بعض العلماء قد أخذه الغرور بعلمه ؛ فما الرأي فيهم ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
بعض العلماء قد أخذه الغرور بعلمه ؛ فما الرأي فيهم ؟
A-
A=
A+
الشيخ : ... ولكن عندي استدراك أو إضافة ؛ وهي - ونحن نلمس هذا لمس اليد - : قد يكون هذا المتبصِّر الذي أنا أفترض أنه من عامة المسلمين ، وأنت افترضت أن عنده شيء من الثقافة وقرأ بعض الكتب قد اغترَّ بنفسه ، ورفع رأسه إلى السماء ، ويقول - كما قيل قديمًا - : هؤلاء رجال ونحن رجال ، وليس العلم بالمحفوظ وهؤلاء المشايخ ، فهذا الغرور يشجِّعه على أن يُعطي لنفسه منزلة المرجِّح وليس عنده هذه القدوة أو هذه القدرة أن يرجِّح بين هذه الأقوال المختلفة ، فهذا يحزُّ في نفوس أولئك العلماء ويقولون : إيش أنت ؟ ومن أنت ؟ و وإلى آخره ، أما لو جاء متبصِّرًا مستفتيًا ومتواضعًا ليس مستعليًا ، ويقول مثلي مثلك ما في فرق ، أنت ...عشت عمرًا طويلًا بالعلم هذا لا يمنعني من أن أبدي رأيي ، هذا الاستعلاء وهذا التطاول هذا الذي يُمكن أن أتصوَّر أن أهل العلم ينكرونه على هؤلاء المُحدَثين في هذه الصَّحوة التي نفتخر جميعًا بوقوعها في العصر الحاضر ، لكني أنا أؤكِّد أن هذه الصحوة قد اقترنَ بها غفلة ، وهي غفلة أخلاقية ، والابتعاد من التربية الإسلامية ، فإذا اقترن الغرور مع طلب العلم كان فساد هذا العلم أكثر من صلاحه ، هذا الذي أردت أن أضمَّه إلى ما سبق ذكره .

السائل : أنا أريد أن أتكلم ... الذي لا يعاني من تلك الأمراض ، وتوكَّل في نفسه واقتنع برأي فريق من العلماء .

الشيخ : كويس .

السائل : فعندما يُسأل يا شيخ ماذا يقول ؟ هل يسكت ؟ خوفًا من أن عندما يكون فرضًا مسألة فيها واجب وفيها ... فيُقال : من أنت ؟ ... العلماء ، خوفًا من الوقوع ؟

الشيخ : هذا سؤال مهم ؛ هو إن كان ينظر إلى نفسه أنه من أهل العلم فواجبٌ عليه أن ينصح سائل عن العلم ، أما إن كان يرى حقيقة نفسه أنه ليس من أهل العلم ؛ فحسبه أن يرجِّح ما تطمئنُّ إليه نفسه وينشرح له صدره ، فإذا سُئِلَ عن مسألة فيقول : أنا لست عالمًا ، والله يقول : (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) ، هذا هو الموقف العدل الوسط الذي أنا أشرت إليه آنفًا ، له أن يتبصَّر ولكن ليس له أن يقدِّمَ علمه إلى غيره ، لأنه هو لا ينظر إلى نفسه أنه من أهل العلم ، وإلا ... فيه قوله - عليه السلام - : ( من سُئِلَ عن علمٍ فكتمه ؛ أُلجِمَ يوم القيامة بلجامٍ من نارٍ ) ، فله أن يرجِّح لخاصة نفسه ، وليس له أن يفتي العامة ، بل يُحيلهم إلى أهل العلم .

هذا هو جواب السؤال .

السائل : ينقل ... الحكم .

الشيخ : كيف ؟

السائل : ولا أن ينقلَ هذا الحكم ؟

الشيخ : هذا هو معنى أنه لا ... .

نعم ، تفضَّل .

السائل : في الأخير تمَّ الترجيح .

الشيخ : كيف ؟

السائل : تمَّ الترجح أنه اختار ( لا ضرر ولا ضرار ) ؛ فما هي الأداة التي جعلته رجَّحَ لا ضرر ولا ضرار ؟ مع أنه إذا دخل إلى العالم الآخر الذي يقول له أن الدخان تجري عليه الأحكام الخمسة فرأى في نفسه أنه لا يستطيع ، عقله لا يستطيع أن يستوعب هذا ؛ مع أن من الإمكان أن ... هذا العالم ؛ فكيف يختار لا ضرر ولا ضرار مع أنه يعني لا يستطيع أو لا يستوعب هذا الحكم الآخر ويكون هذا ... ؟

الشيخ : افترض نفسك في عهد الرسول - عليه الصلاة والسلام - ، وسمعت هذا الحديث منه ، ولا علمَ عندك بشيء آخر ، وعُرِضَ عليك ... وعرفت أنه مضرٌّ ومخدِّر و وإلى آخره ؛ ماذا تفعل ؟

السائل : نمتنع .

الشيخ : خلاص ، وهذا الذي فعله هذا الرجل العاجز ، فلنسمِّه عاجزًا تلخيصًا لكلامك .

السائل : لماذا يسأل عن الدليل ؟

الشيخ : سبحان الله ! ليكون على بصيرة .

السائل : طيب هو ... .

الشيخ : اسمع شوي ؛ ما هو ، نحن عندنا رجلان ، رجل يسأل العالم عن الدخان فيقول له : حرام ، وآخر يسأله نفس السؤال ويقول : حرام - أيضًا - لأنُّو ... ، لكن السائل الثاني يقول : ممكن أن تذكر لي الحجَّة التي استندت إليها في تحريمك للدخان ؟ هل هذا مُخطئ أم الأول هو المخطئ ؟

السائل : على حسب العقل ؛ يعني عقله هل يستطيع التحمُّل ؟

الشيخ : ما أجبتني ! خير الكلام ما قلَّ ودلَّ ، هنا رجلان كلاهما يسأل العالم سؤالًا واحدًا ، أحدهما أُجيب بأنه حرام ، فاكتفى ، والآخر ما اكتفى بهذا ، وإنما زاد أن سأل العالم - كما قلت آنفًا - : هل تستطيع أن تدلَّني أو أن تفهمني الحجة التي أنت اعتمدْتَ عليها ؟ فقال له : نعم ؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( لا ضرر ولا ضرار ) .

السائل : هو من طلبة العلم ؟

الشيخ : هو من عامة المسلمين من أجل خاطرك أنت ، من عامة المسلمين ، لكنه يفهم إيش معنى لا ضرر ولا ضرار ، ولو كان أعجميًّا لا يفهم اللغة العربية وذاك العالم الأعجمي المفروض فيه أنه يعرف اللغة العربية ، فيقول له : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( لا ضرر ولا ضرار ) ... لكن هو يشرح له إيش معنى هذا الكلام برطانَتِه الأعجمية ، آ ؟

السائل : نعم .

الشيخ : طيب ؛ الآن كنَّا مع العرب ونتكلَّم عن الأعاجم ، أيُّ الأعجميَّين أهدى سبيلًا وأقوم قيلًا ؛ آلثاني أم الأول ؟

السائل : الذي يسأل عن الدليل .

الشيخ : فإذًا - بارك الله فيك - المسألة ما تحتاج إلى كل هذه المعضلة .

السائل : لكن فيها حد ، حد أنه يستطيع أن يستوعبَ ما يقوله الشيخ ؛ يعني - مثلًا - نفرض أن من عامة المسلمين - مثلًا أعزَّكم الله الجميع - ... كلمة لا يفقه شيئًا ، فيأتي ويسأل عن الدخان ، أو يسأل : هل نقرأ الفاتحة وراء الإمام في الصلاة الجهرية أم لا ؟ يقول له : اقرأ أو لا تقرأ ، فإذا قال له العامي ... أو العام الذي لم يُخصَّص ، فإذا جاء هذا على هذا جمعنا ... العام المُطلق على العام المُخصَّص ... فماذا يفهم هذا ؟

الشيخ : لا يفهم هذا ، لكن .

السائل : ... .

الشيخ : اسمح لي ... ، هذا لا يفهم ، هل كل الناس لا يفهم ؟

السائل : في حد في المسألة .

الشيخ : الحد مين يحدده أنت ؟

السائل : لأ .

الشيخ : إذًا مين ؟

السائل : ... .

الشيخ : مين مين يلي بيحدده ؟

السائل : العالم .

الشيخ : لأ ، العالم ليس في باطن السائل ، السائل هو نفسه يا أخي ، وهذا المثال الأول هو من النوع الذي أنت تذكر ؛ يعني الذي قال حرام ولَّا حلال ؟ قال له : حرام ، وانطلق لا يلوي على شيء ، لماذا ؟ لأنُّو ما عندو هالخلفية العلمية أن يطلب الدليل ويطلب الحجَّة و وإلى آخره ، لكن ذاك ليس كهذا الأول ، ولذلك هو يسمع المزيد من العلم ؛ فلماذا نهتم أنه ليه هذا بيسأل عن الدليل ؟ يا أخي هنا رجلان ، أحدهما يريد أن يتبصَّر ؛ فإما أن يستطيع أن يصل للبصيرة أو يعجز عن ذلك ، أما ذاك ربما يستطيع ، ولا يهتم بهذه الاستطاعة ولا يتمسَّك بها ، لا شك أن من كان على بصيرة بدينه في حدود ما أعطاه الله من عقل وفهم وفكر ، أو علم إن كان عنده علم ، وإلا لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها .
  • رحلة النور - شريط : 12
  • توقيت الفهرسة : 00:00:21
  • نسخة مدققة إملائيًّا

مواضيع متعلقة