الكلام على قبول رواية المبتدع. - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
الكلام على قبول رواية المبتدع.
A-
A=
A+
السائل : لدي سؤال يتعلق بعلم المصطلح نجد علماء المصطلح عندما يؤصلون في كتبهم وخاصة عند حديثهم على رواية المبتدع الداعية وغير الداعية, نجدهم أنهم يفرقون عمليا بين رواية الداعية إلى بدعته وذلك برد روايته إذا كانت موافقة لما يدعو إليه ويقبلون غير الداعية سواء كان فيما وافق بدعته أو لم يوافق لكننا عندما ننظر في شروط الحديث الصحيح نجد أن العلماء يشترطون في ذلك العدالة ويقولون أنه لا تتحقق أهلية الراوي إلا بثبوت عدالته ويعرفون العدالة بأنها مظنة صدق الراوي, هنا يوجد عندي إشكال أستاذ إذا كان الراوي المبتدع قد يتهم من جهة حفظه فلم نروي عنه؟
الشيخ : عفوا إذا كان الراوي يتهم إيش؟
السائل : المبتدع الداعية إلى بدعته قد يشك في صدقه أو قد يطرأ عليه الكذب فلم نقبل روايته أصلا علما أننا نجد أن علماء الحديث إذا طرأ الكذب على راوٍ من الرواة يردون روايته بالكامل فأريد أن تنحل هذه العقدة من ذهني كي تتضح وبارك الله فيكم؟
الشيخ : أولا التفريق بين الداعية وغير الداعية هذا أمر ليس متفقا بين علماء الحديث وإنما هو رأي لبعضهم وهو المعمول به نظريا والمخالف عمليا واضح إلى هنا الجواب؟
السائل : إلى هنا واضح.
الشيخ : طيب, إذا تبنيت هذا الجواب وسأقدم لك ما يساعدك على التبني أظن تطيح الإشكالات أليس كذلك؟
السائل : أي نعم.
الشيخ : أولا من نفس الأصول والقواعد التي أنت أشرت إليها آنفا أن تعريف الحديث الصحيح ما رواه عدل ضابط عن مثله عن مثله إلى منتهاه ولم يشذ ولم يعلّ فهذا المبتدع ولنقل المبتدع الداعية إما أن يصدق عليه تعريف الحديث الصحيح أو لا, طيب إذا صدق عليه انتهت المشكلة ويبقى الإضافة التي تقرأها في المبسطات من كتب المصطلح هذا رأي كما ذكرت في مطلع جوابي هذا لكنه ليس متنبنى كقاعدة واضح؟
السائل : واضح.
الشيخ : ثم تجد عمليا أن العدل الضابط ليس المقصود بالعدل إلا نفي الفاسق فضلا عن الكافر فهو مسلم العدل هو المسلم لكن من دقة علماء الحديث أنهم لا يقبلون حديث كل مسلم لأنهم يشترطون أن يكون حافظا ضابطا فإذا ما توفر هذان الشرطان سلك بحديثه مسلك الأحاديث الصحيحة وعلى هذا قام الصحيحان المتفق بين علماء الإسلام على أنهما أصح الكتب بعد كتاب الله عز وجل, وإذا قيل بأن فلانا مبتدع وداعية أيضا كما ذكرت نحن نقول وهنا النكتة التي ينبغي على طلاب العلم أن ينتبهوا لها هل يمكننا ولو ذهنيا ثم النظر عمليا هل يمكننا أن نتصور في أذهاننا عدل أي مسلم وضابط حافظ وداعية مبتدع ممكن سؤال الآن؟
السائل : ممكن يا أستاذ.
الشيخ : ممكن عندك شيء غيره؟
السائل : ... .
الشيخ : بس بس, هذا الممكن وقع أم لم يقع؟
السائل : وقع.
الشيخ : خلاص طاح الإشكال لأنه كما لو تعلمون الإمام البخاري يروي عن عمران بن حطان وهو ليس فقط داعية بل هو الذي سعى لقتل خليفة المسلمين, فهو لولا الاجتهاد الذي كنا ذكرناه في بعض الجلسات حينما تكلمنا حول الخطأ الذي صدر من المجتهد وأنه لا ينبغي التفريق بين الخطأ في الأصول والخطأ في الفروع فيقال الخطأ في الفروع مغتفر وفي الأصول غير مغتفر أو بعبارة أخرى الخطأ مغتفر في الأحكام الشرعية غير مغتفر في العقائد أو في الأخبار العلمية, هذا التفريق ليس عليه دليل من كتاب الله ولا من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإنما هو رأي لبعض الفقهاء أو علماء الكلام, ولاحتمال أن عمران بن حطان مع جرمه أنه لم يكن عن هوى ولم يكن من باب (( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم )) هذا هو نظرة الإمام البخاري في هذا الخارجي حينما خرج له في حديثه لأنه مسلم ولا شك ولأنه ضابط حافظ لكنه خارجي إذا هو لم يعتد ببدعته في الرواية أما عقيدته فحسيبه الله لكن في الرواية لا ينظرون إلى الرأي والمذهب والعقيدة أبدا ما دام أنه توفر الشرطان الأساسيان المذكوران في تعريف الحديث الصحيح في كل كتب المصطلح, والواقع أن من فضل علماء الحديث وأهل السنة دون كل الطوائف الأخرى أن أهل السنة وبخاصة منهم أهل الحديث يسعون كل الطوائف الأخرى الإسلامية ولا يخرجونهم عن دائرة الإسلام إلا من جحد ما استيقنه بينما الطوائف الأخرى وعندك مثلا الشيعة فإنهم لا يعتدون بأصح الكتب بعد كتاب الله " صحيح البخاري ومسلم " اللي قام على ضوابط وقواعد وأصول اضطر أخيرا بعض علماء الإفرنج الكفار أن يعترفوا أن الأمة الإسلامية خصت من بين كل الدول بوسيلة بطريقة لتمييز الروايات الصحيحة عن الضعيفة ألا وهو علم الإسناد وعلم الجرح والتعديل هذا مفقود عند كل الطوائف الإسلامية الأخرى ولذلك فنحن نجد في كتبنا الشيعي والخارجي والمرجئي يروى عنهم ويدعون رأيهم ومذهبهم لهم والله عز وجل هو حسيبهم بينما الطوائف الأخرى لا يقبلون سنيّا لو كان من الصحابة شو بدنا نقول أكثر من هيك لو كان من الصحابة لا يقبلون خبره!! ولذلك من كمال أهل السنة وبخاصة منهم أهل الحديث أنهم حينما وضعوا هذه الضوابط وهذه القواعد ما اشترطوا إلا أن يكون مسلما وأن يكون حافظا ضابطا أما رأيه, مذهبه, عقيدته, الله كما قلنا حسيبه وعلى العكس من ذلك وهذه ناحية أخرى مقابلة وهذا يدل أيضا على فضلهم من زاوية أخرى وأنه لا محاباة عندهم في رواية حديث رسول الله صلى اله عليه وسلم ذلك أنهم يسقطون حديث إمام من أئمة المسلمين إمام نبغ في جانب من علوم الشريعة في الفقه أو التفسير أو ما شابه ذلك أو في القراءة أو أو إلى آخره مع ذلك يعترفون له بفضله ونبوغه في ذلك الجانب لكن في الحديث لا يحتج به.
أبو مالك : كأبي حنيفة رحمه الله.
الشيخ : خليها مكتومة يا أستاذ! أنا أخشى أن تكون الأرض مسكونة يا أبا مالك! لكن أريد أن أضرب مثلا قد يكون فيه فائدة جديدة أنه من كبار علماء المسلمين الأولين تابعي جليل عفوا تابع تابعي ولد ابن والد الوالد تابعي ويروي عن أصحاب الرسول عليه السلام هذا الوالد هو عبد الرحمن بن أبي ليلى ابنه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى هذا من كبار الفقهاء لكن إذا روى حديثا لا يقبل منه لأنه أتقن الفقه وصرف جهده كله للفقه ولاستنباط الأحكام الشرعية مما كان عنده من أحاديث علاوة على كتاب الله المحفوظ فهذا جانب آخر يدل على إنصاف علماء الحديث وتجردهم وأنهم لا يدارون أحدا ولا تأخذهم في الله لومة لائم.
أبو مالك : شيخنا توضيح للإخوان جانب عدالة الرواة واعتماد البخاري رجل أو راوي كعمران بن حطان يبدو أن البخاري رحمه الله من دقته في هذا وغيره أيضا كذلك وغير البخاري أن ...
أبو ليلى : ... يا شباب
الشيخ : عم نسمع بارازيت يا جماعة ...
السائل : فأقول يبدو أن البخاري وأمثاله من الراسخين في هذا العلم كانت تتكشف لهم من أحوال هؤلاء أمور يحكمون بها عليهم بأنهم بلغوا من العدالة مبلغا لا يمكن أن ترد روايتهم فمثلا من هذه الأمور التي كانت تبدو لهم أنهم كانوا صادقين جدا في دعوتهم يعني في بدعتهم كانوا على صدق كبير ولذلك هذا الصدق الذي كان لهم لا يؤخذ عليهم به أنهم دعاة أو غير دعاة وإنما لمسوا منهم الصدق في دعوتهم والحماسة لها وهذا ما أشرتم إليه يعني أن الرجل لم يكن صاحب هوى فأحببت الحقيقة توضيحا لهذه المسألة.
الشيخ : هو هذا علماء الحديث أيضا كما تعلمون لخصوص الخوارج يطمئنون لروايتهم لأنهم من مذهبهم وضلالهم في آن واحد أنهم يكفرون مرتكب الكبيرة ولا شك أن من أكبر الكبائر الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا روى الخارجي حديثا عن رسول الله أبعد ما يكون أن يكون كذابا مفتريا بخلاف الروافض فالأمر فيهم كما قال شيخ الإسلام بحق ابن تيمية الحراني رحمه الله " ما وجد في الفرق الإسلامية أكذب من الرافضة " وهذا مشاهد في الكتب يعني تجد في كثير ولا أقول أكثر في كثير من الأحاديث الضعيفة والموضوعة مدارها على الرافضة بينما نادر جدا أن تجد وأقول نادر وانتبهوا لأني أعني ما أقول لأن مذهب الخوارج تطور على الأقل تطور عمليا كتطور عامة المسلمين كيف كانوا من قبل صادقين يعني متقين وكيف صار أوضاعهم اليوم كذلك الخوارج في العهد الأول كان الاطمئنان على روايتهم في منتهى الطمأنينة لكن فيما بعد وجد بعضهم من أيضا يضع الحديث انتصارا للمذهب لكن هذا ما يخفى على أئمة الحديث الذين كان يوجد عندهم يعني إذا صح التعبير العصري رادار وما مثله رادار في الأمم كلها.
السائل : مصداقا لكلامكم أستاذ لما سئل الإمام مالك في روايته عن الخوارج قال مقولة رائعة قال " كان أحدهم لئن يخر من السماء أحب من أن يكذب " إي نعم وهذا أيضا مصداق لكلامكم الآخر من اعترافات بعض الخوارج المتأخرين قال " كانوا فيما بعد إذا هووا أمرا جعلوه حديثا " .
الشيخ : هذا هو.

مواضيع متعلقة