كيف يتسنَّى لعامة المسلمين في أن يجتهدوا في الأدلَّة المطروحة أمامهم ؟ وكيف لهم أن يفهموا ما فيها ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
كيف يتسنَّى لعامة المسلمين في أن يجتهدوا في الأدلَّة المطروحة أمامهم ؟ وكيف لهم أن يفهموا ما فيها ؟
A-
A=
A+
السائل : كيف يتسنَّى لعامة المسلمين أن يجتهدوا في الأدلة المطروحة أمامهم ؟ وكيف لهم أن يفهموا ما فيها ؟

الشيخ : عامَّة المسلمين ليسوا مُكلَّفين هذا التكليف الذي أنت تسأل عنه ، ليس المسلمون مكلَّفين أن يكون كلُّ فرد منهم علماء ، فقد كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يعدّون الألوف المؤلفة ، ولم يكن فيهم من العلماء إلا نحو من العلماء الذين يفتون الجماهير من الصحابة إلا نحو مائتي عالم من علماء الصحابة ، أما الآخرون فلم يكونوا علماء بمعنى الكلمة ، ونحن نقرأ في قوله - تعالى - : (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) ، فنفهم من هذه الآية أن الله - عز وجل - جعل المسلمين قسمين ، قسم منهم علماء ، قسم منهم آخر غير علماء ، وأوجب على كلٍّ من هذين القسمين ما لم يُوجبه على القسم الآخر ، فأوجب على القسم الآخر غير العالم أن يسألوا القسم الأول - وهم العلماء - ، وأوجب على أهل العلم هؤلاء ألَّا يكتموا علمهم ، وأن يُقدِّموه إلى القسم الآخر ؛ فإذًا الأمة في كلِّ زمان فيها علماء ، وفيها غير علماء ، هذا أمر مقرَّر بهذه الآية ، ويشهد على ذلك جريان القرون المديدة الطويلة على عدم إيجاب طلب العلم على كلِّ مسلم ، اللهم إلا ما لا بدَّ له منه ، من ذلك - مثلًا - فرق كبير بين معرفة أحكام الصلاة ، شروط الصلاة ، أركان الصلاة ، واجبات الصلاة ، وبين معرفة أحكام الزكاة ، أو الحج ، فكل مسلم واجب عليه أن يصلي ؛ فعليه إذًا أن يعرف كيف يصلي ، كل مسلم معروف طبعًا بالشرط المذكور ؛ بالغ ، مكلَّف ؛ أن يصوم ؛ فعليه أن يعرف كيف يصوم ، لكن ليس كل مسلم عليه أن يعرف أحكام الزكاة ، وعليه أن يعرف أحكام الحج ، إلا إذا صار غنيًّا ؛ فعليه أن يعرف أحكام الزكاة ، إلا إذا استطاع إلى الحج سبيلًا ؛ فعليه أن يعرف كيف يحجُّ .

أما العلم الواسع كعلم الحديث - مثلًا - ، كعلم التفسير ، كعلم الفقه في كل أبوابه ، هذا إنَّما يجب على طائفة من المسلمين ؛ لأنه فرض كفائي إذا قام به البعض سقط عن الباقين ، إذا كان هذا معروفًا وهذا - والحمد لله - أمرٌ لا خلاف فيه بين المسلمين ؛ حينئذٍ سؤالك غير وارد من أصله ؛ لأنه لا يجب على كل المسلمين .

السائل : كيف للمسلم أن يجتهد في إذا طرح - مثلًا - سؤال أمام أحد العلماء فيجب عليه أن يجتهد في فهمه ؛ إذا طرح أمامه أدلة يعني ؟

الشيخ : نعم ، لكن أنا قلت تفصيلًا : إن كان يستطيع ذلك فيعمل موازنة ، ولعلك تذكر المثال ، فلان قال في مسألة ما هذا رأيي ، والآخر قال خلاف قوله ، لكنه قدَّم آية من الكتاب والسنة ؛ هذا يحتاج إلى أن يكون عالمًا ؟

السائل : طبعًا الآية فهمها طبعًا .

الشيخ : ما أجبتني !

السائل : نعم .

الشيخ : هذه الصورة يحتاج العامي أن يكون عالمًا ؟

السائل : حتى يفهم معنى الآية ؟

الشيخ : الآية - بارك الله فيك - يُفهِّمها إيَّاه العالم ، لكن أنا أُلخِّص الجواب فأقول : العالم الأول لم يذكر حجة ، قال : هذا رأيي ، الثاني قال : قال الله ، أو قال : قال رسول الله ، الآية أو الحديث ، ليس من الضروري أن نتصوَّر إنه العامي لا يفهمه ، فقد يفهمه ، ولكن إذا كان لا يفهمه ؛ فواجب العالم أن يُفهمه إيَّاه ، فهو يستعين بالعالم على الفهم ؛ أيُّ عالم الأول ؟ الأول ما صنع شيئًا ! قال : هذا رأيي ، إنما هو العالم الثاني ، فهنا لا يحتاج توجيه ذاك السؤال الذي يُفهم منه أن كل فرد من أفراد المسلمين يجب أن يطلب طرق العلم ليصبح قادرًا على فهم الكتاب والسنة ، لا .
  • فتاوى جدة - شريط : 5
  • توقيت الفهرسة : 00:39:26
  • نسخة مدققة إملائيًّا

مواضيع متعلقة