البعض يُضعِّف زيادة الحديث : ( العنوهنَّ فإنهنَّ ملعونات ) ، وإذا صحَّت هذه الزيادة ؛ فكيف تكون طريقة اللَّعن ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
البعض يُضعِّف زيادة الحديث : ( العنوهنَّ فإنهنَّ ملعونات ) ، وإذا صحَّت هذه الزيادة ؛ فكيف تكون طريقة اللَّعن ؟
A-
A=
A+
السائل : يقول : البعض يُضعِّف زيادة الحديث : ( العنوهنَّ فإنهنَّ ملعونات ) ، وإذا صحَّت هذه الزيادة فكيف تكون طريقة اللَّعن ؟

الشيخ : الذين يُضعِّفون هذه الزيادة هم في الواقع مبتدئون في هذا العلم ، فيظنُّون أن كل راوٍ تُكلِّم فيه بجرحٍ يصبح هذا الراوي حديثه ضعيفًا ، وليس الأمر كذلك ، فهناك قواعد كما كنا وجَّهنا إليكم نصيحة بوجوب تعلُّم أصول الفقه وتعلُّم أصول الحديث حتى لا يقع طالب العلم في شيء من الخطأ فقهًا أو حديثيًّا ؛ فهناك قواعد تقول في المصطلح : " أن الجرح مُقدَّم على التعديل مع بيان سبب الجرح " ، ثم بعد هذا البيان لا بد أن يُلاحظ هل هذا الجرح المُبَيَّن هو في نفسه جرح يُسقط الاحتجاج بحديث هذا الراوي أم هو قد يكون جرحًا وقد لا يكون جرحًا ؟

ونحن نعلم من دراسة تاريخ كثير من أئمة الحديث وحفَّاظهم أن بعضهم كان عنده شدَّة في الجرح ، وكان يُسقِط الاحتجاج بالرجل لأدنى سبب ، مثلًا قيل لأحدهم : لماذا لا تَرْوِ عنه ؟ قال : لأني رأيته راكبًا بِرْذَوْنًا . وما أدري لعل البِرْذوْن غير معروف عندكم في بلادكم ، البِرْذَوْن هو فرس أو جنس من الفرس لكنه .

... إلا أن نعامل أن أئمتنا أهل السنة والجماعة بمثل هذه المعاملة التي فيها التصريح بالعصمة ، هم من فضلهم علينا أنهم قالوا لنا : لَسْنا معصومين ، فأبو حنيفة يقول لتلميذه أبي يوسف واسمه يعقوب : " يا يعقوب ، لا تأخذ برأيي ؛ فإني أقول اليوم القول وأرجع عنه غدًا ، وإنما خُذْ من حيث أخَذْنا " ، والشافعي يقول : " ما من أحدٍ إلا وتخفى عليه سنة من سنة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فمهما أصَّلْتُ من أصلٍ أو قلتُ من قولٍ وحديث رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بخلاف قولي فخُذُوا بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، واضربوا بقولي عرض الحائط " . هذا إمام يقول عن قوله : اضربوا به عرض الحائط ، نحن ما نقول هكذا ، نحن نتأدَّب مع أئمتنا ، ونقول : هذا رأيه ، وهذا اجتهاده ، وهو مأجور ، لكننا نرى أن القول الآخر الذي قاله الإمام الآخر هو الصواب ؛ بدليل كذا من كتاب أو من سنة أو من آثار عن سلفنا الصالح ، فهذا - مع الأسف الشديد - من الظُّلم الذي يُصيبنا ، لكن لسان حالنا يقول :

" إن أنتِ إلا أصبعٌ دُمِيتِ *** وفي سبيلِ اللهِ ما لَقِيتِ "

نعم .

مواضيع متعلقة