الكلام على ضلال فرقة القاديانية . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
الكلام على ضلال فرقة القاديانية .
A-
A=
A+
الشيخ : هؤلاء القاديانيون - مثلًا - قال نبيُّهم المزعوم ، وقالوا تقليدًا له تقليدًا أعمى : إنه نبي مرسل ، وإنه سيأتي من بعده أنبياء كثر ، هكذا يصرِّحون ، هل كفروا بمثل قوله - تبارك وتعالى - : (( وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ )) ؟ هذا نصٌّ في القرآن ، وهم يؤمنون بالقرآن والسنة أيضًا ، هل كفروا وقالوا : هذه الآية خطأ وجودها في القرآن ؟ لا ، لا يوجد فرقة مهما كانت عريقة في الضلال تنكر نصًّا محفوظًا في القرآن الكريم ، لكنها تنكر ، لا تنكر لكنها تنكر ، كيف ذلك ؟ تنكر دلالتها فيما دلَّت عليه وعلى المفهوم الذي تلقَّاه الخلف عن السلف ، فيخالفون هذا التلقي الذي هو سبيل المؤمنين ، ويأتون بمعنى لا يخطر في بال أحد من المسلمين ، وهذا ما صَنَعَه القاديانيون وكل الطوائف الضالة فيما خالفوا فيه جماعة المسلمين وسبيل المؤمنين ؛ ما أنكروا نصًّا في القرآن ، وإنما أنكروا المعنى الحقيقي الذي يتضمَّنه النَّصُّ القرآني ، فهؤلاء القاديانيون ما أنكروا هذه الآية : (( وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ )) ، لكني أستدرك وأقول : أنكروا الآية ، وكيف ذلك ؟

يجب أن نعلم أن الإيمان بالقرآن ليس المقصود بهذا الإيمان الذي هو شرط أساسي بالنسبة لكلِّ مؤمن أن يؤمن بألفاظ القرآن فقط ؛ لأن الألفاظ هي قوالب المعاني ، فإذا آمَنَ الإنسان بلفظ من ألفاظ القرآن ولكنه جاء بمعنًى لهذا اللفظ لا يدل عليه سبيل المؤمنين ؛ هذا في هذه الحالة آمَنَ باللفظ القرآني وكفر بمعناه ، وهذا ما فعله القاديانيون ، اسمعوا ماذا فسروا هذه الآية : (( وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ )) ، قالوا : نحن نؤمن بما قال الله ؛ وهو أن الرسول - عليه السلام - خاتم النبيين ، لكن ما معنى خاتم النبيين ؟ كل المسلمين جَرَوا على المعنى الذي يشترك في معرفته العامة مع الخاصة ، والأمي مع القارئ ؛ وهو آخر النبيين ، أما القاديانيون جاؤوا بتفسير مضحك مبكي في آنٍ واحد ؛ قالوا : (( وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ )) أي : زينة النبيين ، وحاولوا أن يضلِّلوا الناس ببعض التعابير اللغوية ، قالوا : معنى هذه الآية : (( وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ )) أي : زينة النبيين من باب التشبيه ، كما أن الخاتم زينة الإصبع كذلك الرسول زينة الأنبياء والرسل ، فعطَّلوا بهذا التأويل دلالة الآية على أن الرسول - عليه السلام - آخر الأنبياء والرسل وأنه لا نبيَّ بعده ؛ فما الذي استفادوه من إيمانهم بهذا النَّصِّ القرآني بعد أن لفُّوا وداروا وتأوَّلوه بيتأويل ما خطر في بال أحد لا السلف ولا حتى الخلف ؟! إذًا هؤلاء آمنوا باللفظ وكفروا بالمعنى ، تُرى هل المقصود بألفاظ القرآن هي الألفاظ أم المقصود الإيمان بها كوسيلة للإيمان بالمعاني التي تضمَّنَتْها الآيات القرآنية ؟

كذلك فعلوا بالسنة ؛ هم - أيضًا - يشتركون معنا في الإيمان بالسنة ضد القرآنيين ، ولكن - أيضًا - ما فائدة الإيمان بالسنة إذا ما لعبوا بها وأتوا بمعاني لا تدل عليها اللغة العربية ولا ما جرى عليه سبيل المؤمنين من تفسير هذه السنة ، هم يعلمون قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - لعلي بن أبي طالب كما جاء في " الصحيحين " أنه - عليه الصلاة والسلام - ... فقال له - عليه الصلاة والسلام - مسلِّيًّا له قال : ( يا علي ، أنت منِّي بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبيَّ بعدي ) ، هذا نصٌّ صريح - أيضًا - يلتقي مع الآية ... تخلَّصوا منها بنفس الطريقة التي تخلَّصوا بها من ... الواضح لكل عربي مسلم ، فعطَّلوا الحديث المروي ، فماذا تأوَّلوه ؟ قالوا : ( لا نبيَّ بعدي ) أي : لا نبيَّ معي ، أما بعد وفاته فهناك أنبياء ، هكذا يلعبون بالنصوص ، ( لا نبيَّ بعدي ) أي : في حياتي معي ، أما بعد وفاتي فهناك أنبياء ورسل ، هكذا تأوَّل القاديانيون هذا الحديث ؛ فهل استفادوا شيئًا من الإيمان بمثل هذا الحديث وأحاديث كثيرة كلها تدندن حول التأكيد أن الرسول - عليه السلام - لا نبيَّ بعده ، ولكن هذا التأكيد كله بالنسبة إليهم جعلوه هباءً منثورًا حينما تأوَّلوا الحديث على غير تأويله الذي جرى عليه المسلمون ، هنا الشاهد ، نحن الآن في الاحتجاج على إثبات أن من المصادر لفهم الشريعة بعد القرآن وبعد السنة سبيل المؤمنين .

فالمؤمنون أبدًا لم يفهموا من الآية السابقة : (( وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ )) أنه زينة النبيين فقط ، وإنما فهموا الآية على ظاهرها ، هكذا جرى المسلمون ، كذلك جرى المسلمون على فهم الحديث السابق ولكن لا نبيَّ بعدي ؛ أي : سواء معه في حياته أو بعد وفاته ، لا نبيَّ بعده - عليه الصلاة والسلام - ؛ فَهُم عطَّلوا هذه الدلالة بمفاهيم جاؤوا بها من عند أنفسهم ، هذا الشأن هو شأن كل الفرق السابقة ممَّا يؤكد لنا أن انحراف الفرق السابقة لم يكن بسبب جحدهم للنصوص القرآنية أو الأحاديث النبوية ، وإنما بسبب جحدهم للمعاني التي جرى عليها المسلمون في فهمهم لهذه النصوص .

مواضيع متعلقة