هل يجوز أن نترك العمل بالحديث اتباعاً لقول أحد الأئمة ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
هل يجوز أن نترك العمل بالحديث اتباعاً لقول أحد الأئمة ؟
A-
A=
A+
السائل : وقت قمت قلت له إنه لما بسمع القول ومعه الحديث إذا قبل بمخي هذا يأخذه وما بفرق إذا قال له أبو حنيفة أو قاله الشافعي أو قاله كذا أو كذا ، شو رأيك بهذه الفلسفة تبعي منشان ما يأخذوا عني فكرة أني وهابي أو كذا يعني بدي أبعد عن المذهبية ؟

الشيخ : منيحة بس عبارتك خطأ

السائل: هي الآخرنية ما؟

الشيخ: الأخرانيةوالأولانية عيد الكلام ... أعني قولك إنه إذا جاء بي القول عن أبي حنيفة طبعا تعني مثلا معنى حديث قبله عقلي هذا الذي اطمئن له ، فقرنك الحديث مع قول أبي حنيفة وتعبيرك : وقبله عقلي هذا خطأ وجه الخطأ أن المسلم إذا جاءه الحديث فقط فالواجب كما قال تعالى : (( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما )) ، فالواجب كما هو معلوم بالنسبة للمسلم أنه حينما يأتيه الحديث عن الرسول عليه السلام أن يسلم تسليما وليس يشترط فيه أن يوافق عقله ؛ فإذا جاء الحديث مع قول إمام هذا يمكن أن يقال إنه نور على نور ؛ لكن لما اقترن الحديث مع قول أبي حنيفة لم يجز للمسلم أن يقول إذا قبله عقلي ، لو جاء القول معرا غير مقرون بحديث الرسول عليه السلام عن أي عالم من علماء المسلمين وقال والله إذا قبله عقلي قبلته أنا ، هذا يعني يمكن أن يقال لأنه ليس كلام المعصوم ؛ أما أن يأتي في قول الإمام مقرونا بالحديث ثم نعامله كما لو كان قول الإمام غير مقرون بالحديث بنعرضه على عقلنا فإن وافقه قبلناه وإلا رفضنا ، هنا يكمن الخطأ ، وهذا من أخطاء الألفاظ التي ندندن حولها كثيرا وكثيرا جدا كما ذكرنا آنفا بالنسبة لخطأ " مثواه الأخير " لا شك أن المسلم لما يقول عن الميت أنه نقل إلى مثواه الأخير لا يعني أنه ينكر البعث والمنشور وإنما هذا جاء من التقليد كما ذكرنا والغفلة عن أن هذه العبارة قاصرة عن التعبير عن عقيدة المسلم لأن القبر هو مرحلة من مراحل الحياة وأنه برزخ بين الحياة الدنيا الفانية والحياة الأخرى الباقية ؛ كذلك يقع الناس في كثير من الأحيان في أخطاء لفظية لا تعبر عن العقيدة الكامنة والمستقرة في الصدر ، لا يمكن مثلا لمسلم الصحيح الإسلام أن يقول وإن كان هذا قد يقوله بعض المنحرفين ؛ لذلك لا يمكن بالنسبة للمسلم الصحيح الإسلام والله إذا جاء الحديث وقبلته بعقلي قبلت وإلا رفضته ، لا يمكن للمسلم أن يقول هذا الكلام وإن كان بعض المنحرفين عن السنة قد يقولون مثل هذا الكلام بل ويروون في ذلك حديثا موضوعا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( إذا جاءكم الحديث موافقا للقرآن فخذوا به وإلا فدعوه ) أو إذا جاءكم الحديث موافقا للقرآن فخذوا به سواء قلته أم لم أقله ، من هنا تأثر كثيرون من الناس خاصة من المثقفين العصريين فأخذوا يقيسون الأحاديث النبوية بعقولهم فما وافق عقولهم قبلوه وما خالفها رفضوه ، هذا بلا شك انحراف خطير عن الإسلام قد لا يسلم هذا المنحرف عن أن يخرج من دين الإسلام كما تخرج الشعرة من العجين ، هذا الذي كنت ألاحظه في هذه الكلمة .

السائل : أنا لو كان التعبير تبعي إذا كان وافق رأي أبو حنيفة أو الإمام الشافعي بالحديث فأنا شافعي هيك كان قصدي .

الشيخ : أي نعم.

السائل: ثاني مرة بدنا ننتبه

الشيخ: لكن شوف هنا في مسألة دقيقة شوية ، هذا أصح نسبيا خلينا الآن نعالج المسألة نفصلها شوية عن الحديث السابق مسلمان أحدهما عالم والآخر جاهل ، العالم قال له هذا لا يجوز أو قال له يجوز ... العالم قال قولا فقال هذا العامي أنا القول هذا ما وافق عقلي ، هذا صواب أم خطأ ؟ يظن كثير من الناس أن هذا صواب لا غبار عليه ، والحقيقة أنه خطأ ، ليه ؟ لأن رب العالمين يقول في القرآن الكريم : (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) والآية تجعل الأمة المسلمة بالنسبة لكونهم علماء أو جهلاء قسمين : عالم ، وغير عالم ؛ فأوجب على كل من القسمين حكما ، أوجب على غير العالم أن يسأل العالم ، وأوجب على العالم أن يجيب السائل كما قال عليه السلام : ( من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيمة بلجام من نار ) فليس هناك قسم ثالث هذا القسم الثالث هو الذي نحن بصدده وهو غير عالم لكن ما اقتنع بقول العالم ، هذا شو حكمه ؟ ما في له حكم (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) يجب أن تقبل حكم العالم إلا إذا كان أنت عندك دليل ضد هذا القول ؛ حينئذ أنت ما بتكون جاهل ما دام أنه عندك دليل ، هذا الدليل يسوغ لك أن ترد قول هذا العالم وإن كان هو أعلم منك بصورة عامة لكن بخصوص هذا السؤال فأنت ما دام معك الدليل جاز لك رفض قول ذلك العالم ؛ أما أنت ما عندك أي شيء ، أنت أولا جاهل وثانيا ما عندك دليل ؛ فإذا قول ذلك العالم مقدم على جهلك أنت وقولك أنه ما دخل في عقلي قول هذا العالم ؛ لذلك نحن نشوف أن السلف الصالح كانوا مربيين على ضوء هذه الآية الكريمة ، كيف ؟ عندنا قصة ذلك الصحابي الذي كان في سرية أرسلها الرسول عليه السلام لمقاتلة الكفار ، فجرح كثير منهم أحد هؤلاء الجرحى أصبح محتلما فسأل من حوله هل يجدون له رخصة في أن لا يغتسل ، قالوا له لا ، لا بد لك من الاغتسال ؛ لو نحن الآن قسنا القصة هذه على أنفسنا وأنفسنا التي هي عندها شيء من حرية إبداء الرأي أمام العالم والذي يكون من عادة صاحب الحرية هذه أن يقول والله ما دخل في مخي هذا الكلام ، ترى لو كان هذا الجنس الذي نشير إليه اليوم ... حوله يلاقوا له رخصة أنه ما يغتسل لأنه مجروح ويخشى من إصابة الماء لبدنه وإنه يموت ، قالوا له لا ، لا بد من أن تغتسل ؛ لو كانت القصة مع أحدنا أو بعبارة أخرى كان ذاك الجريح يحمل منطق أحدنا شو بكون موقفه ؟ ما بيقول إن هذا مش معقول ، أنا جريح وأخشى على نفسي الموت ، كيف أنا بدي أستحم وأغتسل ؛ ما نلاقي موقفه هذا الموقف بالعكس سلم لكلام الذين أفتوه ومع ذلك فكان في تسليمه الموت ؛ ولما جاء خبره إلى النبي عليه السلام دعا على الذين أفتوه بقوله عليه السلام: ( قتلوه قاتلهم الله ألا سألوا حين جهلوا إنما شفاء العي السؤال ) نحن نأخذ من هذه القصة فائدتين هامتين أن الجاهل ليس له إلا أن يتبع العالم سواء كان يعني فتوى العالم طابقة مخه أو لا ؛ الفائدة الثانية أن العالم يجب أن لا يتسرع في إصدار الفتوى وأن يتورع عن التهجم عليها خشية أن تكون فتواه سبب ضلال المفتى أو هلاكه ؛ ذلك معنى قوله عليه السلام : ( قتلوه قاتلهم الله ألا سألوا حين جهلوا فإنما شفاء العي السؤال ) ، إنما كان يكفيه أن يضرب بكفيه الصعيد وبس ؛ وأيضا هنا نأخذ فائدة ثالثة وهي أن العالم كلما كان أكثر اطلاعا على السنة كلما كان أقرب صوابا لأن السنة تفصل القرآن الكريم تفصيلا يحتاج الإنسان أحيانا لاستعمال الرأي والاجتهاد المبني على القواعد والأصول الشرعية ولكن الاجتهاد معرض للخطأ ومعرض للصواب ؛ فبقدر ما عنده من السنة كثرة يستغني بها عن استعمال القياس كثرة وكلما كانت السنة مادتها عنده قليلة كلما فر إلى استعمال الرأي والقياس كثيرا وكثيرا جدا ، ولا بد حينذاك أن يتعرض إلى الخطأ ؛ من أجل ذلك نلاحظ في الأئمة الأربعة أن أحدهم كلما كان أكثر من زملائه حفظا واطلاعا على الحديث كلما كان أكثر إصابة والعكس بالعكس ؛ لذلك كان الإمام أحمد أقربهم إلى السنة ... مين

الشيخ : وعليكم السلام أهلين أبو أحمد... فما دمت تحكم عليه بأنه لا يزال مسلما فذبيحته حلال وتسأل له الهداية كما فاته من السنة ؛ واضح ؟

السائل : نعم .

مواضيع متعلقة