فائدة في معنى حديث : ( مَن يُرِدِ الله به خيرًا يفقِّهْه في الدين ) . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
فائدة في معنى حديث : ( مَن يُرِدِ الله به خيرًا يفقِّهْه في الدين ) .
A-
A=
A+
الشيخ : هذا الحديث .

السائل : ... بعد صلاة ، الشمس .

الشيخ : احفظ ما عندك .

هذا الحديث يُفسَّر تفسيرًا فاحشًا جدًّا ، ( مَن يُرِدِ الله به خيرًا يفقِّهْه في الدين ) ؛ يعني يحفظ الفروع الفقهية المبسوطة في الكتب المذهبية عن حنفي عن شافعي إلى آخره ، هذا ليس من الفقه في شيء ، هذا الحديث يعني التفقُّه في كتاب الله وفي حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، هنا الفهم ، هنا الفقه .

جاء في " صحيح البخاري " من حديث أبي جُحَيفة السُّوائي صحابي أنَّ بعض الناس سألوا عليًّا - رضي الله عنه - : " هل خصَّكم - معشر أهل البيت - رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بشيء دون الناس ؟ قال : " لا ، اللهمَّ إلا فهمًا يُؤتيه الله عبدًا في كتابه ، وإلا ما في قراب سيفي هذا " . وأخرج ورقة مكتوب فيها : ( المدينة حرم ما بين عَيْر وثَوْر ، مَن أحدثَ فيها حَدَثًا أو آوى فيها مُحدِثًا فعليهِ لعنةُ الله والملائكة والناس أجمعين ) . وفي الورقة هذه - أيضًا - الجراحات ، أحكام تتعلَّق بالجراحات . الشاهد : شو قال ؟ " ما خصَّنا بشيء إلا فهمًا يُؤتيه الله عبدًا في كتابه " .

فـ ( مَن يُرِدِ الله به خيرًا يفقِّهْه في الدين ) المقصود الفقه في الكتاب والسنة ، مش يحفظ الفروع ؛ لأنُّو هذه الفروع لا تنتهي كما لا يخفى على طالبي العلم ، الفروع بالألوف المؤلَّفة شو بدو يحفظ الإنسان ليحفظ منها ؟! و - أيضًا - يعجبني بهذه المناسبة كلمة لـ " ابن رشد الأندلسي " يبيِّن فيها الفرق بين المتفقِّه والفقيه ، بين المجتهد وبين المقلِّد ، بيقول : مَثَلُ المقلِّد كمثل بائع الخفاف - مثال بديع جدًّا لطيف - مَثَلُ المقلِّد مثل بائع الخفاف ، ومثل المجتهد كمَثَل الحذَّاء الذي يصنع الخفاف والأحذية ، قال : يأتي الرجل إلى بائع الأحذية بقياس من رجل غريبة طويلة رفيعة إلى آخره ، يفتِّش بهالمعلَّقات عنده من هالنماذج ، ما يلاقي ؛ لأنُّو قياس غريب ، يروح لعند الحذاء اللي بيصنع ، بيأخذ القياس ويفصِّل له إياه تفصيلًا ، هذا مَثَل المجتهد وذاك مَثَل المقلِّد .

وهذا الحقيقة نحن نعرفه بالتجربة ؛ فكلنا نحن السوريين نعرف " أبو اليسر عابدين " - الله يرحمه - ؛ وقعت لأحد من الناس قصَّة عجيبة معه ، هو رجل تاجر عنده برَّادات ثلَّاجات ضخمة يحفظ فيها اللحوم والفواكه ، جاءه ذات يوم أرمني " ... " ، عرض عليه أجرًا مغريًا على أن يدَّخر له لحم الخنزير ، وتعرفوا أنُّو المسلم حتى ولو كان غير ملتزم مجرَّد ما يسمع باسم لحم الخنزير بيكشّ بدنه !!

السائل : ... .

الشيخ : إي نعم .

فما يعني أغراه العرض ابتداءً ، قال : والله بدي اسأل ، إجا لعند المفتي مقرّ الإفتاء ، حكى له .

السائل : عند " أبو اليسر عابدين " ؟

الشيخ : نعم ؟

السائل : عند " أبو اليسر عابدين " .

الشيخ : آ . حكى له القصة ، قال له : اكتُبْ . وهَيْ من مشاكلهم ، بدل ما يقول له : بيجوز ما بيجوز ، اكتب ، راح المسكين كتب فتوى وإجا قدَّمها للمفتي ، قال له : بتجي تأخذ الجواب بعد أسبوع ، راح قال له لسا ما وجدنا النَّصّ !! [ الشَّيخ يضحك ! ] ، راح بعد أسبوع ثاني ، الخلاصة ثلاث أسابيع ، الأسبوع الثالث دقَّ الباب ما حدا ردَّ عليه ، فتح هيك الباب شوية وإذ يشوف الشَّيخ كامد على الطاولة ، نايم ، دقَّ عليه شوي فاق ، قال له : وجدت لك النَّصَّ ، وأعطاه إيش ؟ الفتوى مختومة ، بيقول هذا الشخص : أخذت أنا طلعت برا ع الصالون أني كنت أفهم شو الجواب ؟ ما كنت أفهم ، أقرأ أقرأ وهكذا ، ما فهمت لا أنُّو بيجوز ، ولا أنُّو ما بيجوز .

سائل آخر : تفضلوا أستاذ .

الشيخ : تفضلوا .

تعرف من إخواننا واحد اسمه " صالح الجزائري " ؟ بتعرفه طيب ، هذا كان سائق سيارة عند الرجل هذا ، يقول له : يا صالح اقرأ لي هالفتوى أنا ما عم أفهم ولَّا هي ما عم تفهِّم . قرأها قال له : والله مش واضح يعني ؛ لأنُّو قيل وقال وقيل وقال . قال له : أنا راح آخذك عند شخص ما هو مفتي ، هو ساعاتي ، لكن راح يعطيك الجواب فورًا ، وبصورة تطمئن ، إجا والله هو وإياه لعندي بالدكان ، وأرجوني نصَّ الفتوى ، الله أكبر ! ناقل نقول متناقضة ، ومن كتب إذا سمعها الرجل العادي يستغرب ، مثل قال القاضي خان ، مثل جاء في " البزازية " ، مثل جاء في " الوجواجية " ؛ يعني أسماء " الوجواجية " و " الواجية " ، " البزَّازية " !! إي نقول مختلفة تمامًا ، جاء في كتاب كذا عن " أبي حنيفة " أنَّ المسلم إذا استأجره ذمِّيٌّ على أن ينقل له الخمر جاز ذلك وطاب له الأجر ، نقل ثاني عن " محمد بن الحسن الشيباني " قال أبو يوسف : استأجر النصراني مسلمًا عن أن يبنيَ له كنيسة ؛ فهل يجوز له ذلك ؟ لا ، لا يجوز ، ولا يطيب له الأجر . نقول إيش ؟ متناقضة !! وكما يُقال ضغثًا على إبَّالة ، بالأخير شو بيقول ؟ وممَّا سبق ذكره يُفهم الجواب عن السؤال .

سائل آخر : ما أضاف شيء من عنده أبدًا .

الشيخ : أبدًا ، محافظ ع النَّص يعني .

قلت له : الحق معك يا أخي ، هذا اللي كاتبه مو فهمان الحق وينو ، هو نفسه ضايع بين النُّقول المتضاربة ، لكن أنا بذكّرك ببعض النُّصوص أنت ولو أنك ما لك طالب علم لكن عربي تفهم ، قال - تعالى - : (( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ )) ، لحم الخنزير إثم ولَّا حلال ؟ قال : إثم . قلت له : أنت إذا حفظت هذا الإثم معناها شاركته في الإثم ، أعَنْتَه على المنكر ، ما يجوز ! وذكرت له : ( لعن الله في الخمر عشرة : شاربها ، وساقيها ، ومستاقيها ، وعاصرها ) إلى آخره ، والحديث الآخر : ( لعنَ اللهُ آكلَ الربا ، وموكله ، وكاتبه ، وشاهديه ) . قال لي : جزاك الله خير ، الآن ... .

بقى - سبحان الله ! - شو هالفقه اللي يخلي هذا الإنسان يعطيه مهلة ليعطيه جواب مثل هذا الجواب البسيط أسبوع ، ثم أسبوع ثاني ، ثم أسبوع ثالث ؟ فنسأل الله أن يفقِّهَنا في الدين ويعلِّمنا التأويل .

مواضيع متعلقة