الراوي الذي لم يَرِدْ فيه توثيق ولا تعديل . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
الراوي الذي لم يَرِدْ فيه توثيق ولا تعديل .
A-
A=
A+
السائل : طيب ؛ نقلت - يا شيخ - في " تمام المنة " كلام الذهبي : الرجل الذي لم يرد فيه توثيق ولا تعديل ؛ تذكر هذا ؟

الشيخ : نعم .

السائل : ثم كلام ابن حجر ، فالسخاوي قال في " فتح المغيث " ما يأتي تعقيبًا على هذا الكلام ؛ يقول : " لكن قد تعقَّبه شيخنا بقوله : ما نسبه للجمهور لم يصرِّح به أحد من أئمة النقد " .

الشيخ : من المُتعقَّب هنا ؟

السائل : الذهبي .

الشيخ : ماذا قال الذهبي ؟

السائل : يقول : " والجمهور على أنَّ من كان من المشايخ قد روى عنه جماعة ، ولم يأت بما يُنكر عليه أنَّ الحديث صحيح " ، فيقول : " لكن قد تعقَّبه شيخنا بقوله : ما نسبه للجمهور لم يصرِّح به أحد من أئمة النقد إلا ابن حبَّان " ، لا بد أن نعرف رأيك في هذا ؟

الشيخ : رأيي يقول أن هذا الكلام مرفوض ، وأول ما رَفَضَه هو قائله ؛ ولذلك أنا لما تحدثت معي في هذه المسألة ذكرت لك أن الحافظ ابن حجر نفسه لمَّا ترجم لبعض الرواة المتساهلين قال : روى عنه فلان وفلان وفلان ولم يذكر توثيقًا ، قال فيه : " صدوق " ، وأنا أشك الآن أنُّو يكون قال في بعضهم : " ثقة " .

السائل : ... .

الشيخ : إي ، فإذًا كلامه هذا منقوض بفعله ، وهذا يقع مني ومن غيري ؛ هذا أمر طبيعيٌّ ؛ لأني ذكرت لكم ... صباحًا كيف أنا تدرَّجت ، ما أدري والله اختلطت عليَّ الأمور !

السائل : نعم نعم .

الشيخ : ... ولَّا غيره ؟ يمكن ما كان موجود الأخ ، والله أعلم ، أنا - مثلًا - أول ما بدأت بهذا العلم كنت أثق بتوثيق ابن حبان ، ثم تبيَّن لي أن الرجل واسع ... في التوثيق متساهل فيه ، نبَّهني الحافظ ابن حجر في مقدمة " اللسان " ، فتفتَّحت بعض الشيء ، لكن ما كنت أتشجَّع في أن أحكم أنا بتوثيق أو بصدق راوٍ لم يوثِّقه حتى ابن حبان ، حتى اتَّسع معرفتي بعض الشيء ، فنظرت في صنيع المؤلفين السابقين والموثِّقين ؛ كيف يوثِّقون الرجل وهم لم يعاصروه ولم يدركوه ، ولا رووا عن أحد ممن أدركه أنه وثَّقه ؟ بسبر الأحاديث ، وسبر الرواة الذين رووا عنه ، وأنتم تذكرون ... التي اختلفوا فيها أنه : إذا روى الثقة عن راوٍ هل يُعتبر توثيقًا له أم لا ؟

أقول : تذكرون هذا ؟

السائل : نعم .

الشيخ : طيب ؛ فهنا الجملة هذه لها مفهوم ؛ إذا روى الثقة عن الراوي فلا يُعتبر توثيقًا ، هذا هو الواجب ، طيب إذا روى الثِّقتان والثلاثة والأربعة ؟ يأتي بقى البحث الذي أنا طرقته في ذاك المكان في الكتاب ، وذكرته - أيضًا - اليوم في الصباح ، فأنا إذًا الآن على هذا الوضع أنَّه إذا كان هناك راوٍ مستور لم يوثِّقه حتى المتساهلين في التوثيق ، لكن روى عنه ثلاثة فصاعدًا فالنَّفس تطمئن للاحتجاج بحديثه ، ولو في مرتبة الدون وهو الحَسَن .

أما أنَّ ابن حجر ردَّ على الحافظ الذهبي فهو ذهبيٌّ أو هو مع الذهبي عمليًّا ؛ فالظاهر أن هذه الآثار دراسة علم الحديث نظريًّا ، فهو ردَّ عليه نظريًّا ، لكن وافَقَه عمليًّا ، وأنتم أظن رأيتم كيف يقول في بعض مَن سكت عنه من المتساهلين بأنَّه صدوق ، فما الذي لاحَظَه الحافظ ومن قبله الذهبي حينما تفرَّدا بتوثيق راوٍ في عصرهما ، كل هذه القرون لم يجدا من وثَّقهما ؟ لا شك أنهما راجَعَا الأصول أو القواعد أو قاعدة من تلك القواعد التي كان يجري عليها مَن يوثِّقون الرواة بسبر أحاديثهم والرواة عنهم ؛ فلذلك ليس هناك من شيء في هذا الذي نَقَلَه السخاوي عن ابن عسقلاني .

السائل : طيِّب يا شيخ ، ذكرنا - أيضًا - في " الضَّعيفة " حول الموضوع نفسه في تعليق على كلام للكوثري حول راوٍ ، فكيف يصف نفسه ، وليس له من الحديث إلا القليل ، بحيث لا يمكن سبره وعرضه على حديث الثقات لِيُحكم له بالضبط أو بخلافه ، أو بأنَّه وسط بين ذلك كما هو طريق من طرق الأئمة النقاد في نقد الرواة ، الذين لم يُرَ فيهم جرحٌ أو تعديلٌ ممن قبلهم من الأئمة .

الشيخ : هذا ... .

السائل : نعم ، أقول : الذي أفهم من هذا عندما يأتي ... هو ، هو لم يأتِ جرح ولا تعديل ، وله أحاديث كثيرة ، العالم المتأخِّر يجمع هذه الروايات ، ويُقارن روايات هذا الرجل بروايات الثقات ، ومن خلال هذه المقارنة يتبيَّن لهذا العالم عن هذا الرجل ثقة أو صدوق أو ضعيف ، فلا يتأثَّر هذا إلا بمقارنة روايات هذا الراوي بروايات الآخرين من الثقات ، وعندها يمكن أن نحكم على هذا الراوي ، لكن هل يكفي أن يروي عنه جمع من الثقات ولا يقوم العالم بمقابلة هذه الروايات بروايات الثقات ليتبيَّن له هل هو ثقة أم صدوق أم ضعيف هل يمكن ؟

الشيخ : يمكن .

السائل : هذا السؤال .

الشيخ : يمكن ، لكن هذه مجرَّد ... الأولى التي ذكرتَها أنت ؛ بمعنى سبقت الإشارة آنفًا : الثقة إذا روى عنه راوي هل هو توثيق ؟ قلنا : لا ، لكن هل يستوي فيما إذا روى عنه ثلاثة أو أربعة ؟ نظل نقول أن هذا ليس توثيقًا لهذا الراوي وإن رَوَوا عنه ، وإن كان يمكن أن يُقال كما قد قيل هذا شعبة - مثلًا - روى عن فلان ، وهو ضعيف ؛ لكن هذا يُقال فيما إذا تفرَّد ثقةٌ عن ضعفٍ مستور غير معلوم ، لكن ثقة روى عنه ، الثاني روى عنه ، والثالث روى عنه ، ولم يظهر - هنا الجواب الآن - ولم يظهر في رواية هؤلاء عنه شيء من الروايات المستنكرة ؛ وإلا لَكان لم يروِ عنه هذه المجموعة من الثقات ، بخلاف ما إذا روى ثقة واحد عنه ؛ فالنفس تطمئنُّ لرواية هؤلاء أكثر مما تطمئنُّ لرواية ثقة واحد عن ذلك المستور أو المجهول ، فالسَّبر الذي أنت أشرت إليه بلا شك أقوى وأضمن للنفس ، لكن هذا إن لم يتيسَّر فذلك ليس بالموجب لنا أن نهدر أحاديث هذا الرجل التي لا نجد فيها شيئًا من النكارة ؛ مع ... لهؤلاء الثقات أنهم روَوْا عنه ، فهذه وجهة نظرنا في هذه المسألة ؛ ولذلك بقي نفس المحدثين غير المدقِّقين في هذا الموضوع طبَّقوا القاعدة العامة كما نقلتَ أنتَ عن السخاوي أنه تعقَّب الحافظ الذهبي ، فنحن يجب أن نلاحظ الذهبي - مثلًا - كما العسقلاني ، حينما وافق الذهبي عمليًّا ؛ ما هو المناط الذي ربطوا به الحكم ؟ لا نجد إلا هذا الذي نذكره .

السائل : يا شيخ ، بالنسبة للحافظ ابن حجر هو في الغالب لا يقول ... ؛ في الغالب ... ، وإذا كان ... أقل ، الذي أفهمه أن ابن حجر هو ليس ... هذه القاعدة ، ولكنه أحيانًا قد يقلِّد الذهبي أو يتأثَّر بالذهبي في بعض ... .

الشيخ : لا لا ؛ لأنه هو تفرَّد بـ ... وتوثيق جماعة يمكن الذهبي سكت عنهم ، أنا لاحظت هذا في كتابه " الكاشف " ؛ يعني ما تقوله عن الحافظ أنا أقوله عن الحافظ الذهبي نفسه .

السائل : الحافظ الذهبي .

الشيخ : ما تقوله عن الحافظ العسقلاني أنا أقوله عن الحافظ الذهبي ؛ أي : أنه تارةً الحافظ ابن حجر العسقلاني يقول عن هذا النوع من الرواة إنه صدوق أو ثقة ، وتارةً يقول : مقبول ، والقاعدة واحدة ، ما هكذا تقول أنت ؟

السائل : نعم .

الشيخ : أنا أقول نفس الكلام في الذهبي ؛ أي إننا نجد كثيرًا من الرواة يقول فيهم : صدوق أو ثقة ، وإذا رجعت إلى الأصل " تهذيب الكمال " و " تهذيب الحافظ " الذي جاء من بعده ... تطبيقًا أبدًا ، بينما رواة آخرين يضيِّعوا ذلك ، لا يقول لا صدوق ولا ثقة ، نظن أنَّنا ننظر للقاعدة التي اعتمدوا عليها واتَّكؤوا عليها ؛ فلا نجد في ذلك وجهًا إلا هذا الذي ذكرته ، والله أعلم .

السائل : طيب يا شيخ ، هل هذه مسائل اجتهاد ؛ يعني ترى هذه مسائل اجتهاد التي قد يختلف فيها ؟

الشيخ : ممكن ، ليش لأ ؟ إذا كان الحافظ نفسه يختلف رأيه ؛ فما بالك بين حافظ وحافظ ، أو محدث ومحدث ، أو عالم وعالم ، أو طالب علم وطالب علم ، هذا أمر بدهي جدًّا .

السائل : طيب يا شيخ ، القاعدة لا في التطبيق ؛ في هذه القاعدة ؛ هل هي قاعدة اجتهادية ؟

الشيخ : أنا قلت هذا ، ولذلك اختلف الحافظ الواحد تطبيقه لهذه القاعدة ؛ فما بالك باختلاف الأشخاص ، ولَّا مو جواب هذا ؟

السائل : بلى ، أنا أقول يعني بعض كبار العلماء الحديث قد يعتبروا متشدِّدين في القضية ، متشدِّدين ، ويميلون إلى الاحتياط في هذه الأمور . =

-- الشيخ : ... . --

السائل : = فيقولون : نحن لا نقبل مثل هذا حتى نتأكد من رواية هذا الراوي ، فنحكم عليه ؛ أما قبل هذا فنحن نتوقَّف فيه .

الشيخ : ليس لنا عليهم من سبيل ، لكن هم - أيضًا - في المقابل ليس لهم على غيرهم من سبيل .

السائل : هل قاعدة ... قديمًا ؟

الشيخ : لا ، ... تسلسلْتُ .

السائل : هل هناك مؤلَّفات لك قديمة لم توضِّح فيها هذه القاعدة ؟

الشيخ : هو كذلك .

السائل : إذًا تحتاج المؤلَّفات إلى مراجعة ؟

الشيخ : الآن جئت ؟! ... .

السائل : المؤلِّفات القديمة تحتاج إلى مراجعة ؟

الشيخ : الله يهديك يا أخي ، أنت بتكرِّر كلامك ، أنا بجاوبك : نعم ؛ المؤلفات القديمة لم تكن على هذه القاعدة ، لكن أنا شرحت آنفًا كيف بدأت ، بالأوَّل كنتُ كسائر الناس .

السائل : ... المراجعة ، مراجعة التصحيح والتضعيف .

الشيخ : ما الذي قلته إذا كنت آنفًا ؟

السائل : آنفًا : تدرَّجت بمعرفة اقتنعت بالتوثيق توثيق ابن حبان ثم توسَّعت الآفاق حتَّى وصلت إلى المرحلة الأخيرة التي ذكرتها الآن ، أن لو لم يوثِّقه أحد ووثَّقه أو روى عنه ثقات ؛ فإن هذا تطمئنُّ له النفس بحيث يقبل حديثه .

الشيخ : الآن فهمت على ... ، لكن سؤالك بقى الثاني ... عرفت غير وارد لا محلَّ من الإعراب ؛ لأنُّو أنا ذكرت " الروض النضير " كيف أنُّو نرجع له وشوف فيه أشياء ... منها أنُّو كنت أعتدُّ بتوثيق ابن حبان ؛ فهل معنى ذلك أنَّني كنت يومئذٍ كشفت هذا الشيء الذي ... ؟

السائل : لا .

الشيخ : طيب ، فإذًا بعض كتبي موجود أنه لا ما كنت أعرف هذه القاعدة التي اطمأننْتُ إليها ، هذا الذي يعني .

السائل : هل هذا هو شرط ... ؟

الشيخ : كيف ؟

السائل : كثير من الناس يقول : كيف الشيخ الألباني تراجع عن تضعيف في بعض الأحاديث في " ضعيف الجامع " تحولها لـ " الصحيح " ؟ ... .

الشيخ : ليش ما جاء السؤال أنُّو ليش فلان يخطئ ؟ ليش متساهل ؟

السائل : ... .

الشيخ : أنُّو ليش فلان متشدِّد ؟ وليش فلان متساهل ؟ كان جوابي جدًّا مختصر ؛ قلت : لأنه إنسان ؛ أي : يخطئ ، طبعًا هذا الجواب كما يقولون - أيضًا - عندنا في الشام ما بفشّ الخلق ؛ يعني ما ببلّ الريق ، لكن التصحيح هذا يا أخي وضع قاعدة كابن حبان - مثلًا - أن الأصل في المسلمين العدالة ؛ فإذًا أنا بعتبر هذا الأصل بمشي عليه إلا أن يتبيَّن لي خلافه من رواية مناكير عن مشاهير كما هي عبارته إلى آخره ، ... عن هذا الأصل ، لهذا الأصل الذي تبنَّاه يعني يمكن تطبيقه بالنسبة للشهود الذين لا يُشترط عندهم أن ... ما تلقَّاه من أحاديث من روايات إلى آخره ، هذا الأصل الذي بنى عليه ... هو خطأ ، فإذًا رجع الأمر إلى أنَّه كان يُخطئ ، وليس هذا ابن حبان ، الألباني ، الإسكندراني إيش من كان يكون ؛ هَيْ طبيعة البشر ، لكن هذا مع كل طبيعة البشر فهل من الأَوْلى أن يستر الألباني على نفسه مشان الناس ما يتكلَّموا عليه ، ويقولوا هذا لا يُوثق بكلامه ؛ يعني ما بين عشية وضحاها بيتغيَّر رأيه ؟

يا أخي ، هذه حقيقة التي هي كل إنسان يعترف بها أولًا ، بعدين أليس لنا أسوة في الأئمة السابقين ؟ خاصَّة إمام السنة الإمام أحمد المسألة الواحدة تجد عليه أقوال كثيرة منه نفسه ، إيش معنى هذا ؟ كان له رأي تبيَّن له رأي ثاني ، ثم تبيَّن له رأي ثالث ، هذا هو العلم ، وليس العلم أنُّو أنا يتبيَّن لي خطئي أصرُّ عليه وأعاند الناس كلهم ، وأقول : عنزة ولو طارت !! ما ينبغي هذا ، فقولك أن الناس بقولوا كذا ؛ فليقولوا حتى يشبعوا ، وأنا ماضي في هذا السَّبيل الحق اللِّي ربنا أبانه لي ، أرجو الله أن يثبَّتني وإياكم على القول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة .
  • رحلة النور - شريط : 68
  • توقيت الفهرسة : 00:07:21
  • نسخة مدققة إملائيًّا

مواضيع متعلقة