ذكر قصَّة للشيخ جرت له في منى مع بعض الأزهريين ، مع مواصلة الرَّدِّ على المعطِّلة . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ذكر قصَّة للشيخ جرت له في منى مع بعض الأزهريين ، مع مواصلة الرَّدِّ على المعطِّلة .
A-
A=
A+
الشيخ : الشاهد : أذكر جيِّدًا بمناسبة الأزهر الشريف . =

السائل : السلام عليكم .

الشيخ : وعليكم السلام .

= وأنه يقرِّر هذه العقيدة =

-- أخطأ أبو أحمد ومَن ناوَلَه الكأس ، أخطأْتَ حيث لم تنبِّهْه ، بدأ الخطأ منه ، وأنت سايرته ، يمكن ... --

= أذكر جيِّدًا منذ يمكن عشر سنين أو أكثر كنَّا في منى في الحج ، وفي ليلةٍ من ليالي منى الجميلة الجو هناك هادئ ، وربُّنا متجلِّي فيه على عباده ، جلست أتحدَّث مع بعض الحجَّاج هناك شي من مصر شي من سورية إلى آخره ، لما دخل علينا رجل مصري أزهري ، جلس بعد السلام ، أحسَّ بأن الذي يتكلَّم له اتِّجاه خاص ؛ يعني بالقلم العريض اللي يسمُّونه وهَّابي يعني ، ونحن نقول : سلفي ، فأحبَّ هو أن يثير مشكلة ، وهي : يقول أنُّو الجماعة الوهابية مجسِّمة ، يقولوا أنُّو الله - عز وجل - في السماء ، وعلى العرش استوى ، أنا سمعت له منشان أرجع له ، انتهى من الكلام ، قلت له : يا شيخ ، (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) هذا كلام البشر أم كلام الله ؟ سمعتك تقول أنُّو الوهابية يقولوا هيك ، هذا كلام رب العالمين ! شو قال المسكين ؟ قال : صحيح هذا كلام رب العالمين ، لكن المعنى مو مثل ما يقول هنّ . شو يقولوا هنّ قلت له ؟ قال : بيقولوا : (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) يعني استعلى . قلت له : وإلا شو المعنى غير هيك ؟ قال : لا ، هذا معناه أنُّو نحن حصرنا ربنا في مكان - وهنا بقى الشاهد والنكتة تأتي - . قلت له : يا شيخ ، أنت فاهم الجماعة خطأً ، هم ينزِّهون الله عن المكان ، والذين يخالفونهم هم الذين يجعلون الله في مكان . قال : كيف ؟ قلت له : المكان حادث أم قديم ؟ قال : لا ، حادث ؛ لأنُّو من كان يكون ، (( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ )) . قلنا له : طيب ؛ الآن نحن هنا جالسين في منى ؛ ألَسْنا في مكان ؟ قال : نعم . قلنا له : فوقنا إيش في ؟ قال : السماء الدنيا . قلت له : مكان ؟ قال : نعم . وفوق السماء الدنيا ؟ بلا طول سيرة : السماء السابعة ، وإيش فيه فوق السماء السابعة ؟ قال : العرش . قلنا له : طيب ؛ وإيش فيه فوق العرش ؟ هنا بقى نكتة ، قال - وهنا الشاهد - قال : الملائكة الكروبيون .

السائل : مين ؟

الشيخ : الملائكة الكروبيون .

السائل : يعني الملائكة المقرَّبون ؟

الشيخ : لا لا ، الكروبيون ، التعبير منقول هذا ، منقول لكن ما هو صحيح ، أنا تجاهلت الموضوع ، قلت له : شو الملائكة الكروبيون ؟ قال : هذا من الملائكة اللي ربنا خلقهم . قلت له : هدول فوق العرش ؟ قال : إي . قلت له : في آية أنُّو فوق العرش ؟ في (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) ، في آية استوى على العرش الملائكة الكروبيون ؟ قال : لا . قلت له : طيب ؛ في حديث ؟ قال : لا . قلت له : عجيب ؛ لَكان من أين جاءتكم هالعقيدة هَيْ ؟ قال : الأزهر الشريف هيك لقَّننا . قلت له : سبحان الله ! - هون الشاهد - قلت له : سبحان الله ! الأزهر الشريف يقرِّر أنُّو الحديث الصحيح الثابت إسناده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا تثبت به عقيدة ، طيب ؛ هون لا آية ولا حديث من أين جئتم بهذه العقيدة ؟ على كلِّ حال هَيْ جملة معترضة بالنسبة له ، بدي تابع الحديث معه بالنسبة لـ (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) . قلنا له : طيب ؛ نغض النظر الآن عن هالعقيدة اللي اعترفت أنت أنُّو ما لها أصل لا في الكتاب ولا في السنة ، ولكنها عقيدة أزهرية ، سلَّمنا جدلًا أنُّو فوق العرش ملائكة كروبيون ، وفوق الملائكة الكروبيون إيش في ؟ قال : ما في شيء . قلنا له : طيب ؛ هات نذكر لكم شيء ومهم ، قلت له : لما سألت المكان مشتق من كان يكون إلى آخره ، قال : نعم . قلت له : الكون محدود ولَّا غير محدود ؟ قال لنا : محدود . قلنا له : إذًا تسلسلنا في البحث لَوصلنا للعرش ، وجاء هو بخرافة الملائكة الكروبيون ، وسايرته أنا بعدين ، قلت له : هَبْ أنُّو هناك ملائكة كروبيون ؛ فماذا بعد ذلك ؟ هل في شيء هناك ؟ انتهى الكون ؟ قال : انتهى الكون . إذًا ما بقي في مكان ؟ ما بقى فيه مكان ، إذًا لما نحن نقول الرحمن استعلى على العرش ليش أنت تتهمونا أنُّو جعلناه في مكان ؟ ليس هناك مكان يا جماعة ، باعترافنا باتفاق الجميع أنُّو الكون محدود ، وآخر الكون اللي ما بعده كائن هو العرش ، وربنا - عز وجل - فوق العرش فوق المخلوقات كلها ، كما قال - أيضًا - الفقيه الشاعر :

" وربُّ العرش فوقَ العرشِ لكِنْ *** بلا وصفِ التمكُّنِ واتصالِ "

فهو الغنيُّ عن العالمين ، لكن لا مناص عقلًا وشرعًا من أن نقول : إن الله - عز وجل - فوق المخلوقات كلها ؛ لأنَّه غنيٌّ على العالمين ، أو نقول أنُّو هو في المخلوقات كلها داخل فيها ، ومثل ما يقولوا : امتزاج إيش ؟ الماء بالثلج ، وقد قال بعض غلاة الصوفية وما الله إلا كالإيش ؟

سائل آخر : إلا راهب في كنيسة .

الشيخ : لا لا ، كالثلج ، كالماء في الثلج ، أو هيك شيء يعني .

الخلاصة .

سائل آخر : كالثلج في الماء .

الشيخ : آ ؟

سائل آخر : كالحليب في اللبن .

سائل آخر : كالحليب في الماء .

الشيخ : المهم إما أن نقول : إن الله - عز وجل - فوق المخلوقات كلها ، أو نقول : داخلها ، أو نقول كما سمعت أنا أحد مشايخي في دمشق وعلى المنبر وفي اليوم الأعظم يوم الجمعة يقول : الله لا فوق ولا تحت ، ولا يمين ولا يسار ، ولا أمام ولا خلف ، لا داخل العالم ولا خارجه ، لا متَّصلًا به ولا منفصلًا عنه . ... لو قيل لأفصح العرب كلامًا وبيانًا : صِفْ لنا المعدوم ؟ ما استطاع أن يصفَه بأكثر ممَّا يصف هؤلاء معبودهم ! الله لا فوق ولا تحت ، ولا يمين ولا يسار ، لا أمام لا خلف ، لا داخل العالم لا خارجه ، لا متَّصلًا به ولا منفصلًا عنه !! هذا هو المعدوم !! هذا هو المعدوم !!

لذلك أعجبني جدًّا كلمة من أحد أذكياء الأمراء ، ابن تيمية - الله يرحمه ويجازيه عن الإسلام خيرًا جاهد في سبيل الدفاع عن مذهب السلف جهادًا كبيرًا ، وكما تعلمون دائمًا أهل البدعة يقومون ضد أهل السنة ، وبخاصة قديمًا وفي زمن ابن تيمية كل المشايخ ضده ، فشكوه للأمير في دمشق ... بدأ النقاش في بعض النقاط الاعتقادية ؛ منها أنُّو ابن تيمية يقول : الله - عز وجل - له صفة العلو فوق المخلوقات كلها ، هديك يقولوا : لا ، الله في كل مكان ، مثل ما تسمعون في هذا الزمان ، أدنى مناسبة يقول لك : الله موجود في كل وجود . شلون الله موجود في كل وجود ؟ من جملة الوجود المجاري والكهاريز والمراحيض والبارات والخانات والحانات و و إلى آخره ، الله موجود في كل الوجود .

الخلاصة : جرى نقاش بين ابن تيمية والمشايخ ، أقام الحجة ابن تيمية عليهم بمثل هذا الكلام اللي سمعتموه وأكثر منه ، شو قال هذا الأمير الذَّكي العاقل ، ما هو عالم ، لكن سمع المناقشة بين ابن تيمية وبين جمهور المشايخ فقال عن المشايخ : " هؤلاء قومٌ أضاعوا ربَّهم !! " . هذا كلام صحيح ؛ لأنُّو الواحد يقول لك : الله لا فوق ولا تحت ، ولا يمين ولا يسار ، وو إلى آخر الكليشة المصدية هذه ، هدول فعلًا أضاعوا ربَّهم ، مش عارفين ربنا اللي يعبدوه ، أنت لما تسجد تقول : سبحان ربي الأعلى ، مش عارف !! سبحان ربي الأعلى ، هو في كل مكان ! شو معنى سبحان ربي الأعلى ؟ (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) ؛ أي : استعلى ؛ لذلك ضروري جدًّا جدًّا جدًّا أن نتمسَّك بهذا المنهج الذي هو العمل بالكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح ؛ ولذلك قال أهل العلم :

" وكلُّ خيرٍ في اتِّباعِ مَن سَلَفْ *** وكلُّ شرٍّ في ابتداعِ مَن خَلَفْ "

ومعذرة من الإطالة .

الحاضرون : جزاك الله خيرًا .

مواضيع متعلقة