الاستدلال على كون البدع كلِّها ضلال بخطبة الحاجة والكلام عليها وبيان أهميتها . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
الاستدلال على كون البدع كلِّها ضلال بخطبة الحاجة والكلام عليها وبيان أهميتها .
A-
A=
A+
الشيخ : ... وممَّا يؤكد لكم ذلك الأحاديث المشهورة التي منها ما نبتدئ بها دروسنا :

خير الكلام كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .

من عجائب الأمور التي نلاحظها والتي تؤكِّد لنا صحَّة منهجنا وخطأ منهج غيرنا أنَّك لا تجد خطيبًا من الخُطباء يُحافظ في خطبته على هذه الخطبة التي هي من خطبة الحاجة التي كان نبيُّنا - عليه الصلاة والسلام - يحافظ عليها دائمًا وأبدًا ؛ لماذا ؟ لأنُّو أبسط إنسان رح يقول له : من صعودك المنبر إلى خروجك من الصلاة كله بدعة وخلاف هدي الرسول الذي أنت تدعو إليه ؛ ولذلك فالشيطان أوحى إليهم كونوا متجاوزين ، لا تكونوا متداخلين في أنفسكم ؛ تطلع تخطب ( خير الكلام كلام الله ) ، وتختمها : ( وكل ضلالة في النار ) ، وأنت تقول : لا البدعة حسنة ، ورسولك يقول وأنت بتنقل عنه : ( كل ضلالة في النار ) فهذا تناقض ، لذلك زيَّن لهم سوء عملهم ، ونسخ من شريعتهم هذه السنة التي واظب عليها الرسول - عليه السلام - ؛ لذلك أنا صار عندي مادَّة ... كاملة ما أدري بمجرَّد ما أسمع خطيب يفتتح الخطبة بهذه الخطبة بقول هذا لا بد في عنده - ما بقول لك سلفي - لكن عنده إيش ؟ سلفية يعني ، وإلا مش ممكن واحد يقول في بدعة حسنة ويجي يخطب في الناس ويقول : ( كل ضلالة في النار ) ، فهذا من الأحاديث الدالة على خلاف ما يذهب المتأخِّرون المقلِّدة ليسوا مجتهدين أبدًا باعترافهم إلى أن هناك بدعة حسنة ، ثم يتجرَّؤون بجهلهم بل بغباوتهم ، ويقولون : يا أخي ، هذا نصٌّ عامٌّ لكنه مخصَّص ، ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) يقولون مخصَّص !!

أوَّلًا : لا نعلم في ألفاظ الرسول - عليه السلام - التي هي من جوامع الكلم مثل هذا التَّعميم ثم يدخله تفصيل ، هذه لفظة ( كل ) من أصرح ألفاظ العموم والشمول ، ( كل بدعة ضلالة ) ، أقول دائمًا وأبدًا بهذه المناسبة على وزان قوله - عليه السلام - : ( كلُّ مسكر خمر ، وكلُّ خمر حرام ) ، ممكن أحد يقول : لأ ، ليس كل مسكر خمر وليس كل خمر حرام ؟ مستحيل هذا الكلام . وهناك كليات كثيرة ، ( كل بني آدم من تراب ، ويتوب الله على مَن تاب ) ، ما ممكن بقى إنسان يقول : لأ ، ما من تراب إلا يكون أصله من تراب ، ( كلُّكم يدخل الجنة إلا مَن أبى ) . قالوا : من يأبى يا رسول الله ؟ قال : ( مَن أطاعني دخل الجنة ومَن عصاني فقد أبى ) ، إذًا كل من أطاع الرسول - عليه السلام - دخل الجنة ، الكليات هذه لا تقبل التفصيل ، هذه الكلية جاؤوا بها فحطَّموها ، وقالوا : لا ، ... الحديث على عمومه ؛ مع أنَّ الرسول - عليه السلام - كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية العارف بالله حقًّا ، ما أدري هل نثني عليه خيرًا حينما نصفُه بما يصف غيرُنا بعضَ كبارهم حينما نصف ابن تيمية بأنه العارف بالله حقًا ؟ ما ندري أنذمُّه أم نثني عليه ؟ لكن ( إنما الأعمال بالنيات ) ، لأن الحقيقة هو عارف بكتاب الله وبحديث رسول الله ، يقول : رسول الله في كلِّ خطبة جمعة فضلًا عن خطب أخرى يقول فيها : ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) تأسيسًا وتقعيدًا لهذه القاعدة ، ثم يأتي هؤلاء بأبسط حماقة ويقولون : لا ، هذه ليست عامة ، ولا مرَّة يقول الرسول - عليه السلام - مو كل بدعة ضلالة ، دائمًا يؤكِّد ويؤكِّد تكرار الجملة العامة على اختلاف الملابسات والمناسبات من حيث الأسلوب العربي تأكيد أن هذا الكلام كما أنَّكم تسمعون ؛ ما يقبل التأويل ولا تقييد ولا تخصيص إطلاقًا ... .

فهنا يقول : ( كل بدعة ) هَيْ كلية ، وهناك يقول : ( مَن أحدث ) أيضًا مَن مِن صيغ العموم والشمول ، معنى ( من أحدث ) أي : كل من أحدث في ديننا هذا ما ليس منه فهو رد ، والبحث في هذا طويل الذيل ، لكن أذكِّر - أيضًا - بأثر عن صحابي جليل كان بارزًا من بين الصحابة بحبِّه للرسول - صلى الله عليه وسلم - وحبِّه لاتباعه لسُنَّته ، فسَّر لنا الجملة الأولى ( كل بدعة ضلالة ) تفسيرًا سدَّ الطريق على هؤلاء المبتدعة ، هم يقولون ( كل بدعة ضلالة ) لا ، يأتي ويرد عليهم وكأنما الله - عز وجل - كشف عن بصيرته ، ولو كنَّا نؤمن بالكشف الذي يقول الصوفية وأتباعهم لَقُلنا انكشف له بأنه سيأتي ناس من بعدهم يقولون في بدعة حسنة ، وأن قول الرسول ( كل بدعة ضلالة ) من العام المخصوص ، كُشِفَ له هذاك فأجابَهم سلفًا فقال : " كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة " ، فأين تذهبون يا مقلِّدون ؟ أخطأ هذا الرجل من كبار الصحابة ، طيب ؛ نحن نقبل ؛ لأنُّو أنا عم أقول بالعصمة ، لكن لا نرد كلام الصحابي الواحد فضلًا إذا كانوا أكثر بمجرَّد أن يردَّ عليه رجل مقلِّد ، بل وليس مجتهد إلا بالدليل ، كيف وهناك مَن يقول من الصحابة - حذيفة بن اليمان - : " كلُّ عبادةٍ لم يتعبَّدها أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - فلا تعبَّدوها " . عدُّوا العبادات التي يفعلها الناس اليوم واطلبوها من كتب التقليد ، مش من كتب السنة ، اطلبوها من كتب التقليد فسوف لا تجدون لها ذكرًا .

ليه ؟ لأنَّ نفس المقلدين الذين هم علماء بأقوال أئمتهم من قبل ما سطَّروا هذه البدع ، وكل يوم في بدعة جديدة ، كل يوم في بدعة جديدة ، ليه ؟ لأن خرم البدع لا يكاد يمتلئ أبدًا ، واسع جدًّا والشيطان للناس بالمرصاد ؛ كما قال - عليه الصلاة والسلام - في الحديث الصحيح لما خطَّ للناس خطًّا مستقيمًا وقرأ : (( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ )) ، خطَّ الخطَّ المستقيم ، وخطَّ على طرفيه خطوطًا قصيرة ، وقال : هذه الخطوط للشيطان طرق ، وعلى رأس كلِّ طريق منها شيطان يدعو الناس إليه .

فشياطين الجن فضلًا عن شياطين الإنس لا يزالون أحياء يقومون بغريزتهم ، ولذلك فالسَّعيد مَن يستعصِمْ ويستمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها ، ما هي ؟ الكتاب والسنة .

ولعل في هذا القدر كفاية ، وإن كنت أشعر كما قلت لكم في مبتدأ الكلام بأن موضوع البدعة في الإسلام يحتاج إلى محاضرات عديدة ، فعساني في درسٍ آتٍ - إن شاء الله - أتبع بعض هذا ببحث مكمِّل أو متمِّم بعضه على الأقل بأدلة أخرى نذكِّر بها الإخوان ، ونعالج شبهات المتأخِّرين التي يتمسَّكون بها لردِّ هذه الأساطين من الأدلة ... عن الاتباع في الدين .

مواضيع متعلقة