أخ من الذين يحبُّون أن يستمعوا للشيخ الشعراوي الذي يخرج كثيرًا على التلفاز ، فنريد نقض أو بعض المآخذ التي تُؤخذ عليه ؛ فلو تفضَّلتم بتوضيح بعض المآخذ على الشيخ الشعراوي ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
أخ من الذين يحبُّون أن يستمعوا للشيخ الشعراوي الذي يخرج كثيرًا على التلفاز ، فنريد نقض أو بعض المآخذ التي تُؤخذ عليه ؛ فلو تفضَّلتم بتوضيح بعض المآخذ على الشيخ الشعراوي ؟
A-
A=
A+
السائل : عندي سؤال لو سمحت .

الشيخ : تفضل .

السائل : الأخ محمد ... مدير إدارة الخدمات المساندة عندنا .

الشيخ : أهلًا ومرحبًا .

السائل : من الذين يحبُّون أن يستمعوا للشيخ الشعراوي ، الشيخ الشعراوي يخرج كثيرًا على التلفاز ، فنريد نقض أو بعض المآخذ نحن نأخذ عليه بعض المآخذ للشيخ الشعراوي ؛ فلو تفضَّلتم بتوضيح بعض المآخذ عليه على الشيخ الشعراوي ؟

الشيخ : هذا لا بد نسمع منه شو اللي جعله يثق بكلام الشعراوي حتى ينفتح أمامنا الطريق لِلفت نظره لِمَا قد يقوله من موافقة أو مخالفة للكتاب والسنة ؛ لأنه نحن إذا فيَّأناه لرأينا في موضوع الشعراوي ربما يكون هو ذهنه خالي .

السائل : الشعراوي ؟

الشيخ : الشعراوي نعم .

سائل آخر : محمد متولي الشعراوي .

الشيخ : معروف الأزهري هذا المصري ؛ لأن الشعراوي اللي ... التلفاز [ الجميع يضحك ] لكن هذا سبق كلام سبق لفظ ، الذي نحن نعرفه عنه أنه خلفيٌّ أشعريٌّ ، ترى الأخ في عنده فكرة سابقة عن الأشاعرة وعن الخَلَف الذين هم على خلاف ما كان عليه السلف أو لا ؟ ما يدريني لأنُّو لأوَّل مرَّة ألتقيه ، فأنا أريد أن أعرف شو اللي عنده من معلومات حول هذه النقطة بالذات ؟

السائل : في الواقع أني سبق أن استمعت للشيخ الشعراوي في إسلام أباد ، وجمعتنا في صدفة ، وجرى الحديث التالي بيني وبينه .

الشيخ : جميل .

السائل : قال لي : هل تصلي ؟ هذا في وقتها قبل 20 سنة ، قلت له : بقطِّع . قال : كيف يعني بقطِّع ؟ قلت له : ماني مرتبط .

الشيخ : يعني تارةً تصلي وتارةً تترك .

السائل : أيوا ، فقال : يا ابني ، اليوم كم ساعة ؟ قلت : النهار والليل 24 ساعة . قال : كيف تقسمها ؟ قلت له : أقسمها 3 أقسام : قسم للعمل ، قسم للنوم ، قسم لا للعمل ولا للنوم . قال : طيب ؛ الصلاة كم تأخذ منها ؟ قلت له : والله ، بتوقع نص ساعة . قال : ألا يعقل أن تتوجَّه إلى ربك الخالق وتصلي له نصف ساعة متقطِّعة من 24 ساعة ؟! طبعًا عجبني الكلام جدًّا هذا ، وذلك الوقت التزمت وفعلًا اقتنعت .

الشيخ : الحمد لله .

السائل : يا سيدي ، الآن أنا بشوفه في التلفاز ، بصراحة الأسلوب الذي يقدِّم فيه أسلوب مشوِّق ، ويخرج ما بين الأدب والدين والـ إلى آخره .

الشيخ : ... .

السائل : أيوا ؛ فهو يجذب مشاهده أو مستمعه بشكل اللي فعلًا أنُّو يستمتع في أحاديثه ؛ يعني هو يأتي بأشياء جديدة في التفسير أشياء جديدة معاصرة تتوافق مع العصر ، فجئت عند الأخ ناصر وتكلم عند إخوة تانيين قال لي : يا أخي ، هذا خطر ، خطر عليك وعلى الجيل ، هذا الرجل ما يلتزم بشيء ، ويخترع أشياء خلال حديثه ، ومحتمل أن تكون خطأ ؛ فلا تلتزم فيه .

سائل آخر : ... في تفسير القرآن .

السائل : فبمناسبة تشريفكم لنا هنا أرجو أن أسمع الشيء المناسب اللي فعلًا هل أستمر أو أتوقَّف ؟

الشيخ : أهلًا وسهلًا .

السائل : أهلًا بك .

الشيخ : أنا بقول - بارك الله فيك - ولا مؤاخذة فأفترض أنك أحد رجلين ؛ إما أن تكون ذاك الرجل الذي كما يقولون الآن في العصر الحاضر عندك خلفية علمية في العقائد السلفية ؛ فحينئذٍ لما تكون هكذا وعندك علم - مثلًا - بما صحَّ وما لم يصحَّ من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ فإذا استمعت إلى مثل هذا الإنسان فتستفيد كالمثال الذي ضربته فيما يتعلق بالصلاة ، فكلامه أخَّاذ ... ، وهذا الذي يجعل عامة الناس يلتفون حوله إذا جلس في محاضرة أو ما شابه ذلك ، ثم يُنشر ذلك في التلفاز ، أما إن كنت الرجل الآخر الذي ما عنده هالخلفية العلمية والبصيرة الدينية التي أُمِرنا بها في بعض الآيات القرآنية كقوله - تبارك وتعالى - : (( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ )) ، فلما بكون الشخص اللي يصغي إلى هذا الشيخ من القسم الثاني فيُخشى عليه أن تزل به القدم ؛ لأنه ما عنده ما يميِّز بين صوابه وبين خطئه ، وأنا بعني ما بَلُومك كونك أُخذت به ؛ لأن الحقيقة كما يقال في بعض الأشعار :

مَا أَنْتَ أَوَّلُ سَارٍ غَرَّهُ قَمَرٌ

مثلك كثير حتى من إخواننا مثل أخونا هذا وغيره ؛ يعني إخواننا السلفيين ، تسمع أنت جهاد الكلمة لا بد ؟

السائل : نعم .

الشيخ : حينما جاء إلى الأردن أُخِّذوا به ، وصاروا بقى ... وين ما راح يكونوا هنّ العقيدة ، أحدهم من إخواننا لا يزال في قيد الحياة ، هو نابلسي ، ذُكر لي مثل ما ذكرت لي تمامًا ؛ مُعجبًا بكلمات الشيخ الشعراوي وفصاحته وبيانه وأمثلته اللي بيضربها وإلى آخره ، قلت له : جيد ، هل اختبرته من حيث عقيدته ؟ قال : لا . فذَكَرَ لي فيما بعد هو نفسه صاحبنا هذا ، قال : كنت مع صاحب لي في سيارته لمَّا ذهب إلى الشيخ الشعراوي ، وحضر جلسته ، ثم أركبه معه في السيارة يُوصله إلى مكان ، قال : فاغتنمتها فرصة ، وركبت مع صاحبي ، وأجريت الحديث التالي بيني وبين الشعراوي مشان إيش ؟ مشان يختبره في عقيدته ، قال له : يا أستاذ ، أريد أن أستوضح منك قوله - تعالى - في القرآن الكريم في غير ما آية واحدة : (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) ، إيش المعنى ؟ قال : استوى بمعنى استولى ، صاحبنا عنده شيء من العقيدة الصحيحة فأخذ يناقشه ؛ يعني يناقش الشيخ ، وعادةً الناس ... تردُّه أنُّو يجي واحد شبيب يجادل شيخ كبير ؛ هذا شيء خطير وخطير جدًّا ؛ لأنه العادة جرت أنه كما قيل - أيضًا - :

إذا قالت حذامِ فصدِّقوها *** فإنَّ القول ما قالت حذامِ

فكيف هذا ما بصدق حذام وبياخذ وبيعطي وبناقش ، كبر ذلك على الشيخ ، لكن صاحبنا تحمَّل ذلك ، فوجَّه إليه سؤالًا حسَّاسًا عندنا نحن معشر السلفيين ، وهو لما أوَّل له الآية بذاك التأويل ؛ وهو تأويل باطل كما سأذكر قريبًا إن شاء الله . قال له : طيب ؛ يا أستاذ ، لو قال لك قائل : أين الله ؟ قال : أعوذ بالله ، لا يجوز أن يقول إنسان : أين الله ؟!! الله في كل مكان . قال : يومئذٍ عرفت عقيدته أنها منحرفة عن الكتاب وعن السنة ، فما عُدْت اهتمَمْت به اهتمامي الأول . هذه قصَّة وقعت .

الشاهد الآن : أن جملة أو آية : (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) لعلماء المسلمين في تفسيرها قولان : قول السلف ، وقول الخلف .

السلف يقولوا : (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) أي : استعلى ؛ ولذلك نحن نقول في كلِّ سجود : سبحان ربي الأعلى ؛ تطبيقًا لقوله - تعالى - : (( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى )) .

القول الثاني : هو اللي قاله الشيخ الشعراوي : (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) ؛ يعني استولى ، هذا التأويل من أبطل الباطل ؛ ليه ؟ لأنه يصوِّر هذا المعنى أن هناك مُغالبة بين الله وبين غيره ، لكنَّ الله تغلَّب عليه فاستولى على ملكه ؛ وهل يقول بهذا مسلم ؟ أنت فاهم عليَّ جيِّدًّا ؟

السائل : نعم .

الشيخ : (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) فسَّره بمعنى استولى ، فمَن كان مستوليًا عليه من قبل ؟ أخالق مع الله ؟ حاشا لله - تبارك وتعالى - !! ثم جاءت الأخرى - كما يقال ضغثًا على إبَّالة - لما صارحه بالسؤال السابق : أين الله ؟ انتفض وقفَّ شعره ، وقال : هذا ما يجوز توجيه مثل هذا السؤال ؛ علمًا أن هذا السؤال صدرَ من الرسول - عليه الصلاة والسلام - ، وفي أصحِّ الأحاديث التي رواها الإمام مسلم في " صحيحه " ، لعلك تسمع أن أصحَّ الكتب بعد القرآن " صحيح البخاري " و " صحيح مسلم " ، تسمع هذا ولا بد ؟

السائل : نعم .

الشيخ : طيب ؛ الحديث الذي سأذكره مروي في " صحيح مسلم " ، هو هذا الرجل الفاضل الشعراوي اللي أخذ بمجامع قلوب الناس ؛ لا شك أنه أحد رجلين بالنسبة لهذا الحديث الذي سأذكره ؛ إما أن يكون على علم به فجَحَدَه ، وأن يكون على جهل به فلم يقُلْ به ، وكما يقال : أحلاهما مرُّ !! يعني إن كان عرف وحاد هذا أخطر مما لو لم يعرف ؛ مع ذلك كونه لم يعرف قد يُقال هذا بالنسبة لعامة الناس ، أما بالنسبة لشخص يتولَّى ... العالم الإسلامي كله وتوجيهه ؛ هذا قبيح جدًّا أن نتصوَّر نحن بأنه لم يطرق سمعَه هذا الحديثُ الصحيح ، ما هو هذا الحديث الصحيح ؟

الآن أرجو الانتباه ؛ هي قصة طويلة ، لكن أريد أن آخذ منها ما يناسب المقام الآن ؛ رجل من أصحاب الرسول - عليه السلام - اسمه معاوية بن الحكم السلمي ، جاء إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال له : يا رسول الله ، لي جارية ترعى لي غنمًا في أحد في المدينة ، فسطا الذئب يومًا على غنمي ، وأنا بشر أغضب كما يغضب البشر ، فصككتها صكَّة ؛ - يعني صفعها صفعة في خدِّها - ، قال معاوية هذا : وعليَّ - يا رسول الله - عتق رقبة . يستفسر ويستوضح من الرسول هل يجدي عنه أن يُعتق هذه الجارية لأنه ضَرَبَها ... بغير حقٍّ ؟ سطا الذئب ، الرجل ماذا يفعل مع الذئب فضلًا عن الجارية ؟ فهو ندمان على تلك الصفعة أو الصَّكَّة كما قال هو ، فقال له - عليه السلام - : ( ايتِ بها ) . فلما جاءت قال لها : ( أين الله ؟! ) - هنا الشاهد - . قال لها رسول الله : ( أين الله ؟ ) . قالت : في السماء . قال : ( فمن أنا ؟ ) . قالت : أنت رسول الله ، فالتفت إلى سيِّدها وقال له : ( اعتقها ؛ فإنها مؤمنة ) . إذًا من الذي قال : ( أين الله ؟ ) ؟ رسول الله ، وأجابت الجارية بأن الله في السماء .

الشعراوي وأمثاله كثير من علماء الأزهر لا يُؤمنون بأن الله في السماء ، مع أنَّ كل مسلم يقرأ قوله - تعالى - في سورة تبارك سورة الملك : (( أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ )) ، فالجارية من هذه الحيثية أعلم من الشعراوي وأمثاله ؛ لأنها استطاعت أن تجيب الجواب الذي شهد بسببه رسول الله لها بأنها مؤمنة ، وبناءً على ذلك قال لسيِّدها : ( اعتقها ؛ فإنها مؤمنة ) ، شَهِدَت بأن الله في السماء ؛ أي : عاليًا ، وليس كما يقول كثير من أمثال الشعراوي وغيره ، وهذه عبارة مشهورة بين عامة الناس ، وستذكرها ، بكون الواحد جالس في مجلس كهذا ، وفي إيش ؟ ... سكوت ، شو بقول ؟ الله موجود في كلِّ مكان ، الله موجود في كل وجود ؛ هذا كفر !! لكن الناس كما قال - تعالى - : (( وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ )) لماذا كفر ؟ لأنه مُخالف أولًا لِمَا سبق أن ذكرنا من مثل قوله : (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) ، ولمثل حديث الجارية هذه : ( أين الله ؟ ) . قالت : في السماء إيمانا بما جاء في سورة تبارك ، والأحاديث والآيات كثيرة وكثيرة جدًّا ؛ كمثل قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( ينزل الله كلَّ ليلة إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل ، فيقول : ألا هل من داعٍ فأستجيب له ؟ ألا هل من مستغفرٍ فأغفر له ؟ ألا هل من سائلٍ فأعطيه ؟ ألا كذا ؟ ألا كذا ؟ حتى يطلع الفجر ) ، فنزول الله من السماء معناه أنه على السماء ، وأنه ليس في كلِّ مكان كما يقول العوام ؛ هذا من جهة فيه مخالفة للآيات وللأحاديث الصحيحة .

من جهة أخرى لو رجع العاقل المسلم متسائلًا : الله - عز وجل - الغني لا أوَّل له ، كما قال : (( هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ )) ، أمَّا الخلق فله أول كما قال - عليه السلام - : ( أوَّل ما خلق الله القلم ، فقال له : اكتب . قال : ما أكتب ؟ قال : اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة ) . فقبل أن يخلق الله الخلق هل كان في مكان وهم يقولون : الله في كل مكان ؟!! المكان لم يكن مع الله شريكٌ له ؛ لأن الله هو الذي أوجده وخلقه بكلمة : (( كُنْ )) كما قال - عز وجل - : (( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ )) ، فَبِكُنْ خلق السماوات والأرض ، فكان الجمال وكان المكان ، فإيش معنى هؤلاء الناس حين يقولون : الله موجود في كل مكان ؟ لقد كان الله ولا مكان ، هل معنى ذلك إذًا أن الله لما خلق الخلق دخل فيه ؛ فصار له ملجأ ، وصار له مأوى ، وصار مُحاطًا في هذا المكان ؟ صار المكان ... له ؟! تعالى الله عمَّا يقولون علوًّا كبيرًا ؛ لأنهم يقولون : الله في كل مكان !! هذه واحدة .

والأخرى أنَّ الأماكن ليست بنسبةٍ واحدةٍ من حيث الطهارة والنظافة ، من حيث السموُّ والرفعة والقذارة ، وإنما يختلف من مكان لمكان ، لقد جاء في الحديث الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : ( خير البقاع المساجد وشرُّ البقاع الأسواق ) ، تُرى ربنا موجود على حدِّ تعبيرهم في كلِّ مكان ، موجود في المساجد ، وموجود في الأسواق ؛ فهل هذا يليق بالله - تعالى - العلي القدير أنُّو يكون في شرِّ الأماكن ؟ وليس هذا فقط ؛ ففي الأسواق البيوت ، وفي البيوت الكُنُف بيت الخلاء ، وبيت الخلاء له تعاريج له مجاري تصبُّ في البحر أو في الوادي أو ما شابه ذلك ، هذه كلها أمكنة ، بل لا نذهب بعيدًا إن بطن الإنسان الممتلئ قذارة هو مكان ؛ بدليل أنَّه يتنفَّس الهواء ويأكل الطعام ويشرب الشراب ، كل هذا مكان ؛ فهل ربنا - عز وجل - في هذه الأمكنة حقًّا كما يزعمون ؟! الله موجود في كل مكان !! كيف جاء هذا ؟ والله يقول : (( أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ )) الآية كما ذكرنا آنفًا ، (( تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ )) ، مش تنزل عليه في كل مكان ! كذلك (( إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ )) ، كلُّ هذه النصوص في مخِّ الشيخ الشعراوي متعطِّلة تمامًا فهو لا يُؤمن بها ، ولذلك استنكر على صاحبنا لما وجه إليه السؤال النبوي : أين الله ؟ قال : أعوذ بالله !! هذا ما سؤال يُقال ! طيب ؛ لو قيل : إيش الجواب ؟ الله موجود في كل مكان ، الشعراوي كمثل شيخ آخر مع اختلاف المنابع بلا شكٍّ هاللي يُسمَّى كشك ، تسمعون به ولا بد .

السائل : نعم .

الشيخ : كلاهما قصَّاص ، والقُصَّاص هَيْ طبيعتهم بيجمِّعوا الناس حولهم وينبسطوا من كلامهم ، لكن مهما حضر الواحد منهم جلسات هؤلاء القصَّاصين اسأله بعد سنين شو معلوماتك اللي كسبتها فيما يتعلق بمعرفة الحلال والحرام ، والمكروه والمستحب ، وإلى آخر ما هنالك من أحكام شرعية ؟ ما بتشوف في عنده شيء إطلاقًا ، إنما عنده حكايات وعنده سوالف ومرتاح مطمئن تمامًا ؛ لأنه ما بيسمع إلا شيء جديد وجميل ، لكن الخاتمة ما يخرج من هذه الدروس بشيء أوَّل كل شيء يصحِّح عقيدته ، وهذا هو المثال بين أيدينا ، وهناك أمثلة لا أريد الآن أن أخوضَ فيها ، لأنُّو أنا لو سألت العامة فضلًا عن أهل العلم ؛ القرآن كلام مين ؟ كل المسلمين بقولوا : كلام الله ، لكنك لو بحثت مع الشعراوي وأمثاله من الأشاعرة والماتريدية بتمّ بيلفُّوا ويدورا معك حتى يخرجوك عن هذه العقيدة ، ويقولوا : القرآن هذا ليس كلام الله ، لكن ما ... صراحةً حتى ما تطلع ريحتهم النَّتنة ، القرآن كلام الله (( وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا )) ، مثل التوراة ومثل الإنجيل كلها كتب أنزلها الله على رسله المصطفين الأخيار .

فالشاهد أن العقيدة التي يجب تدريسها من كل العلماء في كلِّ المناسبات الشعراوي وكشك هذا لا يُدندنون حول ذلك .

انزل مرتبة ثانية ؛ هل سمعت الشعراوي يبيِّن للناس هذه الصلاة التي أُمرنا بها في آيات كثيرة كقوله - تعالى - : (( وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ )) ، نفعك هو - جزاه الله خير - هذا لا يمكن إنكاره ؛ لما سألك كيفك أنت والصلاة بتصلي ما بتصلي ؟ إلى آخر ما ذكرت أنت ، لكن هل قال لك : كيف ينبغي أن تصلي ؟ أنا بقول لك سلفًا : لأ . ليش ؟ إذا كنت مخطئًا قل لي : أخطأت .

السائل : ... .

الشيخ : لأ ، هذا واجب ، لماذا ؟ لأنُّو أنا على مثل اليقين أنه هو وكشك وغيره لا يعرفون يصلُّون ؛ وهم بيصلوا ، لكن لا يعرفون يصلون ، ليش ؟ لأن صلاتهم كما قرؤوا في مذهبهم ، من كان شافعي المذهب يرفع يديه عند الركوع مثلًا ، ومن كان حنفيًّا يقول : لأ ، هذا ... والأمثلة كثيرة وكثيرة جدًّا ، بينما النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) ... هؤلاء القصاصين يدندنون حول تعليم الناس السنة السلفية الصحيحة التي كان عليها رسول الله ومن بعده والأئمة الأربعة ... يدندنون حول هذا ، كما أنهم لا يدندنون حول ... صلاة الرسول ليعرف المسلم أن يأتمر بالحديث السابق : ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) لماذا ؟ ... بتفسير القرآن وبخاصَّة أسُّ العلوم العصرية التي كشفت بلا شك بعض المعضلات العلمية القرآنية ؛ فهو ليس متفرِّغًا ليصحِّح صلاة نفسه على السُّنَّة فضلًا أن يتفرَّغ لتصحيح صلاة الآخرين بل و ... .

مثل هؤلاء القصَّاصين الشيخ أحمد كفتارو ، تحضر جلسة بتلاقي المسجد قد امتلأ على ... ، شو السبب ؟ لأنُّو كلامه حلو ولذيذ ، وما في إنكار على مَن حوله بما يفعلون ؛ فهو راضٍ عنهم وهم راضيين عنه ، وهذا هو المطلوب أنُّو يمد إيدو وتُقبَّل ... هكذا يفعل ، وأخشى ما أخشاه - وأنا قلت هذا في سوريا - أن يأتي يوم ما يسع جماعته أن يقدِّم يديه ؛ فأخشى ما أخشى أن يمدَّ رجله ؛ منشان حتى يلحق ، لو رأيتم ما رأيتم عجبًا يقفون سلسلة ، عنَّا في عمان في زحمة على الباصات ، بتلاقيهم واقفين ... ؛ يعني صف طويل ، إجا باص امتلأ الباص ، مساكين !! وهكذا الجماعة هدول المفتونين بمثل هذا الشيخ يقفون صفًّا ، ولكي يلحق يمدَّ يديه صف من هون وصف من هون ، أهذا هو شأن العالم ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن كذلك ؟! كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما هو ثابت في كتب الشمائل يجلس مع أصحابه ، ليس له زيٌّ خاصٌّ مثل الأعرابي ما بشوف ملك ، ما بشوف سلطان ، ما بشوف أمير كبير والناس قاعدين على رأسه لخدمته ؛ فيتساءل يقول : أين محمد ؟ مالي شايف هذا الرجل الذي حرَّك الدنيا كلها بدعوته الصحيحة هذه ، يقولون له : هذا المضطجع على يمينه ، هذا الإنسان اللي مظهره بسيط ، لا يحبُّ هذه العظمة التي عظَّمه الله - عز وجل - ومتَّعه بها ؛ فإذًا هنا نحن نراقب أنَّ العلماء حقًّا هم الذين يدرسون الكتاب كلًّا ؛ وبخاصَّة ما يتعلق في تفصيل العقائد ثم العبادات ، أما الجوانب العلمية الكونية الطَّبيعية فهذه بلا شك تُفيد وتزيد المؤمن إيمانًا بقدرة الله - عز وجل - وحكمته ، لكن هؤلاء قبل ذلك كان عليهم لزامًا أن يعرفوا كيف يعبدون الله لا يشركون به شيئًا .

اليوم إذا قلت لكم : في كلِّ بلاد الدنيا تجد مسلمين يتقصَّدون زيارة القبور ، وبعضهم يتَّخذ القبر قبر الولي أو الصَّالح كعبة يطوف حولها ، رحت شي بزمانك لمصر ؟

السائل : لا .

الشيخ : شفت مقام الحسين والسيدة زينب وأحمد البدوي ؟

السائل : والله سمعت عنهم ، بس ما رحت .

الشيخ : ما رأيت ! ببالي أنك أردني ؟

السائل : إي نعم ، أردني إنما الآن سعودي .

الشيخ : لكن الأصل من الأردن و ... ؟

السائل : والدي سعودي ، وأمي أردنية ، ولكن ... .

الشيخ : أنا قولي بالسؤال : عشت في الأردن ؟

السائل : طبعًا ؛ أربعين سنة .

الشيخ : هذا هو ، هذا المقصود ، تسمع بمقام سيدي ... ؟

السائل : نعم .

الشيخ : طيب ؛ شفت القبر الضَّخم هذا اللي عاملينه ؟

السائل : نعم .

الشيخ : هذا كله مشان ... الناس ؛ يأتون وبيقدموا نذور ، وبيتوسَّلوا به عند الله - تبارك وتعالى - ، في كلِّ بلاد الدنيا موجودة هذه المصيبة ، والشيخ الشعراوي وكشك ما بيتكلموا ولا كلمة ؛ لماذا ؟ لأنهم لا يريدون أن يجابهوا الشعوب ؛ لأنه راح ... منهم ... يجذب القلوب بمثل ذلك الكلام المعسول الجميل ، في دمشق يوجد شيء من هذا ، في حلب شيء أضرب من هذا ، أنا ... أنا أصلي ألباني ثم دمشقي ثم أردني ، فأنا أعرف البلاد هَيْ كل وحدة لها إيش ؟ ... أو مصيبة ، طبعًا سوريا فيها عواصم مشهورة كدمشق وحلب ، وما بينهما حمص وحماة و وإلى آخره ، في حلب في مسجد أموي الكبير مضاهاة للمسجد الأموي في دمشق في العاصمة ، في مسجد بني أمية في دمشق يزعمون يحيى - عليه السلام - مدفون فيه ، في مسجد بني أمية في حلب زعموا يكون فيه أبوه ؛ يعني زكريا ، وكلٌّ من القبرين مقصود ، وعلى كلٍّ منهما سادن وظيفته أنُّو - ما شاء الله - يهدي الناس كيف يزورون هذا القبر وذاك ، وكيف يجب عليهم أن يقدِّموا النذور .

حكى لي أحدهم في دمشق جاءت امرأةٌ لزيارة قبر يحيى - عليه السلام - في مسجد دمشق ، فسمعه سادن ، ويظهر أنُّو كان عنده شيء من الوعي ، لكن اتَّخذ السدانة وسيلة للعيش ، سمع هذا الرجلُ امرأةً مسكينة وقفت تدعو وتقول له : أنا يا سيدي يحيى أنا جيت متوسلة بك أن ربنا يعافي لي ابني ، شو قال السَّادن مستهزئًا بها ؟ قال لها : يا حرمة ، إجت وحدة حرمة قبلك [ الجميع يضحك ] ، فسيدي يحيى ذهب معها ، ذهب معها لكي يعافي لها ابنها او بنتها أو إلى آخره ، هذه ... شركية صريحة جدًّا .

في حلب كان هناك قبر - والحمد لله - أزيل ليس ديانةً وإنما تزيينًا للعاصمة ، في حلب كان قبر اسمه يغنيك عن الضلال الذي يقع فيه الناس ، اسمه قاضي الحاجات ، اسم الميت قاضي الحاجات ، وكان مقصودًا من كل مكان وخاصَّة من النساء ، تكون الواحدة عقيمةً لا تلد يمضي عليها سنة سنتين ما شاء الله ، روحي عند قاضي الحاجات ، ماذا تفعل ؟ قاضي الحاجات قبره طبعًا في مقام سائر المقامات التي نتحدَّث عنها والقبر له سنام ، فأوحى الشيطان بواسطة السادن هناك أن المرأة العقيم إذا جاءت وركبت على القبر هكذا وعملت هيك حركات بتروح بإذن الله ... حبلى ، و ... بعدين تُكتشفت القضية أن هذا السادن بأساليبه الماكرة يُوحي للنساء الضعيفات العقول أنُّو لازم الليلة تباتي هون حتى يحضر عليك قاضي الحاجات ، وفعلًا بتظنُّ أنُّو هذا الكلام صحيح ، وتبات هديك الليلة وما في داخل المقام غير هي وهو ، هذا واحدة تكفي المسلم أن يعرف قوله - عليه السلام - : ( ما اختلى رجلٌ بامرأة الا كان الشيطان ثالثهما ) ، حينما ... الليل يظهر هو بلباس ... بروائح زكية ، ويظهر شوية شوية على هذه المرأة بصورة إيش ؟ فيها شيء من الرهبة ، فهي كانت ملقَّنة سلفًا أنُّو لازم تباتي مشان يظهر عليك قاضي الحاجات ، قاضي الحاجات يظهر عليها بيتقدَّم إليها شوية شوية إلى أن يواقعها وينام معها ، وبيزبط أحيانًا وبتروح إيش ؟ حبلى ، مين اللي حبَّلها ؟ السَّادن الخبيث الماكر اللي اتُّخذ القبر يتستَّر من ورائه ويُسمَّى قاضي الحاجات ، سنين والحلبيون رجالًا ونساءً يؤمنون بهذه الضلالة الكبرى ، والمشايخ ... من كرامات الأولياء ، وأنَّ الله يُعطيهم كما يقول بعضهم : " ما كان معجزة لنبيٍّ كان كرامة لوليٍّ " ، تمشي هذه الضلالات ولا أحد ينكرها إلا أفراد قليلين يندهون في الأرض ؛ لأنهم يصدعون بالحق ، والحديث في هذا المجال - مع الأسف ! - واسع وواسع جدًّا ، لكن فيما يتعلَّق بالشيخ الشعراوي أنَّه من جانب فعلًا يفيد ، ولكن من جوانب أخرى يضل الناس ... أنهم لا يعلمون .

هذا شيء ممَّا يتعلَّق بهذا السؤال .
  • رحلة النور - شريط : 78
  • توقيت الفهرسة : 00:18:04
  • نسخة مدققة إملائيًّا

مواضيع متعلقة