معلوم أن الصحابة كلهم ثقات ، والثقة هو العدل الضابط ، أما العدالة فهي متحقِّقة فيهم بلا شك ؛ فكيف يمكن معرفة ضبطهم ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
معلوم أن الصحابة كلهم ثقات ، والثقة هو العدل الضابط ، أما العدالة فهي متحقِّقة فيهم بلا شك ؛ فكيف يمكن معرفة ضبطهم ؟
A-
A=
A+
السائل : السؤال الرابع : معروف أن الصحابة - رضوان الله تعالى عنهم - ثقات ، والثقة هو العدل الضابط ، ونحن نضمن العدالة في الصحابة ، لكن مَن يضمن لنا الضبط ؟

الشيخ : الذي يضمن لنا ضبط الصحابة هو الذي ضمن لنا ضبط مَن دون الصحابة ، هذا جوابه موجز ، لكن يبدو لي أنه لا بد له من شيء من التفصيل ؛ هو أن نعرف ما هي السبيل التي بها يتوصَّل العلماء إلى معرفة ضبط الرواة بصورة عامة ، وضبط رواة الصحابة بصورة خاصة ... أقول : السبيل هي واحد ، لكن من الغريب بقى أن يتوجَّه السؤال إلى : كيف نعرف ضبط الصحابة ؟ الجواب : طريقان لمعرفة ضبط الصحابة ولمعرفة ضبط التابعين فمَن بعدهم ، هذه الطريق هي تنحصر في ناحيتين ، الناحية الأولى إذا كان العارف تمكَّن من الاتصال شخصيًّا بالراوي ، فهو بسبب معاشرته للراوي يتبيَّن له عن كثب وعن قُرب إذا كان ضابطًا حافظًا أو لا ، فالتابعي - مثلًا - إذا لَقِيَ أبا هريرة وسمع كثرة أحاديثه لا سيَّما وأن أحاديثه لا تختلف ولا تضطرب مهما تعدَّدت المجالس وبعدت المسافات ؛ كما جاء في ترجمته أن أحد خلفاء بني أمية طَلَبَ منه أن يروي له أحاديث في مجلسه ، وأوعَزَ إلى أحد كتَّابه أن يكتب ما يحدِّث به خلسةً وخُفيةً عن أبي هريرة ، ثم بعد سنة من الزمان طلب منه أن يحدِّثه بما كان قد حدَّثه قبل سنة ، وأوعز للكاتب بأن يأخذ الأحاديث ... ويُقابلها بما يسمعه مجدَّدًا من أبي هريرة ، فتعجَّبوا جدًّا أنهم لم يجدوه أخلَّ أبو هريرة ولا بحرف واحد .

فهذه الناحية الأولى التي بها يتمكَّن العلماء من معرفة ضبط الراوي وهو الاتصال الشخصي ، ثم هذه المعلومات التي تصل إلى هؤلاء الأشخاص الذين تمكَّنوا من الاتصال مباشرةً بالرواة سواء كانوا من الصحابة أو التابعين فمعلوماتهم تصبح رواية تُنقل إلى من بعدهم حتى تُسجَّل في كتب الرواة ، والطريق الأخرى هي مما يتمكَّن بها أن يعرِفَ صاحبُها ضبط الراوي ولو كان بينه وبينه سنين أوَّلًا ... مطلقًا ، فهذه الطريق هي سبر أحاديثه وتتبُّعها ومقابلتها بأحاديث الجماهير من الرواة ، فإذا تبيَّنَ له أن هذه الأحاديث لا تعارُضَ ولا تضارُبَ في الرواية بينها وبين الأحاديث الأخرى ظهر أن هذا الراوي هو ضابط حافظ .

فهذه الطريق وتلك هما الطريقان اللَّتان بهما يتوصَّل علماء الحديث إلى معرفة ضبط الراوي ، ولا فرقَ في ذلك أن يكون هذا الراوي صحابيًّا أو تابعيًّا أو تابع التابعين .

مواضيع متعلقة