معنى حديث : " لا تردُّ يد لامس " ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
معنى حديث : " لا تردُّ يد لامس " ؟
A-
A=
A+
الشيخ : وقبل أن نمشي ؛ ما معنى " لا تردُّ يد لامس " ؟

لأنَّ كثيرًا من العلماء قديمًا وحديثًا يتصوَّرون أن معنى هذه الجملة أي : إنها طيِّعة لكل راغب فيها ، وليس الأمر كذلك ، لأنَّه لو كان الأمر كذلك لم يجز للرسول أن يقول له : ( أمسكها ) ، وحاشا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأمر زوجًا ديُّوثًا يرى الفاحشة في زوجته ثم يقول له : ( أمسكها ) لأنَّك بتحبها ، إذًا ما معنى " لا ترد يد لامس " ؟ اللمس هنا على بابه ، اللمس هنا ليس كقوله - تعالى - : (( أو لامستم النساء )) أي : الجماع ، فاللمس هنا على بابه ، اللمس هكذا أو هكذا بمعنى الجس يعني ، وكثير من النساء حتى اليوم يُرى في بعض القرى التي أولًا لا تزال تعيش على فطرة قديمة ، وثانيًا ليس فيها من يُوجِّه ويُعلِّم الأحكام الشرعية ، ومن مشينة ذلك أن يوجد بين الرجال والنساء وبين الشابات والشباب شيء من الاختلاط ، ... هكذا ، فيكون يقفان - مثلًا - بجانب الدار الجار مع جارته ، فتى وفتاة وبيتحدثوا ، قد تكون هذه الأحاديث في أصلها بريئة كلام فلَّاحين ، وين راح أبوك ؟ وين إجا ؟ شو فعلتم بالحصيد ؟ و و إلى آخره ، ولكن (( إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي )) ، هنا يدخل الشيطان في قلب ذاك الشاب ، فهو يتكلم مع الفتاة ؛ إذا به يغمزها ، يقول لها - مثلًا - : إي روحي بقى ، إي روحي بقى ... .

السائل : كيف حال أبوك شيخ ؟

الشيخ : آ ؟

السائل : كيف حال أبوك ؟

الشيخ : آ ( ضحك الشيخ - رحمه الله - ) ، هذا هو اللمس ، ليس معنى هنا كناية عن الفاحشة والجماع ؛ لأ ، ولا شك أنه هذا مما يستنكره كلُّ زوجٍ غيُّور ، وهذا هو الذي دفع الرجل إلى أن يشكو أمره إلى الرسول ؛ فقال له : ( طلِّقها ) - استريح منها - ، قال : يا رسول الله ، إني أحبُّها . قال : ( فأمسكها ) .

إذًا هو دار الأمر بين تحقيق مصلحة وبين إيه ؟ دفع مفسدة ، المفسدة الانتهائية هنا هو أنه إذا طلَّقها فيُخشى عليه أن يظلَّ قلبه متعلِّقًا بها ، وأصبحت إيه ؟ أجنبيَّة عليه بعد إذا طلقها ، لذلك كان موقف الرسول - عليه السلام - هنا في منتهى الحكمة ، بيَّن له الحكم الشرعي أولًا فقال له : ( طلِّقها ) واستريح منها ، لما فاجأ النبي بقوله : إني أحبُّها ؛ دلَّه على أخفِّ الضَّررين وأقل المفسدتين شرًّا ؛ فقال له : إذًا ( أمسكها ) ، فحينما يأتينا رجل اليوم ويقصُّ لنا مثل قصة ابن عمر مع أبيه ، أنا أجيبه بجوابين اثنين ؛ أحدهما مُعلَّق بالمستحيل ، والثاني بلا أدري ماذا تفعل ، أفصِّل له القول كما سيأتي ، أما الأمر الأول المتعلق بالمستحيل فأقول له : إن كان أبوك في معرفته بالإسلام وتمسُّكه بالأحكام كعمر فيجب عليك أن تُطلِّقها ، إي نعم ، فيجب عليك أن تطلِّقها .

السائل : هذا الإعجاز يا شيخ .

الشيخ : (ضحك الشيخ - رحمه الله - ) ، أما التفصيل فأقول : والله يا أخي في كلٍّ من الأمرين إشكال ؛ كما شرحت آنفًا بالنسبة للرجل الذي قال له - عليه السلام - : ( طلِّقها ) . ثم قال له : ( أمسكها ) ، فأنا أخشى إن قلت لك : طلِّقها أن تكون أطعت من جهة ، لكن أخشى عليك أن تقع في محظور أكبر ؛ وهو أن تذهب نفسك مع هذه المرأة التي طلَّقتها فتقع في مشكلة أكبر ، خاصَّة أن زماننا اليوم مثل ذاك الزمان .

السائل : نعم .

الشيخ : ما عاد في هالتقوى والورع ، وأخشى أن أقول لك لا تطلِّقها ؛ وحينئذٍ كأني أقول لك اعصِ والدَك .

السائل : نعم .

الشيخ : ولذلك أنا أروي لك الآن الحديث التالي ؛ جاء رجل إلى أبي الدرداء قال له - مثل هذا السؤال - : أمي تأمرني بتطليق زوجتي ؛ ماذا أفعل ؟ فقال له : " لا آمرك بطلاقها ولا بإمساكها ، ولكني أقول لك ما سمعتُ من النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( الوالد أوسط أبواب الجنة ) انتهى الحديث ، فإن شئتَ فطلِّقها وإن شئت فأمسكها " ، وكل الأمر يعني ... اجتنابه ، ليش حتَّى يورِّط هو نفسه بمثل هذه الفتوى هاللي الواحد زلَّت به القدم ، الواحد قد تزلُّ به القدم ؛ إذًا أنا بقول لك أنُّو : ( الوالد أوسط أبواب الجنة ) ؛ يعني طاعته يوصلك إيش ؟ إلى الجنة ؛ فإن شئت فطلِّقها ، وإن شئت فأمسكها .

السائل : يعني استفت قلبك يا شيخ .

الشيخ : إي نعم .

السائل : جزاك الله خير .
  • فتاوى جدة - شريط : 22
  • توقيت الفهرسة : 00:38:39
  • نسخة مدققة إملائيًّا

مواضيع متعلقة