تتمة شرح حديث أبي هريرة : ( وَقَالَ الثَّالِثُ : اللهُمَّ إِن كُنْتَ تَعلَمُ أَنِّي استَأجَرْتُ أَجِيرًا يَومًا فَعَمِلَ إلى نِصفَ النّهَارِ ، فَأَعطَيْتُهُ أَجرًا فَسَخِطَهُ وَلَم يَأخُذْهُ ) . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
تتمة شرح حديث أبي هريرة : ( وَقَالَ الثَّالِثُ : اللهُمَّ إِن كُنْتَ تَعلَمُ أَنِّي استَأجَرْتُ أَجِيرًا يَومًا فَعَمِلَ إلى نِصفَ النّهَارِ ، فَأَعطَيْتُهُ أَجرًا فَسَخِطَهُ وَلَم يَأخُذْهُ ) .
A-
A=
A+
الشيخ : ( وَقَالَ الثَّالِثُ : اللهُمَّ إِن كُنْتَ تَعلَمُ أَنِّي استَأجَرْتُ أَجِيرًا يَومًا فَعَمِلَ إلى نِصفَ النّهَارِ ) في هذا الحديث هذه الفائدة ، هناك في حديث ابن عمر ليس فيه بيان مقدار العمل ، هنا فيه تحديد أنه عمل إلى نصف النهار . ( فَأَعطَيْتُهُ أَجرًا فَسَخِطَهُ وَلَم يَأخُذْهُ ، فَوَفَّرْتُهَا عَلَيْهِ حَتَّى صَارَت ذَلِكَ المَالُ ) هنا - أيضًا - إيجاز واختصار . ( حَتَّى صَارَت ذَلِكَ المَالُ ) ، ما هو هذا المال ؟ جاء بيانه في حديث ابن عمر أنُّو قال : ( فلم أزَلْ أزرَعُه ) ؛ يعني أجر ذلك الرجل الذي كان فَرَقًا من أرز ؛ وعاء صغير اسمه الفَرَق ، كان أجره هذا الفَرَق من أرز ، فلما لم يقبَلْ هذا العامل هذا الأجر وانصرفَ مغضبًا قال هذا السيد صاحب الأرض : ( فلم أزَلْ أزرَعُه ) أي : ذلك الفرق من الأرز حتى جمعت منه بقرًا ورعاءَها ، هذا الذي وفَّرَه الرجل من ذلك الفَرَق وفَّر وتجمَّع عنده بقر ورعيان معه ، فيقول في حديث ابن عمر : ( ثمَّ جاءني فقال : يا عبدَ الله ، أعطِني حقِّي ) . وحقُّه الفَرَق من أرز . ( فقلت له : انظر إلى تلك البقر اذهَبْ فخُذْها . قال : يا عبد الله ، لا تستهزِئْ بي ، إنما لي عندك فَرَقٌ من أرز ) . أنت تقول لي : خذ هالطرش من البقر . ( قال : اذهب فخُذْها ؛ فإنما تلك البقر من ذاك الفَرَق ) . يقول هنا في دعائه : ( فَإِن كُنْتَ تَعلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ رَجَاءَ رَحمَتِكَ وَخَشيَةَ عَذَابِكَ ؛ فافرُجْ عَنَّا ) .

فقبلَ ذلك يقول : ( فَقُلْتُ : خُذْ هذَا كُلَّهُ ، وَلَو شِئْتُ لَم أُعطِهِ إِلَّا أَجرَهُ الأَوَّلَ ) هذه لفتة مهمة جدًّا ، الرجل تَرَكَ عنده أجرَه الذي هو فَرَق من أرز ، ولم يتَّفق معه ... مع بركة الله - عز وجل - في هذا المال فرجع يطلب حقَّه ، ما هو الحقُّ ؟ فَرَق من أرز ، يقول : فأعطيت كلَّ الذي وفَّرت له إياه بسبب هذا الفَرَق ، ولو شئت لم أعطِه إلا حقَّه ؛ أي : هذا الفَرَق ؛ أي : إنه قادر على أن لا يعطِيَه ما وفَّره إياه في هذه المدة الطويلة ، ولكنه رأى من كَرَمِ نفسه أن يقدِّمَ له كلَّ ذلك الحاصل من المال الأول ، فيقول : ( فإن كنت اللهمَّ تعلم أنني فعلت ذلك ) ، هناك يقول : ( ابتغاءَ مرضاتك ) . هنا يقول : ( رَجَاءَ رَحمَتِكَ وَخَشيَةَ عَذَابِكَ ؛ فافرُجْ عَنَّا ، فَزَالَ الحَجَرُ وَخَرَجُوا يَتَمَاشَوْنَ ) .

رواه ابن حبان في " صحيحه " بهذا اللفظ ، وفيه كما رأيتم بعض الفوائد التي لا تُذكر في حديث ابن عمر ، وفي الدرس الآتي - إن شاء الله - أحاديث أخرى في هذا الباب ، فنكتفي بهذا المقدار ، والحمد لله رب العالمين .

مواضيع متعلقة