كلمة للشيخ حول تقسيم بعض أصحاب الأحزاب أن الاسلام ينقسم إلى قشور ولباب . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
كلمة للشيخ حول تقسيم بعض أصحاب الأحزاب أن الاسلام ينقسم إلى قشور ولباب .
A-
A=
A+
الشيخ : جاهز
السائل : نعم
الشيخ : إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل افلا هادي له وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمد عبده ورسوله . أما بعد ؛ فإننا في زمان قليل علماؤه كثير خطباءه ، ومن هؤلاء بعض الذين ينتمون إلى بعض الأحزاب الإسلامية ويدعون أنهم من الدعاة إلى الإسلام ، وفي سبيل دعوتهم هذه ، قد يستبيحون استعمال عبارات لا تضيق استعمالها وإطلاقها على الشرع وأحكامه ، من ذلك أن بعضهم يقسمون الأحكام الشرعية والمسائل الفقهية ، إلى قسمين إثنين ويعبرون عنهما بقولهم : أن قسمًا منها لبًا والقسم الآخر قشرًا .
الذي أريد أن أذكر به بين يدي الدخول في المسألة ، و هو مقدمة وجيزة وهي أنه أولًا : لا يجوز للمسلم أن يقسم الإسلام إلى تعبيران غير مشروعين ، أن نقول : الإسلام قشر ولب . وأن على المسلمين أن يهتموا باللب دون القشر .
هذا التقسيم ما أنزل الله به من سلطان ، بل هو ضرب للإسلام من حيث يشعرون أو لا يشعرون . نعم الإسلام فيه أحكام مختلفة كما تعلمون ، من الفرض إلى الأمر المدد ، هذه حقائق مشروعة ، لكن اللب الذي هو من العبادات ، أدناها منزلة وفضيلة عند الله مع ذلك لا يجوز تسميتها بالقشر .
وذلك لأن المقصود بهذه التسمية هو الخفض من قيمة هذا الذي يسمونه بالقشر ، نقول نحن نقول : المندوب أو المستحب .
وكلنا يعلم أن الله عز وجل ببالغ حكمته حينما شرع الإسلام على مراتب كما ذكرنا أنفًا من الفرض إلى الندب ، لم يكن ذلك إلا بحكمة بالغة . ولعل منا يوضح هذا المعنى قوله عليه الصلاة و السلام : (أول ما يُحاسب العبد يوم القيامة الصلاة ، فأن تمت فقد أفلح وأنجح ، وأن نقصت قال الله عز وجل و هنا الشاهد : انظروا هل لعبدي من تطوع فتتم له به فريضته) الشاهد هنا ، انظروا هل لعبدي من تطوع والتطوع هو التنفل ،يعني ما ليس بفرض ، هل له من تطوع فتتمون به فريضته أي : إن المسلم وهو مطبوع على كما قال عليه الصلاة والسلام : (كل ابن آدم خطّاء وخير الخطائين التوابون ) . فلابد من أن الإنسان أن يقع في بعض العصيان هكذا ، طبع الله بني الإنسان خلافًا للملائكة الذين وصفهم بقوله تبارك وتعالى في القرآن : (( لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ )) أما الإنسان فقد طبعوا على خلاف ذلك حتى قال عيه الصلاة والسلام : ( لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم ) . أي : طبيعة الإنسان أن يقع في المعصية ولكن ليس من رغبات الشارع الحكيم أن يقنع هذا الإنسان بالمعصية و انما إن وقع فيها أن يتابعها بالإنابة والرجوع إلى الله تبارك وتعالى والاستغفار والتوبة فإذاً إذا كان من كبيرة الإنسان أن يعصي الرحمن وأن ذلك مما لابد منه ، لذلك أنه قد يخل بالعبادة بالصلاة مثلًا ، وهذا الإخلال قد يكون تارة كمًا وتارة يكون كيفًا ، وأظنكم تعلمون معي ما الفرق بين الكم والكيف ؟ أما الكم فكلنا يعلم أن الله عز وجل فرض على كل مسلم بالغ مكلف خمس صلوات في كل يوم وليلة ، فقد يهمل صلاة أو أكثر . هذا قصر في الكم ، وقد يكون حريصًا على المحافظة على صلاة الخمس كما هو مشابه الحمد لله كثير من الناس ، لكن لجهلهم بالشرع أو بالسنة فهم يقعون في النقص في الكيف ، وليس في الكم فهم محافظون على الصلوات الخمس ، كما نعلم ولكن قد تكون صلاتهم هذه ناقصة وقد يكون النقص في ركن من الأركان ، أو في واجب من الواجبات أو في سنة أو مستحبة من المستحبات ، هذا كله نقص في الكيف وهذا قلما ينجو منه مصلي إلا من شاء الله وقليل ما هم كثير من الناس يصلون مع محافظتهم على الصلوات الخمس ، لا يطمئنون في الصلاة ، يسارعون فيها . وقد قال عليه الصلاة والسلام : ( لا تجزئ صلاة رجل لا يقيم صلبه بين ركوعه وسجوده ) هذا صلى ولكنه ما صلى ، كما جاء في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان ذات يوم في المسجد ، وحينما دخل رجل فأخذ يصلي بعد أن صلى أقبل إلى النبي صلى الله عليه وآله سلم وقال : السلام عليك يا رسول الله ، قال : ( وعليك السلام ، إرجع فصلي فإنك لم تصل ) فرجع الرجل وصلى
وبعد الصلاة أقبل أيضًا على النبي صلى الله عليه وآله سلم قال : السلام عليك يا رسول الله . قال : (وعليك السلام ، إرجع فصلي فإنك لم تصلٍ) وهكذا في المرة الثالثة . في هذه المرة كما يُقال أسخط في هذا الرجل ، وعرف أنه لا يحسن الصلاة ، واعترف بذلك وقال : والله يا رسول الله لا أحسن غيرها ، فعلمني قال عليه السلام : ( إذا قمت إلى الصلاة فتوضأ كما أمرك الله ، ثم استقبل القبلة ثم أذن ثم أقيم ثم كبر ، ثم أقرأ ما تيسر من القرآن ، ثم أركع حتى تطمئن راكعًا ، ثم ارفع حتى تطمئن قائمًا ، ثم أسجد حتى تطمئن ساجدًا ، ثم أرفع حتى تطمئن جالسًا ، ثم أسجد حتى تطمئن ساجدًا ، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها ) فإذا أنت فعلت ذلك فقد تمت صلاتك ، وإن أنت أنقصت منها ، فقد أنقصت من صلاتك.
الشيخ : أهلا وسهلاً أهلين:
الشيخ : أقول : حديثنا المذكور آنفًا قبل حديث المسيء صلاته ، الذي فيه أن ذلك الرجل عاد الصلاة ثلاث مرات وهو لا يحسنها ، فقال معترفًا بأنه لا يحسن غيرها: علمني . فقال له عليه السلام كما سمعتم . الشاهد في الحديث الذي قبله وهو قوله عليه وسلم : ( أول ما يُحاسب العبد يوم القيامة الصلاة ، فأن تمت فقد أفلح وأنجح ، وإن نقصت قال الله عز وجل لملائكته : انظروا هل لعبدي من تطوع فتتم له به فريضته ) .
الشاهد من هذا الحديث أن الأحكام الشرعية فيها ما لابد منه ، وفيها ما يخير الإنسان فيه ، لكن هذا القسم الثاني يعتبر رديفًا احتياطيًا للقسم الأول ، القسم الأول كما شرحت آنفًا إذا وقع فيه نقص كمًا أو كيفًا ، فدارك الأمر ملائكة الله يوم القيامة من التطوع الذي هو ليس هو بفرض إذًا لا يصح أن نقسم الإسلام إلى لب وقشر ؛ و بخاصة إذا قصدنا بهذا التعبير الركيك المرفوض ، أن القشر لا يُعنى به ، وإنما هو اللب ؛ ذلك لأن الله عز وجل كما نشاهَد أو نشاهِد فيما خلق الله عز وجل من الثمار والخضار ونحو ذلك قد جعل لكثير منها قشرًا ولبًا ، وما كان هذا القشر قد خُلق عبثًا وإنما للمحافظة على اللب ، هذا تقريبًا للأحكام الشرعية التي فيها ما هو فرض و فيها ما هو مستحب ويسمي بعض المعاصرين اليوم ما هو فرض لأنه لبً ، وما هو ليس بفرض أنه قشر ، وليتهم يعنون أنه يُعنى بهذا القشر ، لكنهم يربحون بأنه ما ينبغي إلا الاعتناء باللب فقط ، وهنا يقعون في مشكلة أخرى حينما قسموا الإسلام إلى لب وقشر وهم يضيعون اللب أيضاً مع القشر ، ليس فقط من الناحية التي أشرت إليها بأن الله عز وجل خلق القشر للمحافظة على اللب بل من ناحية أخرى تتعلق بالعلم بالشريعة فهم لا يستطيعون بسبب جهلهم خاصة بالكتاب والسنة ، لا يستطيعون أن يفرقوا على حد تعبيرهم بينما هو لب عندهم وما هو قشر فيهملون كثيرًا من اللب بإسم قولهم: أنه من القشر ، بينما هم قد ضيعوا اللب والقشر معًا .
أعود الآن إلى المسألة التي أردت التنصيص والتنبيه عليها وهي أنه إذا دخل الداخل ، وكان الجالسون يودون به أنه من أولئك الذين يستحقون الإجلال والإكبار ، والتعظيم ، ولو في حدود الشرع ، فهم يبادرون إلى تقبيل يد هذا الشخص الجليل ، أنا أريد أن أذكر الآن بأمرين اثنين :
أولًا : ما حكم هذا التقبيل ؟ وثانيًا : هل هذا التقبيل هو الذي سنتحدث عنه أم هو شيء آخر ؟
الحقيقة أنه شيء آخر ، نحن بما علمنا من الأحاديث النبوية والآثار السلفية أن تقبيل اليد كان أمرًا معروفًا في عهد السلف الصالح من عامة الناس إلى أكابر الناس ، ولذلك فما نستطيع أن ننكر جواز تقبيل يد العالم الفاضل ، ولكن هنا لابد من التذكير بأمرين إثنين : أحدهما : أنه لا ينبغي أن نجعل هذا التقبيل ليد العالم الفاضل سنة مستمرة مطردة ، لأن هذا خلاف في السنة ، السنة كما قال أحد الصحابة ، ولعله أبو ذر رضي الله تعالى عنه قال : ما لقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وصافحنا ، فالمصافحة هي سنة تلاقي المسلم مع أخيه المسلم بعد السلام ، وقد جاء في ذلك أحاديث كثيرة تحض على المصافحة كمثل قوله عليه الصلاة والسلام ( ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا تحاطت عنهما ذنوبهما ، كما يتحاط الورق عن الشجر في الخريف ) ، المصافحة هي السنة الرتيبة أما تقبيل اليد فأنا بأسميها من باب تفشيش الخلق ، يعني : رجل يحب هذا الرجل العالم ، فقد سمح له الشارع بتقبيل يده ، أما أن يجعلها ديدنه كلما لقيه قبل يده ، هذا لم يكن من عمل السلف إطلاقًا لكن أكثر من هذا وهنا في بيت القصيد كما يقال ، وبذلك تنتهي هذه الكلمة ، أنه لا ينبغي بعد التقبيل أن نضعه على جبهة ، وهذا الذي يشاهده دائمًا مع الأسف الشديد ، يعني : يقبل هكذا ثم يضعه على جبهته هذا ما يشبه السجود ، وإذا كان النبي عليه الصلاة والسلام قال لمعاذ بن جبل حينما قدم من الشام وقد سافر من المدينة إلى الشام ثم رأوا هناك النصارى كيف يعظمون قسيسيهم ورهبانهم فلما وقع بصره على النبي صلى الله عليه وسلم هم أن يسجدوا له فقال له عليه الصلاة والسلام : ( مه يا معاذ ، قال : يا رسول الله أني أتيت الشام فرأيت النصارى يسجدون لقسيسيهم و رهبانهم ، وجدتك أنت أحق بالسجود منهم ، فقال عليه الصلاة والسلام ، لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها ) . في حديث آخر لكن لا يصلح السجود إلا لله ، لهذا فما ينبغي ونذكر إخواننا الطيبين بأمرين اثنين أحدهما أهم من الآخر ، الآن أن لا تفعلوا هكذا ، الأمر الثاني : أن لا تتخذوا تقبيل يد العالم عادة وسنة ، وإنما على سبيل الندرة وهذا ما أردت التذكير به والذكرى تنفع المؤمنين .
السائل : بسم الله الرحمن الرحيم إخواننا الذين قدموا من بلاد الغرب ، عندهم مجموعة كبيرة من الأسئلة وكل واحد من هذه الأسئلة يحتاج إلى وقت طويل ، ولكن نختار منها بعضها ، ولعل الله عز وجل يفسح في الأجل فنلقاهم ويكون لنا أيضًا أو لكم أجوبة على هذه الأسئلة التي كتبوها ، ونختار منها لا على سبيل الترتيب وإنما نختار منها اختيارًا عشوائيًا .

مواضيع متعلقة