السلفيون متَّهمون بأنهم لا يأخذون بفقه الأئمة الأربعة . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
السلفيون متَّهمون بأنهم لا يأخذون بفقه الأئمة الأربعة .
A-
A=
A+
السائل : بقيت فقرة صغيرة ، وهي يعني أن السلفيين متَّهمون بأنهم يعني لا يأخذون بفقه الأئمة الأربعة .

الشيخ : أيوا .

السائل : يعني يجرِّحون العلماء .

الشيخ : هذا ، هذه فرية مع الأسف الشديد ، وتزداد هذه الفرية إثمًا وعدوانًا أن تصدر على من ينشد إقامة الحياة الإسلامية ، كيف يستطيع ناس أن يقيم الحياة الإسلامية وهم يتَّهمون الأبرياء بما ليس فيهم ؟! إذا كان الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - يقول : ( الغيبة ذكرك أخاك بما يكره ) ، والغيبة معروف إثمها في القرآن (( يأكل لحم أخيه ميتًا )) ، فقيل له : أرأيت إن كان ما ذكرت ما فيه ، أرأيت ؟

السائل : أرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟

الشيخ : نعم .

السائل : أرأيت إن كان في أخيك ما تقول ؟

الشيخ : أيوا ، فقال - عليه السلام - : ( إن كان ما تقول فيه فقد اغتبته ) - فقد بهته - ( وإن لم يكن فيه ذلك فقد اغتبته ) . بهتَّه نعم . إذا لم يكن .

السائل : إن لم يكن فيه فقد بهتَّه ، وإذا فيه قد اغتبته .

الشيخ : نعم ، ( إذا لم يكن فيه فقد بهتَّه ) ، هو هذا .

فهذا البهتان أهم بكثير من الغيبة ؛ لأن الغيبة ( ذكرك أخاك بما يكره ) ، فكيف يتجرَّأ هؤلاء على اتِّهام الأبرياء ليس بما لا يقولونه ، بل بما يقولون بخلافه ، ويسطِّرونه في كتبهم ورسائلهم ، ومن ذلك هذه الرسالة التي بارك الله فيها ، وانتشرت في العالم الإسلامي عربيِّه وأعجمه ، وهي " صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - من التكبير الى التسليم كأنك تراها " ، لقد ذكرنا في مقدمة هذه الرسالة منهجَنا في تأليفنا لهذه الرسالة ، بل في منطلقنا في دعوتنا ؛ فقلنا نحن نحترم الأئمة أكثر من أولئك الذين يتظاهرون بأنهم يعظِّمون هؤلاء الأئمة ، ثم يتعصَّب أحدهم طيلة حياته لإمام واحد ، ولا يستفيد من علم الأئمة الآخرين ولو مسألة واحدة ، أما نحن فقد اتخذنا المنهج الذى وضعوه للمسلمين من بعدهم منهجًا لنا ، وأمرونا بألَّا نتخذ أقوالهم دينًا لنا ، بل قالوا لنا خذوا من حيث أخذنا ، وقولهم : " إذا صحَّ الحديث ؛ فهو مذهبي " أشهر من أن يُذكر ، فإذا كان أحدنا يأخذ بقول الإمام الفلاني لأنَّه قام الدليل على صحته ، ولم يأخذ بقول هذا الإمام نفسه في مسألة أخرى ؛ لأنه ما قام الدليل عليه ، بل أخذ بقول إمام آخر ؛ فمن أين أخذ هؤلاء بأننا نحن نطعن في الأئمة ولا نقدِّرهم ، نحن نعرف كيف هذا ؛ لأنهم يفهمون أن تقدير الإمام إنما هو أن تجعلَه كالمعصوم ، كيف أن الشيعة يقولون في أئمَّتهم إنهم معصومون ؛ كذلك لا يرضى هؤلاء إلا أن نعامل أئمتنا - أهل السنة والجماعة - بمثل هذه المعاملة التي فيها التصريح بالعصمة ، هم من فضلهم علينا أنَّهم قالوا لنا لسنا معصومين .

فأبو حنيفة يقول لتلميذه أبي يوسف - واسمه يعقوب - : " يا يعقوب ، لا تأخذ برأيي ؛ فإني أقول اليوم القول ، وأرجع عنه غدًا ، وإنما خذ من حيث أخذنا " ، والشافعي يقول : " ما من أحدٍ إلا وتخفى عليه سنَّة من سنة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فمهما أصَّلت من أصلٍ أو قلت من قولٍ ، وحديث رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بخلاف قولي ، فخذوا بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، واضربوا بقولي عرض الحائط " ، هذا إمام يقول عن قوله : " اضربوا به عرض الحائط " ! نحن ما نقول هكذا ، نحن نتأدَّب مع أئمتنا ، ونقول هذا رأيه ، وهذا اجتهاده ، وهو مأجور ، لكننا نرى أن القول الآخر الذي قاله الإمام الآخر هو الصواب ؛ بدليل كذا من كتاب أو من سنة أو من آثار عن سلفنا الصالح . فهذا - مع الأسف الشديد - من الظُّلم الذى يصيبنا ، لكن لساننا لسان حالنا يقول :

" إن أنت إلا إصبع دميت *** وفي سبيل الله ما لقيت‏ "

نعم .

مواضيع متعلقة