هل وسائل الدعوة توقيفية أم اجتهادية ؟ فهل يجوز استعمال كرة القدم في الدعوة ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
هل وسائل الدعوة توقيفية أم اجتهادية ؟ فهل يجوز استعمال كرة القدم في الدعوة ؟
A-
A=
A+
السائل : الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ، نبيِّنا محمد عليه من الله أفضل الصلاة وأتم التسليم ، وبعدُ :

أولًا : أحمد الله حمدًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه أن هيَّأ لنا هذه الفرصة الطيبة من لقاء شيخنا - حفظه الله تعالى ، وبارك لنا في عمره ، ومدَّه بقوة وصحة وعافية - ، ونشكر الشيخ - جزاه الله خيرًا - على تلبيته لهذه الدعوة ، ونسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يجعل كل ذلك في ميزان حسناته يوم القيامة .

هنا سؤال يقول : هل وسائل الدعوة إلى الله - تعالى - توقيفيَّة أم أنها اجتهاديَّة ؟ بمعنى أننا هل يجوز لنا - مثلًا - أن نتَّخذ كرة القدم وسيلةً وطريقة لجلب الشباب لاستقطابهم للدعوة إلى الله - تعالى - ؟ كذلك - مثلًا - أن نقيم موائد لإطعامهم وتقديم الشاي لهم بغرض استقطابهم ، وما إلى غير ذلك من الوسائل ؟

الشيخ : الجواب : لا نرى هذه الوسائل أنه يجوز اتِّخاذها وسائل دعوة ؛ ذلك لأنَّ بعضها على الأقل هي من الملاهي ، والملاهي كما جاء في حديث الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - فيما أخرجه الإمام النسائي في " السنن الكبرى " وغيره في غيره عن جابر بن عبد الله الأنصاري أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : ( كلُّ لهوٍ يلهو به ابن آدم باطل ؛ إلا مداعبته لزوجته ، ومداعبته لفرسه ، ورميه بقوسه ، والسباحة ) ، هذه أربعة أشياء ذكرَها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنها مُستثناة من الباطل ، مُستثناة من الملاهي الباطلة ؛ كل لهو يلهو به ابن آدم فهو باطل إلا هذه الأمور الأربعة ، فإذا جئنا إلى بعض الملاهي التي جدَّت في هذا العصر ، من ذلك - مثلًا - كرة السلة كما جاء في السؤال ، ونحوها كرة السلة والطاولة و و إلى آخره ؛ فحسبنا أن نسوِّغ تعاطيها بقصد هو قصد شرعي ، وهو تقوية البدن ، أما اتِّخاذ ذلك وسيلةً للدعوة ؛ فهذه أولًا طريقة أجنبيَّة عن الإسلام ، فقد مضى على المسلمين هذه القرون الطويلة ولم يُعرف فيهم أنَّهم اتخذوا اللهو ولو جعلناه لهوًا مباحًا سبيلًا في سبيل الدعوة .

ونحن نعلم جميعًا - إن شاء الله - أن هناك أمور تُمنع شرعًا من باب سدِّ الذريعة ، وليس المنع عن هذه الأمور لذاتها ، وإنما لأنَّه يُخشى منها أن تؤدِّي إلى ما هو مخالف للشرع ؛ سواءٌ كانت المخالفة من باب الكراهة أو من باب الحرمة ، وأجد أن هذا الذي نُشير إليه أن الشرع يمنع من بعض الوسائل - ولو أنها كانت في مرتبة الإباحة - إذا كان يُخشى أن تؤدِّي إلى ما هو داخل في باب الكراهة ؛ كأني ألمس أن هذا قد وقع في زمننا هذا حينما اتَّخذ بعضهم بعض الملاهي وسيلةً - زعموا ! - لتقريب الناس إلى الدعوة ، فكلُّكم يعلم أنه كان إلى عهدٍ قريب بعضُ الصوفية يتَّخذون الأغاني والعزف على بعض الآلات الموسيقية سببًا لجلب ضيوف إلى صوفيَّتهم ، وجرت ردود كثيرة بين أهل العلم وبين أهل التصوف في تحريم آلات الملاهي والطرب أو إباحتها ، فأهل الفقه والعلم لا شك أنَّهم كانوا مع ما يقتضيه نصُّ الكتاب والسنة من تحريم الملاهي ، بينما اتَّخذت الصوفية جانبًا آخر وذهبوا فيه إلى إباحة الملاهي ؛ حتَّى الضرب على الدُّف والطبل ونحو ذلك ، هذا معروف عن الصوفية قديمًا ، ولسنا بحاجة إلى أن نذكِّر بما هو معروف لديكم أنه منكر ، وكان من قبل الدعوة السلفية في كل البلاد الإسلامية تقريبًا أن تنبَّهَ جماهير الناس لبطلان دعوى المتصوِّفة في إباحة هذه الآلات ، فنشأ جيلٌ سلكوا مسلكًا وسطًا بين أولئك وهؤلاء ، فأوَّلوا أناشيد سمَّوها بأناشيد إسلامية .
  • فتاوى جدة - شريط : 16
  • توقيت الفهرسة : 01:26:24
  • نسخة مدققة إملائيًّا

مواضيع متعلقة