ذكر حديث الافتراق إلى ( 73فرقة ) ، وبيّن الفرقة الناجية وبيَّن السنة بأسمائها الثلاثة القولية والفعلية والتقريرية . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ذكر حديث الافتراق إلى ( 73فرقة ) ، وبيّن الفرقة الناجية وبيَّن السنة بأسمائها الثلاثة القولية والفعلية والتقريرية .
A-
A=
A+
الشيخ : قوله عليه الصلاة والسلام: ( تفرقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة والنصارى على اثنتين وسبعين فرقة وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ) إذا هذا الحديث يفصّل (( ولا يزالون مختلفين )) قال ستختلفون إلى ثلاث وسبعين فرقة ثم بين عليه الصلاة والسلام ما أشار ربنا في الاستثناء في الآية السابقة (( إلاّ من رحم ربّك )) من هؤلاء المرحومين ؟ قال في تمام الحديث: ( كلها في النار إلا واحدة قالوا من هي يارسول الله ؟ قال هي الجماعة ) وفي رواية الأخرى وهي مفسرة ومبينة للرواية الأولى قال: ( الفرقة الناجية هي التي تكون على ما أنا عليه وأصحابي ) ، إذًا قد أعطانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صفة الفرقة الناجية التي هي واحدة من ثلاث وسبعين فرقة ومعنى هذا أن المسلم لا ينبغي أن يكتفي بأن يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله لأن هذه الأمة التي ستقول هذه الكلمة الطيبة ستفترق إلى ثلاث وسبعين فرقة ، كلها في النار إلا فرقة واحدة فإذا على المسلم أن يكون حريصا كل الحرص أن يعرف صفة هذه الفرقة عقيدتها أن يعرف عقيدتها أن يعرف فقهها أن يعرف سلوكها , تعاملها بعضها مع بعض تعاملها مع خصومها مع أعدائها وهكذا ,من أين يمكن للمسلم أن يصل إلى معرفة هذه الأمور المتعلقة بالفرقة الناجية ؟ هذه هي النقطة التي أريد أن أدندن حولها وأن أفصّل الكلام فيها بعض التفصيل ، ذلك لأننا قلنا أن لا خلاف بين المسلمين أن الإسلام لا إله إلا الله ولكن الواقع يشهد أن أقل المسلمين هم الذين يحرصون ليعرضوا أنفسهم هل هم من الفرقة الناجية أم لا ؟ كيف يمكن معرفة الفرقة الناجية ؟ لعلنا نعلم جميعا بعضنا يعلم يقينا لكن لعلنا جميعا نحن الحاضرين نعلم الآية التالية قال تعالى مخاطبا نبيه صلى الله عليه وآله وسلم: (( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم )) ، (( وأنزلنا إليك الذكر )) أي القرآن الكريم حيث قال تعالى: (( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافطون )) الآية الأولى يقول ربنا عز وجل فيها: (( وأنزلنا إليك )) يا محمد هذا الذكر القرآن لماذا لتتلوه فقط على الناس ؟ لا بد من أين يتلوه ولو لم يتله عليه السلام ما عرفناه ولا ما وصل إلينا ولكن هل واجبه عليه الصلاة والسلام قاصر على أن يتلو القرآن فقط على الناس و أن يتعلموه منه كما وقع أم هناك واجب آخر أمره ربنا عز وجل بأن يقوم به ؟ الجواب نعم ، حيث قال: (( وأنزلنا إليك الذكر لتبيّن للناس ما نزّل إليهم )) ، ففي هذه الآية ما يمكن الإشارة إليه ، بكلمتين اثنتين أو بلفظين الأول في هذه الآية مبيَّن ألا وهو القرآن وفي هذه الآية مبيِّن ألا وهو الرسول عليه الصلاة والسلام ، فالقرآن المبيّن هو كلام الله وكلام الرسول المبيّن هو حديثه وهو سنّته إذا لا سبيل لكي نكون على معرفة بما كانت عليه الفرقة الناجية إلا باللّجأ إلى سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهذه أيضا حقيقة لا يختلف فيها أحد من المسلمين إطلاقا أي أن القرآن تولّى الرسول عليه السلام بيانه ومن وأضح الأمثلة على ذلك أننا نصلي في كل يوم خمس صلوات لا نجد في القرآن الكريم خمس صلوات يفهمه عامة المسلمين كما يفهمون اليوم يصلون في خمس أوقات خمس صلوات ، كذلك لا نجد في القرآن الكريم تفاصيل الركعات الصبح ركعتان الظهر والعصر والعشاء أربع والمغرب امتازت عن كل هذه الصلوات بأنها ثلاث ركعات من أين عرفنا هذه التفاصيل ؟ من المبيِّن و هو الرسول عليه الصلاة والسلام بيانه إذا في سنته صلى الله عليه وآله وسلم سنته كما يذكر علماء الحديث تنقسم إلى ثلاثة أقسام قوله صلى الله عليه وآله وسلم وفعله وتقريره , قوله وفعله وتقريره , قوله صلى الله عليه وآله وسلم معلوم كل ما جرى على لسانه عليه الصلاة والسلام مما يتعلق بذلك البيان (( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم )) فهذا هو قوله كما جاء في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما أنه كان في مجلس فيه خليط من المشركين وكان ابن عمرو هذا رضي الله تعالى عنه من بين كل الصحابة أحرصهم على الكتابة أن يكتب ما يسمع من النبي صلى الله عليه وآله وسلم حرصا منه على حفظه فأورد المشركون في ذلك المجلس عليه إشكالا قالوا له: أنت تكتب عن رسول الله ما يتكلم به في حالة الرضا والغضب كأنهم يقولون معقول أن تكتب عنه ما يتكلم به في حالة الرضا أما وأن تكتب أيضا ما يقوله في هذا الغضب أنكروا عليه هذا الحرص الشديد على الكتابة كأنه دخل في نفسه شبهة فسارع إلى النبي صلى الله علي وآله وسلم وذكر له ما قال له المشركون فما كان منه عليه الصلاة والسلام إلا أن رفع أصبعه إلى فمه وقال له: ( اكتب فوالذي نفس محمد بيده لا يخرج منه إلا حق) ، هذا من السنة قوله صلى الله عليه وآله وسلم. القسم الثاني فعله فكل ما فعله صلّى الله عليه وآله وسلم ففيه الهدى والنور على تفصيل لا مجال الآن لذكره يأتي القسم الثالث ما رآه عليه السلام فعلا من غيره ثم سكت عنه وأقرّه فهذا دخل في السنة التي ينبغي نحن أن نتمسّك بها لا نفرّق بين قوله وبين فعله وبين تقريره ، يأتي هنا بعد هذا البيان للسنة بيان لشيء جاء ذكره في حديث الفرقة الناجية ,الآن الوضع الطبيعي والحمد لله الجو طيب ، قال عليه السلام وأرجو أن تتذكروا معي قوله لما سئل عن الفرقة الناجية قال: ( ما أنا عليه وأصحابي ) ، لم يقتصر على قوله على قوله ( ما أنا عليه ) أي ما هو عليه من السنة القولية والفعلية والتقريرية ، أضاف إلى ذلك وأصحابي إذا لا نستطيع أن نغض الطرف عما كان عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم لماذا ؟ إذا تأمّلتم في القسم الثالث من سنّته عليه السلام و هو أن يرى غيره يعمل عملا ويأتي فعلا ثم يقره صار هذا الشيء من السنة من الذي كان يعمل هذ العمل ؟ هو غيره عليه السلام هو أصحابه إذا لا يستطيع المسلم أن يعيش حياة إسلامية صحيحة إلا بأن يعرف سنة النبي صلى الله عليه وسلم ويعرف ما كان عليه أصحابه ومن هنا تعرفون معي أهمية ما جاء في حديث العرباض بن سارية رضي الله تعالى عنه الذي قال فيه: وعظنا رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا يا رسول الله أوصنا قال: ( أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن ولّي عليكم عبد حبشي و إنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا ) اربطوا الآن بين هذا القول وبين الآية السابقى (( ولا يزالون مختلفين إلا من رّحم ربّك )) قال عليه السلام: ( وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بستنتي ) ثم عطف عليها وقال: ( وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجد وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ) وفي الحديث الآخر ( وكل ضلالة في النار ) هكذا تجدون الأحاديث تتجاوب بعضها مع بعض ويأخذ بعضها برقاب بعض وكلها ومجموعها يلفت نظرنا إلى أنّ من كان يريد حقّا أن يكون من الفرقة الناجية فعليه أن يعرف ليس فقط سنة الرسول عليه السلام بل وما كان عليه أصحابه الكرام هذه النقطة الأخيرة أكثر المسلمين اليوم عنها غافلون كلهم يقولون سنة رسول الله وكلهم يدعون إلى اتباع سنة رسول الله وإن كانوا يختلفون في تطبيق هذه السنة لأنهم يختلفون في كثرة التعرف عليها علما أو قلة التعرف عليها ولكن كما قال تعالى: (( ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون )) أكثرهم لا ينتبهون إلى ما جاء في حديث الفرقة الناجية وفي حديث العرباض بن سارية من الأمر أيضا بشيء آخر إضافي على سنة النبي صلّى الله عليه وآله وسلم وهي سنّة الصّحابة وبخاصّة الخلفاء الراشدين منهم .هل القرآن الكريم الذي أحصى كل شيء مما يتعلق بأصول الدين وقواعده هل في القرآن الكريم ولو عبارة واحدة تشير إلى هذا المعنى الذي لممته وجمعته لكم من أحاديث عديدة وعديدة ؟ الجواب، نعم قال تعالى: (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا )) نلاحظ هنا ملاحظة هامة جدا جدا جدا ، وهي أن الله عز وجل كان بإمكانه وهو الحكيم العليم القدير أن يقول مثلا ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا أي دون أن يعطف على مشاققة الرسول قوله: (( ويتبع غير سبيل المؤمنين )) كان الله على ذلك قديرا فلماذا إذا ؟ ما الحكمة من عطفه عز وجل قوله: (( ويتبع غير سبيل المؤمنين )) على (( ومن يشاقق الرسول )) أظن عرفتم السر في ذلك من الأحاديث التي أوردناها لكم (( ويتبع غير سبيل المؤمنين )) السر أنّ هؤلاء المؤمنين الأوّلين هم الذين نقلوا إلينا ما سمعوه من الرّسول عليه السّلام من فمه غضّا طريّا و وجدوه مطبقا في عهده عليه الصلاة والسلام تطبيقا عمليا فهم يستطيعون أن يفهموا ما أنزل الله على نبيّه من كتابه و ما نطق به هو نبيّه عليه السّلام بلفظه هم يستطيعون أن يفهموا ذلك أحسن من كل من يأتي من بعدهم كيف لا؟ والأمر كما قال عليه الصلاة والسلام: ( الشاهد يرى ما لا يرى الغائب ) ، خذوا مثلا قال تعالى: (( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما )) فاليد في اللغة تطلق ويراد الكف وتطلق ويراد مع الكف الذراع وتطلق ويراد بها الذراع مع العضد ترى كيف بنا أن نفهم اليد في هذه الآية (( فاقطعوا أيديهما ))؟ كما أن هناك في آية التيمم (( فتيمموا صعيدا طيّبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم )) كيف نفهم الأيدي هنا أنفهمها كما هي هناك أو بمعنى أوسع ؟ إذا لم نعد إلى المبين المشار إليه في الآية الأولى (( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم )) اختلفنا واضطربنا ذلك لأن القرآن الكريم نزل بلسان عربي مبين و اليد لها هذه المعاني العديدة لكننا حينما نعود إلى الصحابة ونجدهم ينقلون أن النبي صلى الله عليه وسلم ما قطع يد السارق من عند المنكب ولا قطعها من عند المرفق وإنما قطعها من عند الرسغ كذلك لما نعود وأرجو الانتباه لما أقول إلى الأحاديث الصححية وهذه اللفظة الصحيحة لا بد لي من أن أتطرق لها قريبا إن شاء الله وإذا رجعنا إلى الأحاديث الصحيحة التي نقلها لنا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من قوله وفعله فيما يتعلق بآية التيمم (( فامسحوا بوجوهكم و أيديكم )) لوجدناهم أنهم رأوا الرسول وإذا رجعنا إلى الأحاديث الصحيحة التي نقلها لنا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من قوله وفعله فيما يتعلق بآية التيمم: (( فامسحوا بوجوهكم وأيدكم )) لوجدناهم أنّهم رأوا الرّسول يسمح بكفّيه وسمعوا من الرسول يقول: ( التيمّم ضربة واحدة ) وليس ضريتين ويمسح بهما كفيه ووجهه ، إذا لا نستطيع إطلاقا أن نستغني عن سبيل المؤمنين لأن هؤلاء المؤمنون هم الذين نقلوا إلينا شريعة الله مطبقة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفهموا هذه الشريعة فهما صحيحا فلا جرم أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أثنى عليهم فقال: ( خير الناس قرني ) وقال: ( أكرموا أصحابي ) وقال: ( أحسنوا إلى أصحابي فو الذي نفس محمد بيده لو أنفق أحدكم مثل جبل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم و لا نصيفه ) ذلك لأنهم جاهدوا في سبيل وهاجروا في سبيل الله وتركوا أوطانهم في سبيل الله واصحبوا رسول الله صلى اله عليه وسلم وعرفوا شريعة الله كما قلنا عن كثب وعن قرب فإذا هم كما جاء في بعض الأحاديث هم القوم لا يشقى بهم جليسهم فإذا على كل من كان يريد أن يكون من الفرقة الناجية أن لا يقنع فقط أن يعرف القرآن والسنة فقط فهو إن قنع وإن استطاع أن يصل إلى فهم الكتاب والسنة فقط ولو بهذا التّفقيط فسيخسر أن يكون من الفرقة الناجية أن يكون على ما كان عليه أصحابه عليه الصلاة والسلام ، إذا يمكننا أن نلخّص الآن ما مضى من الكلام مفصّلا مشروحا لنبني على هذه الخلاصة بحثا جديدا ... .

مواضيع متعلقة