اطِّلاع الشيخ على إحدى الرسائل التي ردَّت عليه وتنبيهه على وجوب " التصفية والتربية " . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
اطِّلاع الشيخ على إحدى الرسائل التي ردَّت عليه وتنبيهه على وجوب " التصفية والتربية " .
A-
A=
A+
السائل : والرسالة اللّي فيها رد ... رد عليها .

الشيخ : أنا ما كنت واقفًا على الرسالة حتى يكونَ لي رد عليها ، في هذه السفرة وقفت على رسالة ، ويخلق الله فيما بعد ما لا تعلمون ، لكن لمَّا قرأتها ما وجدتُ فيها شيئًا جديدًا ، وأعود لأذكِّر بما قلت لك آنفًا ، إنما ذكرت من انتقد حديث : ( أكثروا ) قلت لك : تعرف المؤلف ؟ قلت : لا . وهذا شأن أكثر الطلاب اليوم ، مجرَّد أن يقفوا على رسالة وهم لا يعرفونه لا يعزون شيئًا عن المؤلف هل هو ابن اليوم ولَّا ابن الشهر ولَّا ابن السنة ولَّا ابن سنين ولَّا ابن نصف قرن من الزمان يشتغل في هذا العلم ؟! ما يعرفون شيئًا ، مجرد ما يقرؤون لإنسان تبلبلت أفكارهم .

اليوم فيه صحوة صح ، لكن يصحب هذه الصحوة قلَّة التربية ، وأعني بالتربية التربية الإسلامية ، ولي أنا كلمة قديمة منذ نحو عشرين سنة في علاج أمة أنها قائمة على ركيزتين اثنتين :

الأولى : أسمِّيها بالتصفية . الأخرى : بالتربية .

أعني بالتصفية هو ما انتبهَ له الآن كثير من الشباب ، وهو سبب ما يسمَّى بالصحوة ، أعني : بالتصفية محاولة الرجوع إلى الإسلام المُصفَّى من كلِّ ما دخل فيه ، فلو نظرنا في العقائد في التوحيد لَوجدنا كثيرًا من الأمور التي دخلت في هذا المجال الذي هو الأسُّ الأول من دين الإسلام لَوجدنا فيه أشياء تخالف الكتاب والسنة ، أما الشركيَّات والوثنيَّات التي لا تزال ضاربةً أطنابُها في كثير من البلاد الإسلامية - أظنُّكم على شيء من العلم في ذلك -، فمن لوازم هذا النوع من الدخيل في الإسلام الإخلال بالشهادتين شهادة أن لا إله إلا الله ، التي تستوجب وتستلزم إخلاص العبادة والدعاء لله وحده لا شريك له ، فقد أخلَّ بهذا جماهير المصلين في أكثر البلاد الإسلامية ؛ فهم يُنادون غير الله ، ويستغيثون بغير الله ، ويتوسَّلون بعباد الله ، هذا كلُّه دخيل في الإسلام ، وقد اقترنَ مع هذا الإخلال في الشهادة الأولى الإخلال في الشهادة الأخرى ؛ وأن محمدًا رسول الله . أين اعتقاد المسلم أين اعتقاد المسلم مخلصًا من قلبه أن محمدًا رسول الله يستلزم تفريده باتِّباعه دون سواه ؟ كما أن الشهادة الأولى تستلزم توحيد الله في عبادته ؛ فالشهادة الأخرى تستلزم إفراد الرسول في اتِّباعه ، أما اليوم فأكثر المسلمين لا يتَّبعون رسول الله ، بل لا علم لهم بما كان عليه رسول الله ، وإنما كلُّ واحد منهم يتَّبع إما شيخًا في الفقه ، أو شيخًا في السلوك - كما يزعمون - يعني التصوف ، كلُّ هذا وهذا انحراف عن العقيدة الصحيحة ، وهذا لا بدَّ من تصفية هذه العقيدة ممَّا يتعلق بهذا الجانب ؛ من الشهادة لله بالوحدانية ، ولنبيِّه بالرسالة .

كذلك من التصفية تصفية كتب التفسير ممَّا فيها - وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته - من الإسرائيليات . - أهلًا ، كيف حالك ؟ ... لو كمَّلتَ ... - .

أيضًا من التصفية - كما قلت - تصفية كتب التفسير ممَّا فيها من الروايات الإسرائيليات فضلًا عن الأحاديث المنكرة والواهية والموضوعة ، فكتب التفسير مشحونة شحنًا بمثل هذه الأحاديث والإسرائيليات ، كذلك كتب الحديث ، وكتب الرقائق والمواعظ ، فيها المئات بل الألوف من الأحاديث الضَّعيفة والموضوعة ، هذا كلُّه داخل تحت باب أو عنوان : ( التصفية )، والسِّر في هذا أنَّ الله - عز وجل - لما أنزل القرآن شفاءً لما في الصدور ، وتولَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيانَه للناس بأمر واضح من ربِّ الناس وهو قوله - تعالى - : (( وأنزلنا إليك الذكر لتبيِّن للناس ما نزل إليهم )) فإذا كان القرآن بشهادة القرآن نفسه إنَّما هو شفاء للناس ، وكان حديثه - عليه السلام - بيانًا لهذا الشفاء فإذا ما دخل في هذا الشفاء قرآنًا وسنَّةً ما ليس منه ؛ فلا شكَّ أن الشفاء حينذاك سوف لا تكون حصيلته كما كانت يوم كان القرآن كما أُنزل ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبيِّنه للناس مباشرةً يومئذٍ كان القرآن شفاءً للناس مائة في المائة ، أما فيما بعد فبنسبة ما يدخل في هذا الشفاء من العناصر التي تُنافي الشفاء - بل تأتي بالداء حينئذٍ - ؛ لا يكون الشفاء الذي كان قديمًا شفاءً تامًّا ، لا يكون فيما بعد شفاء تامًّا كذلك ؛ ولذلك كان من الضَّروري تصفية ما يتعلَّق بهذا الشفاء .

أما ما يتعلق بالقرآن ؛ فهو مصون وثابت بالتواتر كما تعلمون ، ولكن المشكلة التي وقع فيها الناس هو في تفسير القرآن تفسيرًا منحرفًا به عن البيان عن حديث الرسول - عليه الصلاة والسلام - .

أما ما يتعلَّق بالسنة ؛ فقد تعلمون - وآنفًا ذكرت - أنه دخل فيها ما ليس منها خلافًا للقرآن ، فالقرآن كنصٍّ هو محفوظ كما قال - عز وجل - : (( إنا نحن نزلنا الذكر )) أي: القرآن (( وإنا له لحافظون )) ، لكن الحديث لم يكن محفوظًا بنسبة حفظ القرآن ، وإنما حُفظ الحديث بجهود أئمة الإسلام وحفَّاظ الحديث النبوي ، ولكن من يعلم هذا الذي ذكره علماء الحديث من تمييز الصحيح من الضعيف إنَّما هم قلة من الناس ، قلة نادرة جدًّا . لذلك فحينما أقول لا بدَّ اليوم من إجراء تصفية ؛ هذا تفصيل موجز للمقصود من التصفية حتى يكون الشفاء شفاءً ناجعًا كما كان من قبل ، لأنَّكم تعلمون أنَّ الطبيبَ الماهر إذا وصف وصفة للمريض فيها نوع معيَّن من العلاج ، هذا النوع من العلاج إذا ما دخله ما ليس منه لم يُثمر ثمرته في الشفاء ، ذلك هو مثل الشفاء القرآني ، إذا دخل فيه سواء من ناحية تفسيره أو من ناحية ما دخل في بيانه أي : سنة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ممَّا ليس منه ؛ فسوف لا يكون - حينذاك - شفاؤه شفاءً تامًّا كاملًا .

هذه التربية - عفوًا - هذه التصفية فاءَ إليها الناس في العصر الحاضر ، وهو فيئة في أوَّل ما يستيقظ الإنسان من نومه ، تجد فيئة في أولها في أوَّل مراحلها ، ولذلك تجد كثيرًا من الناس الذين لم يكن يبالون - سابقًا - بالعلم ، لا يهتمُّون بقال الله قال رسول الله ، صار فيه الآن انتباه طيِّب ، قبل هذا ما كان الناس وهم أناس مثلنا مسلمون كلُّهم يصلون ويصومون كانوا في غفلة ، كانوا جامدين ، كلٌّ منهم على اتِّباع مذهب معين : هذا حنفي ، هذا مالكي ، هذا شافعي ، هذا حنبلي ، أضف إلى ذلك طرق أكثر بكثير من المذاهب الأربعة : هذا قادري ، هذا نقشبندي ، هذا بدوي ، هذا تيجاني ، وعُدَّ ما شئت من الطرق ، الآن بدأت هذه الصحوة بضرورة الرجوع إلى الكتاب والسنة . ولكن التربية أين هي ؟ ومن هو المربي ؟ إن قلنا أنه كان ولا يزال هناك مربُّون ؛ فهم على المنهج السابق ، وهو التربية على هذا الإسلام الذي هو غير مصفَّى .
  • فتاوى رابغ - شريط : 2
  • توقيت الفهرسة : 00:01:11
  • نسخة مدققة إملائيًّا

مواضيع متعلقة