ماهي الأمور أو الأولويات التي ينبغي أن يهتم بها طالب العلم و الداعية إلى الله.؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ماهي الأمور أو الأولويات التي ينبغي أن يهتم بها طالب العلم و الداعية إلى الله.؟
A-
A=
A+
السائل : السؤال الثاني: ما هي المواضيع أو الأولويات التي يجب أن يهتم بها ويقدمها طالب العلم عن غيرها ؟ وما هي الطريقة المثلى في الدعوة إلى الله تعالى ؟

الشيخ : أظن بعض هذا السؤال سبق, لكن لعله يبدو شيء آخر في الإجابة عن هذا السؤال، فأنا أقول بأن المسلم يجب أن يهتم بما هو الأهم كما قيل :

" العلم إن طلبته كثير *** والعمر عن تحصيله قصير "

" فقدم الأهم منه فالأهم "

يجب أن لا ننصاع لعواطفنا، ولرغبات الناس أو الشباب الذين يعيشون من حولنا، وأن نقدم لهم ما يحلوا لهم من الأحكام الشرعية، وإنما علينا أن نهتم بما يجب أن نعلمهم به على هدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي أُمرنا بالاقتداء به في قوله عزّ وجل: (( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ )) فلا يجوز أن نسكت عن الانحراف الذي أصاب العالم الإسلامي منذ قرون طويلة في فهم العقيدة المتعلقة بآية واحدة ألا وهي قوله تعالى: (( الم *** ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ *** الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ )) ، فيجب أن نفهمهم أن الإيمان بالغيب هو أول ركن من أركان الإيمان، وأن هذا الركن أول ما يدخل فيه هو الإيمان بالله عزّ وجل وملائكته وكتبه، كما جاء في الحديث المعروف، ولكن لا يكفي الإيمان المجمل، لا بد من التفصيل.

الإيمان بالله عزّ وجل كما نعلم جميعًا يشترك فيه كل أصحاب الديانات، سواء كانوا يهودا أو نصارى، ولكن دعوة الإسلام تفترق عنهم تماما في أنهم يفهمون الإيمان بالله عزّ وجل كما قال تعالى في الآية المعروفة : (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ )) ، وعلى هذا النهج يجب أن ندعُوَا المسلمين إلى الإيمان في حدود ما جاء في الكتاب والسنة أولاً، وبعيدا عن علم الكلام الذي سيطر على بعض المذاهب الإسلامية، كالأشاعرة والماتوريدية، وإن كان هؤلاء على خير كبير في بعض الجوانب الإيمانية, ولكنهم مع الأسف انحرفوا في بعض الجوانب الأخرى عن منهج السلف الصالح .

هذا الذي ينبغي أن يهتم الداعية بدعوة الشباب المسلم إليه، ثم كما قلنا الأهم فالأهم أن يُعلموا أن يُعرفوا بالصلاة وما يصلحها وما يفسدها ونحو ذلك.

أما الأسلوب في الدعوة : فلم يدع ربنا عزّ وجل مجالاً لأحد بعد قوله عزّ وجل : (( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ )) وهذا بلا شك أول ما يتطلب من الداعية أن يكون رحيما، وأن يكون شفيقا، وأن لا يشتد على المخالفين، ولا سيما إذا كانوا معه في أصل الدعوة - أي الكتاب والسنة - ولكنهم انحرفوا بعض الشيء في بعض النواحي, فيجب الرفق بهم كما جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من قوله في الحديث المعروف عن عائشة, وحسبنا منه الآن قوله لها : ( يا عائشة ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما كان العنف في شيء إلا شانه ) .

لكني أريد أن أذكر هنا بشيء يَغفُل عنه كثير من الناس - وأعني بهم بعض الدعاة - إن الرفق ولو أنه هو الأصل في الدعوة، ولكن ذلك لا يعني أنه لا ينبغي للداعية أن يستعمل الشدة أحيانا يضعها في موضعها المناسب لها، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي خوطب بقوله تبارك وتعالى : (( وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ )) مع ذلك نجد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان في بعض الأحيان يشتد على بعض المخالفين، ولو أن هؤلاء المخالفين ما كانوا يتعمدون الخطأ؛ ولكن لما كان الخطأ يتعلق بأمر هام بما يتعلق بالإيمان وبخاصة برب الأنام، كان عليه الصلاة والسلام يستعمل شيء من الشدة.

كلكم يعلم ما رواه الإمام أحمد في المسند بالسند الصحيح عن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خطب يوما في الصحابة، فقام رجل ليقول له : ما شاء الله وشئت يا رسول الله!، فقال له عليه السلام : ( أجعلتني لله نِدًّا؟!!، قل: ما شاء الله وحده ) ، هذه الشدة إذا وضعت في مكانها فهو من الحكمة، ولذلك فلا ينبغي أن نغتر, وأن نقول أن اللين دائما يجب أن ينبغي أن يكون سمة المسلم وصفته؛ لا, هذه هي الصفة الغالبة, لكن أحيانا لا بد من وضع الشدة في مكانها المناسب.

وأخيراً: آتي بمثال من أحاديث الرسول عليه السلام وهو قوله : ( من تعزى بعزى الجاهلية فأعضوه بِهَنِ أبيه ) ، هذا تعبير قد لا يستسيغه كثير من الناس, ولكن من كان يؤمن بالله ورسوله حقاً، وعرف أن هذا الحديث نطق به الرسول صلى الله عليه وسلم, حينئذ سيكون هذا الحديث من جملة الأدلة أن الشدة أحيانا في محلها هي عين الحكمة، ما معنى الحديث : ( من تعزى بعزى الجاهلية فأعضوه بِهَنِ أبيه ) ؟.

أي من تفاخر بآبائه في الجاهلية الذين كانوا في الشرك وماتوا في الشرك، فهذا قولوا له: تعض كذا، تعض كذا, يعني العضو، هذا هو الهَنْ المكني عنه بهذه العبارة اللطيفة في حديث الرسول، لكنه يقول لنا: ( أعضوه بهن أبيه ) هذا شدة بلا شك, ولكنها هي الحكمة. هذا الذي أردت أيضا أن ألحقه بهذا السؤال. هل هناك شيء آخر.?

السائل : فيه سؤال يا شيخ .

الشيخ : تفضل .

مواضيع متعلقة