يوجد ملابسات كثيرة حول علاقتكم بالإخوان المسلمين ؛ هل من الممكن توضيحها ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
يوجد ملابسات كثيرة حول علاقتكم بالإخوان المسلمين ؛ هل من الممكن توضيحها ؟
A-
A=
A+
الحويني : طيب ؛ يا شيخنا بالنسبة لحكايتك مع الإخوان المسلمين ؛ ما هي الحكاية بالضبط ؟ لأنُّو فيها ملابسات كثيرة وأخذ ورد ، وطبعًا لعل هذا يكون القول الفصل في المسألة .

الشيخ : من أنو ناحية يعني ؟

الحويني : كيف بدأتم علاقتكم بالإخوان المسلمين ؟ ولم تركتم الإخوان المسلمين ؟

الشيخ : هذا سؤال خطأ ، أنا ما كنت يومًا إخوانيًّا حتى يٌقال : لم تركت ؟!!

الحويني : وهذا هو الشائع .

الشيخ : كويس ، فأقول : أنا الآن كما كنت في أول الزمان ؛ أي : لا أتبنَّى حزبًا من الأحزاب ولا أدعو إلى التحزُّب ، ولذلك أنا في شخصي عندي استعداد أن أحضر مع كل الجماعات ، كما أنا الجماعات الأخرى غير المتزمِّتين والمتشددين منهم عندهم استعداد ليحضر دروسي ، لأني لا أدعو إلى حزبية معيَّنة أو جماعة معيَّنة ، فأنا كنت مع الإخوان المسلمين هناك في سوريا طيلة الزمان اللي قضيته ، كما أكون مع المسلمين جميعًا ؛ أي : أسمع محاضراتهم وأحضر حلقاتهم المستطاعة بالنسبة إليَّ ، وإذا كان هناك مجال للتذكير والتعليم فعلتُ وما قصَّرتُ ، فهذا التعليم وتبليغ الدعوة هو الذي كان يجعلني وثيق الصلة بالإخوان المسلمين ، لدرجة أنني كنتُ أرحل مع رحلاتهم ، وأتنزَّه في منتزهاتهم أهتبلها فرصة لتبليغ الدعوة ؛ لأنه في اعتقادي سابقًا ولم يتغيَّر إلا قليلًا لاحقًا بالنسبة لهذا البلد الذي الآن أنا فيه لم يتغيَّر موقفي بالنسبة للإخوان المسلمين ، فأنا لا أزال أدعوهم كما أدعو كل المسلمين إلى اتباع الكتاب والسنة ، ولا أزال كما كنت سابقًا لستُ من الإخوان المسلمين في منهجهم وتكتيكهم كما يقولون ؛ فإن منهجهم يختلف مع منهجنا تمامًا ، ويمكن إيجاز ذلك بكلمة قصيرة جدًّا : منهجنا قائم على أساس ثقِّفْ ثم كتِّلْ ، منهجهم قائم على أساس كتِّل ثم ثقِّف ، وهذا منهج منحرف تمامًا ، ولذلك كان منهجهم يستلزم أن يكون في الإخوان المسلمين المذهبي والمستقلُّ عن المذاهب والسلفي والصوفي حتى والشيعي ؛ لأن دعوتهم قائمة على التجميع وليس على التثقيف ، فأنا كنت - ولا أزال - أستغل هذا التجميع لصالح الدعوة ، لكن في بعض الأزمان تفرض بهم العصبية الحزبية إلى مخالفتهم لمنهجهم هذا القائم على التجميع فيفرِّقون .

وهذا ما أصابني منهم هنا في عمان وليس هناك في سوريا ، ففي سوريا كان الأمر يعني من صالح الدعوة وقد ظهر آثاره في كبار المسؤولين من الإخوان المسلمين ؛ مثل - مثلًا - " عصام العطار " و " زهير الشاويش " ، فهدولة كانوا ممَّن يحضرون - ولو أحيانًا - دروسنا ؛ لأن التزامهم بنظام ومنهج خاص إخواني لا يفسح لهم المجال أن يكونوا معنا في كل دروسنا واجتماعاتنا ، بل إنهما وأمثالهما يعتبرون أنفسهم أنهم من تلامذتي ، وكذلك كان الأمر في أول ما بدأت بالتردُّد إلى هنا ؛ فقد فُتح لي باب إلقاء بعض المحاضرات في مركز الإخوان المسلمين في الزرقا ، وبلا شك كانت هذه المحاضرات فتحًا كبيرًا جدًّا بالنسبة لبعض الشباب الإخواني التَّائق والمتشوِّق إلى سماع كلمة الدعوة السلفية التي تميِّز الخبيث من الطيب ؛ فكان إقبال الشباب غريبًا جدًّا هناك ، هنا بقى تظهر أثر الحزبيات ، يبدو أنه لما لمسَ هذا الإقبال بعض الرؤوس هناك قلبوا لنا ظهر المجنِّ كما يُقال ، ولم يعودوا يعرضون علينا كلما زرناهم أن نُلقي محاضرة هناك ، فعرفنا الأمر ، فبطبيعة الحال أنا لست برجل الذي يطمع في أن يلقي في مثل هذه المجتمعات ، لكن إن تيسر لي لم أمتنع ؛ لأن الشرع هكذا يأمرني ، فانتقلت بدعوتي إلى مسجد من مساجد الزرقاء وبخاصة مسجد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ، فكان هناك - أيضًا - يحضر كثير من الشباب ومنهم من الإخوان المسلمين ، وكان هذا قبل أن أستوطن عمان ، ثم لما استوطنت عمان - أيضًا - كان هناك إقبال عليَّ شخصيًّا بالأسئلة ومن بعض رؤوسهم - أيضًا - كالدكتور عبد الله عزام ، وقد كان حريصًا جدًّا على التقاط كل ما يسمع ، فيكتب رؤوس أقلام في دفتر صغير يحمله معه عادةً ، المهم ثم بدأ ازورار إخوان عن الدعوة بصورة عامة وعن الداعية إليها بصورة خاصة ؛ لما وجدوا بعض الشباب من إخوانهم يعني أصبحوا سلفيين ، فأرسلوا وراء اثنين منهم وأنذَرُوهم بعدم حضور حلقات الشيخ الألباني ، وجرى نقاش بينهم وبين المسؤول عنهم ، أنُّو ما السبب ؟ فكان الجواب غريبًا جدًّا أنُّو لا يمكن أن يجتمع في عضو من الإخوان في نفسه ولاءان ؛ ولاء للدعوة - يعني دعوة الإخوان - وولاء للشيخ الالباني ، هذان أمران لا يجتمعان .

كان جوابهما : أن جماعة الألباني ليس عنده حزب ولا عنده تكتل ، بل هو لا يرى هذه التكتلات كلها ؛ لأنها تفرِّق جماعة المسلمين ، فنحن حينما نحضر عنده فلنستفيد من علمه ؛ فأيُّ شيء يعني تخافونه منه ما دام لا يدعو لتكتل ضد تكتلكم ؟ وأصروا على الموقف ؛ ولاءان لا يجتمعان ؛ فإما نحن وإما الشيخ ، وأمهلوهم حسب نظامهم ستة أشهر حتى يراجعوا أنفسهم ويتوبوا إلى ربِّهم ، جاء الموعد ؛ طلبوهم استدعوهم وجدوهم مكانك راوح - يعني كما هم - ، يعني تلطفوا بهم ؛ أنو يا جماعة خليكم معنا ، نحن معكم يا شيخ ، بس أنتو ... منكون معكم ، نحن نريد أن نستفيد من الشيخ وهذا ما يضرُّكم ، ففصلوهم ، ثم جاء دور الألباني فأصدروا قرارًا بمقاطعة الألباني وكلُّ من يلوذ به ، محاضراته وجلساته وإلى آخره ، حتى السلام عليه في الطريق .

الحويني : يمنعونهم ؟

الشيخ : إي ، قرار في هذا قرار !

الحويني : سبحان الله !

الشيخ : إي نعم ، وكان ممن شمله القرار بطبيعة الحال هذا الرجل الطيب عبد الله عزام .

الحويني : يعني - أيضًا - ؟

الشيخ : فكان يلقانا في الطريق ولا يسلم ، مرَّة فوجئ بي في مسجد مسجد عمر عبد الفتاح شو اسمو هذا المسجد في الدوار السابع ؟ المهم وجهًا لوجه ... إيش هذا يا شيخ عبد الله ؟ ما هذا ؟ قال : " هذه إن شاء الله - أظن هذا أو معناه - سحابة صيف وعمَّا قريب تنقشع " ، وراحت أيام وكنا نحن نشيطين أكثر في سهرات إقامة سهرات من الآن ، فلما يعني ضُيِّق علينا من حيث عدم الاجتماعات قلَّت هذه ، ففي اجتماع من تلك الاجتماعات كان يحضر الشباب الممنوعين قرارًا من الجلوس مع الشيخ ومحاضراته ودروسه ، فأٌثير هذا الموضوع وقلنا لهم يا جماعة : إيش معنى أنتم دعوتهم قائمة على التجميع ، فشو معنى إصدار قرار بمنع الشباب المسلم أن يلتقوا مع الألباني ؟ أليس هذا أولًا مخالفة للإسلام (( وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ )) ؟ وثانيًا هذا القرار لا يمكن تطبيقه ، وهذا الدليل هو أنتم الآن ، فأنتم فُرض عليكم هذا القرار وهَيْ ما تستغنون عن حضور الشيخ دروس الشيخ ، ولا أقول هذا افتخارًا ، بل أقوله مضطرًّا بيانًا ، مضى على هذا القرار تقريبًا سنتان مع الأسف ، لكن كلما تأخر الزمن كلما بدأ يضمحل يعني يتحلل إلى أن جاء عبد الله عزام هذا نفسه إلى الدار ما وجدني ، فذهب إلى دار الشيخ عامر عطية ، فسأل عني ؟ قال : يمكن يكون عند صهره بنته ، فعلًا أنا كنت عند صهري " نظام " ، وإذ طُرق الباب ، فجاء هو ومعه هذا الشيخ علي - أيضًا - .

سائل آخر : علي الحلبي ؟

الشيخ : لا .

سائل آخر : علي ... .

الشيخ : علي السَّطري ، عرفته ؟

سائل آخر : نعم عرفته .

الشيخ : فدخلوا عليَّ ، ولأول مرة ألتقي مع عزام بعد تلك الجفوة ، قال : نحن جئنا إلى الدار ما وجدناك ، وحوَّلنا على دار الشيخ أحمد ، انتظرناك هناك ساعتين لعلك تلتقي ، تعود معنا لنلتقي معك ، فأخيرًا : قيل لي بأنك يمكن أن تكون هنا فنحن جيناك ، قلنا له : خيرًا ؟ ما عدا عما بدا ؟ قال : والله عندي أسئلة . قلت له لأول مرة : كل سؤال ثمنه مشوار ؛ يعني جيئة يأتي إليَّ فيها ، مش يجي مرَّة ويأخذ أجوبة الأسئلة كلها دفعة واحدة ، كل سؤال وجوابه مشوار ، استغرب هو طبعًا ، قال : لم ؟ قلت : لنفهم ما الذي حملكم على إصدار ذلك القرار الجائر ؟ ما الذي صنعتُه ؟ قال : أنت كفَّرت السيد قطب . أنا كفَّرت ؟ قال : نعم . قلت : أنت سمعت ذلك منِّي ؟ قال : لا . قلت : إذًا ما علمك بأني كفَّرت ؟ قال : والله أجوا لعنَّا بعض الشباب وقالوا أن الشيخ الألباني يكفِّر سيد قطب . قلت له - ما معناه - : ولما نقلوا لكم هذه الفرية قلتم : آمين ؟ صدقتموهم ؟ أين أنتم وما تدَّعون من الرجوع إلى الكتاب والسنة ، والكتاب يقول ما لا يخفى على أحد من الأمة : (( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبيَّنوا )) ؛ ما الذي منعكم أن تتبيَّنوا وأنا قريب منكم ؟ مش أنا الآن في دمشق ، أنا بين ظهرانيكم ، فلماذا لم تتحقَّقوا وإنما رأسًا صدَّقتم الخبر الكاذب وبنيتم على ذلك التفريق بين المسلمين ؟ مع أن الرسول - أيضًا - يؤكِّد معنى الآية بصورة رائعة جدًّا فيقول : ( كفى المرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع ) ، كيف أنت سمعت بهذا وليس فقط تحدَّثت به ، بنيت عليه قرارًا على اعتبار أنه عضو بالمجلس .

مع الحديث دخلنا أنُّو أنا ما بكفّر السيد قطب ، لكن سيد قطب تكلَّم بكلمة الكفر ، لكن نحن ما مندين الإنسان بكلمة كفر ؛ لأنُّو أولًا ما أُقيمت عليه الحجَّة ، ولا لُفت نظره إلى ما قال ، إلى آخره . قال : وين ؟ قلت له : في سورة الحديد وسورة الإخلاص . قال : لكنه في مكان آخر يقول بأنه توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية والصفات وإلى آخره ، وينكر وحدة الوجود . قلنا : ممكن هذا ، ولذلك هذا من الأسباب التي تحول بيننا وبين أن نقول هو كافر ، لكن قوله أنُّو شو كان قال يومئذٍ في الكتاب ؟ معنى كلامه أنُّو لا وجود للحق إلا وجود الحق - سبحانه وتعالى - ، وهذا كلام الصوفيين يعني لا هو إلا هو ، وجودنا خيالي ووجود الإله هو الوجود الحقيقي إلى آخره .

فالمهم تناقشنا معه في هذه المسألة ، وأجبناه عن بعض الأسئلة ، وانصرف الرجل ، فيما بعد وقد عرف ، إيوا كان من جملة ما قلته له - هذا مهم جدًّا - قلت له : يا أستاذ ، أنت كنت تحضر دروسي ، أما كنت تسمع فيها مني أنا أنُّو نحن ما منكفر مسلمًا يشهد أن لا إله إلا الله محمد رسول الله ولو وقع في الكفر إلا بعد إقامة الحجة ؟ فنحن نختلف عن بعض الأنصار - أنصار السنة - الذين يطلقون التكفير على الأفراد هكذا جزافًا . قال : نعم . قلت له : كيف هذا ما خطر في بالك لمَّا نقلوا لك الشباب هدولة أن الألباني يكفِّر سيد قطب ؟ المهم عرف رأيي بصراحة أنُّو أنا لا أكفِّر السيد قطب ، وإذا بي أُفاجأ بعد شهور بثلاث مقالات تنشرها مجلة المجتمع في الكويت بقلم الدكتور عبد الله عزام ، وبعناوين ضخمة : " رد الدكتور عزام على الشيخ الألباني في تكفيره للسيد قطب " .

الحويني : سبحان الله ! بعد هذا اللقاء ؟

الشيخ : بعد هذا اللقاء ، قلنا : سبحان الله كيف هالبشر هذا ! راحت أيام إجت أيام النا صديق هنا يعرف عبد الله عزام قبلي وهو صديقه ، كان عبد الله عزام يومئذٍ في السعودية ، فجاء إلى هنا ، قال لي صديقنا هذا : اليوم أو بكرة في عندي دعوة يحضر فيها عبد الله عزام فبحب تحضر أنت معنا . قلت له : حبًّا وكرامة ، لكن بشرط واحد . قال : ما هو ؟ قلت : أن تعطينا وقت خاص لأخلو مع الدكتور عزام لمناقشته ... ، وحكيت له القصة ، كيف فهم مني أنا ما أكفِّر سيد قطب ؟ كيف بنشر 3 مقالات ضد هذا الأمر الواقع وينسبني إلى التكفير ؟ قال : ما عندي مانع . وكذلك كان ، فخلوت به ، قلت له : إي يا أستاذ عزام ، كيف هذه المقالات أنت تكتبها بعد لقائنا في دار صهري وفهمك عنِّي صراحةً مش بواسطة الشباب هاللي نقلوا لك التكفير ، بعدين بيَّنت لك أنا : أنا لا أكفر أولًا سيد قطب ولا أكفر مسلمًا إلا بعد إقامة الحجَّة ؟ كيف الآن أنت نشرت هذه المقالات ؟ قال : والله كنت في مكة فجاءني بعض الشباب ، وقالوا لي : أن الشيخ الألباني كذا وكذا وكذا . إي عادت حليمة لعادتها القديمة ! يبدو تأثر بالشباب وقد سمعت منِّي خلاف ما تسمع منهم ، كيف هذا يا عبد الله هذا ما يجوز في الإسلام إلى آخره ، فما تركته حتى تعهَّد لي أنه سيصحِّح الموقف .

سائل آخر : ... في المجتمع .

الشيخ : وهذا .

الحويني : هذا منذ كم يا شيخنا ؟

الشيخ : هذا صار سنة ونصف ، سنتين أو أكثر .

السائل : سنتين ولم ينشر ؟

الشيخ : إي ، صار سنة ونصف سنتين لما نشر في المجتمع ، إي نعم ، الظاهر الجماعة في عندهم الحقيقة دروشة ، ما عندهم محاكمة عقلية . هو من بعد ما ذهب لأفغانستان وهو شبه المرشد العام يبدو هناك يعني ، فزارني منذ سنة في بيتي ، وسألني بعض الأسئلة التي تتعلق بالمغانم ونحو ذلك ما جاء في الجلسة ، فما يرون يعني عندهم أي مسؤولية فيما إذا تكلموا في عرض مسلم ما دام أن ذلك في سبيل انتصار للحزبية العمياء ؛ فهذا من قصَّتي مع الإخوان المسلمين .

باختصار : أنا لم أكن يومًا ما من الإخوان المسلمين ولن أكون ؛ لأن منهجهم غير منهجي ، لكن ما أكفِّرهم ولا بحكم عليهم بالضلال إلا من طغى ، وأنا معهم كسائر المسلمين يعني أدعوهم إلى الله ، فمن استجاب فَبِهَا ، وإلا فلا حول ولا قوة إلا بالله .

مواضيع متعلقة