إذا قال شخصٌ لآخر : " رزقك يُحييني ويُميتني " ؛ فما قولكم بهذا الكلام ؟ وهل صحيح أن العرب كانت تستخدمه وتقصد به معنًى غير المعنى الحقيقي ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
إذا قال شخصٌ لآخر : " رزقك يُحييني ويُميتني " ؛ فما قولكم بهذا الكلام ؟ وهل صحيح أن العرب كانت تستخدمه وتقصد به معنًى غير المعنى الحقيقي ؟
A-
A=
A+
عيد عباسي : أقول : إذا قال شخصٌ لآخر : رزقك يحييني ويميتني ؛ فما قولكم بهذا الكلام ؟ هل صحيح أنه كان تستخدمه العرب ؟

سائل آخر : ... .

عيد عباسي : نعم ؟

سائل آخر : ... .

عيد عباسي : طيب ، إذا قال شخصٌ لآخر : رزقك يُحييني ويُميتني ؛ فما قولك بهذا الكلام ؟ هل صحيح أنه كانت تستخدمه العرب ؟ وتقصد به معنى غير المعنى الحقيقي ؟ هذا هو السؤال الأول .

الشيخ : الذي أعتقده بالنسبة لهذه الكلمة أنها لها وجهان :

الوجه الأول : أنه يُفسَّر بالنظر للمصدر الذي صدر منه هذا الكلام ؛ فإن كان الشخص الذي صدر منه هذا الكلام معروف بفهمه للتوحيد فَهْمًا صحيحًا ، وأن هذا التوحيد يُنافي مخاطبة الصالحين كما ذكرنا آنفًا والطلب منهم ما يُطلب من الله ؛ إذا كان هذا المتكلِّم لهذا الكلام موحِّدًا ومع ذلك صدر منه هذا الكلام ؛ فيكون كلامه خطأً شرعًا وليس كفرًا بيِّنًا ؛ لأن المفروض بالشريعة الإسلامية أننا إذا سمعنا من إنسان مسلم نعرف إسلامه ونعرف توحيده سمعنا منه كلمة تخالف التوحيد ننكرها عليه ، ولا نقرُّها له ، ولكن في الوقت نفسه لا ندينه بها ، ولا نلزمه بها ؛ أي : لا نكفِّره بها ؛ لأنه قال كلمةً هي خطأ ، اللهم إلا إذا أصرَّ عليها وأراد منها المعنى الظاهر من العبارة ، وهي - كما تسمعون - فيها نسبة الإحياء للشيء وهو نفسه ميت ؛ هذا بلا شك ظاهر العبارة كفر وشرك يساوي تمامًا ، بل هي أفصح في الشرك من أن تساوي تمامًا كما قلت كلمة ذلك الصحابي الذي قال للرسول - عليه السلام - في خطبة خطبها قال له : ما شاء الله وشئت يا رسول الله ؛ فما كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أن قال : ( أجعلْتَني لله ندًّا ؟! قل ما شاء الله وحده ) . وفي رواية : ( قل ما شاء الله ثم شئت ) .

فنحن نتأدَّب بهذا الأدب ، وهذا مما يصح مثالًا كيف أنه يجب علينا دائمًا وأبدًا أن نربِّيَ أنفسنا على شريعة نبيِّنا - صلوات الله وسلامه عليه - ، فنجده ههنا خطَّأ الذي خاطبه بقوله : ما شاء الله وشئت ؛ لماذا ؟ لأنه كلام خطأ ، وصحَّح له الكلام وقال له : ( قل ما شاء الله وحده ) ولا تشرك في المشيئة أحدًا غيره ، ولكن في الوقت نفسه ما أدانَه بالكفر ولا قال له : أنت كفرت وارتَدَدْتَ عن دينك فجدِّد التوبة ، وجدِّد عقد الزوجة ونحو ذلك مما يترتَّب عادةً في الأحكام الشرعية من وقوع الإنسان بالرِّدَّة ، ما كلَّفه الرسول - عليه السلام - بشيء من ذلك ، فنفهم أنه بالوقت الذي قال له : هذا كفر ؛ ما أدانَه بالكفر ؛ لماذا ؟ لأنه يعلم أن هذا الصحابي ما آمَنَ به - عليه السلام - نبيًّا رسولًا إلا فرارًا من الشرك والضلال ؛ فهو يريد شيئًا وأخطأ ... بلسانه ؛ عَلِمَ هذا الرسول منه ، فاكتفى منه بتصحيح الخطأ اللفظي ، أما الخطأ القلبي فما بدا للرسول - عليه السلام - أن هناك من ذلك الإنسان خطأ قلبي .

على هذا القياس وعلى هذا الميزان نعالج كلَّ الكلمات الكفرية ؛ أنا أضرب لكم مثلًا : إذا فتحنا كتاب " الفصوص " وكتاب " الفتوحات المكية " للشَّيخ ابن عربي ، فكل كلمة هناك كفر لا نتأوَّلها له إطلاقًا ؛ لأنُّو كتابه بل كتبه من أوَّلها إلى آخره من ألفِها إلى يائها كلها شرك وكفر وضلال ؛ فلَسْنا بحاجة إلى أن نتأوَّل عبارة له ؛ شو بدك تؤوِّل لَتؤوِّل ؟ إلا أن تؤلف كتاب ثاني وتنسبه لابن عربي يطلع كتاب آخر !! لكن إنسان لا نعرف منه هذا الانحراف الخطير في التوحيد وفي العقيدة الإسلامية ونسمع مثل هذا الكلام ، فنقطع بأنه كلام خطأ ، وزنه وزن خطأ ذاك الصحابي ، وإذا شبَّهناه بذاك الصحابي فكتِّرْ خيرنا ، لكن لا نكفِّره إلا إذا تبيَّن لنا أن هذا المعنى الظاهر من هذا اللفظ قد وَقَرَ في قلبه ؛ فحينئذٍ هو ونيَّته ، هذا جوابي عن السؤال الماضي .

غيره ؟

...

مواضيع متعلقة