هل مايراه بعض الناس من أن الدعوة السلفية قد تجاوزت مرحلة التصفية والتربية وأنه لا مانع من السير فيها مع الاستعداد العسكري صحيح.؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
هل مايراه بعض الناس من أن الدعوة السلفية قد تجاوزت مرحلة التصفية والتربية وأنه لا مانع من السير فيها مع الاستعداد العسكري صحيح.؟
A-
A=
A+
السائل : السؤال الثالث يا شيخ : يرى بعض الدعاة السلفيين أن الدعوة السلفية الآن قد تعدت مرحلة التصفية والتربية

الشيخ : الله أكبر!

السائل : أو إن صح التعبير يرى بعض الدعاة الذين ينتمون أو يزعمون أنهم من السلفيين

الشيخ : أيوه

السائل : أن الدعوة السلفية الآن قد تعدت مرحلة التصفية والتربية وأن عليها أن تستعد لمراحل أخرى تتطلبها حاجة العصر ، وآخرون يرون أنه لا مانع من السير في التصفية والتربية والاستعداد المادي والعسكري لمواجهة الحكام إن أمكن ذلك ، وكل ذلك يكون في آن واحد ، فما تعليقكم على هذا ؟

الشيخ : أرى أن قولهم ولو أننا نحن لا نتمسك بالألفاظ ؛ لأن الألفاظ قوالب المعاني ، أن قولهم تعدت التربية . إذا كانوا يقصدون بهذه اللفظة أو بغيرها أن هذا الواجب قد تحقق فالواقع يكذبهم ، وإن كانوا يعنون ظاهر هذه اللفظة أنه جاوزت هذه المرحلة التي يجب على السلفيين أن يعيشوها سنين طويلة علمًا وتربية تعدوها جاوزوها قبل إيه؟ أن يتمكنوا منها ، وأن يتحققوا ، فحينئذ نحن نقول هذا خلاف ما ذكرناه آنفًا بأنه " من استعجل الشيء قبل أوانه ابتُليّ بحرمانه " . أما ما جاء في السؤال من الاستعداد المادي والاستعداد الحربي أيضًا ، هذا في الحقيقة كما يُقال في المثل المعروف " شنشنة نعرفها من أخزم " هذا في الواقع يخرج من بعض الناس بحماس غير موزون ، وغير منهج موضوع منهج له ، وبخاصة أن كثيرًا من الأفراد تكتلوا على هذا الأساس ، فكان عاقبة أمرهم أن رجعوا بدعوتهم القهقري ، وذهبت أرواح كثير منهم هباء منثورًا ، سُدى ، بدون فائدة تُذكر أبدًا ؛ ذلك لأنهم لم ينهجوا المنهج الذي ذكرناه آنفًا وهو بلا شك منهج التربية التي جرى عليها الرسول - عليه السلام - في تبليغه دعوته إلى الناس تعليمًا وتربية ، فإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو أفضل البشر عامة ، وهو الممدود بحبل من الله - عزَّ وجلّ - بوحي السماء ظل يدعو إلى التوحيد وبعض الأحكام الشرعية الضرورية التي كانت تنزل إليه ثلاثة عشر عامًا في مكة المكرمة ، وأوذي أصحابه وأمرهم بالهجرة مرتين إلى الحبشة ، والمرة الأخيرة هاجر هو - عليه السلام - بنفسه ، ولحق به بعض أصحابه إلى المدينة وهناك بدأ الرسول - عليه السلام - يضع منهاج الاستعداد لملاقاة أعداء الله - عزَّ وجلّ - ، وليس في المدينة ونحن نعلم أن مجتمعنا الإسلامي اليوم يعد الملايين المملينة ، فأين هؤلاء الدعاة الذين أُتيح لهم مجتمع كمجتمع المدينة ، يتعلمون فيه الإسلام على وجهه الصحيح ثم يتمكنون فيه من الإعداد المادي والمأمور به في مثل قوله -تعالى- : (( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ )) ما علمنا أن جماعة من هؤلاء ظلوا نفس المدة التي ظل فيها الرسول وهو ممدود بمدد السماء في مكة ، فعلموا وربوا أنفسهم وغيرهم ثم أخذوا يستعدون الاستعداد المادي ، أنا أرى من الحكمة بمكان أن التفكير في تنفيذ أو تحقيق وتطبيق هذه الآية الكريمة (( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ )) ليس هذا وقت بحثه ، فضلًا عن أن يكون بحث تطبيقه ؛ لأنهم كما ترون لا يستطيع المسلمون على أوضاعهم التي يعيشونها الآن تحت أحكام لا يسمحون بتطبيق الإسلام ، فإذًا يجب أن نمشي الهوينى ، يجب أن نمشي الهوينى رويدًا رويدًا . والبدء بما هو الأهم كما قيل :

" العلم إن طلبته كثير والعمر عن تحصيله قصير

فقدم الأهم منه فالأهم "

يوم يستعد طائفة من المسلمين كما أشرنا ما كل المسلمين ، يوم يستعد طائفة من المسلمين ، جماعة من المسلمين ، كتلة اجتمعوا على الكتاب والسُنة وعلى التربية عليهما ، وكانوا كقلب رجل واحد ، يومئذ ربنا - عزَّ وجلّ - بفضله وكرمه الذي وعد المؤمنين به أن يهيأ لهم سُبل الانتصار على أعدائهم ، يومئذ ستأتي الظروف التي تساعدهم ليقوموا بالاستعداد المادي الذي يرفع بعض الناس اليوم المتحمسين على غير هدى من ربهم أصواتهم بوجوب القيام بهذا الاستعداد ، وهم يرون الأمثلة قائمة هنا وهناك أنهم لا يستفيدون بهذا الاستعداد شيئًا إلا الرجوع القهقري ، فنسأل الله - عزَّ وجلّ - أن يلهمنا رشدنا وأن يوفقنا للأخذ بالإسلام على منهج نبينا - صلى الله عليه واله وسلم - ... .

مواضيع متعلقة