نسخ السنة للقرآن ، والتفريق بين الحديث المتواتر والآحاد . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
نسخ السنة للقرآن ، والتفريق بين الحديث المتواتر والآحاد .
A-
A=
A+
الشيخ : ... منزلة الرأي بالنسبة إليها ؛ أي : إنما يُصار إلى الرأي إذا لم يوجد في السنة بيان الخطأ ، كذلك إنما يُصار إلى السنة إذا وُجِدَ البيان لم يوجد البيان في القرآن ؟

الجواب : لا بد من النظر إلى الكتاب والسنة معًا في آن واحد ؛ وذلك لأسباب معروفة في علم الأصول ، هم - مثلًا - يقرِّرون أن السنة تخصِّص القرآن ، السنة تخصِّص عموم القرآن ، والسنة تقيِّد مطلق القرآن ، فلو فرضنا سائلًا سأل معاذًا : ما حكم ميتة البحر ؟ لوين ينظر قبل كل شيء حسب النظام المذكور في حديثه ؟ في القرآن ، وإذا به يقرأ في القرآن : (( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ )) ؛ إذًا سيكون الجواب إيه ؟ حرام لا يجوز ؛ لأنُّو ميتة ، السمك ميتة . سُئِل عن الجراد الميت ؟! كمان سيحرِّمه ؛ لأنُّو القرآن واضح في هذا . تُرى لو أنه فعل هذا هل يكون مصيبًا ؟ الجواب : لا ، ليه ؟ لأنُّو نظر للقرآن وحده ، ما نظر للسنة التي خصَّصَتْ النص العام .

الميتة " الـ " هنا للاستغراق والشمول ؛ يعني كل ميتة ، فإذًا الصواب أن لا ننظر إلى نصِّ القرآن ولو كان صريحًا ؛ لِاحتمال أن يدخله إذا كان عامًّا تخصيص ، وأن يدخله إذا كان مطلقًا تقييد ، وأن يدخله إذا كان خاصًّا نسخ ، ولا فرق بين نسخ الجزء والكل ، أريد حينما يكون هناك في القرآن نص عام كهذا النَّصِّ الذي بين أيدينا : (( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ )) أي : كل ميتة . فجاء الحديث ألا وهو قوله : ( أحلت لنا ميتتان ودمان : السمك والجراد ، والكبد والطحال ) ، هذا الحديث خصَّص النَّصَّ القرآني العام ، وإيش معنى خصَّص ؟ يعني الأجزاء الكثيرة لو فرضناها مثلًا مئة ؛ فهذا الحديث سحب من المئة واحدًا ، وهو ، أو اثنين ، السمك والجراد ، هذا نسخ ؛ ولذلك السلف يسمُّون النَّصَّ المخصِّص ناسخًا ، والنَّصَّ المخصَّص في القرآن منسوخًا ؛ لأنُّو فيه المعنى هذا لكن ما هو إيش ؟ مطلق كما عليه اصطلاح المتأخرين ؛ لأنهم يقولون في بحث الناسخ والمنسوخ : هو النَّصُّ يأتي العمل به إلى زمن ، ثم يأتي نصٌّ فيدل على أنه رُفِعَ كله ، فإذًا إذا جاز باتفاقهم نسخ جزء من النَّصِّ القرآني وهو قرآن هو بلا شك أقوى من الناسخ اللي هو حديث ؛ فأيُّ مانع يمنع من نسخ النَّصِّ القرآني كله بنصٍّ من الحديث والعلة واحدة ؟! وهي نستطيع أن نقول : العلة قسمين هنا : إيجابية وسلبية ، العلة الإيجابية أننا أُمِرنا بالأخذ بالسنة مع القرآن ؛ فهي إذًا تتحكَّم على القرآن نسخًا كما ثبت في نسخ الجزء اتفاقًا ، وسلبية أنُّو نحن لا يجوز أن نهمل السنة لا إذا كان الناسخ ناسخًا بنصٍّ خاص في القرآن الكريم ، ولا إذا كان ناسخًا لجزء بنصٍّ عام .

أضرب لكم مثلًا حديث مع الآية : (( الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ )) ، الحديث : ( لا وصية لوارث ) ، فقوله - تبارك وتعالى - : (( كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ [ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا ] الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ )) نُسِخَ ، بماذا ؟ بقوله - عليه السلام - : ( لا وصية لوارث ) . بعض العلماء يقولون : إنما صح نسخ الآية بالحديث هذا ؛ لأنُّو حديث متواتر ، أنا أقول : هَبْ أن الأمر كذلك ، ويسرُّني أن الأمر كذلك ؛ لكن متى صار هذا الحديث متواترًا ؟ حينما سمعه - مثلًا - رجل من الصحابة ؛ هل بدأ التواتر من ساعة سماع الصحابي الواحد أو الاثنين أو العشرة أو المئة ؟ هل بدأ وصف هذا الحديث بالتواتر من ساعة نطق الرسول - عليه السلام - به ؟ بداهةً : لا ؛ ليه ؟ لأنُّو التواتر له علاقة بالرواية ، ولسا ما صار رواية . طيب ، نمشي خطوة تانية ؛ هل بدأ التواتر من ساعة روى أحد الصحابة هذا الحديث لتابعيٍّ ؟ وهذا التابعي بطبيعة الحال لم يدرك الرسول ، وبالتالي لم يسمع الحديث من الرسول ؛ إذًا إنما سمعه بواسطة هذا الصحابي ، فإذا نقل الصحابي حديثًا إلى تابعيٍّ ؛ الآن الرواية بدأت بلا شك ، طيب ، هل بدأ التواتر ؟ ما بدأ التواتر ، من شخص إلى آخر . هو كما يقولون عندنا بالشام : " بلا طول سيرة " ؛ ما بدنا نتوسَّع كثيرًا ؛ متى إذًا يبدأ التواتر ؟ يبدأ التواتر من قرن التابعين القرن الثالث ، وهذا قليل جدًّا ، وكلما تأخر القرن تأخر العصر كلما ظهر التواتر ، وبيانه كما يأتي :

إذا تابعي لَقِيَ صحابيًّا ، فسمع منه هذا الحديث - مثلًا - : ( لا وصية لوارث ) ، ثم لَقِيَ صحابيًّا رقم اثنين : يقول : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول وذكر الحديث ، وهكذا لقي ثالثًا ورابعًا وخامسًا ونقول : عشرة ، هذا الحديث صار متواترًا عند مَن ؟ عند هذا التابعي ؛ لأنُّو هو الذي لَقِيَ عدد التواتر ، واضح ؟ طيب ، تُرى كم حديث من الأحاديث تيسَّر للتابعي أن يلقى فيه عديدًا من الصحابة بحيث أن هذا الحديث يصبح عنده متواترًا ؟ قليل جدًّا ؛ لماذا ؟ لأنَّ بعد استقرار علم الحديث واجتهاد كبار علماء الحديث في الرحلة في سبيل طلب الحديث هذه السبيل التي ساعَدَتْهم على جمع طرق الحديث من مختلف البلاد الإسلامية التي انتشر فيها الصحابة فمَن بعدهم ، مع هذا أي : من بعدما توفَّر لهؤلاء الأئمة لجمع الأحاديث في بطون الكتب تجد في علم المصطلح يختلفون ؛ هل يوجد حديث متواتر أو لا ؟ هذا بعد إيش ؟ الجهود الجبارة من جمع طرق الحديث .

أخيرًا : يأتي الرأي الصحيح أنُّو في هناك أحاديث متواترة لكنها قليلة ، ومن أشهر هذه الأحاديث : ( مَن كَذَبَ عليَّ متعمِّدًا فليتبوَّأ مقعده من النار ) . لكن نعود إلى ما قلناه آنفًا أن هذا التابعي الذي سمع خمسة من الصحابة صار الحديث عنده متواتر ، لكن التابعي الآخر الذي لم يسمعه إلا من صحابي واحد ما هو عنده متواتر ؛ تُرى يجب على الأول أن يأخذ به وينسخ القرآن ، والآخر لا يجوز له أن يأخذ به إلى أنه ينسخ القرآن ؟ لا يستوي في دين الإسلام هذا الاختلاف بسبب نسبة الأشخاص الذين تلقَّى عنهم الحديث قلة وكثرة .

من هنا نتج في اعتقادي ... حديث معاذ : بِمَ تحكم ؟ قال : بالقرآن وإلى آخره ، ومن هنا يتبيَّن أنه من البدع الدخيلة في الإسلام التي تُشبه الفلسفة هو تقسيم الأحاديث إلى تواتر وآحاد مع التزام ثمرة هذا التقسيم ، وإلا هو من حيث الواقع موجود ، تواتر وآحاد ، لكن الثمرة إذا كان متواتر جاز أن نأخذ به بل وجب أن نأخذ به في العقيدة ، وجاز أن ننسخ به القرآن ، أما الآحاد لا يجوز أن نأخذ به في العقيدة ، ولا أن ننسخ به القرآن . هذه الثمرة المختلفة هذه بلا شك دخيلة في الإسلام لا يعرفها الصحابة .

ولعلكم تعلمون أن من الأحزاب الإسلامية اليوم حزب التحرير ، هو يختلف عن الإخوان المسلمين من بعض الجهات وأبينها أنه يتبنَّى أفكارًا علمية ، بينما الإخوان المسلمين من المعروف ما هبَّ ودبَّ من أفكار مهما كانت متباينة ، أما حزب التحرير فيوحِّد الجماعة على أفكار معيَّنة ، والذي يأبى أن يمشي معهم ولو في واحدة منها لا يقبلون انتسابه إليها ، كان من أفكار حزب التحرير : لا يجوز الأخذ بحديث الآحاد في العقيدة .

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، أهلًا .

...

كنا نتكلم عن حديث التواتر والآحاد ، ووصل بنا الكلام إلى أن هذا التقسيم وإن كان واقعًا ، ولكن ... مفارقات بينهما شرعية فهذه من البدع الدخيلة في الشريعة الإسلامية ، وكان الحديث حول من المفارقات القول بأنه لا يجوز نسخ القرآن بحديث الآحاد ، فذكرنا أن السنة أمَرَتْ بالتمسك بالكتاب والسنة معًا ، وعدم التفريق بينهما بقوله - عليه الصلاة والسلام - في الحديث المشهور : ( تركت فيكم أمرين لن تضلُّوا ما إن تمسَّكتم بهما ؛ كتاب الله وسنَّتي ، ولن يتفرَّقا حتى يردا عليَّ الحوض ) ، فالتفريق بينهما مثل ذاك التفريق خلاف هذا الحديث ، وكذلك التفريق بين حديث الآحاد والتواتر من جهة أن الأول لا يجوز أن يُؤخذ منه عقيدة ، والآخر حديث التواتر يجب أن يُؤخذ منه العقيدة ، فهذا - أيضًا - تفريق دخيل في الإسلام .

ووصلنا القول في هذا بعض الشيء ، ووصلنا إلى التذكير بأن حزب التحرير الإسلامي المعروف اليوم تبنَّى هذا الرأي المبتدع في الإسلام ؛ وهو أن حديث الآحاد لا يُؤخذ منه عقيدة ، ولذلك تجدهم من حيث الواقع لا يتبنَّون عقيدة مأخوذة من السنة ؛ ذلك لأن السنة عندهم خاصة وهم لم يشتغلوا بها دراسة ورواية لا يجدون فيها شيئًا متواترًا وفيه عقيدة يتبنَّوها . خذوا - مثلًا - وهذا ما يصرِّحون به عذاب القبر ، هم ليس عندهم عقيدة يجب عليهم أن يتبنَّوها بأن هناك في القبر عذاب اسمه عذاب القبر ؛ على الرغم من أن هناك أحاديث كثيرة جدًّا جاء فيها ذكر عذاب القبر ، وبعضها مما أُمِرنا بالاستعاذة من عذاب القبر في الصلاة : ( اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن شرِّ فتنة المسيح الدجال ) ، مع ذلك فَهُم لا يأخذون بهذه العقيدة ؛ لماذا ؟ لأنُّو حديث آحاد .

وكان لي مناقشات كثيرة جدًّا من نحو عشرين سنة تقريبًا قلنا لهم نحو ما ذكرنا آنفًا ، لكن اضطررنا نذكر شيئًا زائدًا ؛ قلنا لهم : يا أخي ، حديث التواتر إنما يمكن أن يتحقَّق منه أو إنما يمكن أن يعرفه أفراد في كل عصر من العالم الإسلامي لا من عامتهم ، بل من خاصتهم ، وليس من عامة خاصتهم بل من خاصة الخاصة ، وهم علماء الحديث ؛ فأين هؤلاء ؟

ثم إذا وُجِدَ في بلدة في قرية رجل عالم بالحديث ربنا - عز وجل - أعطاه سعة بالعلم وثبت عنده أن حديثًا ما حديث متواتر ، فجئت أنت يا فلان وسمعت منه هذه الشهادة أنُّو الحديث الفلاني حديث متواتر ؛ هل صار عندك متواترًا ؟ الجواب : لا ، لأن السبب لما تحدثنا عن التابعي يسمع من الصحابي ، ثم صحابي ثاني وثالث ورابع وإلى آخره ؛ هذا الحديث صار عنده متواتر ، لكن غيره ما صار عنده متواتر ؛ لذلك الذين اشترطوا في الحديث التواتر هو تسلسل التواتر في كلِّ الطبقات ؛ فإذًا قلت لهم - مثلًا - : أنا حديث عذاب القبر عندي متواتر ، لكن أنت تسمع مني هذا الكلام هل يصبح عندك متواترًا ؟ الجواب بدهيًّا طبعًا : لا ؛ ليه ؟ لأنُّو حديث التواتر يفيد اليقين والقطع ، وفعلًا هذا الحديث عندي أفادني اليقين ، لكن أنا فرد لما أقول لك : يا زيد من الناس ، هذا حديث متواتر ؛ هذا اليقين انتقل منِّي إليك ؟ أبد ، ما انتقل إليك غير قولي : أنُّو هذا حديث متواتر ، أما اليقين والقطع مستحيل ؛ ليه ؟ لأنُّو هم أنفسهم يقولوا : حديث إذا رواه أبو بكر الصديق أفضل الصحابة جميعًا ، وجاء عنه مئة طريق لا يفيد القطع واليقين ، لا اتهامًا لأبي بكر الصديق ، وإنما كونه بشر ممكن يكون أخطأ ، وهذا كلام ماشي مع العلماء ، لكن العلماء اللي دخلوا في هالفلسفة بين تواتر وآحاد يقولوا : الأصل في الثقة أنه يحفظ ، فنحن نأخذ بكلامه وروايته حتى يتبيَّن لنا خطؤه فيها ، فلاحتمال كونه أخطأ ما يفيد اليقين ، هذا مسلَّم في الجملة .

فأنا الآن لما أقول : هذا الحديث عندي متواتر ؛ فالذي يسمع مني هذا الكلام ما صار عنده متواتر ، لأنُّو ما أفاده كلامي اليقين ؛ لأنُّو لا يزال يُقال فيَّ ما قيل في أبي بكر ، وأكثر ما قيل في أبي بكر ، من جواز إيش ؟ الخطأ أوَّلًا ، وجواز - لا سمح الله - أني أكون رجل كذَّاب أفَّاك لي غرض من دعوى بالتواتر في حديث ما ، فإذًا بأيِّ طريق يا حزب التحرير اللي يجمع الألوف إن كان لا يجمع الملايين في العالم الإسلامي ، بأيِّ طريق أنتم تحصِّلون العقيدة ما دام اشترطتم فيها التواتر ؟ من بعد القرآن لا سبيل إلى ذلك إطلاقًا ، والواقع أنَّه ليس عندهم عقائد أبدًا ؛ لذلك كان من محاذير هذا التفريق أن يبقى المسلمون لا يقيمون وزنًا للسنة مهما كانت قوية ما دامت تحت مرتبة التواتر ، وبذلك نجد خلافًا كبيرًا جدًّا بين ما عليه الخَلَف وبين ما كان عليه السلف ؛ فالسلف لا يفرِّقون بين الله ورسوله ، لا يفرِّقون بين كتاب الله وحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا في العقائد ولا في الأحكام ، لا في المسائل العلمية ولا في المسائل العملية كما يعبِّر عن ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية .

وكنت أقول لهم : يا جماعة ، لماذا هذا التفريق ؟ يقولوا : يا أخي ، القضية هَيْ عقيدة ، والعقيدة يجب أن تُبنى على اليقين . قلنا : لا بأس ، إذا أمكن فبها ، لكن إذا جاءنا الخبر الصحيح وفيه عقيدة ؛ لماذا لا نأخذ بهذا الخبر ونتبنَّى منه عقيدة كما نتبنَّى من أيِّ خبر صحيح حكمًا شرعيًّا ؟ أنتم تقولون : يجب أن نأخذ العقيدة من خبر التواتر ؛ لأنُّو لا يصح بناء العقيدة على ما يفيد الظَّنَّ الغالب . قلت لهم : إذًا لا يجوز أن تتبنَّوا حكمًا شرعيًّا ليس فيه عقيدة في الاصطلاح . قالوا : ليه ؟ قلت : لأنه لا يمكن أن نتصوَّر حكمًا شرعيًّا عمليًّا إلا وفي طواياه عقيدة ، لا ينفك أبدًا ؛ لأنُّو إذا قلت - مثلًا - : حرام على الرجال التختُّم بالذهب ، حكم شرعي ، لكن هذا يعني أن الله - عز وجل - حكم بتحريم هذا التختُّم على الرجال ؛ فقولك : حَكَمَ ؛ هذا مش عقيدة ؟ وهكذا طرِّد كل الأحكام الشرعية .

وأكثر من ذلك ؛ لو أن مسلمًا تعبَّد الله بأيِّ عبادة ، لكنه في قرارة نفسه ما قصد وما اعتقد ذلك الحكم الشرعي ؛ هل يفيده ذلك شيئًا ؟ بداهة الجواب : لا ، إذًا العقيدة مع الحكم قبل العمل ، ثم يليه العمل ، وهكذا أشياء كثيرة وكثيرة كان من أبدعها قلنا لهم : هناك أحاديث تجمع بين العقيدة وبين الحكم الشرعي ، لكنها آحاد ، وأنتم ستضطربون أو سيضطرب موقفكم من هذه النوعية من الأحاديث ، إن تركتم الحديث لأنُّو فيه عقيدة تركتم العمل به وفيه حكم ، وإن أخذتم به لأنُّو فيه حكم أخذتم به وفيه عقيدة وأنتم لا ترون ذلك ، مثاله : حديث الاستعاذة ؛ أنا ذكرت الدعاء فيه ، لكن نصُّه : ( إذا جلس أحدكم في التشهد الأخير فليستعِذْ بالله من أربع : يقول : اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ) إلى آخره ، هنا الرسول يأمرنا بأن نستعيذ بالله من أربع في التشهد الأخير ، فإن أخذتم بهذا الأمر هل يُعقل أن تستعيذوا من عذاب القبر وأنتم لا تصدِّقون به ؟ مش معقول ، فإن استعذتم تنفيذًا لهذا الأمر إذًا أخذتم بالعقيدة بحديث الآحاد ، وإن تركتم الحديث لأنُّو فيه عقيدة تركتم قولكم أنُّو الأحكام الشرعية تثبت بحديث الآحاد .

هذا كله سببه الانحراف عن خطِّ السلف الصالح ، ونسأل الله - عز وجل - أن يثبِّتنا على هذا الخطِّ المستقيم .

غيره ؟

مواضيع متعلقة