حول توثيق بعض الأئمَّة وحالهم من جهة التشدد والتساهل والاعتدال ، وهل ابن سعد - مثلًا - في " الطبقات " هل هو متساهل ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
حول توثيق بعض الأئمَّة وحالهم من جهة التشدد والتساهل والاعتدال ، وهل ابن سعد - مثلًا - في " الطبقات " هل هو متساهل ؟
A-
A=
A+
السائل : هنا سؤال حول توثيق بعض الأئمة ، وأريد أن أعرف حالهم من جهة التشدد والتساهل والاعتدال ، مثلًا ابن سعد في " الطبقات " هل هو متساهل ؟

الشيخ : بالنسبة لبعض الأئمة متساهل .

السائل : بالنسبة لبعض الأئمة ؟

الشيخ : متساهل .

السائل : يعني إذا قُورن كلامه ببعض كلام الأئمة .

الشيخ : إي نعم .

السائل : طيب ، إذا انفرد بترجمة وليس فيها إلا توثيق ابن سعد ؛ ماذا نحكم على توثيقه ؟

الشيخ : نقبله مادام ليس له معارض .

السائل : ما دام ليس له معارض ، طيب ، إذا عُرف أنه متساهل يُقبل ؟

الشيخ : الجواب هو هو .

السائل : طيب ابن حبان عُلم أنه متساهل ولا يُقبل تفرده .

الشيخ : مكانك راوح ، لكن ليس هذا كهذا .

السائل : يعني تساهل هذا ليس كتساهل هذا ؟

الشيخ : طبعًا ، لأن ابن حزم أقام توثيقه على قاعدة خالف فيها جماهير علماء الحديث ، أما ذاك فلم يضع مثل هذه القاعدة حتى يفضح نفسه ، لكننا نحن بالتتبع نراه متساهلًا ، فإذا لم نجد من يعارضه قبلنا توثيقه حتى يتبيَّن لنا وهمه في التوثيق .

السائل : طيب ، العجلي نُصَّ على أنه يتساهل في توثيق المجاهيل ؟

الشيخ : هو كذلك .

السائل : فما الموضع الذي نصَّ هو على قاعدة عُلم منه هذا أم هو بالاستقراء ؟

الشيخ : هو الاستقراء ، لكن العجلي تساهله - أيضًا - بهذا الاستقراء ليس كابن حبان .

السائل : أسأل عن الخطيب ، الخطيب في " تاريخ بغداد " ، وفي كتبه الأخرى من ناحية التساهل والتشدد ؟

الشيخ : ما أعرفه إلا معتدلًا .

السائل : طيب ، وابن خُلفون ؟

الشيخ : ابن إيش ؟

سائل آخر : ابن خُلفون .

الشيخ : ما أعرف عنه شيئًا .

السائل : من جهة التساهل ؟

الشيخ : ما أعرف شيئًا .

السائل : والقاسم ابن مسلمة ، أو مسلمة بن القاسم - معذرة ! - ؟

الشيخ : هو إيش مصري هو ولَّا إيه ؟

الحلبي : أندلسي ، والله أعلم .

الشيخ : ابن القاسم هذا كتابه ليس بين أيدينا ، وإنما بين أيدينا نقول عنه كـ " التهذيب " و " اللسان " ونحو ذلك ، فما تكوَّنت عندي أنا شخصيًّا - أيضًا - بالنسبة إليه رأي ؛ هل هو من المتوسِّطين أم من المتشدِّدين أم المتساهلين ؟ لكن الذي وجدته ولمسته لمس اليد أننا بحاجة إلى توثيقاته ؛ لأنه في كثير من الأحيان يتكلَّم عن رجال لا نعرف عنهم شيئًا .

السائل : والدارقطني - رحمه الله - ؟

الشيخ : الدارقطني بلا شك هو إمام ، وليس ينسب لا إلى تشدد ولا إلى تساهل ، هذا اعتقادي فيه .

السائل : ابن عساكر ؟

الشيخ : ابن عساكر قلَّما يُنقل عنه توثيق ، فليس لي رأي خاص .

السائل : البيهقي ؟

الشيخ : البيهقي هو كالدارقطني .

السائل : طيب ، عبد الباقي ابن قانع ؟

الشيخ : ليس له كبير ذكر في كتب النقد والجرح ، فلا رأي عندي فيه .

السائل : أبو نعيم ؟

الشيخ : أبو نعيم الأصبهاني ؟

السائل : نعم .

الشيخ : ما عندي رأي متكوِّن عنه .

السائل : طيب ، بعض الطلبة في هذا الزمان يرى أحاديث في " صحيح البخاري " أو " مسلم " وفيها ما يبدو له أو فيما يقول مثلًا علة ، وهذا الحديث لم يتكلم فيه الحفاظ السابقون ، فإذا قيل له إن مثل هذا لا يتكلم في " الصحيحين " اللذين تلقَّتهم الأئمة بالقبول أو كذا وكذا ، قال : لا نكون كبني إسرائيل يعني يقيمون الحد على الضعيف ويتركون القوي .

الشيخ : كيف ؟

السائل : إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ؛ فما هي نصيحتكم لمثل هذا النوع وللطلبة جميعًا ؟

الشيخ : هذا ، جواب هذا يشبه جواب سبق ، حينما سألت عن شخص يخالف ابن حجر ، تذكر سؤالك ؟

السائل : إي نعم .

الشيخ : وكان جوابي ماذا ؟

السائل : أجبت بأن الحافظ له استقراء وله اطلاع وله فحص وبحث ، فمثلنا لا يستطيع أن يردَّ عليه ما لم يكن له .

الشيخ : لا أعني هذا ، الذي يخالف تصحيح ابن حجر أو تضعيفه ليس فيما يتعلق بتدليس شعبة ، والذين ذكرتهم ، سألت سؤالًا عن بعض الطلاب يجدون الحافظ ابن حجر يصحِّح وهذا الطالب يضعِّف ، أو على العكس ، يضعِّف ابن حجر حديثًا وهذا الطالب يصحِّحه ، كان جوابي وهو جواب سؤالك هذا الأخير أن هذا الطالب إذا كان يرى نفسه قد وصل إلى منزلة من العلم غيرَ مغترٍّ بنفسه بحيث يرى أن له الحق بعد وصوله إلى هذه المرتبة العالية من المعرفة بهذا العلم الشريف ؛ فله الحق أن يخالفه .

السائل : يخالف ما في " الصحيحين " وإن كان عالمًا ، وليس طالب علم فقط ؟

الشيخ : اسمع هذا يحتاج إلى شرح ؛ تذكرت هذا الجواب ؟ هو الجواب نفسه ، ولكن سؤالك هو لما ينقد أحد " الصحيحين " ينقده بناء على علم الجرح والتعديل ؟ ولَّا هوى وكيف ؟

السائل : لا ، على علم التراجم والتواريخ .

الشيخ : الآن نأتي بمثال ، حديث ما رواه البخاري ومسلم أو أحدهما فيجد فيه رجلًا اتفق العلماء على تضعيفه ، أو أكثر العلماء على تضعيفه ، وكان هذا التضعيف بسبب واضح ؛ أي : كان الجرح مفسَّرًا ، بناء على ذلك ضعَّف ذاك الحديث ، هذه الصورة تدخل في سؤالك أم لا ؟

السائل : هو هذا.

الشيخ : جميل جدًّا ، فأقول إذا هو اعتمد ليس على رأيه ، وإنما على العلماء الذين طعنوا في ثقة أحد رواة هذا الحديث .

السائل : نعم .

الشيخ : فله ذلك ، لكن بالشرط السابق ، إذا كان بلغ تلك المنزلة التي ذكرتها في جوابي السابق ، والذي أعدتها على مسامعك أخيرًا ، واضح ؟

السائل : واضح السؤال ، وأريد سؤالًا تابعًا له ، وهو نفس السؤال .

الشيخ : لا ، أنا أقول سؤالك واضح ، لكن أسألك جوابي واضح لديك ؟

السائل : واضح لي ، لكن أريد أن أستفسر حتى يعني .

الشيخ : ما في مانع ، تفضل .

السائل : معنى هذا أن " الصحيحين " عُرضة لكل من بلغت شوكته وقويت شوكته في العلم أن يتكلَّم في أحاديث لم يتكلم فيها الحفاظ السابقون ؟ وهذا الذي ينقل من كتب الجرح والتعديل تضعيف الأئمة لهذا الراوي هم الأئمة الذين تكلموا في هذا الراوي لم يتكلموا في حديث داخل " الصحيح " ، وقد مر عليهم " الصحيح " وسلَّموا به ، فلماذا ؟

الشيخ : قولك لم يتكلموا ، تعبيرك ليس دقيقًا .

السائل : لم ينقل إلينا ، أو لم نجده أو لم نقف عليه .

الشيخ : جميل جدًّا ، وأنت تعرف الفرق بين الأمرين ؟

السائل : بين ماذا ؟ إن لم نقف عليه ولم ينقل ؟

الشيخ : لا ، بين لم يتكلموا ...

السائل : فرق كبير .

الشيخ : فرق كبير .

السائل : كون لم أقف أنا ...

الشيخ : معليش فمع هذا الفرق الكبير يختلف الأمر بين قولك الأول وقولك الآخر ؟

السائل : في فرق نعم ويختلف ، يختلف الكلام لكن ...

الشيخ : كويس ، فعلى أيِّ القولين الآن أنت من قوليك تلحُّ علي وتبقى عليَّ حتى نُجيبَك عنه ؟

السائل : القول الذي أقوله أنا ، أنا أبحث ما استطعت في كتب أهل العلم .

الشيخ : ما أحتاج التفصيل ، اعتمد على قول من القولين السابقين حتى أجيبك ؟

السائل : يعني يسكت لا يتكلم في " الصحيحين " الذي لم يجد كلام الأئمة فيه .

الشيخ : مش هذا بارك الله فيك ، قلت آنفًا لم يتكلموا ، وقلت لاحقًا لا أعلم أنهم تكلموا .

السائل : قولي لا أعلم .

الشيخ : هذا هو الجواب - بارك الله فيك - ، طيب إذا كان تصرُّ على البقاء على كلمة لا أعلم ، وتعلم كما يعلم كل طالب علم بين ما لو قال : لم يتكلموا ، وبين لا أعلم أنهم تكلموا ؛ حينئذٍ ليس المحظور كبيرًا كما يتصور فيما إذا ظَلَلْتَ عند قولك الأخير لا أعلم ، جميل ، قول القائل لا أعلم هو علم ؟

السائل : علم فيما يخصُّ نفسه ، يعني يخبر عن نفسه أنه لا يعلم هذا الشيء ، نفي .

الشيخ : فهو علم ؟

السائل : لا ، ليس علمًا .

الشيخ : إذًا شو معنى اللف والدوران هذا بلا مؤاخذة في نفسه ولَّا في غيره ، ليس علمًا .

السائل : ليس علمًا .

الشيخ : مطلقًا ، طيب ، وحكمه على الحديث بالضعف بناء على أقوال أئمة الجرح والتعديل علم ؟

السائل : علم .

الشيخ : طيب فما الذي يُقدَّم ؟ آلعلم ؟

السائل : أنا قلت علمٌ في هذا الراوي ليس في الحديث .

الشيخ : وأنا أقول معك وقلت آنفًا ، هذا الطالب الذي ضعَّف الحديث بناء على أقوال أئمة الجرح والتعديل في أحد رواته ، فأنا معك في الموضوع ، هذا علم أم جهل ؟

السائل : علم ، هو علم .

الشيخ : ( يضحك الشيخ - رحمه الله - ) .

السائل : لكن ليس كافيًا في الحكم على ضعف الحديث وإن كان الراوي فيه ضعف .

الشيخ : لماذا ؟

السائل : لِمَا عُلم أن أصحاب الصحيح يخرجون الراوي الصحيح من الضعيف ، إما لما لهم من طرق ، أو لما اطلعوا عليه ، أو لما علموا أن له أصلا ، أو انتقوا من حديثه ، أو كذا أو كذا .

الشيخ : هل أفهم من كلامك تعني أن كل ما في " الصحيحين " صحيح لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ؟ أم فيه شيء قد يكون ليس صحيحًا ؟

السائل : الأحرف اليسيرة التي نصَّ عليها العلماء .

الشيخ : إذًا فيه شيء ؟

السائل : فيه شيء ، الأحرف اليسيرة التي نصَّ عليها الحُفَّاظ .

الشيخ : ومتى ينتهي دور العلماء ؟ في أيِّ قرن ؟

السائل : أنا أسأل عن هذا .

الشيخ : صحيح ؟

السائل : أنا أسأل صحيح .

الشيخ : أكيد أنت ؟ ( يضحك الشيخ - رحمه الله - ) .

السائل : أنا أسأل ، أنا لا أدافع الآن عن قولك ، ولكن أسأل وأريد أن أقف على أدلة كل فريق حتى أقف على الحق بدليله .

الشيخ : معليش ، لكن كيف تحول أنا السائل فتقول أنت تسأل ؟

السائل : أنا أسألكم عن هذا ؛ هل انتهى دور العلماء على ما جاء مثلًا ؟

الشيخ : هل سمعتم مثل هذا السؤال منه ؟ ما أحد سمع منك هذا السؤال ، ولَّا أنت تحكي باللاسلكي يعني ؟

السائل : أنا كلامي كله أسئلة ، أنا جئت وعندي أسئلة ما جئت أناقش مسائل جئت أسأل أسئلة .

الشيخ : أنا ما أنقم عليك يا أخي أنك تسأل وتكثر السؤال ، ففي هذا فائدة لي أولًا ثم للسامعين ثانيًا ، لكن عجبتُ منك أنا سألتك وإذا أنت تحوِّل أنك أنت السائل ، هذا الذي أستغربه - ( يضحك الشيخ - رحمه الله - ) - طيب الآن نطور السؤال : في قناعتك الشخصية والعلمية هل انتهى دور العلماء خَلَاص إلى يوم يبعثون ؟ ولَّا لا تزال الأمة فيها خير ؟

السائل : بخير إلى أن تقوم الساعة .

الشيخ : جزاك الله خير ، فإذًا ما انتهى دور العلماء ، لكن سؤالك يُوحي إليَّ بما هو طبعًا ليس بالوحي الرحماني ، يوحي إليَّ بأنه انقطع دور العلماء ؛ لأنك قيدت آنفًا حينما سألتك : هل كل أحاديث " الصحيحين " يعني مسلمة عندك ؟ قلت لا ، في بعض أشياء ، لكن هذا ببيان العلماء ، ولذلك اضطُررت فسألتك : يعني انتهى دور العلماء ؟ أخيرًا أنا حصَّلت على الجواب الذي أردته من سؤالي ، وهو أن الأمة الإسلامية لا تزال بخير ، هذه المسألة تشبه تمامًا ؛ هل انتهى دور الاجتهاد في المسائل الفقهية ؟ تعرف أنت الجواب عند المقلدة خَلَاص ، الاجتهاد بعد الأئمة الأربعة سُدَّ باب الاجتهاد في القرن الرابع من الهجرة .

ابن الصلاح - رحمه الله - وقع في نفس المشكلة ووقع في نفس المطبِّ الذي وقع فيه الفقهاء المقلدون حينما قال : ليس لنا أن نصحِّح أو نضعِّف ، وإنما علينا أن نتبع الذين صحَّحوا وضعَّفوا ، وردَّ عليه الإمام النووي - رحمه الله - بما هو الحق والصواب ، وذلك معروف - إن شاء الله - لديكم ، على هذا حبل البحث العلمي ينبغي أن يظل مستمرًّا إلى يوم القيمة ، إلى يوم لا يبقى على وجه الأرض من يقول لا إله إلا الله ، وإذ الأمر كذلك فلا يصحُّ أن نقيِّد ما ذكرت من القيد ؛ لأن العلماء - والحمد لله - موجودون في كل زمن في كل قرن ، وبهم تقوم حجة الله على عباده ، ولذلك فإذا كان هذا الطالب الذي تشير إليه متمكِّنًا في العلم كما أنا ذكرت ذلك صراحة فلا يضرُّه أن لا يعلم مَن سبقه إلى تضعيف حديث في " الصحيحين " مادام أنه ينقد بعلم ، وإذًا فعدم علمه جهل ؛ أي : عدم علمه بمن نقد جهل ، ونقده بعلم علم ، فيُقدَّم العلم على الجهل ، لكن المهم أن نلاحظ أن يكون متمكِّنًا في علم الحديث - بدّك تصبر علينا يا أخ - أن يكون متمكِّنًا في علم الحديث أولًا ، ثم في علم الشريعة ثانيًا ، لأنني أجد كثيرًا من الشباب اليوم الناشئ ينقد سواء من المتقدمين أو المتأخرين ، وهو لا يُحسن فهم بعض الأمور التي يُفترض أن تكون مفهومة لدى طلاب العلم ، فإذا كان هذا الطالب الناقد متمكِّنًا في هذا العلم فلن يضرَّه أنه لا يعلم من سبقه إلى التضعيف ما دام أنه يعتمد على علم الجرح والتعديل ، ويفهم الحديث ومعناه ودلالته ، ويحيط به علمًا من الناحية الفقهية ، ثم يخرج بذلك الحكم الذي لا يعلم من سبقه إليه ، بهذا الشرط يجوز له ، وإلا فلا .

تفضل .
  • رحلة الخير - شريط : 6
  • توقيت الفهرسة : 00:00:01
  • نسخة مدققة إملائيًّا

مواضيع متعلقة