هل تؤيِّدون من أمضى خمس سنوات أو نحو ذلك في طلب العلم أن يبدأ بالتصنيف والتصدُّر ، أم ما تقولون ؟ ومتى يؤلِّف ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
هل تؤيِّدون من أمضى خمس سنوات أو نحو ذلك في طلب العلم أن يبدأ بالتصنيف والتصدُّر ، أم ما تقولون ؟ ومتى يؤلِّف ؟
A-
A=
A+
السائل : يقول : هل تؤيِّدون من أمضى خمس سنوات أو نحو ذلك في طلب العلم أن يبدأ بالتصنيف والتصدُّر ، أم ما تقولون ؟ ومتى يؤلِّف ؟

الشيخ : أما متى يؤلِّف فهذا " كل امرئ " إيش ؟ " كل امرئ بما كسبت " (( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ )) ، أما هل أرى من أمضى خمس سنوات يشتغل بهذا العلم فأنا قلت نهار البارح واليوم - أيضًا - بأنَّني لا أنصح لأحد أن يؤلف بقصد أن ينشر إلا بعد أن يمضي عمرًا طويلًا يشعر بأنه تمكن في هذا العلم فهمًا نظريًّا ، ثم ساعدته المصادر العلمية الحديثة الوفيرة التي مهما كان الإنسان حريصًا على جمع الكتب فلا يستطيع أن يجمع إلا القليل منها ، وإنما يشبع نهمته فيما إذا كان في مكتبة عامة التي تتوفَّر فيها المصادر الكثيرة والكثيرة جدًّا ، بحيث أنه لا يستطيع أن يستقلَّ بهذه المصادر كلها شخص واحد ولو كان غنيًّا ؛ إلا إن كان غناه لجمع الكتب مباهاةً ومفاخرةً وتزيين الجدر بالخزائن الممتلئة بهذه الكتب ، فمَن وُجدت له مثل هذه الخزائن التي فيها مختلف المصادر التي تُساعده على التحقيق العلمي إلى أبعد مدى ممكن ، وهذا يحتاج بالإضافة إلى توفُّر هذه المصادر إلى ممارسة علمية طويلة الأمد ؛ فأنصح لمن لم يتوفر له السِّنُّ ولم تتوفَّر له مثل تلك المصادر ؛ بخاصَّة مصادر مخطوطة لم تَرَها بعد الشمس نور الشمس ، أو لم تر نور الشمس ، لكن أنصح لا مانع عندي ، بل لعل هذا هو الطريق ليشعر هذا الناشئ في هذا العلم أنه كلما مضى سنة من عمره كلما استوى على سوقه وازداد علمًا على علمه ؛ لا مانع أن يؤلف لنفسه ويضع مؤلفاته هذه كمراجع يرجع إليها حينما يحتاج الرجوع إلى شيء منها .

وقلت في الأمس القريب واليوم ذكرت مثالًا يتعلَّق بنفسي ، أنا من أول مؤلفاتي التي ألَّفتها بشخصي لم أستعِنْ فيها بغيري إطلاقًا لا شيخ لا عالم ولا تلميذ ولا خادم ولا أي شيء ، هو الذي ترونني أعزو اليه بعض التخريجات والتصريحات والتضعيفات باسم " الروض النضير " ، " الروض النضير " ربما أكثر إخواننا الذين لهم مراجعة في كتبي لم يقفوا على تمام هذا الاسم إلا نادرًا ، وهو " الروض النضير في ترتيب وتخريج معجم الطبراني الصغير " ، وهو عندي في مجلَّدين ضخمين ، كل مجلد فيه أكثر من 500 صفحة ، والمتن في الأعلى ، والتخريج في الأدنى ، المتن تارةً بل وغالبًا يكون بمقدار السند والحديث ، وتحته الشرح والتعليق والتخريج ، وقد يأخذ - أيضًا - قسمًا من جانب الصفحة الأخرى ، هذا الكتاب ألَّفته أول مؤلف يمكن أنا أقول هو عمري دون الخامسة والعشرين ، أستفيد أنا الآن حينما يعوزني الرجوع إلى بعض المصادر ممَّن تقدَّمني في العلم وفي السِّنِّ ، فأجد نفسي أحتاج إلى الرجوع لهذا الكتاب ، فأستفيد منه كثيرًا وكثيرًا جدًّا ، ولكن اكتشف هناك أخطاء كثيرة أنا الآن أعرفها بعد أن قضيتُ أكثر من نصف قرن من الزمان في هذا العلم أكتشف أخطاء أستدرِكُها لنفسي على نفسي ، فلا أرى أن في نشر هذا الكتاب مصلحة مع ما فيه من الأخطاء التي أستدركها أنا على نفسي ، وأقول متمنِّيًا أن تُتاح لي الفرصة أعيد النظر على هذا الكتاب من أوله إلى آخره لِيصلح أن ينشر على الناس .

هذا مع أنني أعلم أن قليلًا من الناس جدًّا جدًّا من يتوفر له ما وفَّر الله لي من أسباب وظروف ؛ من أولها أنني كنت في عمل حرًّا ، لم أكن مستأجرًا ولا موظَّفًا ، وإنما كنت أصلِّح الساعات ، فأعمل بالمقدار الذي يروق لي ساعة ساعتين من الزمان ، ثم أغلق الدكان المحل وأنطلق فورًا إلى المكتبة الظاهرية ، وكنت أجلس في المكتبة -- وعليكم السلام ورحمة الله -- وأتيحت لي ظروف مكَّنتني أن أجلس في المكتبة بل أن أدخل المكتبة قبل الموظفين وأخرج بعد الموظفين ، هذه الظروف يسخِّرها الله - عز وجل - لمن يشاء ، وأنا ربنا - عز وجل - تفضَّل عليَّ بمثل هذا الظرف فكنت أدخل بعد صلاة الفجر قبل أن أذهب إلى الدكان ، أذهب إلى المكتبة الظاهرية ، وأبدأ بالقراءة والمطالعة و و إلى آخره ، وإذا انصرف الموظفون بعد الساعة المعيَّنة من الانصراف ساعة ستة أو سبعة على حسب التوقيت المحلي ، فأظلُّ هناك ، ثم المخطوطات هذا أمر لا يعرف قدرَه الا من جرَّبه ، ما أدري إذا كان عندكم - مثلًا - مكاتب عامَّة فيها مخطوطات ، وما هو نظام طلب المخطوطات للمراجعة ، النظام هناك في دمشق وأعتقد في كل مكاتب الدنيا ؛ لأنني قُدِّر لي أن أذهب إلى بريطانيا وأن أدخل المكتبة التي فيها مخطوطات قيِّمة ، فما يُمكن أن يعطوك أكثر من نسخة واحدة ، فتقرؤها وتنتهي منها ، وتقدِّم الكتاب وتقدِّم وصل طلب لكتاب ثاني ، وهكذا يضيع عليك كثير من الوقت في سبيل تحصيل نسخ أخرى أو كتب أخرى ، أما أنا فسخَّر الله لي شيئًا لا أتصور أنه يُسخَّر لإنسان في كل هذه الدنيا ، وهذه من عجائب تاريخ حياتي ، فقد فُتحت لي أبواب خزانة الكتب المخطوطة التي لا يدخلها إلا الموظف ، فكنت أضع السُّلَّم ؛ وين كتب التاريخ ؟ وين كتب التراجم ؟ أنقل السُّلَّم بيدي وأصعد عليه ، وأبحث عن الكتاب واحدًا بعد آخر ، فإذا حصَّلت طلبي نزلت به ودخلت غرفتي ، وانكبَبْت على قراءته ومطالعته ، وإذا أردت أن أطلب ما شئت من المخطوطات تأتي وتملأ هذه المخطوطات الطاولة التي بين يدي .

هذه أسباب لا تتيسَّر لإنسان ، أولًا : أنا حر في عملي ، ما أحد يسألني لم أغلقت محلَّك ؟ لست موظَّفًا عليَّ آمر ، فأنا أمير نفسي ، ثانيًا أذهب إلى المكتبة وأدرس هذه المخطوطات دراسة واسعة بكلِّ حرية لا يتسنَّى ذلك ولا أعرف أحدًا كان يتردَّد على المكتبة من ذوى العمائم البيضاء ، بل أنا كنت هناك كما ترونني هنا ، بل بهذا الزِّيِّ ؛ كأيِّ إنسان من أمثالكم ، أما هناك فالزِّي العربي قديم جدًّا ، مع ذلك فأنا مكبٌّ على عملي ، ومُرخَّص لي ما لا يُرخَّص يمكن لمدير المكتبة نفسها ، هذه أسباب يسَّرها الله - عز وجل - لي توفيق من الله - عز وجل - لأقوم بخدمة هذه السنة المطهرة ، فلما أعود - الشاهد - إلى هذا الكتاب " الروض النضير " آخذ على نفسي أشياء أتعجَّب الآن ولا عجب ، وكل إنسان لا بد أن يمرَّ بهذا الطريق ، لذلك أنصح ألا يتعجَّلنَّ بتأليف كتاب ونشره على الناس .

وأرى - وهذا أقوله بكل صراحة - أن أيَّ ردٍّ يصدر عليَّ فأنا أنتفع به ، ثم الجمهور ينتفع من ورائي ، لكن الناشر لا ينتفع به إذا كان بعد غبًّا لم ينضج ، وإنما يستفيد بعد أن ينضج بعلمه ، والذي أراه أن كثيرًا من إخواننا الناشئين الآن تصدر منهم كتب عبارة عن نقد ورد ، ولا تصدر منهم كتب لمعالجة بعض المواضيع التي لا نجد لها كتابًا منشورًا بين أيدي الناس ، فكثيرًا ما أُلفت كتب في الأذكار ليس فيها مزيَّة تُذكر حتى يُعادَ إيش ؟ النشر ، وإنما يأخذ من هنا بعض الأحاديث ، ومن هنا بعض الأحاديث ، وتأليف من ؟ فلان وتحقيق فلان ، أين التحقيق ؟ كل هذا عبارة عن جمع من هذه الكتب التي سُبِقْنا إليها بكثير ، لو أن إنسانًا ما ألَّف تأليفًا ما كما فعل بعض الأفاضل في اليمن الشيخ مقبل " صحيح الناسخ والمنسوخ " ولَّا إيش ؟ حدا بيعلمو ؟

السائل : ... .

الشيخ : نعم ؟

السائل : يمكن ... .

الشيخ : لا لا ، في أظن .

السائل : الناسخ والمنسوخ .

الشيخ : نعم ؟

السائل : الناسخ والمنسوخ .

الشيخ : هيك أذكر له كتاب ، هذا شيء مفيد ، ما في هيك شيء ؟

السائل : ... .

الشيخ : إيش هو ؟

السائل : " الصحيح المسند من أسباب النزول " .

الشيخ : " المسند في أسباب النزول " هذا صحيح ؛ لكن ... بلغني - أيضًا - ... .

السائل : " دلائل النبوة " .

الشيخ : نعم ؟

السائل : " دلائل النبوة " .

الشيخ : " دلائل النبوة " ، القصد أنه لو طرق طارق مثل هذه المواضيع التي لم يُسبق إليها قديمًا فهذا هو الذي ينفع ، أما مواضيع طُرقت أو انتقاد أخطاء بعض مَن سلف للنقد وليس بالمناسبة يأتي إنسان ويؤلف - مثلًا - مثل هذا " أسباب النزول " ما في مانع إذا جاءه حديث صحَّحه بعضهم فهو يبيِّن أنه ضعيف ، أما أن يتوجَّه للنقد وهو لم ينشر على العالم الإسلامي كتابًا ذو موضوع مختار فهذا في الحقيقة يجعل الناس يتساءلون لماذا هذا يتوجَّه إلى النقد ؟ ولا يوجِّه همَّته أن يجمع نوعًا من الأحاديث ويقرِّبها للناس ؛ أولًا : تصحيحًا ، وثانيًا : شرحًا وبيانًا إلى آخره ، فأنا نصيحتي أقول هذا في الشام في دمشق الشام لما كنت وكان حولي طبعًا بعض الطَّلبة الناشئين أمثالكم ، وكذلك في الأردن ، وكذلك في كل مكان ، إخواننا الناشئين في هذا المجال : هذا العلم لأمر ما أعرَضَ عنه جماهير العلماء ؛ تجد المفسِّرين بالمئات إن لم نقل بالألوف ، تجد الفقهاء ، تجد اللغويين ، تجد الأدباء عدد لا يحصيهم إلا الله ، لكن عدُّوا لي حفَّاظ الحديث النُّقَّاد في هذه القرون الأربعة عشر قرنًا ، يمكن لا يتجاوز عددهم أصابع اليدين ، لماذا ؟ أَلِسهولة هذا العلم كما يظنُّ اليوم الناشئة هاللي هاجوا هوجة واحدة ؟ لا ، إنما لصعوبته جدًّا ، والصعوبة تأتي من جوانب عديدة ؛ أهمها ضرورة كثرة المصادر ، أنتم - مثلًا - تلاحظون الحافظ السيوطي له كتب يعجب الإنسان كيف استطاع أن يجمع مادتها الغزيرة ، خذوا - مثلًا - كتابه " الدر المنثور في التفسير المأثور " ما الذي يسَّر له هذا الجمع مع أنه لا تحقيق فيه ؟ وأنا أقول الأن لو أن طالب علم قوي قام وحقَّق روايات هذا الكتاب لَنَفَعَ الناس نفعًا عظيمًا جدًّا لا يخفى على إنسان ، لأنه جمع ما هبَّ ودبَّ من روايات ، قسم كبير منها لا يصح ، بل وفيه بعض الموضوعات ، إلى الآن مضى منذ ألفه المؤلف إلى هذه الساعة لا أحد يتوجَّه إلى مثل هذا العمل ، قام - أيضًا - الشيخ مقبل - جزاه الله خيرًا - وما أدري إلى أين وصل ؟ وَصَلَنا نحن المجلد الأول من " تفسير ابن كثير " ؛ فهل صدر شيء آخر ؟

سائل آخر : ... .

الشيخ : ما صدر شيء آخر .

سائل آخر : ... .

الشيخ : سمعت هذا ؟

سائل آخر : نعم .

سائل آخر : يراجع تحقيق الجزء الأول .

الشيخ : نعم ؟

سائل آخر : يراجع تحقيق الجزء الأول .

الشيخ : الجزء الأول .

سائل آخر : إي نعم .

الشيخ : الشاهد : مثل هذا العمل لو كَمُلَ كان به فوائد كثيرة وكثير جدًّا ، وبخاصَّة أن بعض المعاصرين اليوم وهذا من شؤم التأليف في العصر الحاضر ممَّن لا يحسن هذا العلم ، فأنتم تعلمون - وأنا ما عندي محاباة - أن أحد مَن اختصر هذا الكتاب هو من إخواننا السلفيين في حلب ، أعني بالكتاب " تفسير ابن كثير " ، وهو الشيخ محمد نسيب الرفاعي ، ثم من بعده أو من قبله الله أعلم ، الشيخ الحلبي الآخر .

سائل آخر : محمد علي الصابوني .

الشيخ : محمد علي الصابوني ، نعم ، ركب مركبًا صعبًا جدًّا ، لا الأول ولا الثاني عندهما علم بالحديث إطلاقًا ، الأول والآخر وضعا مقدمة ، ونصُّوا في المقدمة أنهما اقتصرا في مختصرهما على الأحاديث الصحيحة ، لما يقرأ الانسان هذه المقدمة يعتبر أنه فتح كفتح خيبر ؛ لأن مثل هذا الكتاب إذا خٌدِمَ هذه الخدمة والله إنها خدمة جبارة وعظيمة جدًّا ، أما صاحبنا فأنا أعرفه أنه ليس في العير ولا في النفير ، أما الحلبي الثاني فأنا أعرفه أنه فقيه حنفي أشعري متعصِّب ، ولا أعرفه كان يحضر دروس أحد من أهل الحديث على قلَّتهم في تلك البلاد ، ثم تجد في مختصرهما الأحاديث الضعيفة والمنكرة ، بل وبعضها موضوعة ، وقد قُدِّمَ لها أنها كلها صحيحة لماذا ؟ لأنهم ليسوا علماء في هذا المجال ، قد يكون صاحبنا أقرب إلى أن يكون عالمًا بهذا العلم لأنه كان يحضر دروسي هناك لما كنت أذهب إلى حلب ، لكن كانت تلك الدورس دروس نظرية ، ولذلك ما تكفي الدروس النظرية في علم الحديث والجرح والتعديل ؛ لا بد من تطبيق هذا العلم بصورة خاصَّة ، وكل العلوم بصورة عامة تطبيقًا عمليًّا .

وزاد صاحبنا على بلديِّه الآخر ضغثًا على إبَّالة ووضع فهرسًا ووضع بذلك كل حديث صحيح صحيح صحيح حسن مرسل إلى آخره ، والواقع - كما ذكرت لكم - هذا اعتداء ؛ اعتداء على العلم ، وتشبُّع بما لم يُعطَ ، هذا لا يجوز في الإسلام ، ما الذي دفع هذين ؟ هناك عبارة تقول - ولو كانت هذه العبارة عليها ملامح الصوفية ، لكنها حقٌّ - : " حبُّ الظهور يقطع الظُّهور " ، فحبُّ الظهور الآن سمة - مع الأسف - وعلامة لكثير من الناس ؛ ولذلك أرى أن إخواننا الذين هم معنا على الخطِّ أن يكبحوا من جماح نفوسهم ، وألا يستعجلوا في نشر مؤلفاتهم ، وليؤلفوها وليضعوها عندهم ؛ فسينكشف لهم ما انكشف لي أنا في كتابي هذا " الروض النضير في ترتيب وتخريج معجم الطبراني الصغير " .

أضرب لكم مثلًا كيف يتطوَّر علم الإنسان ؛ أول شيء كنت كسائر المؤلفين جميعًا قديمًا وحديثًا ؛ كلما رأيت حديثًا فيه رجل وثَّقه ابن حبان خلص ابن حبان حافظ ، وقد وثَّقه ؛ إذًا الحديث صحيح ، على هذا مشيت في " الروض النضير " ، لكن مضيت شوط وإذا بي أتكشَّف شيئًا كنت له جاهلًا ؛ ما هو السبب ؟ السبب أنُّو ما كان عندي يومئذٍ " لسان الميزان " ، ما كان عندي ، وأنا بفضل الله يومئذٍ رجل فقير ؛ ما كان عندي من الأموال ما هو موجود عند كثيرين من إخواننا خاصة في هذه البلاد والحمد لله ، وكنت - وهذه من الأشياء التي فيها عبرة - أستعير الكتب من المكاتب ، أستعيرها وقد أستأجرها بالفلوس ؛ لأني لا أستطيع أن أؤلف أو أنشئ مكتبة .

الشاهد : لم يكن عندي لما بدأت بتخريج هذا الكتاب " الروض النضير " " لسان الميزان " ، ثم كتب الله لي أن وقفت على نسخة فاقتنيتها ، وإذا هو ينصُّ على قاعدة ابن حجر في التوثيق وأنه يوثِّق المجهولين ، الآن أخذت انتباهًا فنشرت كما قد تعلمون في كثير من كتبي أن توثيق ابن حبان لا يُوثق به لما قال ابن حجر وابن عبد الهادي في " الصارم المنكي " وغيره ، اقتنعت تمامًا أن ابن حبان متساهل في التوثيق ، ترى هل هذا التساهل قاعدة مطردة ؟ على هذا مشيت ، ولكن تبيَّن لي - أيضًا - أن هذا خطأ ، وأنا أعتقد أن مثلي كل طلبة العلم ، لكن الفرق بين أن يتنبَّه الإنسان قبل الآخرين أو يتأخر .

وأخيرًا - ولعلَّكم اطلعتم وهذا منذ بضع سنين - تكوَّن عندي شيء لم يكن في كثير من مؤلفاتي التي كنتُ فيها أنضج مما كنت في " الروض النضير " أن توثيق ابن حبان ولو تفرَّد في التوثيق ، وكان الذي وثَّقه قد روى عنه جمع من الثقات فقد وجدت بعد لأْيٍ أن الحافظ الذهبي والحافظ العسقلاني يقولون في مثله صدوق ، أو يقولون إنه ثقة ، وهكذا ينضح الإنسان مع استمراره ، ومن استعجل الأمر - كما قيل أيضًا من الحكم - : " من استعجل الشيء قبل أوانه ابتُلي بحرمانه " ، ومعذرةً فقد أطلْتُ ، وربما قد انصرفنا عن شيء مما هو أفيد مما سمعتم .
  • رحلة النور - شريط : 63
  • توقيت الفهرسة : 00:01:44
  • نسخة مدققة إملائيًّا

مواضيع متعلقة