ضرورة التلقي من الكتاب والسنة على ضوء فهم السلف الصالح . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ضرورة التلقي من الكتاب والسنة على ضوء فهم السلف الصالح .
A-
A=
A+
الشيخ : وعلى ما فهموه هم ونقلوه إلينا ، هذه المسألة التي سألت عنها آنفًا ربما تصلح مثالًا لضرورة تفسير النصوص الشرعية على ضوء تطبيق السلف الصالح لها ، ولكني أردت أن أذكِّر إخواننا الحاضرين بمثال يتكرَّر مع المسلم كل يوم ما شاء الله مرات ومرات كثيرة ، ومع ذلك فأكثر الناس عنه غافلون لا أحاشي ولا أستثني حتى كثيرًا من إخواننا أهل الحديث أو أتباع السلف الصالح ؛ ما هي ؟ لقد روى الإمام البخاري ومسلم في " صحيحيهما " من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : ( علمني رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - التشهد في الصلاة وكفِّي بين كفيه ) ، فذكر التشهد المعروف بتشهد بن مسعود : ( التحيات لله والصلوات والطيبات ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله و بركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ) ، هذا هو تشهد ابن مسعود .

لكنه - رضي الله عنه - بحرصه في تبليغه العلم النافع إلى المسلمين أدخل جملة معترضة حينما وصل إلى قوله أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - علمه السلام في التشهد : ( السلام عليك أيها النبي ) ، قال ابن مسعود : " وهو بين ظهرانينا ، فلما مات قلنا : " السلام على النبي " ، هنا الشاهد أننا يجب أن نتلقَّى الكتاب والسنة على ضوء فهم وتطبيق سلفنا الصالح لهما ، كلنا يقف على هذا الحديث وعلى حديث ابن عباس وحديث عائشة وحديث عمر ، وكلها تدور حول تعليم الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - التشهد لأصحابه بلفظ الخطاب : " السلام عليك أيها النبي " ، لكن ابن مسعود الذي أُوتي فقهًا قلَّما يُؤتاه غيره من الصحابة فضلًا عمَّن جاء بعدهم ، ولذلك كان حريصًا في تبليغ علمه إلى من بعده من التابعين من أصحابه ، فأدخل هذه الجملة المعترضة بعد أن بلَّغنا تعليم نبينا - صلوات الله وسلامه - لنا أن نقول في التشهد " السلام عليك " ؛ أي : بكاف الخطاب ، استدرك هو تعليمًا لنا فقال : " وهو بين ظهرانينا " ؛ أي : علَّمنا أن نقول : ( السلام عليك ) ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيٌّ ، فلما قُبض قال ابن مسعود في تمام هذه الجملة : " فلما قُبض قلنا : السلام على النبي " ؛ إذًا نحن نأخذ تعليم الرسول - عليه السلام - بالسلام عليك بقيدٍ ما دام في حياته ؛ أي : أن هذا الحكم كان خاصًّا بأصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وبقيد حياته - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فلما قُبض قال أصحابه : السلام على النبي .
  • رحلة الخير - شريط : 10
  • توقيت الفهرسة : 00:18:48
  • نسخة مدققة إملائيًّا

مواضيع متعلقة