لفظة : ( متعمِّدا ) من حديث : " من كذب عليَّ متعمِّدًا ؛ فليتبوَّأ مقعده من النار ) ، ما مدى صحتها ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
لفظة : ( متعمِّدا ) من حديث : " من كذب عليَّ متعمِّدًا ؛ فليتبوَّأ مقعده من النار ) ، ما مدى صحتها ؟
A-
A=
A+
السائل : في أسئلة عن بعض الأحاديث ، منها حديث : ( من كذب عليَّ متعمِّدًا ؛ فليتبوَّأ مقعده من النار ) ؟

الشيخ : نعم .

السائل : هل هذه اللفظة ( متعمِّدًا ) هذه واردة ؟ والبعض يقول أنه مو واردة يعني ... العموم ؟ وكذلك مرة يا شيخ - أيضًا - بعضهم يضعِّف حديث أسماء ، يقولون ضعيف ؟

الشيخ : نعم .

السائل : نعم .

الشيخ : أما حديث : ( من كذب عليَّ متعمِّدًا ) بلفظ ، بزيادة لفظ : ( متعمِّد ) ؛ فهي رواية صحيحة ، وقد كنت بيَّنت صحَّتها وردَدْتُ على من أنكرها بجهله العميق ، وهو المعروف بأبو ريَّة ، الذي له كتاب في الطعن في أبي هريرة - رضي الله عنه - ، كان زعم هناك أنُّو المحدثين بيرووا هذا الحديث بزيادة ( متعمِّدًا ) ، وهذه الزيادة غير صحيحة ، والرجل من أجهل الناس في علم الحديث وطرق الحديث ، فردَدْتُ عليه من ناحيتين ؛ الناحية الأولى أنه هذه الزيادة ثابتة في كثير من طرق الحديث ، وهذا الحديث من أشهر الأحاديث المتواترة ، وقد جاءت هذه اللفظة في عديد من الطرق ، وللحافظ الإمام الطبراني رسالة خاصة محفوظة عندنا في دمشق في المكتبة الظاهرية ، مخطوطة عنوانها : " طرق حديث : ( من كذب عليَّ متعمِّدًا ) " ؛ فهذه الزيادة صحيحة رواية ، ثم الروايات الأخرى التي لم تَرِدْ فيها هذه الزيادة هي من حيث المعنى بمعنى هذه الزيادة ، وهذا كله بيَّنته هناك ، وبيان هذا الآن ، الحديث : ( من كذب عليَّ ؛ فليتبوَّأ مقعده من النار ) بلاش كلمة إيه ؟ ( متعمِّدًا ) ، تُرى هل يعني الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - حينما قال : ( من كذب عليَّ ؛ فليتبوَّأ ) غير متعمِّد ؟ هل يمكن أن يعني الشارع الحكيم مؤاخذة الناسي أو المخطئ بمثل ما يُؤاخذ المتعمِّد ؟ هذا لا وجود له في الإسلام ، وفي القرآن (( ربَّنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا )) ، فلو أن رجلًا روى حكمةً ، فنسي وأخطأ ، وقال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، هذا الرجل من حيث الواقع كذب على الرسول - عليه السلام - ، لكن من ناحية شرعية يُقال له : ( فليتبوَّأ مقعده من النار ) ؟ الجواب : لا ، بل هذا لا تمسَّه النار بنصب ولا بعذاب ، ليه ؟ مرفوع عنه المؤاخذة ، كما قال - عليه الصلاة والسلام - في الحديث الصحيح : ( رُفع القلم على أو وُضع القلم عن الثلاث ، عن النائم حتى يستيقظ ، وعن الصبي حتى يبلغ ، وعن ) إيش الثالث ؟

السائل : المجنون .

الشيخ : نعم ؟

السائل : المجنون .

سائل آخر : ( رُفع عن أمتي الخطأ والنسيان ) .

الشيخ : لا لا ، هذاك غير يا أخي .

السائل : المجنون .

الشيخ : ( عن المجنون حتى يُفيق ) ، نعم ، فإذًا نلاحظ أن المؤاخذة إنما تكون بوجود القصد من الإنسان ، فإذا لم يتأكَّد لم يصدر منه شيء بالقصد ؛ فلا مؤاخذة عليه ، ولذلك كان هذا من يُسرِ الشريعة ، ونزل في ذلك الآية المعروفة حين قال الصحابة : (( ربَّنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا )) ، فنزلت الموافقة من السماء من ربِّ العالمين - سبحانه وتعالى - يقول : نعم - على لسان جبريل - ، ((ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا)) ، إذًا معنى حديث : ( من كذب عليَّ ؛ فليتبوَّأ ) أي : قاصدًا متعمِّدًا ليس مخطئًا ؛ لأن المخطئ ، مهما فعل فليس عليه إثم . لما أحد الصحابة قتل ذلك الكافر حينما صار تحت ضربة سيف المسلم ، وقال : " لا إله إلا الله " غلب على ظنِّه أنُّو قال هذا خوفًا من القتل ، فما بالَ به وقتله ، فالرسول - عليه السلام - ما آخذه المؤاخذة المعروفة ؛ بحيث أنُّو يُكلِّفه في ديَّة ، وإنما قال معلِّمًا له : ( هلَّا شقَقْت عن قلبه) ، علَّمه - عليه السلام - ، لكن لم يؤاخذه المؤاخذة التي تقع من مسلم يقتل مسلمًا عامدًا متعمِّدًا كان يقتله ، فإذًا قول هذا القائل أنُّو هذه الزيادة غير ثابتة ، هذا أولًا من جهله بطرق الحديث ، وبل من غفلته عن معنى الحديث بدون هذه الزيادة ، فهذه الزيادة معناها موجودة في الحديث ، سواء ثبتت أو لم تثبت ، من كذب عليَّ قاصدًا قطعًا ، أما من كذب عليَّ خطأ غير قاصد ؛ فلا مؤاخذة عليه أبدًا .

مواضيع متعلقة