هل يجوز وضع مقبرة مشتركة بين المسلمين وغير المسلمين ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
هل يجوز وضع مقبرة مشتركة بين المسلمين وغير المسلمين ؟
A-
A=
A+
السائل : هل يجوز وضع مقبرة مشتركة بين المسلمين وغير المسلمين ؟

الشيخ : وضع إيش ؟

السائل : مقبرة مشتركة ؟

الشيخ : لا ، ما يجوز .

السائل : ولو فُصِل بينهما طريق أو ممر أو شارع - مثلًا - ما بيجوز ؟

الشيخ : لازم يكون بينهما بعدُ المشرقين ؛ لأنَّ الأمر هكذا كان في عهد الرسول - عليه السلام - ؛ لأنُّو تعرفوا أنتم أنُّو فيه هناك آداب إسلامية أن المسلم إذا مرَّ بمقابر المسلمين يُسلِّم عليهم فيقول : ( السلام عليكم أهلَ دار قومٍ مؤمنين ، وإنا - إن شاء الله - بكم لاحقون ، أنتم لنا فرط ونحن لكم تبع ، نسأل الله لنا ولكم العافية ) ، أما إذا مرَّ بمقبرة المشركين فيقول : أبشِّركم بالنار ، فما بيجوز أنُّو يكون مقبرة هؤلاء مع هؤلاء ، لكن - أيضًا - يجب أن يكون الفصل بين المقبرتَين بعيدًا حتى تتميَّز الأحياء عن الأموات كما هو الشأن بالنسبة للأحياء من النوعين ؛ لقوله - عليه السلام - : ( المسلم والمشرك لا تتراءَى نارهما ) في الحياة ، ( المسلم والمشرك لا تتراءَى نارهما ) أي : لا يتجاوران ، فينبغي أن يكون مقام المسلم بعيدًا عن مقام المشرك ؛ ولذلك يمكن بتعرفوا في كثيرٍ من البلاد وقد يكون - أيضًا - هنا وإن كنت أنا لا أعلم هذا يقينًا في عندنا في دمشق وفي غير دمشق حارة اليهود وحارة النصارى .

السائل : في نابلس كمان .

الشيخ : موجود هنا - أيضًا - ؟

السائل : نعم .

الشيخ : آ ، حارة اليهود وحارة النصارى ، هذا مُتوارث من المسلمين من يوم فُتِحت دمشق من الروم فالنصارى في حارتهم معروفة اليوم بباب السلام وباب توما ونحو ذلك الآن ؛ لماذا هذا الانفصال ؟ المسلم والمشرك لا تتراءَى نارهما ، والسر في هذا معروف جدًّا من السنة أوَّلًا ، ثم من علم النفس ثانيًا ؛ لأن علم النفس يقرِّر بوضوح أن البيئة لها تأثير ، والتأثير قسمان : مادي ، ومعنوي . المادي كل الناس بيعرفوه ؛ مثلًا الأرض الموبوءة بيهتموا فيها وبيحوّطوها ويمنعوا الدخول إليها وإلى آخره ، وهذا ما أشار إليه الرسول في الحديث المعروف : ( إذا وقع الطاعون بأرضٍ فلا تدخلوا فيها ، وإذا وقع بأرضٍ وأنتم فيها فلا تخرجوا منها ) . لكن معنى الوباء المعنوي وهو الخُلُقي هذا - أيضًا - مما الرسول - عليه السلام - أشار إليه في بعض الأحاديث منها الحديث السابق : ( المسلم والمشرك لا تتراءى نارهما ) ، أوضح منه قوله - عليه السلام - : ( مَثَلُ الجليس الصالح كمَثَلِ بائع المسك إما أن يُحذِيَك ) يعني مجَّانًا ( وإما أن تشتري منه ) بالنقود . ( وإما أن تشمَّ منه رائحة طيبة ) ، على كلِّ حال أنت منه ربحان ، ( ومثل الجليس السوء كمثل الحداد ؛ إما أن يحرق ثيابك ، وإما أن تشمَّ منه رائحة كريهة ) ؛ فإذًا أنت خسران بمجاورة الحدَّاد ، ربحان بمجاورة بائع المسك ؛ هذا مثل مجاورة المسلم للكافر ، ومجاورة المسلم للفاسق ؛ لذلك قيل في الأمثال والبحث هذا طويل والوقت انتهى :

" عن المرء لا تسَلْ وسَلْ عن قرينِهِ *** فكلُّ مقارنٍ بالمقارن يقتدي "

والمثل السائر : " الصَّاحب ساحب " ، إن كان كافرًا ربما سَحَبَك إلى كفره ، وإن كان فاسقًا ربما سَحَبَك إلى فسقه ؛ لذلك فالبيئة اليوم ما هي بيئة إسلامية حتى تسوِّغ للمسلم أن يتزوَّج الثانية والثالثة والرابعة ؛ لأنُّو هذا في هذا تقوية للأمة الإسلامية ؛ ولذلك قال - عليه السلام - إشارة إلى هذه الحقيقة الشرعية : ( تزوَّجوا الولود الودود ؛ فإنِّي مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة ) ، فمن فوائد الزواج الثنائي وما بعده هو أن الأمة هذه تتكاثر ، لكن بالله عليكم الآن أَلَا تسمعون معي ناس بيشكوا من العقم ، هذا كله بيدلنا على فساد المجتمع ، ناس بيشتكوا من العقم ، فبتلاقيهم الزوج تارةً لوحده والزوجة تارةً لوحدها ، تارةً الزوجان معًا رايحين من طبيبٍ إلى آخر ، ليش ؟ بدهم يعرفوا السبب ، وربما أضاعوا فلوسهم ودراهمهم ودنانيرهم سُدى ؛ لأنُّو ربنا مقدِّر وصرَّح على ذلك في القرآن الكريم .

سبحان الله ! مقابل هذا النوع من الأزواج أزواج ربنا - عز وجل - أنعَمَ عليهم بالذرِّيَّة ، كل سنة كل سنتين ما بدهم ، بدهم يعني ذرية قليلة منشان يرتاحوا في هالحياة ، وبتشتكي المرأة وبتقول : ما عندها طاقة أنُّو تخدمهم ، ما عندها طاقة تربيهم إذا كان عندها شوية فلسفة إسلامية ، تطعم الدعوى بإيش ؟ بأنُّو التربية هدول بدهم تربية ، ما عندها ؛ لذلك شو بدها تعمل ؟ إما تنظيم وإما إيش ؟ تحديد - زعموا ! - ، شوف بقى كيف المجتمع متباين كل التباين ، والرسول شو عم يقول ؟ ( تزوَّجوا الولود الودود ؛ فإني مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة ) ، فلو أن المجتمع صالح ما وُجِدَت هذه المفارقات ، لو المجتمع صالح كنت أنا أول من تزوَّج وأمر بالتزوُّج الثاني .

والسلام عليكم .

مواضيع متعلقة