ما هو الضابط في فعل السنن المداومة عليها أو تركها أحياناً ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما هو الضابط في فعل السنن المداومة عليها أو تركها أحياناً ؟
A-
A=
A+
السائل : ذكر ابن تيمية رحمه الله أن من السنة الصلاة مثلا في صبح يوم الجمعة قراءة الإمام لسورة السجدة وسورة الإنسان وذكر أنه ينبغي على الإمام أن ينوع تارة حتى لا يظن الناس أنها فرض ؛ لكن ما هو الضابط الذي نفرق به مثلا في قضية جلسة الاستراحة فهل نتركها تارة حتى لا يظن الناس فريضتها انطلاقا من هذا المنطلق ؟

الشيخ : المسألة هذه أو تلك تختلف باختلاف الجو الذي يكون فيه ، الذي يكلف أن يترك هذه أو تلك أحيانا بمعنى إذا كان الإمام يعيش في جو علمي حوله طلبة من طلبة العلم وهم دائما يتلقون العلم الصحيح من هذا الإمام ؛ فهؤلاء ليسوا بحاجة إلى مثل هذا الترك الذي أمر به أو رآه شيخ الإسلام ابن تيمية ؛ وبالتالي لا ينبغي عليه أن نترك مثلا جلسة الاستراحة لأنهم يعلمون أنها سنة ولا يمكن أن يلقى في بالهم أنها فريضة ؛ لكن إذا كنا في جو آخر يغلب عليه الجهل وعدم الاهتمام بالأحكام الشرعية ويغلب على ظن الإمام أمران لا بد من ملاحظتهما ، أولا : الجو ، ثانيا : ظن الإمام ؛ يغلب على ظنه أن الذين يقتدون به في الصلاة هم يقتدون به في كل حركاته وسكناته وأنهم هم أتبع له كما يقال قديما من ظله ، هنا يخشى أن يقع المنكر الذي أشار إليه ابن تيمية ؛ لكن هل ترى لهذا وجودا في زماننا هذا ؟ لا ما في داعي له ؛

السائل : السنة ضايعة .

الشيخ : آه ، لكن أحيانا قد تحقق هذه القضية مع مرور الزمن فتصبح بعض الأمور مع مضي الزمن تصبح في أذهان الناس كالأمور الواجبة وهي ليست كذلك فهنا يأتي رأي ابن تيمية وهذا الرأي لا يتفرد به ابن تيمية رحمه الله فقد قرأته في كتب الحنفية يوم نشأت ودرست الفقه الحنفي فقد نصوا بخصوص آية السجدة يوم الجمعة أو سورة السجدة أنه ينبغي على الإمام أحيانا أن يتركها حتى لا يظن العامة فريضتها ، وهذا التنبيه كان في محله وعندي تجربتان ، تجربة تتعلق بي شخصيا ، وتجربة وقعت في أكبر مسجد في دمشق وهو المسجد الأموي لابد أتيتم دمشق يوما ما ؟

السائل : ما أتيت .

الشيخ : ما أتيتم ، هذا أكبر مسجد في سوريا ؛ فالإمام مرة صلى هناك صبح الجمعة فلم يقرأ سورة السجدة فثار العامة عليه بعد الصلاة وقالوا له أبطلت الصلاة وكذا وإلى آخره ؛ لأنه استقر في أذهانهم أن هذا لا يجوز تركه ؛ أما ما يتعلق بي أنا شخصيا فوقعت لي القصة الآتية العجيبة الطريفة في عندنا قرية تبعد عن دمشق نحو خمسين كيلو متر ، هي مصيف من المصايف ، جبل ؛ فكنت مصيف هناك ونزلت صبح الجمعة إلى المسجد لصلاة الفجر فاتفق أن الإمام لم يحضر فنظروا فوجدوا شابا ملتحيا فحسنوا الظن بي فقدموني فصليت بهم ، أنا يومئذ كنت أشعر بأني لا أحسن حفظ سورة السجدة دون ارتجاج فرأيت أن أتركها إلى ما أنا أحفظه من القرآن الكريم ؛ فابتدأت في الركعة الأولى بسورة مريم عليها السلام : (( كهيعص ... )) إلى آخره قرأت منها صفحتين فلما ركعت وإذا بالناس خلفي كلهم يسجدون ، ... ، وتعرف أن كل المساجد مع الأسف فيها المنبر الذي يقطع الصلاة الذين خلفي انتبهوا لخطأهم فقاموا واداركوا الأمر وشاركوني في الركوع ، أما الذين خلف المنبر إلى الجهة اليمين لم يزالوا ساجدين حتى سمعوا قولي " سمع الله لمن حمده " وهناك بدأت الشوشرة والكلام والصياح إلى آخره ، بعد الصلاة طبعا أنا وعظتهم وذكرتهم ، بقي في ذهني كلمات قلتها يومئذ ، قلت لهم " يا جماعة أنتم عجم ولا عرب ؟ لو كنتم عجما كنتم فرقتم بين ألف لام ميم ، وبين كاف ها يا عين صاد ؛ لكن يبدو أن عقولكم ليست في الصلاة إنما هي وراء الزرع والضرع والبقر " ؛ فهناك في هذه الحادثة بالنسبة إلي ردت لي الحكمة التي كنت قرأتها بالمذهب الحنفي وقال بها ابن تيمية ؛ المهم إن هذه الملاحظة التي أبداها شيخ الإسلام لا تترد وإنما ينظر للملابسات التي تحيط بالمصلين وبشعور الإمام .

مواضيع متعلقة