البحث في بعض الجمل والكلمات ؛ كقولهم : ( يا ساتر ، يا ستار ، أنا عند الله وعندك ، توكلنا على الله وعليك ، يأكل عندك الرحمن ، عند الرحمن ) ، وما شابهها ؛ هل تجوز أم لا ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
البحث في بعض الجمل والكلمات ؛ كقولهم : ( يا ساتر ، يا ستار ، أنا عند الله وعندك ، توكلنا على الله وعليك ، يأكل عندك الرحمن ، عند الرحمن ) ، وما شابهها ؛ هل تجوز أم لا ؟
A-
A=
A+
السائل : هناك بعض الجمل وبعض الكلمات وقع فيها كثير من الناس ، ونحن نبحث عن جوازها من عدمها ، قول قائل : يا ساتر ، أو يا ستار ، أو يا فتَّاح ، أو قال : أنا عند الله ثم عندك ، كأنه يلتزم من باب الالتزام ، أو قال : تفضل معنا قال : يأكل معك الرحمن ، أو قال : عندك الرحمن ، من هذه الكلمات ؟

الشيخ : هذه تُستعمل عندكم ؟

السائل : نعم .

الشيخ : عجيب ! نحن عندنا كلمات تضاهي هذه ، وكلها لا تجوز ، عندنا في سوريا يقولون : توكلنا على الله وعليك ، تستعملونها أنتم هنا ؟

السائل : لا .

الشيخ : ها ؛ الحمد لله ، لكن تلاحظون تستعمل كلمات مقابلها .

السائل : ... .

الشيخ : لا ، في كلمات خطيرة منها .

السائل : ... .

الشيخ : لأ ، في يا ستار .

السائل : ... .

الشيخ : هل من أسماء الله الستار ؟

السائل : نعم ؟

الشيخ : هل من أسماء الله ... ؟

السائل : ... .

الشيخ : المعنى عندكم كعندنا ، لكن البحث هل هذا من أسماء الله أم لا ؟ هذا هو .

السائل : ... .

الشيخ : لا لأ ، كيف بارك الله فيك ؟ يقول أهل العلم : " أسماء الله توقيفيَّة " ، إيش معنى توقيفيَّة ؟ يعني نحن لا نعرف أسماء الله إلا بإيقاف النبيِّ لنا عليها ؛ مفهوم هذا الكلام ؟ طيب ؛ نحن لا يجوز لنا أن نسمي الله - عز وجل - بما لم يسمِّ به هو نفسه أو يسمِّه به نبيُّه ، نحن لا يجوز لنا أن نسمِّي ربنا إلا بما سمَّى هو به نفسه أو سمَّاه نبيُّه به ، فالآن لا نجد في أسماء الله - عز وجل - إلا الستير ، أما الساتر أما الستار فلم يرد في أسمائه - تعالى - ، وإن كان المعنى المعنى صحيح ، يعني الآن لو قال قائل : إن الله - عز وجل - سخيٌّ غير بخيل ؛ هذا المعنى صحيح ولَّا لأ ؟

السائل : صحيح .

الشيخ : لكن لا يجوز أن نسمِّيَه سخيًّا ، وإنما نسميه بالاسم المرادف له لأنه سمَّى الله به نفسه على لسان نبيِّه - صلى الله عليه وسلم - ؛ ألا وهو الكريم ، والكريم والسَّخي في لغة العرب لفظان مترادفان يؤدِّيان إلى معنى واحد ، فكون السَّخي بمعنى الكريم لا يسوِّغ لنا أن نقول : يا سخي أكرمني ، تفضَّل عليَّ ، لكن نقول : يا كريم ؛ لأن أسماء الله توقيفية ، واضح هذا الكلام ؟

السائل : نعم .

الشيخ : كويس .

السائل : لكن بيقول لك ... .

الشيخ : بارك الله فيك .

السائل : ... .

الشيخ : نحن نتكلَّم عما يتعلق بالله مش عمَّا يتعلق بعباد الله ، أنا رأيت إنسانًا على خطأ فأستر عليه ما في مانع ، وأقول أنُّو الله يستر عليه - أيضًا - ما في مانع ، ما ستر عبدٌ مسلمٌ أخاه المسلم إلا ستره الله - عز وجل - ، لكن هل نشتقُّ من هذا الاسم اسمًا نُطلقه على الله ونقول إنه ساتر أو ستار ؟ لا ، وانما ما جاء في الحديث وهو قوله - عليه السلام - : ( إذا أتى أحدكم الخلاء فليستتر ، إن الله حييٌّ ستِّير يحبُّ من العبد أن يستتر ) ، حيي ستير ، فهذا الذي جاء ، إنما كلمة ستار وساتر مشهورة جدًّا .

فالشاهد أسماء الله توقيفة ، ربنا قال في القرآن الكريم : (( ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين )) ، فلا يجوز لنا أن نسمِّي الله بالماكر ، ولا يجوز أن نسميه بالمكَّار ؛ لأنه ما سمى بذلك نفسه ، لا نشتقُّ من هذا الاسم المركب ؛ (( والله خير الماكرين )) لا نشتقُّ منه اسم فاعل ماكر ، أو فعل مبالغة مكَّار ، لا ؛ لأن أسماء الله توقيفيَّة ، ما يجوز أن يقول - مثلًا - : الله عاقل ، مع أننا نحن نعتقد أنُّو ما هو مجنون بطبيعة الحال ، والعاقل هو إيش ؟ عكس المجنون ، لكن عندنا كلمة جاءت في القرآن الكريم وفي السنة يغنينا عن هذا الاسم ؛ وهو الحكيم العليم ... هذا معنى قولنا : أن أسماء الله توقيفية .

بعض هذه العبارات التي جاء السؤال عنها لا شك أنها خطأ ، فكما قلت لكم آنفًا عندنا في بعض البلاد السورية ما يُشابهها كمثل قولهم : يا ، إيش قلنا آنفًا ؟ منقول شيء آخر ، توكَّلنا على الله وعليك ، هذا شرك ، وما شاء الله وشئت شرك ، إي ، لكن العبارة الصحيحة ما شاء الله ثم شئت ، فأكثر العرب اليوم ما يفرِّقون بين ثم وبين واو العاطفة .

السائل : ... .

الشيخ : كلمة توكلنا على الله وعليك كفر ؛ لقوله - تعالى - : (( وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ )) ؛ أي : على الله وحده ، فهو يقول بغير مبالاة : توكلنا على الله وعليك ، متى بيقول له ؟ لأنه مش فاهم القضية ، أو بيقدم له شكوى ويريد أنه يسعى له في حلِّها ، بيقول له : على عيني ما عليك ، توكلنا على الله وعليك ، هذا شرك ، كذلك بيقولوا عندنا : إيد الله وإيدك . فهنا يرد بعض العبارات ... .

السائل : أنا عند الله ثم عندك ... داخل على الله ثم عليك ... هذي ... .

الشيخ : معليش ؛ لكن أنت لماذا تبحث في البدهيات وتدندن حولها وتترك ... .

السائل : ... .

الشيخ : بس أنت بتقول : دع هذه ، بينما هذه يجري البحث فيها .

السائل : اللفظ الصحيح ... أنا عند الله ثم عندك ... .

الشيخ : ... .

السائل : أو يقول - مثلًا - هذه العبارة الثانية : تفضل معنا يا شيخ ، يقول : أكلت معك ، أكل معك الرحمن ، أسأل عن هذا ، هذه هي - أحسن الله إليك - ... .

الشيخ : كيف العبارة الثانية ؟

السائل : قال : يأكل معك الرحمن ، يأكل عندك الرحمن ؟

الشيخ : إي ما فيها شي هَيْ ؟!

السائل : هذه العبارة ... ما أقول فيها شيء ... .

الشيخ : فيها شيء ولَّا ما في ؟

السائل : ما أعلم ... .

الشيخ : يأكل ؛ في الله يأكل ؟!

السائل : نحن نعم ؟ يأكل معك الرحمن .

الشيخ : يأكل ربنا - عز وجل - ؟ لا ، هذا كفر ، هذا تشبيه الخالق بالمخلوق ما يجوز . طيب ؛ غيره ؟

السائل : بعضهم يقول ، عندك الرحمن .

الشيخ : عندك الرحمن ؟

السائل : تفضل عندنا ، يقول : عندك الرحمن ... .

الشيخ : معليش ؛ خلينا نسمع تأويلها عند الوالد .

السائل : يقول : يا شيخ تفضل عندنا ... معنا ، قال : عندك الرحمن ؛ يعني يعتذر ما يبغى يجي ، ما تقول : لا ما ... ، يجيبها بلغة لطيفة .

الشيخ : معليش ، لكن شو معنى : عندك الرحمن ؟

السائل : يعني : الرحمن البركة ، الخير ... ما يقول : ... ما أقعد معك ، عندك الرحمن ... .

الشيخ : لكن كونه ما بدو يأتي كلمة قاسية بيقول كلمة ما تليق شرعًا ؟!

السائل : لأجل خاطره ، لأنها طيبة .

الشيخ : لأجل خاطره ، لكن نحن نصحِّح خاطره .

السائل : معليش ... إن كان فيها ذم ينهى عنها ... .

الشيخ : لا ما يجوز أن يقال : عندك الرحمن ؛ لأنه انظر الآن : أهل البدع يتَّهمون أهل الحديث والذين يتمسكون بما عليه السلف الصالح والذين يؤمنون بآيات الصفات وأحاديث الصفات يسمون هؤلاء مشبهة ، بيقولوا عنهم : مشبهة مجسِّمة ، لأنُّو عنَّا بيقولوا أنُّو نحن مجسِّمة ؛ لماذا ؟ لأننا نقول : (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) ، أي : استعلى استعلاءً يليق بكماله ، فإذا قلت أنت بتفسير هذه الآية : (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) استعلى ؛ أي : جلس على العرش فتحت باب الطعن فيك وتأييد قولهم بأنُّو أنتو مجسِّمة ! هذا القول : عندك الرحمن ، هم مش قادرين ... أنُّو نقول : (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) ، وهي آية نفسِّرها بما فسرها السلف ، أي : استعلى ، ينكرون المعنى لأنُّو عم يتوهموا أن هذا فيه تشبيه لله - عز وجل - كأنه جالس على العرش وهو غنيٌّ عن العالمين ، كيف لو سمعوا بهذا القول : عندك الرحمن ؟ يعني : عندك الرحمن ضيف ، عندك الرحمن جالس ؛ هذه معاني قبيحة جدًّا ، (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) ممكن تأويل هذا بمعنى جميل ، لكن من تأديب الرسول - عليه السلام - لأتباعه المؤمنين قوله : ( لا تكلَّمنَّ بكلامٍ تعتذر به عند الناس ) ، قال : أنا ما أقصد أن الرحمن هو بذاته - تعالى - عندك ، لكن أنا أقصد خيره ومعونته وبركته إلى آخره ؛ فهذا تأويل ، التأويل هذا ما فيه خير ، فإذًا ( إياك ) - في الحديث الآخر - ( إياك وما يُعتذر منه ) ؛ يعني : لا تتكلم بكلام أنت تحتاج إلى أن تقول : والله أنا قصدت كذا ، لا ، بلاها هَيْ الكلمة .

السائل : ( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ) .

الشيخ : أحسنت ، هذا هو .
  • رحلة النور - شريط : 5
  • توقيت الفهرسة : 00:03:25
  • نسخة مدققة إملائيًّا

مواضيع متعلقة