في بعض الأشرطة المسجَّلة لكم أنه لا يجوز للامام المسلم أن يقرأ القرآن في الميكرفون بالصلاة الجهرية ؛ فما الدليل ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
في بعض الأشرطة المسجَّلة لكم أنه لا يجوز للامام المسلم أن يقرأ القرآن في الميكرفون بالصلاة الجهرية ؛ فما الدليل ؟
A-
A=
A+
السائل : يقول : هنا يا شيخ ، ذكرتم في بعض الأشرطة المسجَّلة لكم ... أنه لا يجوز للإمام المسلم أن يقرأ القرآن في الميكرفون بالصلاة الجهرية ؛ فما الدليل ؟

الشيخ : أنا لم أقل هكذا ، في كلامي فيه دقَّة ، قلت شيئين اثنين ، لا يجوز إعلان الإقامة بالمذياع بحيث يُسمع خارج المسجد ؛ لأن الإقامة بإعلان أهل المسجد ، كذلك لا يجوز إذاعة قراءة الإمام بمكبِّر الصوت إلى خارج المسجد ؛ لأنه هناك أدب ذكرناه في بعض مجالسنا اليوم مأخوذ من قوله - تبارك وتعالى - : (( فإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون )) ، فمفاجأة الناس الذين ليسوا في صلاة ليسوا في المسجد وهم في أعمالهم وهم في دورهم وبيوتهم بقراءة القرآن جهرًا خارج المسجد فيه إيقاع للناس في الحرج ، فهم بين أحد أمرين : إما أن يعطِّلوا أعمالهم لأجل أن يتفرَّغوا لتحقيق الآية السابقة : (( فاستمعوا له وأنصتوا )) ، وإما أن يعرضوا عن تطبيق هذا الأمر الإلهي ويكون السبب في ذلك هو هذه الإذاعة التي خرجت عن حدود الواجب ، الواجب هو تسميع المصلين بالمسجد ، أما خارج المسجد فليس مكلَّفًا الإمام أن يُسمعهم ، سواء كان هذا الإسماع في الصلوات الخمس أو يوم الجمعة ، أما لو كان هناك درس ووعظ وليس فيه تلاوة القرآن إلا نادرًا جدًّا فلا بأس من ذلك ، فإذًا قول السائل أنني قلت لا يجوز أن يستعمل مكبر الصوت في قراءة القرآن ليس على إطلاقه ، يستعمله حسب الحاجة ، وقد قلت يومئذٍ بأنه في الأذان يستعمل مكبر الصوت وليسمع من بَعُدَ جدًّا جدًّا عن المسجد فهذا لا ضرر فيه ، أما القرآن الذي يجب أن يُتأدَّبَ معه وأن يُنصت وأن يسكت فهذا ينبغي أن يكون في حدود الموجودين في المسجد ؛ مثلًا هذا المسجد الذي صلينا فيه اليوم كان فيه صفين أو ثلاثة لا أدري ؛ فما الدَّاعي إلى أن يُلعلع صوت المؤذن يشمل المسجد كله ويشمل البيوتات المحيطة بالمسجد .

السائل : القارئ .

الشيخ : نعم ؟

السائل : القارئ وليس المؤذن .

الشيخ : القارئ .

السائل : المقيم يعني أو القارئ الصلاة .

الشيخ : نعم ، القارئ أو المقيم ، لا ينبغي رفع الصوت في القرآن في المسجد بحيث يخرج عن دائرة المسجد بما فيه من الحرج بالنسبة للسامعين الأذان ، كذلك الإقامة لا ضرورة أبدًا إلا تسميع مَن كان في المسجد ، ولذلك نجد في حديث أصل تشريع الأذان في قصة الرؤيا التي لا بدَّ أنكم سمعتموها أو قرأتموها ؛ أن المسلمين في أوَّل الأمر لم يكن يومئذٍ الأذانُ مشروعًا ، وإنما كان ينبِّه بعضهم بعضًا بكلمة : " الصلاة " ، أو " حضرت الصلاة " ، أو نحو ذلك ؛ كما يفعل بعض المسلمين حتى اليوم وبعد شرعية الأذان بهذه السنين الطويلة ، فجمعَ الرسول - عليه السلام - ناسًا من أصحابه اختارهم ليتشاورَ معهم في وسيلة يتَّخذونها لإعلام الناس بحضور وقت الصلاة ، فاختلفت الآراء في ذلك ؛ فما بين قائل باتِّخاذ نار عظيمة تلفت أنظار الناس وينتبهون بها لحضور وقت الصلاة ، فأبى ذلك - عليه الصلاة والسلام - ، وقال : ( هذا شعار المجوس ) ، وقال آخر : نضرب عليه بالبوق ، قال : ( هذا شعار اليهود ) . قال ثالث : نضرب عليه بالناقوس . قال : ( هذا شعار النصارى ) . وانفضَّ المجلس وبعد لم يتَّخذوا رأيًا ، أحدهم رأى في المنام كأنه يمشي في بعض طرق المدينة فرأى رجلًا في يده ناقوس ، قال له : أتبيعني هذا الناقوس يا عبد الله ؟ قال : لم ؟ قال : لنضرب عليه في أوقات الصلاة . قال : ألا أدلك على ما هو خير من ذلك ؟ فقام على جذمِ جذرٍ ، أي هناك كان جدار انهدمَ وبقي له أصل ؛ لأنا نعلم بالمشاهدة أن الجدار لما ينهدم يبقى له أصل مرتفعًا عن الأرض بعض الشيء ، فقام هذا الشخص على هذا الجَذْم - الأصل من الجدار - ، ووضع أصبعيه في أذنيه ، وأذَّن هذا الأذان المعروف حتى اليوم والحمد لله : " الله أكبر الله أكبر " ، إلى أن قال : " لا إله إلا الله " نزل من الجذم إلى الأرض وأقام الصلاة ، فنجد هنا فرقًا بين الأذان وبين الإقامة في أصل هذا الحديث الذي فيه شرعيَّة الأذان والإقامة بأوَّل الأمر .

فالإقامة - كما هو معلوم من كتب الحديث والفقه - لإعلام أهل المسجد بأن الصلاة قد أُقيمت ، أما الأذان فإعلام من كان خارج المسجد بأن الصلاة قد حضر وقتها ، فتهيَّؤوا لها ؛ حيَّ على الصلاة حيَّ على الصلاة لا يقول المؤذن هناك : قد قامت الصلاة ! وإنما يقول ذلك في المسجد ؛ لأن المُخاطب بالإقامة إنما هم أهل المسجد ؛ فإذًا ينبغي استعمال مكبِّر الصوت بحكمة ، وهي في الواقع نعمة خلقها الله - عز وجل - في هذا العصر الحاضر كما خلق لنا هذه الوسائل التي تيسِّر تسهيل العلم ونقله بأدنى جهد ووسيلة ، كذلك المذياع هذا ومكبِّر الصوت هو نعمة ولكن يجب أن يُوضع كل شيء في محله ، فالأذان يُذاع والإقامة لا تُذاع إلا في المسجد ، وقراءة القرآن - أيضًا - للإمام في المسجد وليس لخارج المسجد .

السائل : يا شيخ ، أنت مَن واجهْتَ نفس المشكلة لمَّا صلينا العشاء جمع تقديم بعد المغرب كان الإمام يصلي المغرب ، وكان صوته يعني يغبِّش علينا وعلى الإمام عليك كإمام أنت في الصلاة ؛ تذكره ؟

الشيخ : لا ما أذكر .

السائل : لمَّا صلينا العشاء .

الشيخ : وين صلينا ؟

السائل : لما صلينا جمع ، كان الإمام يقرأ المغرب ونحن نصلي العشاء جمع .

الشيخ : أي هذا مثال صحيح ، وهذا يعني ممَّا يؤكِّد أن هذه الإذاعة تشوِّش - أيضًا - على أهل البيوت الذين هم يكونون إما من النساء اللاتي لا يجب عليهنَّ أن يحضرْنَ المسجد او إن كان مثلنا كما يذكِّرنا الأخ جمال هنا من المسافرين لا يجب عليهم أن يحضروا المسجد ، لكن يجب عليه أن يصلي جماعة ، هؤلاء القوم المسافرين يجب عليهم أن يصلوا جماعة لكن ليس جماعة المسجد ، فإن حضروا جماعة المسجد فكالمسافرين الذين يصلُّون الجمعة فإذا صلُّوا جمعة - وهي غير واجبة عليهم - فقد سقطت عنهم فريضة الظهر ، وإن لم يصلُّوها فعليهم أن يصلوها جماعةً في رحالهم في منزلهم في أيِّ مكان آخر أدركتهم الصلاة ، فإذًا هذا مثال آخر يذكِّرنا به آنفًا ليثبت لكم ويؤكِّد لكم ضرر إذاعة قراءة الإمام في الصلاة إلى خارج المسجد .

نعم ؟
  • رحلة النور - شريط : 13
  • توقيت الفهرسة : 00:35:09
  • نسخة مدققة إملائيًّا

مواضيع متعلقة