إذا جاء قول عن بعض الصحابة فهل نحن ملزمون بالأخذ به أم لا .؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
إذا جاء قول عن بعض الصحابة فهل نحن ملزمون بالأخذ به أم لا .؟
A-
A=
A+
الشيخ : إذا جاء قول عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فهل المسلمون ملزمون بالأخذ به أم لا ؟. الجواب إن كان قول ذاك الصحابي في حكم المرفوع بحيث لا يمكن أن يقال بالاجتهاد الذي يتعرض للخطأ تارة، وللصواب تارة أخرى، إذا كان في حكم المرفوع أُخذ به, وإلا ترك لقائله. هذا حكم الموقوفات على أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لا بد من النظر إليها , هل هي بحيث لا يقال إلا من توقيف كما ذكرنا لكم آنفاً عن ابن مسعود أنه قال : لما مات رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قلنا : السلام على النبي, هذا به خالف لأنه لا يمكن أن يتصرف في مراده عليه السلام لمجرد الرأي والاجتهاد. أما أن يأتينا قول عن صحابي، وممكن أن يكون هذا القول على البراءة الأصلية والأصل في الأشياء الإباحة، ويمكن أن لا يكون قد ورده النهي الناقل عن البراءة الأصلية إلى حكم جديد . الآثار التي جاءت موقوفة على أحد الصحابة قول ابن عباس رضي الله تعالى عنه, قال: نزل القرآن جملةً واحدةً إلى بيت العزة في سماء الدنيا, ثم نزل أنجماً مفرقا حسب الحوادث . انتهى حديث ابن عباس , أو نقول انتهى قول ابن عباس, هذا قول لم يقل فيه ابن عباس قال رسول الله أو سمعت رسول الله, فهل هذا يؤخذ به أم لا ؟. الجواب أن مثل هذا القول لا يمكن أن يقال بالرأي والاجتهاد وذلك لأنه يتحدث عن بعض الأمور الغيبية، ما يدري ابن عباس وهو لا يوحى إليه أن القرآن نزل كتلة واحدة, جملة واحدة إلى السماء الدنيا دون السماء الثانية أو غيرها, ثم ما يدريه أنه نزل إلى مكان يسمى ببيت العزة؟، هو من السماء الدنيا، هذه أمور غيبية لا طاقة للبشر أن يتحدثوا بها إلا رجماً بالغيب كما يفعل المنجمون والكهان والعرافون, وحاشا لابن عباس وهو ترجمان القرآن أن يتخرص وأن يتكلم رجما بالغيب، لذلك يقول العلماء إن هذا الأثر موقوف في حكم المرفوع، لأنه لا يمكن أن يقال بمجرد الرأي. فإذا عرفنا هذه القاعدة التي يجب إعمالها في الآثار الموقوفة, فبعضها تكون في حكم المرفوع وليس لنا خيرة في ردها، وبعضها لنا الخيرة في قبولها وفي ردها بشرط أن لا نخالف نصا مرفوعا، هذا الشرط هنا بالنسبة لفعل جابر-نقول بشرط أن لا نخالف- قد خالفنا إذا فعلنا فعل جابر قول الرسول عليه السلام الصريح: ( لا يصلين أحدكم وليس على عاتقيه من ثوبه شيء ) .أما التوفيق بين هذا الحديث وأثر جابر ممنوع من ناحيتين :الناحية الأولى: أنه إنما يوفق بين نصين ... أما وقد ذكرنا آنفاً أن أثر جابر موقوف ليس في حكم المرفوع فحينذاك نحن في حلٍّ من أن نوفق بينه وبين الحديث المرفوع؛ والشيء الثاني أن نون التأكيد المشددة المقرونة بالنهي: ( لا يصلين أحدهم وليس على عاتقيه من ثوبه شيء ) ، يمنع من ذاك التأويل ويحملنا على أن نجزم على أن هذا الحديث تضمن حكماً جديداً على الحكم السابق المعروف عند العلماء جميعاً وهو أنه يجب على المسلم أن يستر عورته من تحت السرة إلى الركبة، فقوله: ( لا يصلينَّ أحدكم ) ، نهي عن الصلاة وهذا يؤكد بطلان الصلاة، ما دام أنه لا يوجد حديث مرفوع عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- يضطرنا إلى نوفق بينه وبينه بوجه من وجوه التوفيق وهي كثيرة معروفة عند الفقهاء .

مواضيع متعلقة