الكلام على دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وبيان الأباطيل التي نُسبت إليها زورًا وبهتانًا . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
الكلام على دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وبيان الأباطيل التي نُسبت إليها زورًا وبهتانًا .
A-
A=
A+
الشيخ : كتاب ألَّفه أحد الآلوسيين البغداديين هو بالذات ابن الشَّيخ " محمود الألوسي " مؤلف التفسير المشهور بـ " روح المعاني " ، ابنه اسمه النعمان ألَّف كتابًا جميلًا جدًّا اسمه : " الآيات البيِّنات في عدم سماع الأموات عند الحنفية السادات " ، فأنا حقَّقت هذا الكتاب وعلَّقت عليه ووضعت له مقدمة نحو خمسين صفحة ، وبيَّنت هذا النوع من التوحيد وما يُنافيه من الشركيات والوثنيات ، منها ما من أجله ألَّف هذا الآلوسي هذا الكتاب ، " الآيات البيِّنات في عدم سماع الأموات عند الحنفيين السادات " . الناس اليوم تراهم ملتفِّين حول بعض قبور الأولياء والصالحين ، وقبر سيدنا شعيب ما هو عنكم ببعيد ، وما يُقدَّم له من ذبايح ونذور ، هذا كله ينافي شهادة لا إله إلا الله بالمفهوم الصحيح الذي يجمع الأنواع الثلاثة من التوحيد ليكون الموحِّد خالصًا في توحيده .

نعود إلى سؤال الوهابية ، كيف جاءت هذه الكلمة ؟ قلنا أن " محمد بن عبد الوهاب " من علماء نجد الذين طلبوا العلم في العراق يومئذٍ وفي الأزهر ، لما رجع إلى بلده وهو أعرف الناس بها وَجَدَ الشركيات قائمة على ساق واحدة ، فبدأ يدعو الناس إلى التوحيد الخالص - أظن الآن نفهم على بعضنا - ، التوحيد الخالص .

السائل : جزاك الله خير .

الشيخ : وإياك ، وبارك فيك .

طبعا كلُّ داعية سواء كان على حقٍّ أو باطل له خصوم وله أتباع ، وهذا كداعية - أيضًا - وُجِد له خصوم ووجد له أتباع ، ولحكمةٍ يريدها الله - عز وجل - كان من الذين استجابوا لدعوة الشَّيخ في عبادة الله وحده لا شريك له والكفر بهذه الأنواع من الشركيات والوثنيات التي كانت قائمة على ساق وقدم في البلاد النجدية يومئذٍ ولا تزال كذلك في كثير من البلاد الإسلامية كالأزهر - مثلًا - والسيدة زينب والحسين - رضي الله عنهم أجمعين - هنا إذا ما رأيتم فيُغنيكم عن الرؤيا السماع ، كذلك كان الأمر في البلاد النجدية ، لكن لما اتَّبع " الملك سعود " - وهو كان أميرًا يومئذٍ - اتَّبع " محمد بن عبد الوهاب " في دعوته اقترن هنا السيف والقلم ، فكلٌّ منهما تقوَّى بالآخر ، وانطلقوا في دعوتهم تارةً باللسان وتارةً بالسِّنان ، وانتشرت دعوتهم .

من تحرَّك هنا ؟ الأتراك ؛ لأنهم كانوا مسيطرين على كل البلاد الإسلامية منها البلاد العربية الجزيرة العربية ، فخافوا أن تقوى هذه الحركة النَّابتة الجديدة ، ولذلك كما تعلمون من أساليب الدعاية خاصَّة في العصر الحاضر من أقوى الأساليب تحطيم العدو بإشاعة الدعايات الكاذبة ، وهكذا فعل الأتراك ضدَّ هذه الحركة الجديدة ، فأخذوا ينشرون عنهم خلاف ما كانوا عليه تمامًا ، وجمعوا كلَّ هذه التزويرات اللي زوَّروها عليهم مما أشرنا آنفًا إلى بعضها ومن أهونها أنُّو مذهبهم مذهب خامسي ، مذهب الوهابية مذهب خامس ، أشاعوا هذا في البلاد الإسلامية فقامت البلاد الإسلامية كلها متأثِّرة بهذه الإشاعات الكاذبة مع الدولة العثمانية يومئذٍ ، ووقعت حروب معروفة في التاريخ الأخير بين هؤلاء النَّجديين المسمَّيين بالوهابية وبين " إبراهيم بن علي باشا " اللي كان حاكمًا على مصر في زمانه ، ومع الأسف يعني سُفِكت دماء من الفريقين بالجيش التركي العثماني الإبراهيمي متأثِّر بالدعايات الكاذبة ، أولئك يدافعون عن أوَّلًا نفوسهم ، ثم عن عقيدتهم ، واستمرَّت الحرب سجال إلى أن غُلب النَّجديون هؤلاء على أمرهم وانطفوا إلى أن جاءت حركة الملك ، شو اسمه ؟ " عبد العزيز بن سعود " في قصَّة طويلة دخلوا للكويت ، فاستولى على الرياض ، مين كان في " الرشيد " ؟

سائل آخر : ... .

الشيخ : إي نعم ، ثم بدأ - أيضًا - هو بدوره يوسِّع دعوته التي وَرِثَها ، وبدؤوا ينشرون رسائل يوضِّحون للعالم الإسلامي عقيدتهم ، ثم لما أمَّنوا الطريق للحج إلى بيت الله الحرام ، وبدأ الناس يتَّصلون بسبب هذه التسهيلات بهؤلاء الذين يُسمَّون بالوهابيين تجلَّت لهم الحقائق ، وتبيَّن أنهم كانوا مُضلَّلين بكلمة الوهابية والوهابيين ، بأنهم يقولون كذا وكذا ، والواقع أنهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ، ولا فرق بينهم وبين المسلمين الآخرين سوى إن كان هناك فرق بين الحنفي والشافعي فهناك فرق بين النَّجدي وبين هؤلاء ؛ لأن النجديين في واقعهم حنابلة يتَّبعون الإمام أحمد الذي هو الإمام الرابع ، أبو حنيفة فمالك فالشافعي فأحمد بن حنبل ، فَهُم في الفقه على مذهب الإمام أحمد . لما تبيَّن الناس هذه الحقيقة يعني كثير منهم اهتدوا وعادوا عمَّا كانوا يتَّهمون هؤلاء زورًا وبهتانًا .

ومن النكت التي قرأناها وسمعناها ؛ مع الأسف عامَّة الناس يعني إلى الآن لا يزالون يعيشوا بالمفاهيم التركية القديمة أنُّو هدول وهابية ، لك شو هدول الوهابية ؟ ما بيعرفوا عن هذه الحقائق شيئًا أبدًا إلا الخاصَّة والمثقفين ، فممَّا كنت قرأت أنُّو اثنين عم يتناقشوا حول هذا الموضوع ، فأحدهم يقول : يا أخي ، هدول ما بيؤمنوا إلا بالله ، أما محمد رسول الله فما بيؤمنوا ، وما بيقولوا غير : لا إله إلا الله .

وربنا بيبعث سيارة القنصل السعودي والعلم في المقدِّمة يرفرف مكتوب عليه : " لا إله إلا الله محمد رسول الله " ، قال له شوف ، هذا من رؤساء المملكة ، شوف شو مكتوب بالعلم ؟ " لا إله إلا الله محمد رسول الله " ؛ كيف أنت بتتهم الجماعة بأنهم لا يقولون إلا لا إله إلا الله ؟

هذه خلاصة عن أفكار الجماعة ، فَهُم مذهب من المذاهب الأربعة هذا لا إشكال فيه ، لكن سبب النقمة تعود إلى التفصيل في الكلام السابق في التوحيد ، الجماعة يفهمون التوحيد أحسن من أيِّ جماعة أخرى في كل البلاد الإسلامية ، فلما بدؤوا يدعون قديمًا في زمن " سعود الأول " مع " محمد بن عبد الوهاب " ، ثم أخيرًا " الملك عبد العزيز " ثاروا ، ثارت الشعوب ضدهم باسم أن هدول بينكروا كرامات الأولياء مثلًا ، ما بيحترموا الأولياء ، ما بيقدسوهم ؛ ليه ؟ لأنهم يقولوا : لا تستغيثوا إلا بالله ، ولا تنادوا إلا الله ؛ حتى بيقولوا لا تتوسَّلوا إلى الله بأحد من عباد الله إطلاقًا ، إنما توسَّلوا إلى الله بالله بأسمائه وصفاته إلى آخره . فجَهَلَة الناس فسَّروا هذه الأشياء بحقيقة ولها علاقة بالتوحيد بأنُّو هدول إما بينكروا الرسول ، أو بينكروا جاهه ، أو بينكروا كرامات الأولياء والصالحين ، وهنّ ألَّفوا كتب ورسائل لما بينكروا هذه الأشياء جوابهم : سبحانك هذا بهتان عظيم !

لعله في هذا القدر كفاية جوابًا عن الوهابية .

مواضيع متعلقة