هل يكون الكفر بالاعتقاد فقط أو يكون بالاعتقاد والقول والعمل ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
هل يكون الكفر بالاعتقاد فقط أو يكون بالاعتقاد والقول والعمل ؟
A-
A=
A+
السائل : وبناءً على ذلك أتوجه بسؤالي إليكم هل يكون الكفر بالقلب فقط أم أنه يكون بالقلب واللسان والعمل وبعبارة أخرى هل يكون الكفر بالإعتقاد فقط أم يكون بالإعتقاد والقول والعمل نبئوني بعلمٍ بارك الله فيكم ؟
الشيخ : هو الذي أفهمه في هذه المسألة أن الأصل هو الكفر القلبي لكن هناك أقوالٌ وأعمالٌ قد تصدر من الإنسان تنبئ عما وقر في قلبه من الكفر لكننا لا نرى ضرورة الجمع بين أن يكفر بقلبه وبشيء من عمله فقد يجتمعان وقد يفترقان بمعنى المنافق لا يصدق فيه أنه كفر بقلبه وعمله فإنه بعمله مسلم ولذلك جاء صريح القرآن في هذا الصدد بالنسبة للأعراب فما يبدو لي أن هناك ضرورة التوفيق بل والتساؤل هل يكون الكفر بالقلب والعمل ؟ قد يكون لكن لا يشترط أن يقترن العمل مع الكفر القلبي لأن الأصل هو الكفر القلبي فما أدري إذا كان هناك شيء ما وضح لي حتى أستحسن مثل هذا السؤال
السائل : لعلي أوضح هذا
الشيخ : نعم
السائل : بكلمة لابن القيم رحمه الله تعالى توضح ما أريد أن أصل إليه
الشيخ : نعم
السائل : وفيها يوضح ابن القيم أن الإيمان قولٌ وعمل فيقول ابن القيم رحمه الله " الإيمان قول وعمل والقول قول القلب واللسان والعمل عمل القلب واللسان وبيان ذلك أن من عرف الله بقلبه ولم يقر بلسانه لم يكن مؤمناً كما قال عن قوم فرعون (( وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ )) فهؤلاء حصل لهم قول القلب وهو المعرفة والعلم ولم يكونوا بذلك مؤمنين ولذلك من قال بلسانه ما ليس في قلبه لم يكن بذلك مؤمناً بل كان من المنافقين وكذلك من عرف بقلبه وأقر بلسانه لم يكن بذلك لم يكن بمجرد ذلك مؤمناً حتى يأتي بعمل القلب من الحب والبغض والموالاة والمعاداة فيحب الله و رسوله ويوالي أولياء الله ويعادي أعداءه ويستسلم بقلبه لله وحده وينقاد لمتابعة رسوله وطاعته والتزام شريعته ظاهراً وباطناً وإذا فعل ذلك لم يكف في كمال إيمانه حتى يفعل ما أمر به فهذه الأركان الأربعة هي أركان الإيمان التي قام عليها بناؤه " والشاهد من كلمة ابن القيم هي ضرورة عمل القلب فقد يصدق الإنسان بالإسلام ثم يستهزئ بآيات الله ورسله وهو مستقر في قلبه التصديق بآيات الله ورسله إلا أنه يستهزئ هذا فقد العمل القلبي كان يلزمه أن يوقر الله ورسوله مع التصديق فهو بافتقاد هذا الركن قد كفر بالله العظيم لأن أركان الإيمان كما علمنا الآن من ابن القيم القول قول القلب واللسان عمل القلب والجوارح فعمل القلب ركن هذا المستهزئ بآيات ورسوله وإن كان في بعضهم من يكون مصدقاً فَقَدْ فَقَدَ هذا الركن الركين من أعمال الإيمان ولذلك فإن الكفر لا يكون بالتكذيب فقط ولا يكون بعدم التصديق و ربما يقع الإنسان في الكفر وهو مصدق كما كان إبليس اللعين كان مصدقاً إلا أنه استكبر عن السجود كما أمر ربه وربنا تبارك وتعالى وكذلك كان فرعون مصدقاً (( لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ )) فقد يكون وهذه خلاصة القول قد يكون الإنسان مصدقاً ومع ذلك يقع في الكفر لانتفاء العمل القلبي عنه فيستهزئ بآيات الله و رسله وهو يصدق بالإسلام وقد انتفى منه العمل القلبي من التوقير والتعظيم والموالاة لله و رسله وهذا المنحى في حدود علمي أن المرجئة نَحَوه أقصد أن الكفر يكون بالتكذيب فقط ولذلك كان لزاماً علينا أن نعرف الكفر عند المرجئة حتى يتضح للسامعين أن السلفيين لا ينحون هذا المنحى أعني منحى المرجئة في التكفير وإذا تحرر لنا الإيمان عند المرجئة على اختلاف فرقهم كما تكلمنا فيه سابقاً فمن السهل الميسور معرفة الكفر عند المرجئة فالمرجئة
الشيخ : عفواً كلام ابن القيم في الواقع يجب الوقوف عنده قليلاً أنتم تعلمون أن هناك إيمان وتصديق ومعرفة
السائل : نعم
الشيخ : وتعلمون أيضاً بأن المعرفة والكفر يجتمعان
السائل : نعم
الشيخ : لكن هل يجتمعان الكفر والإيمان في آن واحد وأعني هنا بالإيمان هو الأصل الذي جاءت الأحاديث تتحدث عنه بالنسبة لأهل النار الذين يعذبون على حسب استحقاقهم بسبب بعدهم عن الإسلام عملياً حينما تأتي الشفاعة فتخرج من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان هذا المثقال من الإيمان هل يلتقي معه كفرٌ ؟
السائل : الإيمان المقصود في هذا الحديث هو الإيمان الصحيح وإن كان ذرة فإن الإيمان إذا أو أعني التصديق إذا التقى معه البغض لله والاستكبار عن أوامر الله جل وعلا فإن هذا الإستكبار بلا شك ينافي هذا الإيمان ويمحوه من القلب ولذلك فإن المرجئة حصروا الكفر في التكذيب بالقلب وظنوا كما يقول شيخ الإسلام أن كل من كفَّره الشارع فإنما كفَّره لانتفاء تصديق القلب بالرب تبارك وتعالى ومعلوم أن التكذيب بالقلب لا سبيل لمعرفته والكشف عنه ومن ثَمَّ فلا يتحقق كفر إنسان قط كما يقول ابن الوزير إلا بالنص الخاص في شخص شخص وقد كفَّر السلف من يقول بهذا القول فإبليس الرجيم كافر بنص القرآن ولم يكن مكذباً بل كان معانداً لله مستكبراً فإبليس بلا شك في قلبه التصديق ومع ذلك كفر بنص الكتاب العزيز وكذلك فرعون وقومه كما قال ربنا (( وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا )) وقال أيضاً (( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ )) فإيذاء قوم موسى له مع أنهم يعلمون أنه رسول الله بنص الكتاب العزيز هذا الإيذاء وهو ينجم عن عدم توقيرٍ للرسول وعدم موالاة له بلا شك ينافي هذا التصديق

مواضيع متعلقة