النَّصيحة للشَّباب الذين منَّ الله عليهم بالدعوة السَّلفية . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
النَّصيحة للشَّباب الذين منَّ الله عليهم بالدعوة السَّلفية .
A-
A=
A+
السائل : يا شيخ ، ما هي نصيحتك - بارك الله فيك - بالنسبة للشباب الذين منَّ الله عليهم بالدعوة السلفية ، والذين قد اتَّفقوا بالأصول ، ولكن عندما يفترقون ببعض الفروع تجدهم يتعادَون في ذلك ، وكذلك ما هي نصيحتك بالنسبة للشباب سواء الذين انضمُّوا للدعوات الإسلامية الأخرى ، أو الذين انضموا للدعوة السلفية ممن يعملون مظاهرات وهتافات ، وهل هذا من منهج السلف أم لا ؟

الشيخ : أما طلاب العلم الذين يدرسون الأصلَين - أصول الحديث وأصول الفقه - ؛ فهؤلاء عليهم أن يطبِّقوا الفروع على الأصول ، وألَّا يقلِّدوا أحدًا من خلق الله ، وإنما يستفيدون من كلِّ عالم من علماء السلف الذين كانوا على الكتاب والسنة ، ومنهج الصحابة ، والذين تبعوهم بإحسان ، هذه نصيحتي لطلاب العلم .

من جانب آخر يجب أن نبتعد عن التعصُّب الممقوت ، والتشدُّد المذموم ، وألَّا نتعادى ، ألا يُعادِيَ بعضنا بعضًا بسبب الحزبيَّة أو التكتُّل أو الانتماء لجماعة من الجماعات ، وينبغي أن نتناصحَ ونتواددَ ، وإذا رأينا بعض الناس بعيدين عن الكتاب والسنة عملًا ، وإن كانوا قد يلهجون بالانتساب إلى الكتاب والسنة قولًا ، إذا رأيناهم عملًا بعيدين عن ذلك ؛ فعلينا أن نترفَّقَ بهم ، وأن ندعوَهم أن يكونوا معنا لتطبيق ما ننتمي إليه جميعًا قولًا ، أن نجعلَه لنا منهجًا في حياتنا ندعوهم كما قال - تعالى - : (( ادعوا إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن )) ، أما هذه الهتافات التي تتبنَّاها بعض الجماعات ؛ فهذه في الحقيقة كما سبق من الإنكار السابق من التعارف ، فهو لم يكن في كلِّ القرون - لا أقول في السلف الصالح فقط الذين هم حجَّتنا ، وهم قدوتنا فقط - بل حتى القرون التي جاءت من بعدهم لم تكن فيه مثل هذه الهتافات ، إنما هذه الهتافات قلَّدنا فيه الغربيِّين والكفَّار والمشركين الذين ليس عندهم منهاج مُنزَّل من الله - تبارك وتعالى - ، فهم في كلِّ يوم في بدعة بل في ضلالة ، فعلى المسلمين أن يقتدوا فقط بما كان عليه السلف الصالح ، ولا يجدوا على ذلك شيئًا ، هذه الهتافات تذكِّرني بعادة أخرى لبعض الناس ؛ إذا دخلوا مجلسًا كان هذا المجلس - أو أهل هذا المجلس - جلوسًا بحيث يمكن أن هذا الداخل يصافح كل فرد من أفراد الجالسين ؛ فكلَّما سلَّم على فرد أتبعه بسلام آخر من فرد آخر ، وهكذا حتى ينتهي من مصافحة الجالسين كلهم ، هذه - أيضًا - بدعة ، وهي بدعة إضافية ؛ لأن السُّنَّة أن المسلم إذا دخل المجلس يُلقي سلامًا واحدًا ؛ " السلام عليكم ، السلام عليكم ورحمة الله ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته " ، إن تيسَّر له مصافحتهم فالمصافحة سنة ؛ لقول بعض الصحابة : " ما لقيَنا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - إلا وصافحنا " .

وهناك حديث في " سنن الترمذي " أذكره لتمام صلته بهذا الموضوع ، من باب - كما يقال - نرمي عصفورين بحجر واحد ، معناه يلتقي مع ما نحن فيه ، وإسناده ضعيف ؛ ألا وهو : ( من تمام التحية المصافحة ) ، فإذا دخل الداخل السنة أن يلقي سلامًا مرَّةً واحدة ، ثم إن تيسَّر له أن يُصافح الحاضرين فذلك أفضل وأفضل ؛ للحديث الصحيح الذي ذكرته آنفًا من فعله - عليه السلام - ولهذا الحديث الضعيف ، بمثل هذا الحديث الضعيف يمكن أن يُقال يُعمل به في فضائل الأعمال ، وهذه نقطة دقيقة وحسَّاسة جدًّا يغفل عنها القائلون بجواز القول بالحديث الضعيف ، لأنهم - للحديث الضعيف في فضائل الأعمال - لأنهم في الحقيقة إن أرادوا بهذه الكلمة يجوز الحديث يجوز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال ؛ أي : يجوز إثبات شرعية عمل ما وفضل هذا العمل بالحديث الضعيف ؛ فهذا لا يقوله عالم ؛ لأن فيه تشريعًا للحديث الضعيف ، والعلماء متَّفقون - إلا من شذَّ - من بعض المتأخرين - كبعض الغماريِّين وأمثالهم - ؛ حيث قالوا : يجوز إثبات الأحكام الشرعية بالأحاديث الضعيفة وزعم أنه لا ... ... ؛ أنهم أسَّسوا أحكامًا بأحاديث ضعيفة ، وغفل هذا أو تغافل - الله أعلم بنيَّته - بأن بعض الأئمة قد يُثبتون أحكامًا بدون حديث مطلقًا ، وإنما بالقياس ، وبغض النظر أن هذا القياس صحيح أو غير صحيح ؛ هذا شيء أخر ، فلا يجوز أن نقول إنهم يثبتون أحكامًا شرعية بالأحاديث الضعيفة ، فإذا كان الذين يقولون يجوز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال ؛ أي : تشريع أعمال لها فضل شرعًا بالحديث الضعيف ؛ فهذا لا يقوله عالم ما يقول ، أما إن كانوا يعنون يجوز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال التي ثبت شرعيَّتها ، ثبت شرعيَّتها بدليل يصلح للاحتجاج به شرعًا ، ثم جاء الحديث الضعيف يُثبت فضلًا لهذا الذي ثبت بالحديث الصحيح ؛ فلا مانع من ذلك ، وها هو المثال جاءكم عفو الخاطر ، " ما لقينا إلا وصافحنا " ، ( من تمام التحية المصافحة ) ، إذًا هو لمَّا لقيَهم بلا شك سلَّم عليهم ثمَّ صافحهم فـ ( من تمام التحية المصافحة ) ، لا بأس من المصافحة تمامًا للتحية ، لكن نحن ما نثبت هذا بالحديث الضعيف ، إنما نثبته من مجموع أحاديث فرضية إلقاء السلام - وأعني ما أقول - ؛ فرضية إلقاء السلام وليس سنِّيَّة إلقاء السلام ؛ لأن الرسول يقول : ( إذا لقيته فسلِّم عليه ) ، فلا بد أن الرسول حينما لقي أصحابه سلَّم عليهم ، ثم في هذا الحديث الذي ذكرناه " ما لقينا إلا وصافحنا " ؛ إذًا ثبت من مجموع هذين الحديثين - على الأقل - أن من تمام التحية المشروع المصافحة ، فإذا جاء مثل هذا الحديث وذكرناه مع بيان ضعفه ؛ فلا بأس من ذلك ، وهو مثال صالح لجواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال التي ثبتت - ليس بالحديث الضعيف - وإنما بالحديث الصحيح .

هذا ما يحضر جوابًا على السؤال السابق .

مواضيع متعلقة