الكلام على حديث : ( حتَّى إذا لم يترُك عالمًا اتَّخذَ النَّاسُ رؤوسًا جُهَّالًا ، فسُئلوا فأفتوا بغيرِ عِلمٍ فضلُّوا وأضلُّوا ) ، وحقيقة الفقه في الدين . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
الكلام على حديث : ( حتَّى إذا لم يترُك عالمًا اتَّخذَ النَّاسُ رؤوسًا جُهَّالًا ، فسُئلوا فأفتوا بغيرِ عِلمٍ فضلُّوا وأضلُّوا ) ، وحقيقة الفقه في الدين .
A-
A=
A+
الشيخ : ... ( لم يبقِ عالمًا اتَّخذ الناس رؤوسًا جُهَّالًا ، فسُئِلوا فأفتوا بغير علمٍ فضلُّوا وأضلُّوا ) ، وقد يكون مستقرًّا في أذهان بعض الناس اليوم أن الفقهاء كثيرون وكثيرون جدًّا ؛ ذلك لأنه قد أصاب هذه الكلمة الشرعية الفقه أصابَها كما أصاب كثيرًا من النصوص من الكتاب والسنة من الانحراف عن المعنى الصحيح لها ، فالفقه هو الفهم عن الله ورسوله كما جاء في " صحيح البخاري " في حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أن أبا جحيفة السوائي سأله - سأل عليًّا - قال : هل خَصَّكم رسول - صلى الله عليه وسلم - معشر أهل البيت بشيء دون الناس ؟ قال : لا ، إلا ما في قراب سيفي هذا أو فهمًا يؤتيه الله عبدًا في كتابه .

هذا الفهم لكتاب الله - عز وجل - وبالتالي في سنة نبيِّه - صلى الله عليه وآله وسلم - المفسِّر للقرآن بنصِّ القرآن : (( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ )) ، هذا الفهم للكتاب والسنة هو الفقه ، وهو الذي أرادَه الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - بالحديث الصحيح المشهور المتفق عليه البخاري ومسلم : ( مَن يُرِدِ الله به خيرًا يفقِّهْه في الدين ) ، فهذا الفقه في الدين أصابه انحراف وقلَّة فهم له ؛ حيث صار عرفًا الفقه هو الحكاية لأقوال العلماء دون أن يعرف هذا الحاكي ما أخَذَ هذه الأقوال من الكتاب والسنة ، فلا فرق - والحالة هذه - بين هذا الذي يسمَّى فقيهًا وليس عنده من الفقه إلا قال فلان وفلان ، أما إذا قيل له : ما دليل القول الفلاني ؟ لا يعرف ، لا يحضر جوابًا . ما دليل القول الفلاني ؟ كذلك لا يعرف جوابًا ، وهكذا ؛ فهذا الفقه الذي يُراد به الفهم عن الله ورسوله هو الذي يعنيه ابن مسعود - رضي الله عنه - ، وإلا فالفقهاء بالمعنى المتأخر وهو نقل أقوال الناس المتقدِّمين من أهل العلم بدون فهم هذا ليس من الفقه في شيء ، ومن آثار قلة هذا الفقه واعتقادنا بهؤلاء الفقهاء قد يكفر الإنسان ... وأن تنقلب كما سمعتم آنفًا الحقائق الشرعية ؛ فتصبح السنة بدعة والبدعة سنة بسب فقدان هذا الفقه المميِّز ، وابن مسعود هذا هو الذي يعرف الكثير منكم أنه كان حربًا علي البدعة والمبتدعة ، وكان يُنكر أقل شيء يراه قد حَدَثَ في بعض المسلمين ، فيُسارع إلى إنكار ذلك مهما كان شأن هذا الذي ينكره لا قيمة له عند الآخرين بسبب جهله .

يقول ابن عمر كأنه يفسِّر الحديث المشهور : ( كل بدعة ضلالة ) ، يقول هو : " كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة " ، هؤلاء الناس الذين يرون البدعة حسنة ما ذلك إلا لجهلهم بالفقه الصحيح من الكتاب والسنة .

مواضيع متعلقة