بيان أهمية التوحيد في عقيدة المسلم مع بيان ثمرة من وحَّد الله - تبارك وتعالى - . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
بيان أهمية التوحيد في عقيدة المسلم مع بيان ثمرة من وحَّد الله - تبارك وتعالى - .
A-
A=
A+
الشيخ : ... ما أعِظُ به إخوانَنا الحاضرين إلا أن أذكِّرَهم بما يُستفاد من بعض النصوص الشرعية ، وبخاصَّة منها قوله - تعالى - : (( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا )) ، نحن الذين ننتمي إلى العمل بالكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح = -- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته -- = أصبحنا العالم الإسلامي - وذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ، ولكن أكثر الناس لا يعملون - أصبحنا معروفين أننا نُعنَى بالعقيدة بصورة عامَّة المُطابقة للكتاب والسنة ولِما كان عليه السلف الصالح ، وبالتوحيد بصورة خاصَّة .

وهذا بلا شك أمرٌ عظيمٌ جدًّا امتنَّ الله - تبارك وتعالى - علينا ؛ حيث أنه من المعلوم أن التوحيد هو أسُّ الإيمان وأصله ، وأن أيَّ شيءٍ من الإيمان والعمل الصالح لا يُفيد صاحبه شيئًا إذا ما أخلَّ بالتوحيد ، وذلك من معنى قوله - عليه الصلاة والسلام - في الحديث الصحيح المشهور : ( من قال : لا إله إلا الله مخلصًا من قلبه حرَّمَ الله بدنه على النار ) . رواه البخاري وغيره .

( حرَّم الله بدنه على النار ) له تأويلان وتفسيران :

أحدهما : حرَّم الله بدنه على النار مطلقًا بحيث أنه لا تمسُّه النار بسوء ، وبحيث أنه يدخل في الاستثناء المذكور في قوله - تبارك وتعالى - الآية المعروفة والتي تقول : ذكِّروني بها ؟ "" ثم "" (( نَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا )) ما أوَّلها ؟

السائل : (( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ))

الشيخ : (( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ )) - هنا الاستثناء - (( ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا )) ، فهذا قَسَمٌ من الله - تبارك وتعالى - أن ما من أحدٍ من الإنس والجن المكلَّفين إلا وهو ورادٌ للنار ، والورود هنا في أصحِّ أقوال المفسرين هو الدخول ؛ أي : لا بد لكلِّ نفسٍ مكلَّفةٍ أن تدخل النار دخولًا حقيقيًّا ، لكن هنا يختلف الصالح من الطالح ، هذا الدخول قد يقترن به النجاة كما قال : (( ثُمَّ نُنَجِّي )) ، وقد يقترن به العذاب كما أتمَّ - تبارك وتعالى - الآيةَ بقوله : "" ثم "" (( نَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا )) ، فإذًا حرَّم الله بدنه على النار له تأويلان وتفسيران :

الأول : أنه لا يدخل النار دخول عذاب مطلقًا ، وهذا بلا شك لِمَن قام بحقِّ هذه الكلمة الطَّيِّبة لا إله إلا الله .

والتأويل الثاني : أنه لا يدخلها بحيث يمكث فيها مكثًا أبديًّا ؛ لأنه يحول بينه وبين هذا المكث الأبديِّ في النار شهادته بلا إله إلا الله ، وإلى هذا أشار - عليه الصلاة والسلام - في الحديث الصحيح والذي رواه البزار وغيره عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( من قال : لا إله إلا الله نفَعَتْه يومًا من دهره ) . ( نفعته يومًا من دهره ) ؛ أي : إنه لو دخل النار وتعذَّبَ فيها ما شاء الله له من العذاب بما اكتسبَتْ يداه ؛ فلا بدَّ من أن يخرج يومًا ما من النار ؛ هذا معنى قوله - عليه السلام - : ( من قال : لا إله إلا الله نفَعَتْه يومًا من دهره ) ؛ فإذًا شهادة التوحيد هذه حينما يمتنُّ الله - عز وجل - على بعض عباده بأن يؤمنوا بها فهمًا واعتقادًا فهذه أكبر نعمة ؛ لأنَّ نتيجتها أنه إما أن لا يدخل النار مطلقًا - وهذا إذا قام بحقِّها كما ذكرنا آنفًا - ، وإما أنه ولو دخلها فهو لا يخلد فيها مع الخالدين ؛ هذه نعمة كبيرة جدًّا .

مواضيع متعلقة