نريد كلمة توجيهية للدعاة خصوصاً بعد أن ظهرت في بعض البلدان جماعة تسمى بـ جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟ نريد إرشادا وتوجيها في تنظيم العمل الجماعي . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
نريد كلمة توجيهية للدعاة خصوصاً بعد أن ظهرت في بعض البلدان جماعة تسمى بـ جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟ نريد إرشادا وتوجيها في تنظيم العمل الجماعي .
A-
A=
A+
السائل : السؤال الثاني نرجو من فضيلتكم نصيحة للشباب خاصة في بعض مناهج الدعوة إلى الله تعالى ؛ لأن الشباب يملكون قوى جبارة ويريدون استفراغ ما يملكون من هذه القوة في سبيل إرضاء الله تعالى ؛ لكنهم قد لا يعرفون السبل التي تبلغهم رضى الله تبارك وتعالى ؛ لقد ظهرت في بلدنا جماعة تسمت بجماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعمل هذه الجماعة أن تذهب مثلا إلى حانة ستنهى صاحبها فإن لم ينته كسرت كل شيء ونريد كلمة حول تنظيم العمل الجماعي ، هذا وجزاكم الله خيرا .

الشيخ : إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ؛ أما بعد ! فوصيتي لإخواننا الشباب المسلم في كل نواحي البلاد الإسلامية أمران اثنان ، أولهما أن يتوجهوا للتفقه في دين الله تبارك وتعالى على ضوء الكتاب والسنة وأن لا يستعجلوا الأمور قبل أوانها ؛ فقد قيل: " من استعجل الأمر قبل أوانه ابتلي بحرمانه " ، ونحن نشاهد اليوم أن هؤلاء الشباب المتحمسين لا يكادون يتعلمون إلا قليلا من العلم وإذا بهم يرون أنفسهم قد أصبحوا أهل الحل والعقد والأمر والنهي ويترتب من وراء ذلك بسبب ضئالة علمهم أن لا يحسنوا القيام ببعض الواجبات الكفائية والتي ليست هي بالواجبات العينية كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومن المعلوم شرعا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يجب أن يكون أيضا بالمعروف وليس بالشيء المنكر وليس من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يترتب وراء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مفسدة كبرى هي أكبر من المصلحة أو المفسدة من المصلحة التي يريدون تحقيقها أو المفسدة التي يريدون القضاء عليها ؛ فإذا ترتب من وراء ذلك الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر تلك المفسدة الكبرى فهنا يقول أهل العلم أنه لا يجوز المبادرة إلى مثل ذلك الأمر بالمعروف ، وإلى مثل ذلك النهي عن المنكر ؛ فإذا أمروا بالمعروف فيجب أن يكون أمرهم بالمعروف وإذا نهوا عن المنكر فيجب أن يكون كذلك نهيهم عن المنكر بالمعروف ؛ والمعروف بلا شك إنما يكون إذا كان موافقا للكتاب والسنة ومن المقرر عند أهل العلم أنه إذا دار الأمر بين مفسدتين إحداهما أكبر من الأخرى ارتكبت الصغرى في سبيل دفع الكبرى بها ومما يستدل على ذلك قصة أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعائشة أن تصلي الصلاة في الحجر لما رأت النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخل جوف الكعبة وصلى فيها ركعتين فأرادت هي رضي الله عنها أن تقتدي بنبيها وأن تدخل إلى جوف كعبة ربها فقال لها عليه الصلاة والسلام: ( صلي في الحجر فإنه من البيت وإن قومك لما قصرت بهم النفقة أخرجوا الحجر من البيت ولولا أن قومك حديثي عهد بالشرك لهدمت الكعبة ولبنيتها على أساس ابراهيم عليه السلام ولجعلت لها بابين مع الأرض بابا يدخلون منه وبابا يخرجون منه ) ؛ فلم يغير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بناء الكعبة على ما تركته عليه أهل الجاهلية وهو قاصر عن البناء الذي كان ابراهيم عليه السلام أقام قواعده عليها ؛ فمع ذلك فقد أعرض الرسول عليه السلام عن تجديد بناء الكعبة خشية أن تثور في بعض الناس فتنة تردهم عن كثير من دينهم وإذا كان الأمر كذلك أي كان من الواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمعروف شرعا ؛ فأرى أنه يجب على القائمين بهذه الفريضة فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبخاصة في بعض الدول بل لا بأس أن نقول في كل الدول الإسلامية التي لا تسمح لأفراد المسلمين أن يقوموا بهذه الحسبة وبهذا الواجب ؛ ولذلك نحن ننصحهم أن يكتفوا من الأمر بالمعروف بما لا يترتب من وراءه ضرر سواء كان هذا الضرر يمس الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر أو يمس آخرين ممن يتحمسون لهم أو عليهم ؛ لذلك فهذه الصورة التي سمعتها آنفا وهي في بلادكم وما أعتقد أن بلادكم أصبحت في التعبير العصري اليوم ديمقراطية بمعنى أنه يسمح فيها بأن يتصرف كل فرد على ما يرى من حريته ، والآخرين أيضا يسمحون لهم بأن يفعلوا ما شاءوا ؛ هذا بلا شك مما لم تصل إليه الدول العربية بل ولا الدول الغربية لأن هذه الصورة فيها اعتداء مباشر على المواقعين والمنتهكين لحرمات الله تبارك وتعالى ؛ ولذلك فنحن ننصح لهؤلاء الشباب أن يكتفوا ما دام الأمر حتى الآن مع الأسف لا يسمح للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يغير المنكر بالمرتبة الأولى التي جعلها الرسول عليه السلام أولى المراتب الثلاثة في قوله الصحيح المشهور عنه: ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ) ، لا شك أن تغيير المنكر باليد له آثار عظيمة ومفيدة جدا في المجتمع الإسلامي ؛ ولكن مع الأسف الشديد إن مجتمعنا اليوم ليس مجتمعا إسلاميا ما دامت الدول لا تحكم الإسلام فيما يقع بين أفراد المسلمين من مخالفات ومن منازعات ونحن نعرف بالتجربة الواقعة في العصر الحاضر أن مثل هذا التقدم أو مثل هذه الجرأة في تغيير المنكر باليد وبكسر الأشياء المحرمة في مثل هذه البلاد التي نحياها اليوم والتي لا تحكم شرع الله تعود نتيجة ذلك بنقيض ما يريده أهل الإصلاح ، أهل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، تكون النتيجة أن هذا الحماس ستنطفئ شعلته بسبب معاكسة الدولة لهؤلاء الشباب المتحمسين بحيث أنهم يضطرونهم في نهاية الأمر إلى أن يقبعوا في دورهم وأن لا يأمروا بالمعروف حتى ولو بالكلمة الطيبة ؛ لذلك أنصح لهؤلاء الشباب في كل البلاد الإسلامية أن يأمروا بالمعروف أمرا لا يترتب من ورائه مفسدة كبرى ؛ هذا ما عندي جوابا عن هذا السؤال .

مواضيع متعلقة