ما هو ضابط التشبه بالكافرين في اللباس ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما هو ضابط التشبه بالكافرين في اللباس ؟
A-
A=
A+
السائل : السؤال التالي : فضيلة الشيخ ، ذكرت من قبل أن الضابط في التشبه بالكفار هو أن يكون الأمر شعارًا لهم ؛ فهنا يكون الأمر تشبهًا ، وهناك أمور كانت شعارًا لهم ، ثم انتشرت ، وأصبح الشيخ يعتبرها لباسًا أمميًا مثل الجاكيت ، فالشيخ لا يرى فيه تشبهًا مع أنه في أول الأمر كان خاصًّا بهم ، وكان عندنا المشلح والبردة والعباءة وغيرها ؛ ما قول فضيلتكم ؟ جزاك الله خيرًا .

الشيخ : نعم ، التشبُّه حكم شرعي معقول المعنى ، وليس تعبُّديًا غير معقول المعنى ، وإذا كان لباسٌ ما يومًا ما شعارًا للكفار ثم ذهب هذا الشعار عنهم ؛ فحينئذٍ ينتفي حكم التشبُّه بهم ، وقد استدلَلْتُ في بعض جلساتي بحديث المغيرة بن شعبة الذي جاء في " صحيح البخاري " في قصَّة خلاصتها أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان في سفر ، فخرج صباح يوم لقضاء حاجته ، ثم صبَّ المغيرة بن شعبة الماء على وُضوئه ، فتوضَّأ ، ولما جاء - عليه السلام - إلى غسل ذراعيه لم يتمكَّن من كفِّ الكُمَّين ؛ لأنه - وهنا الشاهد - كان عليه جُبَّة روميَّة ضيِّقة الكُمَّين ، فما كان منه إلا أن خلعها ، وألقاها على أكتافه ، ثم توضَّأ ، فلو كانت هذه الجبة الرومية شعارًا للروم يومئذٍ لَمَا كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاجة أن يلبس لباس الكفار ، وهو القائل لأحد أصحابه حينما جاءه مُسلِّمًا عليه قال له : ( هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها ) ، فلا بدَّ أن نلاحظ حينما نقول بأن لباسًا ما هو تشبُّه بالكافر أن يكون فعلًا هذا اللباس يُمثِّل الكافر وأن يكون شعارًا لهم .

وأنا أضرب مثلًا من ألبسة الكفار القديمة كيف مع الزمن تحوَّل هذا اللباس إلى لباس بعض المسلمين في بعض البلاد ، ففي هذه البلاد ما تعرفون لباس رأس يسمَّى بـ " الطربوش " ، لكن ربما رأيتم صورة الطربوش في مثلًا في مصر في لبنان ، حتى النصارى يلبسون قلنسوة مُستديرة ولونها أحمر ، هذا اسمه الطربوش ، وله طرَّة من خيطان دقيقة ، وبعض العلماء المشايخ في مصر ألَّفوا رسالة في تحريم اتخاذ هذه الطُّرَّة من ألياف الحرير ؛ لأنها حرير .

الشاهد : كان هذا اللباس المسمَّى بالطربوش لباس العثمانيِّين ، وهم إنما أخذوه من النمسا حينما غَزَوْا هذيك البلاد الكافرة ، فأخذوا منهم هذه العادة ، يوم لبسها بعض المسلمين هذه أو هذا الزِّيُّ كان يومئذٍ حكمه كحكم من يلبس البرنيطة اليوم ؛ لأنه كان شعارًا للنمساويين ، لكن مع الزَّمن لم يعد النمساويون يلبسون هذا الطربوش ، وصار شعارًا للأتراك المسلمين ، ونحن في سورية إلى عهدٍ قريب كنَّا نلبس الطربوش ، ولا يزال بعض المشايخ يلفُّون العمامة البيضاء على هذا الطربوش الأحمر ؛ فلا يُقال أنُّو هذا التشبه بالكفار لأنه كان زيًّا لهم ؛ لأن هذا الزِّيَّ قد اضمحلَّ عنهم ؛ فصار عادةً لبعض المسلمين .

ولذلك فيجب أن يُراعى تحقُّق معنى التشبُّه بالكافر ، وهذا ليس ظاهرًا فيما إذا كان غير شعار لهم ؛ كالمثال الذي جاء ذكره في السؤال وهو الجاكيت ، لكن ليس كذلك الكرافيت ، وليس كذلك القُبَّعة أو البرنيطة ؛ فهذا لا يزال من لباسهم ومن شعائرهم .
  • فتاوى جدة - شريط : 21
  • توقيت الفهرسة : 01:04:35
  • نسخة مدققة إملائيًّا

مواضيع متعلقة