ما صحة حديث الجسَّاسة ؟ وهل هو مخالف للأحاديث الأخرى ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما صحة حديث الجسَّاسة ؟ وهل هو مخالف للأحاديث الأخرى ؟
A-
A=
A+
السائل : يقول : فضيلة الشيخ ، حديث الجسَّاسة ؛ هل هو صحيح ؟ وهل هو مُخالف لبعض الأحاديث ؟ نرجو توضيح ذلك .

الشيخ : حديث الجسَّاسة حديث صحيح ، وليس فيه ما يُخالف الأحاديث الصحيحة إطلاقًا ، وإنما فيه تفاصيل ستقع يومًا ما ممَّا لم يرد ذكره في بعض الأحاديث الصحيحة ، وبعضها وقع وكما رواه تميم الداري - رضي الله عنه - ، وإنما الناس اليوم يريدون أن يُطبِّقوا الأحاديث الغيبيَّة على عقولهم الصغيرة ، وهذا ليس من الإيمان في شيء ؛ لأن الله - عز وجل - يقول : (( الم * ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين * الذين يؤمنون بالغيب )) ؛ فواجب كل مسلم إذا ما جاءه حديث عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - سواءٌ كان الحديث هذا يتعلَّق بالعقائد أو بالأحكام أو بأشراط الساعة ، أو بأيِّ حكم يتعلق بالمغيَّبات ؛ فواجب المسلم أمام هذا الحديث أو ذاك شيئان اثنان :

الشيء الأول : أن يسأل أهل العلم بالحديث ؛ أصحيح هو أم لا ؟ فإذا قالوا له : بأنه صحيح وجب عليه الأمر الثاني : وهو أن يُخضِّع عقله وفكره وثقافته التي نشأ عليها للإيمان بهذا الحديث ؛ لأنه من أمور الغيب وقد علِمنا أن أول صفة للمؤمن حقًّا هو ما قال الله - عز وجل - آنفًا في الآية - آية البقرة - ؛ (( الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة )) .

فالإيمان بالغيب أمر هام جدًّا ، يمتحن الله - تبارك وتعالى - عباده بمثل هذه الأحاديث الصحيحة ، وحديث الجسَّاسة لا شك في صحَّته لسببين اثنين :

الأول : أنه رواه الإمام مسلم في " صحيحه " ، والآخر أننا لم نجد في إسناده مغْمزًا أو مطْعنًا ، ولذلك فلا يجوز للمسلم أن يتفلسف عليه وأن يقول : معقول ولَّا مش معقول ، وما شابه هذا الكلام ، الذي لا يخرج ممن آمن بالغيب حقًّا ، هذا جواب حديث الجسَّاسة .

السائل : هناك أحاديث واردة تُعارض هذا الحديث .

الشيخ : أنا ما قلت هذا .

سائل آخر : لأ قاله البعض ؛ فكيف نفهم ؟ مثل حديث .

الشيخ : مثل ؟

سائل آخر : قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( ما من نفس منفوسة يمر عليها مائة عام ... ) .

الشيخ : إي هذا الذي يقول هذا الكلام هو جاهل بعلم أصول الفقه ، ما من نصٍّ عام إلا وقد خُصِّص ، وهذا من ذاك ؛ يعني ( ما من نفس منفوسة ) إلا ما جاء النص يستثني ذلك ، وعلى هذا اعتمد من زعم أن الخضر - عليه السلام - لا يزال حيًّا بين الأنام ، لكن نحن نقول - كما تعلمنا من بعض العلماء - : " أثبت العرش ثم انقش " ، نقول له : أثبت أن الخضر حيٌّ حتى نستثنيه من الحديث ، ولما لم يكن هناك حديث صحيح يُثبت حياة الخضر إلى عهد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لم يكن بنا حاجة إلى أن نقول : إن الخضر مستثنى من حديث ( ما من نفس منفوسة ) ، أما والدجال حيٌّ بصريح الحديث الذي جاء ذكره آنفًا وكذلك عيسى لا يزال حيًّا ، وإن كان هذا في السماء ؛ فإذًا الجواب : هو تخصيص العام بالحديث الخاص ، وإلا لَوقع هذا الجاهل وأمثاله في جهل ، بل جهالات متتابعة ؛ لأننا سنواجهه بالآية الكريمة ، وهذا مَثَلٌ أذكره في كثير من مثل هذه المناسبة ؛ ألا وهي قوله - تعالى - : (( حرِّمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير )) إلى آخر الآية ، فهل يجوز أكل السمك الميِّت ؟ سيقول بالجواز ، فما هو الجواب عن الآية ؟ سيضطرُّ أن يقول بقول العلماء ، الآية عامة والحديث يُخصِّص هذه الآية ، فكيف لا يُخصِّص الحديثُ الحديثَ ؟ ذلك من باب أولى .

غيره ؟
  • فتاوى جدة - شريط : 2
  • توقيت الفهرسة : 00:28:11
  • نسخة مدققة إملائيًّا

مواضيع متعلقة