الكلام على حديث ( إنما الأعمال بالنيات ... ) . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
الكلام على حديث ( إنما الأعمال بالنيات ... ) .
A-
A=
A+
الشيخ : ولذلك جاء الحديث المشهور الصحيح الذي افتتح الإمام البخاري كتابه الصحيح به ، ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه ) ، يذكر شراح الحديث أن سبب هذا الحديث أن رجلا خرج مع الرسول عليه السلام للجهاد في سبيل الله في الظاهر ولكن نيته كانت لعله يحظى بامرأة في تلك البلاد التي كانت الهمة متوجهة لغزوها وهي تعرف بأم قيس ، فهو خرج للجهاد لعله يحظى بهذه المرأة ، وصار ذلك معروفا عند علماء الحديث ، بحديث أم قيس مهاجر أم قيس ، يعني هذا هاجر بقصد الحصول على تلك المرأة ،ولم يخلص النية في الهجرة أو الجهاد في سبيل الله عز وجل ، فسمي بمهاجر أم قيس قلت بأن علماء الحديث يذكرون هذه المناسبة وإن كانت هذه المناسبة ، لم تصح إسنادها على طريقة علماء الحديث، بخلاف أصل الحديث فهو واضح ، وثابت ثبوتا يقينيا ، لأن إسناده أولا صحيح لا غبار عليه ، وثانيا لأن الأمة بأجمعها تلقت هذا الحديث بالقبول ، حتى قال بعض العلماء كالنووي وغيره، هذا الحديث ثلث الإسلام لأن الأعمال كلها تقوم على هذا الإخلاص الذي تضمن الحديث الحض عليه ، ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ) إلى آخر الحديث، ولذلك فينبغي لفت نظر هؤلاء المعلمين الذي يساعدوهم بمثل هذه المساعدات التي تجمع من كثير من المحسنين أن لا يعتبروا ذلك أجرا فيحبط عملهم ، وإنما هذا يعتبر جعالة راتبا مكافأة مساعدة إلى آخره، ولا شك أن العمل الواحد يختلف حكمه شرعا باختلاف النية ، ولذلك فلا ينبغي للمسلم ، أن يستصغر هذا التفريق بين أن يأخذ هذا المال أجرا ، وبين أن يأخذه تعويضا أو مساعدة ، لا ينبغي أن يستصغر هذا التفريق ، لأنه تفريق جوهري ، ذلك لأنه من الثابت أن العمل الواحد يختلف أمره باختلاف النية ، ومن الأدلة على ذلك الحديث الصحيح ، الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للفقراء حينما شكوا أمرهم إليه ، وكانوا يغبطون الأغنياء على ما يقومون به من صدقات ، مع مشاركتهم للفقراء في العبادات الصلاة والصيام لكنهم يتفوقون عليهم بالصدقات ، فأجابهم عليه السلام بالقصة المعروفة بقوله ( إن لكم في كل تسبيحة صدقة وفي كل تحميدة صدقة ،وفي كل تكبيرة صدقة ، وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن منكر صدقة ، وفي بضع أحدكم صدقة ) ، هنا الشاهد ( قالوا: يا رسول الله أياتي أحدنا شهوته وله عليها أجر قال نعم ، أرأيت إن وضعها في حرام ، أليس يكون عليه وزر ، قال بلى قال فكذلك إذا وضعها في الحلال ، يكون له عليها أجر ) ، فإذن هذا قضى شهوته وهذا قضى شهوته ، ذاك قضى شهوته وكتب له عليها أجر ، والآخر قضى شهوته كتب عليه وزر ، وبناء على هذا التفريق بين نية والأخرى في العمل الواحد فصل بعض العلماء الكلام على الحديث السابق إنما الأعمال بالنيات فضربوا بعض الأمثلة الموضحة لأهمية هذا النوع من الحديث ، قالوا لو أن رجلا سافر ثم رجع إلى بلده ودخل داره ، وجامع أهله وبطبيعة حال الرجل المسافر يكون تائقا لزوجته ، لكن تبين له فيما بعد بأن هذه ليست زوجته ، لأمر ما الزوجة ذهبت عند أهلها ، حل محلها أختها أو امرأة أخرى إلى آخره فذاك وقع في الأمر الخطأ ، لكن الرجل حين جامعها في ظنه أنها حلاله ، هذا لا إثم عليه ، يقابله مثالا آخر عكس هذا تماما ،رجل متزوج لكنه غير قانع بزوجته ، فخرج ذات ليلة يبتغي قضاء شهوته مع بعض النساء ، فلما دخل دارا كان يعرف أن هناك مومسات فقدمت إليه امرأة ، طبعا تحت أنوار خافتة قضى شهوته منها، وإذا بها هي زوجته ، لأنه هو لما خرج من الدار لقضاء شهوته بالحرام ، هي بدورها أيضا خرجت تفتش عن مثل هذه الشهوة الحرام فالتقيا على غير ميعاد وعلى غير معرفة لكنهما زوجان لكنهما آثمان ولو أن أحدهما قضى شهوته من زوجته وهي بالتالي قضت شهوتها من زوجها ، لكن النية كانت بالحرام فالأول مع أنه واقع غير حلاله فهو غير آثم ، والآخر مع أنه واقع حلاله فهو آثم لماذا ؟ لقوله عليه السلام: ( إنما الأعمال بالنيات ) فإذا الرجلان يعلمان العلم الشرعي أحدهما مأجور والآخر مأزور وكلاهما لهما راتب ، فيختلفان باختلاف النية ، ولذلك في اعتقادي أنه يجب أن يقترن مع هذا المشروع لفت النظر لهذه الحقيقة ، وإلا تكون القضية مساعد على عدم الإخلاص ، في طاعة الله عز وجل ، ومن ذلك تعليم الناس ، ولكي يكون القائمون على هذا المشروع قد أحاطوا بالمشروع من الناحية الشرعية ، من جميع جوانبه ، فكما أنهم يحسنون صنعا حينما يسعون حثيثا في جمع هذه المساعدات ، لتفريغ بعض الناس للتعليم ، أي علم كان من العلوم الشرعية كما ذكرنا آنفا ، في الوقت نفسه يجب أن يتولوا توجيه هؤلاء المعلمين إلى أن يخلصوا في تعليمهم لله رب العالمين هذه ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين إن شاء الله .

السائل : شيخنا لو نرجع لبحث المسألة من ناحية الأدلة على شرعية أخذ الأجر على التلاوة والأدلة التي يظهر منها كما ذكرت قصة الرجل الذي أهدى إليه قوسا ... ؟

الشيخ : لا تؤاخذني إذا قلت لك لا أزال أسمع منك تكرر كلمة الأجر فإنا أرجوا تعديلها

السائل : جزاك الله خيرا

الشيخ : لأننا في صدد بيان أنه لا يجوز أخذ الأجر ، نحن نعلم من السيرة النبوية أن المجاهدين تقسم عليهم الغنائم بطريقة مقننة معروفة في الشريعة فلا شك أن هذه الغنائم التي تعطى لهم ليس أجرا لجهادهم في سبيل الله ، وانما هذا تعبهم ومكافأة من الله على جهادهم في سبيل الله ، ومع ذلك فالأمر فيه دقة متناهية جدا ، فقد جاء في صحيح مسلم ( أن المجاهد إذا غنم ذهب ثلث أجره ) مع أنه لا يكون قاصدا في هذه فلأنه فلو أعطي هذا الكسب المادي وهو لم يكن قاصدا ... أن يحبط عمله من أصله ، يذهب ثلث أجره في الجهاد في سبيل الله عز وجل

السائل : هذا صحيح ؟

الشيخ : حديث في صحيح مسلم في هذا المعنى أي نعم . فنأخذ من هذا الحديث وأمثاله جوابا له شعبتان من ناحية يجيز أخذ المال مقابل عبادة إذا قام بها مخلصا لوجه الله عز وجل ، وقدم له هذا المال إما من الدولة الحاكم أو من ينوب عنه في هذه الواجبات ،ومن جهة أخرى أخذ هذا المال قد يقلل من ثواب عمله ، ولو فرضنا في ذلك الإخلاص كله في طاعة ربه سبحانه وتعالى

السائل : السلام عليكم

الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

السائل : ... كيف حال شيخنا

الشيخ : صبحك الله بالخير

السائل : ...

الشيخ : وعليكم السلام أهلا كيف حالكم

يضاف إلى ما سبق ذكره أن الأصل في كل عمل يقوم به المسلم أنه جائز وتحريمه يحتاج إلى نص خاص ولا نجد في الشرع ما يحرم مثل هذا السعي في سبيل جمع الأموال لتخصيص بعض الأفراد من المسلمين ، وتفريغهم للقيام ببعض الواجبات الدينية ، يضاف أو لهذا السبب كان جرى عمل المسلمين ، حتى في القرون الثلاثة المشهود لها بالخيرية فالقضاة مثلا والمفتون كلهم كانوا لهم يعطون لا اقول أجورا وانما رواتب ، وكأنه هذا الراتب هو كما اشرنا اليه للمساعدة على التفرغ لهؤلاء الناس ان يقوموا بواجبهم ... بناء على ما نشاهده من وقائع وتجارب انه مع الاسف بالنسبة لكثير من الأفراد الذين فرغوا لهذا العمل أن إخلاصهم يأخذ يقل حتى يكاد أن يضمحل لكن في هذه الحالة نحن لا نرى ان مثل هذا الواقع ينبغي ان يصرفنا عما قد نكون في صدد مساعدة هؤلاء الناس لتعليم العلم الشرعي لأننا نحن نقوم بواجبنا وعليهم أن يقوموا به فاذا هم قصروا فما علينا نحن من مؤاخذة لكن بالشرط السابق الذي المحت بأنه ينبغي تنبيههم على ضرورة الإخلاص لله عز وجل في عملهم ، هذا ما يحضرني جوابا على هذا السؤال الذي له شعبتان شعبة جوازجمع الاموال في سبيل في نشر العلم والشعبة الأخرى هل يجوز لهؤلاء أن يأخذوا ذلك راتبا ، الجواب نعم لكن لا يكون ذلك أجرا وانما يأخذونه تعويضا او راتبا ، هذا ما عندي والله أعلم .

مواضيع متعلقة