ما هو الضابط في رفع الجهالة عن الراوي ؟ أو ما هو أقل عدد ترفع به الجهالة عن الراوي ؟ مع بيان ضابط الحديث المتواتر ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما هو الضابط في رفع الجهالة عن الراوي ؟ أو ما هو أقل عدد ترفع به الجهالة عن الراوي ؟ مع بيان ضابط الحديث المتواتر ؟
A-
A=
A+
السائل : سؤال يا شيخ ، بالنسبة للكثرة هذه التي ترفع الجهالة أقلُّها كم ؟ الضابط الأقل هذه الكثرة ؟

الشيخ : تعني الرواة الموثَّق عند ابن حبان ؟

السائل : الذين يروون عن راو بحيث ترتفع جهالته .

الشيخ : كيف ؟

الحلبي : الرواة الذين إذا رووا عن مجهول ترتفع جهالته .

الشيخ : هذا الذي أنا بقول له .

الحلبي : كم عددهم ؟

الشيخ : أنا أقول له هذا الذي فهمته يعني الرواة الذين يروون عن الذي وثَّقه ابن حبان ، هذا هو سؤاله ، صحيح ؟

السائل : نعم .

الشيخ : يعني الذي يبدو لي أن المسألة ليس لها يعني نصاب وعدد معين ، لأنه أنت تتقبل الزيادة والنقص ، شأن هذه المسألة كشأن مسائل أخرى ، من ذلك مثلًا الموضوع الذي اختلف فيه علماء المصطلح كثيرة وكثيرًا جدًّا حينما بحثوا في الحديث المتواتر ، وحاولوا أن يضعوا له عددًا محدودًا ، متى يكون متواترًا ؟ منهم من قال أن يكون عدد الأحاديث التي جاءت من نحو أكثر من مائة طريق ، ثم نزل العدد عند بعضهم إلى عشرة من الرواة ، ثم لا يزالون مختلفين ؛ لأن القضية لا يمكن أن يوضع لها حدٌّ محدود .

والصواب في مسألة التواتر عندي كهذه المسألة التي أنت تسأل عنها تمامًا ، إذا تصورنا حديثًا رواه الخلفاء الأربعة ، وروى عن كل واحد منهم ثقة من التابعين ؛ كسعيد بن المسيب ونحوه ، فالنفس تطمئن إلى القطع بأن هذا الحديث صحيح يقينًا فهو متواتر ، والعدد الذين رووا هذا الحديث من الصحابة هو - مثلًا - ثلاثة أو أربعة ، وأن التعريف الجامع المانع الذي وضعه علماء الحديث هو ما رواه جمع عن جمع يستحيل تواطؤهم على الكذب ، ومما لا شك فيه ولا ريب فيه ؛ أنه إذا روى جمعٌ من الثقات مقطوع بثقتهم أن قوَّة هذه الرواية تكون بلا شك أقوى بكثير مما إذا رواه مثلهم عددًا ولكن توثيقهم ليس كتوثيق أولئك ؛ أي : توثيقهم راجح ، لكن ليس يقينًا ، فلا يكون عدد هؤلاء في إفادة التواتر واليقين كإفادة عدد الأول وهكذا .

كذلك إذا قلنا - مثلًا - : ومن شروط الحديث المتواتر عندهم أنه لا يُشترط تتبُّع ومعرفة ترجمة كل راوي من رواة الحديث المتواتر ، بحيث أنه إذا روى جماعة من الرواة المعروف ضعفهم في الحفظ رووا حديثًا وعددهم كثير وكثير جدًّا يصبح حديثهم - أيضًا - متواترًا ، مع أن أفراد هؤلاء الرواة هم ضعفاء في ذوات أنفسهم ، لذلك قالوا لا يُشترط في الحديث المتواتر معرفة تراجم هؤلاء الرواة ؛ لأن التواتر هو الذي جعل اليقين في نفس الباحث أنه يستحيل تواطؤهم على الكذب ، إذا عرفنا هذا التفاوت في الثقة والضبط والعدالة في عدد التواتر ، ولذلك فلا يمكن أن يُوضع له عدد محدود يُجمد ويوقف عنده ، إنما ذلك يختلف بالنسبة لثقة وعدالة وضبط هؤلاء الرواة للحديث المتواتر ، فقد يقلُّ وقد يكثر .

كذلك موضوعنا تمامًا إذا كان الراوي - مثلًا - من طبقة ابن لهيعة ، عن ذلك الرجل الذي وثقه ابن حبان ؛ فهنا النفس تتطلَّب زيادة العدد لأكثر مما لو كان الرواة عن ذاك الرجل الموثَّق عند ابن حبان من طبقة الليث بن سعد ، فإذًا المسألة يجب أن تُدرس في كل راوٍ دراسة موضوعية خاصة ، فلا يوضع لها عدد مسمَّى بحيث يشترك في معرفة هذا الراوي الذي تفرَّد بتوثيقه ابن حبان أنه من القسم المشهور ، أنه في زمرة المجهولين ؟ أم من هذا الاستثناء الذي قلناه آنفًا أنه ثقة بسبب رواية جماعة من الثقات وانتهى الأمر ؟

ليس الأمر كذلك ، وإنما كل راوٍ يتطلَّب دراسة خاصة من هم الذين رووا عنه ؟ فإن كانوا في نسبة الإمام الليث - مثلًا - من حيث الشهرة بالثقة والضبط والعلم ونحو ذلك ، فتكتفي النفس حينذاك بأن يكونوا ثلاثة أو أربعة ، أما أن كانوا بمثابة ابن لهيعة المعروف بسوء حفظه ؛ فحينئذٍ النفس تتطلَّب عددًا أكثر من ذاك العدد وهكذا .

نعم .
  • رحلة الخير - شريط : 4
  • توقيت الفهرسة : 00:47:40
  • نسخة مدققة إملائيًّا

مواضيع متعلقة