رواية الضعفاء ، والحديث عن الجمع بين الإشارة بالأصبع وتحريكها ، ونصيحة لطلاب العلم أن لا يكتبوا ولا يؤلفوا إلا بعد نضجهم ومُكنتهم . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
رواية الضعفاء ، والحديث عن الجمع بين الإشارة بالأصبع وتحريكها ، ونصيحة لطلاب العلم أن لا يكتبوا ولا يؤلفوا إلا بعد نضجهم ومُكنتهم .
A-
A=
A+
الشيخ : لكن إذا ضُمَّ حديث حديث مسلم ارتقى من مرتبة الضعيف إلى الحسن ، فأنا ضربت الآن خمسة من هؤلاء الضعفاء ، هؤلاء الخمسة الضعفاء إذا رووا حديثًا وبلفظ واحد - أو على الأقل بمعنى واحد - فيكون النفس تطمئنُّ لهؤلاء الخمسة أكثر ما تطمئنُّ للثقة الحافظ ؛ فإن وقوع الخطأ من هؤلاء الخمسة ولو كان في كل واحد منهم ذلك الضَّعف النفس تطمئنُّ لإجماع هؤلاء على رواية حديث ما أكثر من ذاك الحديث الذي تفرَّد به الحافظ الواحد .

السائل : هذا ... على حديث زائدة بن قدامة في إشارات ؟

الشيخ : لأ ، لأنُّو المخالفة هنا في حديث زائدة ليست من ضعفاء ، وإنما من ثقات ، لكن هذا ثقة ثابت كما قيل في ترجمته من جهة ، ثم إن روايته للحديث بلفظ : " يحركها " لا تنافي ما رواه الثقات الآخرون لأنه أشار بأصبعه ؛ لأن الإشارة لا تُنافي التحريك ؛ لغةً يعني ، فمن هالمجموعتين أو النقطتين نخرج بنتيجة أن ما نقدِّم عمليًّا حديث زائدة بن قدامة على رواية الثقات الآخرين ، أما هنا المثال ثقة حافظ خالفَه - مثلًا - خمسة ، كلُّ فردٍ منهم ضعيف في حفظه ، فإذا اجتمع هؤلاء على رواية حديث ما على صورة مخالفة لذاك الحافظ الفرد الثقة فالنفس تطمئنُّ حين ذاك لهؤلاء الجماعة أكثر ، لكن ليس كذلك فيما لو كان ضعيف زائد ضعيف ما تطمئنُّ النفس بترجيح روايتهما على ذلك الثقة الفرد ، وبين هذا وهذا في الواقع مراتب ودرجات هي من دقائق علم الحديث التي قد تضطرب فيها الأفكار والآراء والاجتهادات ؛ لهذا ينبغي التريُّث كثيرًا في نقد العلماء الذين قد يُخالفوننا في هذا العصر نخالف كثيرًا من المتقدمين ؛ نخطِّئ أو نُوهن ؛ فحين ذاك ينبغي أن نتَّئد كثيرًا كثيرًا جدًّا ؛ لأن القضية نسبية تمامًا . - يرحمك الله - .

السائل : طيب ممكن نزيد النقطة ... يا شيخ ، كيف نجمع بين التحريك والإشارة ؟ أنت قلت الآن أنو لغةً ما في تضارب .

الشيخ : إي نعم .

السائل : عمليًّا كيف نوضح هذه ؟

الشيخ : ها ، لو رأيتني أقول بإمكان ... ما تقول أشار فلان إلى فلان أن يأتي ؟

السائل : نعم .

الشيخ : لكن ماذا أفعل ؟

السائل : يحرِّك .

الشيخ : هذا هو .

السائل : طيب ؛ من الناحية الأخرى لو قلنا لفلان ورينا وين مكان النجفة هاذي .

الشيخ : لو قلنا إيش ؟

السائل : ... لشخص ، أشر إلى مكان النجفة ... هل يمكن أن نعيِّن من هذه الحركة مكان النجفة ؟

الشيخ : لا ، لا يمكن ، لا يمكن بهذا اللفظ ؛ لأنه لم يشر ؛ لأن الذي فعل هكذا والهدف معيَّن ليس إشارة ، لكن لو رجعت إلى الأحاديث الواردة في سنَّة الجلوس للتشهد ؛ ألا تجد فيها أن الإشارة إلى القبلة ؟

السائل : نعم .

الشيخ : طيب ؛ هَيْ الإشارة إلى القبلة ، أشار أم لم يُشِرْ ؟

السائل : نعم .

الشيخ : ها ، بينما الإشارة التي أنت مثَّلت بها ليست إشارة ... ، أما هنا الإشارة إلى القبلة متحقِّقة هذا المعنى مع الجمع بين هذه الإشارة إلى القبلة وبين التحريك - أيضًا - ، ولذلك لا ينبغي التسرُّع ، هذا هو الشيء الذي أنا أقول فيه ينبغي الذي يريد أن يؤلِّف أن يكون عالمًا وفقيهًا ومحدِّثًا حتى ما يقع بشيء من الخطأ وينتشر هذا الخطأ ، ويصعب بعد ذلك أن يصحَّح أو يصوَّب ، ونحن نعلم كثيرًا من إخواننا الشباب اليوم هم لم يتمرَّسوا أولًا في علم الحديث ، ثم هم أبعد ما يكونون عن فقه الحديث ، وفقه الحديث في الواقع لا يُستفاد فقط من أن يعتمد الإنسان على اللغة العربية ولو كان في ذلك متينًا ، ويصلِّف فهمه لهذه اللغة على القرآن وعلى الحديث ؛ بل لا بدَّ من أن يدرس ما يسمَّى اليوم بالفقه المقارن ، هذا الفقه المقارن يمهِّد لطالب العلم السليم ليميِّز القول الراجح من الأقوال المرجوحة ، فنحن نعلم اليوم أن أكثر شبابنا المتحمِّس لعلم الحديث لا يعرف يكتب عبارة عربية كما ينبغي ؛ لأنه ناقص من هذه الزاوية ، وهو قد يلحن في تلاوة حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ مع أنهم ذكروا في علم المصطلح حينما ذكروا أنَّ من الواجب على طالب هذا العلم أن يكونَ على علم باللغة العربية وأدبها خشيةَ أن يلحنَ في حديث يرويه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فيقع في محذور ( من قال عليَّ ما لم أقل فليتبوَّأ مقعده من النار ) ، فلذلك أنا عندي مآخذ كثيرة وكثيرة جدًّا مما كُتب في العصر الحاضر ممَّن أنصحهم أن يكتبوا لأنفسهم ، ثم حينما يشعرون بنُضجهم في هذا العلم واجب عليهم أن ينشروه على العالم ليستفيدوا مما خصَّهم الله به من العلم ، أما مجرد ما بدت لأحدهم بعض الأفكار وبعض الملاحظات وهو لم يؤلِّف في زمانه رسالة ، وينشرها بين أهل العلم والفضل ؛ ليظهر لهم هل هذا من الذين يُعتمد عليهم في علمهم هذا أم هو لا يزال كما يُقال في سوريا بالرقراق ؟ تستعملون هذه الكلمة ولَّا لأ ؟ الرقراق تعرفون البحر .

السائل : ضحضاح .

الشيخ : آ ؟

السائل : يعني ضحضاح .

الشيخ : ضحضاح ؟ آ .

السائل : ... .

الشيخ : ... ومعنًى ، تمام . كلَّما قرب ماء البحر إلى الساحل كلما فاش وبقي إيش ؟ رقراقًا قليلًا ، هو لم يخض بعد البحر ، فهو على الرقراق على الساحل ، فكل إنسان كما قال - تعالى - : (( بل الإنسان على نفسه بصيرة )) فكل إنسان يريد أن يحاسب نفسه ، فأنا بدأت أتكلم آنفًا بالسيارة ثم لم يستمر كلامي ؛ لأننا كنا مشغولين بالسيارة .

عندي كتاب " الروض النضير " ، وهذا أعزو إليه كثيرًا ، وتمام اسمه " الروض النضير في ترتيب وتخريج معجم الطبراني الصغير " ، فهذا الكتاب يمكن أن يقال أول كتاب ألَّفته ، وهو في مجلدين ضخمين ، وألَّفته وسني دون الخامسة والعشرين ، لو نشرته لَأفاد الناس كثيرًا ولأقرَّ ... الاجتهاد من " معجم الطبراني الصغير " الذي كان مطبوعًا قديمًا في الهند طبعة حجرية ، تعرفون هذه الطبعات بتكون سيئة الخط ، وورق حفحاف ما تكاد تمسكه هكذا إلا ينهار ويتفتَّت ، ثم طبع في مصر أظن أحد أصحاب مكتبة - يمكن - السلفية في المدينة المنورة والله أعلم .

وأخيرًا .
  • رحلة النور - شريط : 16
  • توقيت الفهرسة : 00:36:05
  • نسخة مدققة إملائيًّا

مواضيع متعلقة