التعريف براوي الحديث مع بيان تعريف الحديث القدسي والفرق بينه وبين القرآن الكريم . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
التعريف براوي الحديث مع بيان تعريف الحديث القدسي والفرق بينه وبين القرآن الكريم .
A-
A=
A+
الشيخ : أوَّلًا : راوي هذا الحديث هو أبو ذرٍّ الغفار الصحابي المشهور ، ومن شهرته زهدُه الشديد الذي تميَّز به عن سائر أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وقلَّ من يعرف اسم أبي ذرٍّ ؛ ولذلك ذكره المصنف بكنيته زائدًا بذكر اسمه ، فاسمه جندب ، واسم أبيه جنادة ، فأبو ذرٍّ اسمه جندب بن جنادة ، يقول راويًا لهذا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ولكن قال فيما يروي عن الله - تبارك وتعالى - أنه قال ؛ أي : إن هذا الحديث من الأحاديث القدسية ليس من الأحاديث العادية النبوية .

والفرق بين الحديث القدسي وبين الحديث النبوي هو أنَّ الحديث القدسي يرويه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عن ربِّه - عز وجل - من قوله - تبارك وتعالى - ومن كلامه كما يروي الصحابي الحديث العادي عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من قوله ومن كلامه ، فالحديث القدسي يرويه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عن ربِّه - تبارك وتعالى - أنه قال كذا وكذا ، ومن هذه الأحاديث القدسية هذا الحديث الذي بين أيدينا الآن ، والفارق بين الحديث العادي والحديث القدسي أن الحديث العادي لا يذكر رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فيه أن الله قال هذا الكلام ، مثلًا : ( مَن قال لصاحبه يوم الجمعة : أنصِتْ والإمام يخطب ؛ فقد لغا ) ، هذا حديث نبوي عادي يقول فيه الصحابي : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( مَن قال لصاحبه يوم الجمعة أنصِتْ والإمام يخطب ؛ فقد لغا ) ، فكما ترون لم يذكر فيه قال الله - تبارك وتعالى - ، وعلى الخلاف من هذا وأمثلة الأحاديث العادية كثيرة جدًّا ؛ وهي الغالبة من الأحاديث كلها ، أما الحديث القدسي فيتميَّز بأن يبتدئه الرسول - عليه السلام - بقوله : قال الله - تبارك وتعالى - كما في هذا الحديث وكما في أحاديث أخرى غير قليلة كمثل قوله - عليه السلام - : ( قال الله - تبارك وتعالى - : أعدَدْتُ لعبادي الصالحين في الجنة ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ) ، فهذا يقول فيه الرسول - عليه السلام - - أيضًا - قال الله - تبارك وتعالى - .

فقد عرفنا الفرق بين الحديث العادي وبين الحديث النبوي ، وهو فرق واضح ، كل .

الحديث القدسي نعم .

عرفنا الفرق بين الحديث العادي والحديث القدسي ، والفرق بينها واضح ؛ كلُّ حديث تسمعون فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : قال الله - تبارك وتعالى - كذا وكذا ؛ فهو حديث قدسي .

وعلينا بعد أن عرفنا هذا الفرق بين الحديث النبوي العادي وبين الحديث القدسي أن نعرف الفرق بين الحديث القدسي وبين القرآن الكريم ، فقال الله - عز وجل - في القرآن الكريم نقول : (( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )) ، فالقرآن كله من أوله إلى آخره كلام الله - تبارك وتعالى - ؛ فما الفرق إذًا بين كلام الله - عز وجل - المكتوب في المصحف وبين الحديث القدسي ؟

الفرق هو من ناحيتين : الناحية الأولى أن القرآن هو كلام الله - عز وجل - بلفظه ومعناه ثابتٌ ذلك بالتواتر الذي لا يمكن أن يكون فيه زيادة حرف أو نقصان حرف ، أما الحديث القدسي فهو الذي لم يُروَ من طريق القرآن - أي : المصحف - ، ولا رُوِيَ بطريق التواتر إلا ما ندر جدًّا وإنما هو جاء من طريق الآحاد ، وطريق الآحاد ليس من الضروري أن يُحافظ فيها حتى على الحرف الواحد ؛ فيمكن أن يكون الصحابي نفسه لما سمع الحديث هذا الحديث القدسي - مثلًا - عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أن يكون وضَع لفظة بدل لفظة أخرى بسبب اشتراكهما في المعنى ؛ اللفظ يختلف ، ولكن المعنى واحد ، فمن هذه الحيثية يختلف الحديث النبوي عن القرآن الكريم .

وهناك اختلاف آخر بين الحديث القدسي وبين القرآن الكريم ؛ وهو أن القرآن معجز في بلاغته وفصاحته ، وأما الحديث النبوي فهو ليس في مستوى القرآن الكريم ، الحديث القدسي ؛ فهو ليس في مستوى القرآن الكريم من حيث فصاحته وبلاغته .

كما أننا مُتعبَّدون بتلاوة القرآن بمثل قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( مَن قرأ القرآن فله بكلِّ حرف عشر حسنات ، لا أقول : (( ألم )) حرف ، ولكن ألف حرف ، لام حرف ، ميم حرف ) . فهذه الفضيلة التي يعبِّر عنها أهل العلم بأننا متعبَّدون بتلاوة القرآن هذه خصوصية للقرآن وليست للحديث ؛ بمعنى أنك إذا قرأت الحديث أيَّ حديث كان حتى لو كان حديثًا قدسيًّا ؛ فليس لك بكلِّ حرف عشر حسنات ، هذا أمر خاص بالقرآن الكريم ، لكن بالطبع لك على تلاوته وعلى ذكره وعلى روايته ثوابٌ دون ثواب تلاوة القرآن .

بعد هذا البيان من الفرق بين القرآن وبين الحديث القدسي من ناحية ، وبيان الفرق بين الحديث القدسي والحديث العادي من ناحية أخرى .

مواضيع متعلقة