هل يجوز أن نقول في كل حديث صحّحه الحاكم وسكت عليه الذهبي في " التلخيص " أنه وافقه؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
هل يجوز أن نقول في كل حديث صحّحه الحاكم وسكت عليه الذهبي في " التلخيص " أنه وافقه؟
A-
A=
A+
السائل : السؤال الثاني من المعلوم أن الإمام الذهبي رحمه الله تعالى لخص كتاب المستدرك للحاكم ولكنه لم يشترط أن ينبه على كل وهم وقع من الحاكم فهل يجوز مع هذا أن نقول في كل حديث صحّحه الحاكم وسكت عليه الذهبي أنه وافقه مع العلم أنه قد يكون سكت عليه في " التلخيص " وضعفه في " الميزان " مثلا.
الشيخ : نحن نفرق بين ما سكت فنقول سكت وبين ما وافق فنقول وافق, نفرق بين الأمرين.
السائل : وكيف نعرف أنه سكت أو أنه وافق؟
الشيخ : بيض تارة يعبر بهذا التعبير يعني يكون الحاكم في الأصل قال " صحيح الإسناد " أو قال " صحيح على شرط الشيخين أو أحدهما " كما هو معلوم أما الذهبي في " التلخيص " بيض لم يقل كما قال الحاكم فإذا بيض نقول بيض له الذهبي أو سكت عنه ولو بطريقة الرمز وافق في الرمز الحاكم في هذه الحالة نقول وافقه أما إذا لم يوافق وإنما بيض فنقول بيض أو سكت عنه.
السائل : يعني كون الذهبي رحمه الله تعالى يعني الحاكم أحيانا يقول صحيح على شرط الشيخين, فالذهبي رحمه الله يذكر في " التلخيص " يرمز بخاء ميم أو مثلا خاء إذا قال على شرط البخاري أو ميم إذا كان قال على شرط مسلم أو صحيح إذا كان قال صحيح الإسناد هل هذا الرمز يعتبر موافقة منه أم هو مجرد اختصار لكلام الحاكم.
الشيخ : هو المفروض أن يكون مجرد اختصار ولكن لما رأيناه قد تعقبه في كثير من الأمور حينئذ لا يسعنا الأمر إلا أن نقول وافقه بخلاف ما إذا بيض ولم يتعرض للموافقة.
السائل : يأتي هنا اعتراض من بعض طلاب العلم يقول إن الذهبي رحمه الله نفسه ذكر في ترجمة الحاكم من " سير أعلام النبلاء " أنه اختصر هذا الكتاب أو لخص هذا الكتاب الذي هو " المستدرك " وقال إنه ينقصه تحرير وتنقيح فكلام الذهبي هذا يدل على أنه لم يتتبع الحاكم في كل وهم وقع فيه.
الشيخ : هذا يمكن أن يقال لكن ليس معناه أنه إذا وافقه كما قلت وقلنا من قبل في الرمز أنه خالفه لأننا نعيد الجواب السابق حينما يتعقبه في عشرات إن لم نقل مئات الأحاديث فكيف نوفق بين هذا التعقب وبين التبييض وبين الموافقة فهنا مراتب ثلاث لا بد من أن نعطي كلّ مرتبة من هذه المراتب حقها.
السائل : يعني بعض طلاب العلم أو بعض المشايخ يقول أن الذهبي رحمه الله يعني تعقب الحاكم في ما اتفق له أن يتعقبه وخاصة في الأحاديث التي يكون لبعض المبتدعة فيها متعلّق فمثلا يقول إن تعقبات الذهبي رحمه الله للحاكم في كتاب " فضائل الصحابة " يعني فيما يتعلق بفضائل أهل لبيت التي أكثر منها الحاكم كان أكثر منه في غيره من الكتب.
الشيخ : هذا لا يعني أنه أولا لم يتعقبه في غير هذا الموضع يقينا, ثم ما تعقبه في غير هذا الموضع ليس له علاقة أبدا بالناحية التي أشرت إليها فيما يتعلق بالتعصب لجماعة أو لفرد من الأفراد فكثيرا ما يرد الحديث وليس له علاقة إلا بالفقه فتبقى النظرية التي ذكرتها عن بعضهم لا تعني أنه هو إنما دقّق فيما يتعلق بجنس معيّن من الأحاديث وهذا شيء كثير وكثير جدا والذي أنا أريد أن ألفت النظر وأؤكد القول مرة أخرى لا يجوز لنا أن نسوي بين ما سميناه موافقة وبين ما سميناه تبييضا وبين ما سميناه تعقبا صريحا, لا يجوز أن نسوي بين هذه الأمور فنقول حينما حسب تعبيري وافقه هذا لا قيمة له, لا يجوز أن نقول هذا فيه هدر كبير لمثل هذا العمل الذي قام به الإمام الذهبي أنا أعرف أن كثيرا من طلاب العلم اليوم يلاحظون ما نلاحظه من تناقض الذهبي في تلخيصه وتناقضه في كتب أخرى مع تلخيصه نحن نقول أن هذه الظاهرة لا تلاحظ فقط في الإمام الذهبي وبين كتاب وكتاب آخر بل هذه الملاحظة نلاحظها بين الكثير من العلماء البارزين, من الأمثلة الحديثة التي مرت بي رسالة للحافظ ابن حجر العسقلاني سماها أظن " المبعوث في خبر البرغوث " هذه رسالة أخذها السيوطي كما هي عادته وزاد عليها بعض الروايات وسماها " الطرثوث في خبر البرغوث " الشاهد أن هذه الرسالة الثانية للسيوطي حقّقها أحد الدكاترة في المغرب واطّلعت أنا عليها قبل أن تطبع فوضعت عليها تعقيبا وفي أثناء البحث وصلت إلى رسالة الحافظ ابن حجر العسقلاني التي عليها قامت رسالة السيوطي فوجدت فرقا كما هو واضح بين الرجلين أن الحافظ ابن حجر يذهب إلى تضعيف هذا الحديث أما السّيوطي فيسكت, والحديث لا بد مر بكم أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يسب البرغوث وفي رواية يلعنه فقال ( لا تلعنوا البرغوث فإنه أحيا نبيا ) وهنا فيه اختلاف روايات لسنا الآن في صددها المهم في نهاية الرسالة.
أبو مالك : أقول اللفظ أحيا أم أيقظ؟
الشيخ : لا أيقظ, الشاهد الحافظ ابن حجر يختم الرسالة فيقول بعد أن ذكره من رواية أنس ومن رواية علي فقال وهنا الشاهد " رواية أنس أو حديث أنس متماسك ولكن يعمل به في فضائل الأعمال " ختم الرسالة على هذا ووكل العلم إلى الله فقال " والله أعلم " فالآن أظنكم تذكرون أن الحافظ ابن حجر لا يطلق القول بجواز العمل بالحديث الضعيف كما يطلقه الجمهور وإنما يشترط لذلك شروطا ثلاثة فأنا فكرت كيف هنا أطلق وهناك قيد وأنا غلب على ظني أن شأنه شأن كل طالب علم يبدأ في طلب العلم بطيئا وئيدا ويتقوى رويدا رويدا ثم يصل إلى مرتبة من السمو والعلو في العلم وهكذا كل طالب علم, فالحافظ ابن حجر في ظني هنا الشاهد لما ألف رسالة " المبعوث " هذه كان قبل تقويه في مجاله العلمي الذي أصبح فيما بعد علما من الأعلام وفي ظني أن النساء لم تلد مثله قال هذا الكلام مع الجمهور الذي يقول يعمل بالحديث في فضائل الأعمال وعلى رأسهم الإمام النووي فحينما نضج علم الحافظ ابن حجر وضع تلك الشروط الثلاثة فنحن نلاحظ مثل هذا في كثير من الأحاديث مثلا نقول " الفتح " الذي قال فيه بأنه ما سكت فيه من الأحاديث فهي عنده على الأقل في مرتبة الحديث الحسن مع ذلك تجده قد انتقد كثيرا من هذه الأحاديث في بعض كتبه مثل " التلخيص الحبير " مثلا أو العكس يكون قد ضعف حديثا في " الفتح " وسكت عنه, عفوا أريد أن أقول العكس وضعفه ومع ذلك قواه بشواهد وهذا مما نقع نحن حتى اليوم في مثل هذا الأمر وهذا أمر طبيعي جدا وبعض الجهلة قد يستنكرون ذلك بجهل أو بتجاهل فإذا هذا الذي نراه من الاختلاف أو التناقض بين بعض الأحاديث التي جاءت إما مسكوتا عنها في المستدرك أو موافقا أو منتقدا ونرى خلاف ذلك في الكتب الأخرى فتعليله ليس هو ذاك التعليل أنه ما توجه لنقد المستدرك في الأحاديث التي نسميها أنه وافق الحاكم عليها لا نقول هذا وإنما هذا كان رأيه يوم لخص أما فيما بعد تبين له خلاف ذلك وصرح برأيه فيما بعد كما يصرح أي عالم مما ذكرنا نحن بعض الأمثلة آنفا.
مشهور : في " الفتح " في المجلد الأول يصحح وفي الثامن أو التاسع يضعف ويقول كنت قد صححت.
الشيخ : جميل.
مشهور : وأنا واقف على سبع مواطن في هذا.
الشيخ : جزاك الله خيرا فهذا كتاب واحد هذا أمر طبيعي بارك الله فيك.

مواضيع متعلقة