عن كلام الغزالي في تضعيفه لحديث موسى مع ملك الموت ، وردِّه على النسائي و المازري في تصحيح الحديث ؟ وهل الصالحون يكرهون الموت ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
عن كلام الغزالي في تضعيفه لحديث موسى مع ملك الموت ، وردِّه على النسائي و المازري في تصحيح الحديث ؟ وهل الصالحون يكرهون الموت ؟
A-
A=
A+
الحويني : شيخنا ، في كتاب الشيخ محمد الغزالي أنكر حديث موسى - عليه السلام - وملك الموت ، وردَّ دفاع المازري والنووي بأنه دفاع تافه لا يُساغ ، فقال : لأن الملائكة لا يتعرَّضون للعاهات ، ولأن الصالحين لا يكرهون الموت ؛ فكيف بالرسل ؟ فكيف بأولي العزم من الرسل ؟

الشيخ : فأعتقد أن في هذا الكلام خطأً جليَّا ، ولست أدري ؛ أهو من الناقل أم المنقول عنه ؟

الحويني : ما هو ؟

الشيخ : أن أنت تقول على لسانه أن الملائكة لا يتعرَّضون للعاهات .

الحويني : لا يُصابون .

الشيخ : أو لا يُصابون مش مهم ، لكن هو ألا يدري أن الملك الذي جاء إلى موسى جاء بصورة بشر ؟

الحويني : هو لا يدري هذا .

الشيخ : يدري ؟

الحويني : أعتقد أنه لا يدري .

الشيخ : لا يدري ، إذًا سقط كلامه ؛ لأن الحديث كما في " مسند الإمام أحمد " وبالسند الصحيح أن الملائكة كانت تأتي مَن قبلنا على صورة البشر ، فالملك المرسل - وهو ملك الموت - حينما أرسله الله - عز وجل - إلى موسى قائلًا له : أجب ربك ، كان في صورة بشر ، ومثل موسى - كليم الله ، والمصطفى من الله - تبارك وتعالى - - ، إذا جاءه إنسان وقال له : أجب ربك ؛ فصفعَه تلك الصَّفعة فهنيئًا لهذا المصفوع ، الذي لم يوكزه بتلك الوكزة ، - يضحك السائل والمسؤول - . فوكزه موسى فقضى عليه ، فما قضى عليه ، ولكنه فقأَ عينه ؛ لأنه كان على صورة بشر ، فالشبهة في الحقيقة قائمة على الجهل بالسنة ، وعلى عدم الحرص على تتبُّع الروايات الأحاديث التي بها يزول كثير من الإشكالات التي تعرض لبعض الناس . هذا جوابٌ لتلك الشبهة .

الحويني : طيب ، لكن هل الصالحون فعلًا يكرهون الموت كما قال ؟

الشيخ : من ؟

الحويني : الصالحون يكرهون الموت لأنو طبعًا فهمَ من فقء موسى لعين ملك الموت ، أن يكره الموت .

الشيخ : كراهة الموت ، أولًا أقول : أمر جِبِليٌّ طبيعي ، كخوف موسى من سحرة فرعون ، فهذا أمرٌ لا يُعاب فيه نبيٌّ مصطفى . ثانيًا : إذا كنا نحن البشر المعرضين للوقوع في الذنوب والمعاصي نعلم قول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( خيركم من طال عمره وحسن عمله ، وشرُّكم من طال عمره وساء عمله ) ، فإذا كره كارهٌ منَّا الموت لأنه يبتغي الحياة الطيبة الخيرة ، ليزداد في هذا العمر الطويل عملًا صالحًا ، فلا يعود كراهته للموت - والواقع هكذا - ذمًّا ، بل ينقلب مدحًا ، لكن المشكلة أن أهل الأهواء - كهذا الرجل وأمثاله - إنما يتتبَّعون الشبهات من الأحاديث النبوية الصحيحة ، ليظهروا أمام الناس بأنهم من النُّقَّاد وهم ليسوا هناك . هذا جوابي عن هذه الشبهة الثانية .

الحويني : يذكر العلماء في هذا الحديث - أيضًا - أن موسى - عليه السلام - إنما فقأَ عيني ملك الموت تطبيقًا لشريعته ، وهو فقء عين الناظر أو الداخل بغير إذن ، مع أن هذا لم يرد في الحديث ولم يشر إليه ؛ فهل هذا جواب ناهض ؟

الشيخ : لأ ، بل هو جواب لا ينهض ، ولسنا بحاجة إليه مطلقًا ، لأنه يقوم على ما لا أصلَ له في شريعتنا . نعم .

سائل آخر : موضوع موسى في نهاية الحديث أنه أُمر أن يضع يده على جلد ثور ، فاختار أن يُقبض حينئذ ، فأين كراهة الموت إذا ما علم أنه ملك الموت حقيقة ؟ وخيَّره بين أن يضع يده في جلد ثور وله بكل شعرة سنة ، فقال : ( وبعد ؟ قال : الموت . قال : فالآن ) . نهاية الحديث ينقض قول من قال بأنه كره الموت .

الشيخ : هذا صحيح ، إنما كان الأمر الأول بناءً على أن موسى لم يكتشف أن ذاك الشخص الذي هو في صورة إنسان إنما هو ملك ، فلما جاءه الملك بإشارة من الله - عز وجل - فعرف أنه حقًّا هو مرسل من الله - عز وجل - ، وقال له هذا العلامة ، فقال له : ( وماذا بعد ذلك ؟ قال: الموت . قال : فالآن إذًا ) ، فالذي ذكرته وارد تمامًا .

نعم .
  • رحلة الخير - شريط : 10
  • توقيت الفهرسة : 01:01:13
  • نسخة مدققة إملائيًّا

مواضيع متعلقة