسلامي من أمثال هؤلاء العلماء ؛ ألا وهو الإخلاص ، ألا وهو الإخلاص ، فقد يكون فرد أو أفراد أو عشرات أو مئات مُبعثَرُون في هذا العالم الإسلامي الواسع علماء حقيقةً بالكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح ، لكن بعضهم أو كثير منهم يفقدون هذه الخصلة التي هي أساس الدين ، كما قال ربُّ العالمين في القرآن الكريم : (( وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ )) .

لذلك فيجب - أيضًا - أن يكون من أهدافنا ومن الأمور التي ندندن حولها دائمًا وأبدًا لذواتنا ولغيرنا أن نحقِّق في أنفسنا العلم النافع وأن نحقِّق - أيضًا - في أنفسنا الإخلاص الذي هو الصفة الحقيقية التي بها يكسب المسلم رضا الله - عز وجل - في كل عمل صالح يأتيه .

أخيرًا : خطر في بالي هذا السؤال ؛ ما هي ثمرة هذا التنظيم الذي اغتَرَّ به بعض شبابنا الناشئ اليوم ، فيريد تنظيمًا مثله ؟ ما ثمرة ذاك التنظيم ؟ نحن كما سمعتم صراحةً من الأخ " محمد " لا ننكر شيئًا اسمه تنظيم ؛ لأن اجتماعنا هذا هو تنظيم ، لكن التنظيم الذي صار أمرًا كأنه من الأمور الأساسية لا بد منها لا بد لحياة المسلم حياة إسلامية صحيحة أن يكون منتَظِمًا في نظام معيَّن ، فنحن نقول أو أنا شخصيًا أتساءل : لقد قامت هناك جماعات عديدة على أنظمة ومناهج مختلفة ، فما كانت ثمار هذه التنظيمات ؟ تنظيم ربما مضى عليه نصف قرن من الزمان ؛ ما الذي استفادَه أفراد هؤلاء الجماعات المنتظمة ؟

نحن بَلَوناهم يعيش أحدهم وخذوها هذه مَثَلًا ؛ يعيش أحدهم ولا يدري أين ربُّه - تبارك وتعالى - ذلك الزمان الطويل ، إذا قيل له : أين الله ؟ لا يُحسِن أن يجيب جواب الجارية ؛ فما فائدة هذا التنظيم ؟ هَبْ أن الدولة الإسلامية قامت ، وهَبْ أن الحدود الشرعية نُفِّذت وذلك ما يرجوه كل مسلم ، ولكن هؤلاء يموتون ولا يدرون أين ربُّهم ، أو كما قال ذلك الأمير الفَطِن الكيِّس لما سَمِعَ أولئك العلماء المشايخ الذين علماؤنا اليوم هم ورثة أولئك ، لما سمعهم يقولون في وصفهم لربِّهم : إنه لا يُوصَف بأنه فوق ولا تحت ولا يمين ولا يسار ولا أمام ولا خلف ، ولا يُقال - أيضًا - هو - تبارك وتعالى - داخل العالم ولا خارجه ؛ لما سمع الأمير الكيِّس الفَطِن وصف هؤلاء المشايخ لمعبودهم قال : هؤلاء قوم أضاعوا ربَّهم !!

هذه حقيقة مرة مؤسفة جدًّا يعيشها العالم الإسلامي اليوم بعلمائه بطلابه بأحزابه بجمعيَّاته كلها ، لا ينجو منها إلا جماعة واحدة مِن صفتها أنها جماعة غير منظَّمة ، إيش رأيكم بقى ؟ قال : " من ثمارهم تعرفونهم " ، هناك حكمة تُروى لا يهمُّنا ثبوتها ؛ لأن الحِكَم قد تكون خياليَّة لتقريب أمور حقيقية إلى الناس ، هذه الحكمة تقول بأن عيسى - عليه الصلاة والسلام - خطب في الحواريين يومًا فوَعَظَهم وذكَّرهم وحذَّرهم من الدجالين والأنبياء الذين سيتنبَّؤون وهم من الكاذبين ، وفي الوقت نفسه أخبرهم بأنه سيأتي أنبياء صادقون ، قالوا : كيف نعرف الصادق من الكاذب ؟ قال : " من ثمارهم تعرفونهم " ، النبي الدجال شو ثمرته ؟ يدعو الناس إلى أن يعبدوه إلى أن يخضعوا له أن يجمعوا له المصاري إلى أن يتصدَّر المجالس ، أن أن إلى آخره ، أما النبي الصادق فحسبكم مثالًا نبيُّنا - عليه الصلاة والسلام - ؛ فهو قد أثبت للمشركين قبل أن يصبح الكثير منهم مِن المسلمين أنه لا يريد منهم مالًا ولا جاهًا ولا ولا أي شيء إلا أن يعبدوا الله وحده ولا يشركوا به شيئًا ، " من ثمارهم تعرفونهم " .

فأولئك أناس منظَّمون بعضهم مضى عليهم ثلث قرن من الزمان ، وبعضهم نصف قرن من الزمان ، وبعضهم أقل من ذلك أو أكثر ، ثم هم قومٌ أضاعوا ربَّهم !! وهناك طوائف مُبعثَرُون في هذا العالم الإسلامي غير منظَّمين كما يريد هؤلاء الذين يطلبون التنظيم المَزعوم هم الذين عرفوا ربَّهم ؛ لأنهم اتَّبعوا كتاب ربِّهم وسنة نبيِّهم - صلى الله عليه وآله وسلم - ؛ لذلك فخذوها عبرة إذا كان المقصود بالتنظيم هو أن يضيِّع الإنسان حياته فلا يعرف ما يجب عليه اعتقاده في ربِّه في نبيِّه فيما يتعلق أمور الغيب في البعث والنشور ؛ إذا كان المقصود أن يعيش وهو لا يعرف شيء من هذا بسبب التنظيم الذي يُشغله عن هذه الحقائق الضرورية ؛ فهذا التنظيم هو ليس من التنظيم في شيء ، وإذا كان الانكباب على الدراسة كلٌّ بحسبه ، لكن على منهج صحيح يُوصله إلى أن ينجو بنفسه من أن يقع في الشرك أو في الضلال الذي وقع في غيره ، ثم ليس هناك تنظيم ؛ فهذا ليس بضائره أن لا يكون عنده مثل هذا التنظيم .

على أننا نقول - كما قلنا دائمًا وأبدًا - : نحن الآن علينا أنفسنا ، أن ننجو بأنفسنا ، ولا يعني هذا أننا لا نهتم بغيرنا ، ولكن مما استفَدْناه من سنة نبيِّنا - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( ابدَأْ بنفسك ، ثم بِمَن تعول ) ، فنحن علينا اليوم حينما نرى العبرة بغيرنا أن نعتبر نحن في أنفسنا ، أن نصحح عقائدنا ، وأن نحسِّن أخلاقنا ، وأن نربِّيَ أنفسنا وأهلينا وأولادنا و و من كان لنا عليه ولاية أو سلطة ، ثم بعد ذلك سيأتي زمن ولا بد سيضطرُّنا إيماننا وديننا إلى أن نهتمَّ بالمسلمين كأمة ، وذلك يستدعي منَّا السعي لإيجاد الخلافة التي تكون على منهج النبوة ، لكن إيجاد هذه الخلافة لا سبيل إليها قبل تصحيح المفاهيم وقبل تربية النفوس وتصفيتها من الأخلاق السَّيِّئة ومن الرياء والسمعة ، هذه الخصال التي تُفسِد على المسلم طاعته وعبادته لربِّه .

هذا ما عنَّ في بالي أن أتحدَّث حوله بمناسبة تلك الكلمة الطَّيِّبة من الأخ " محمد رأفت " التي أرجو الله - عز وجل - أن ينفعنا بها جميعًا .

السائل: ... .

الشيخ : تفضل .

مواضيع متعلقة