إذا أفتى بعض العلماء بفتوى و أفتى آخرون بعكس تلك الفتوى فمن يتبع العوام.؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
إذا أفتى بعض العلماء بفتوى و أفتى آخرون بعكس تلك الفتوى فمن يتبع العوام.؟
A-
A=
A+
السائل : سائل يقول إذا أفتى بعض العلماء في مسألة ما و أفتى فريق من العلماء آخر بعكس الفتوى الأولى فأيّهما يتّبع العامّة ؟
الشيخ : الجواب أنّ عامّة المسلمين يجب أن يكون عندهم ثقافة عامّة , العامّة يجب أن يكون عندهم ثقافة إسلاميّة عامّة أعني من الثّقافة العامّة الّتي يجب أن يعرفها كلّ مسلم و لو كان من العامّة أن يعرف أنّ الحقّ لا يتعدّد , الحقّ لا يتعدّد فإذا ما كان هناك كما جاء في السّؤال قولان , قولان متناقضان يجب أن يستحضر هذا العاميّ أنّ أحدهما هو الصّواب و الآخر هو الخطأ لقول الله عزّ و جلّ (( فماذا بعد الحقّ إلاّ الضّلال )) و إذا استحضر هذه القاعدة حفزه ذلك إلى أن يسأل أهل العلم , أنت تقول جائز و أنت تقول غير جائز ما دليلك و ما دليلك ؟ هذا سيفتح أمامه طريقا من الفهم و الوعي فيختار حينئذ ما انشرحت له نفسه و اطمأنّ له قلبه و يكون مأجورا أمّا أن يعمل بخلاف هذه القاعدة الشّرعيّة و أن يقول كما يقول كثير من النّاس اليوم " من قلّد عالما لقي الله سالما " و من أين جاءت هذه الجملة ليست لا في كتاب الله و لا في حديث رسول الله صلّى الله عليه و سلّم و إنّما هي على ألسنة العامّة " من قلّد عالما لقي الله سالما " , لا . لكن من اتّبع هدى الله فهو المهتدي و من ضلّ فعليها قلنا لكم آنفا قال الله (( فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون )) قال أهل الذّكر ليس المقصود بالذّكر هنا هو الذّكر الّذي يعرفه بعض جهلة الصّوفيّة الّذي هو الرّقص في الذّكر و الجنون فيه و يسمّونه كما قال عليه السّلام في غير هذه المناسبة ( يسمّونها بغير اسمها ) يسمّون الرّقص و التّواجد ذكرا لله عزّ و جلّ و إنّما هو اللّهو و اللّعب مع إثم آخر و هو تسمية الأشياء بغير أسمائها الشّرعيّة فالذّكر في الآية هو القرآن كما قال عزّ و جلّ (( و أنزلنا إليك الذّكر لتبيّن للنّاس ما نزّل إليهم )) فالذّكر هنا هو القرآن (( فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون )) و هنا تنبيه آخر لهذا السّائل الّذي يسأل هذا يقول جائز و هذا يقول غير جائز , يا أخي انظر هل هما علماء فعلا ؟ هل هما علماء بكتاب الله و بحديث رسول الله صلّى الله عليه و سلّم أم هما مختلفان أشدّ الاختلاف ؟ هذا يفتي على كتاب الله و على حديث رسول الله صلّى الله عليه و سلّم و ذاك ربّما يمشي على أربع أي لا يمشي على الكتاب و السّنّة و إنّما المذاهب الأربعة يأخذ منها ما يشتهي فشتّان بين هذا و بين هذا لذلك ينبغي أن يمّيز العاميّ نحن نقول عامّي ما معناه لا يعقل لا . لو كان لا يعقل كان مجنونا و لو كان مجنونا لكان غير مكلّفا لكنّه يعقل إلاّ أنّه ليس بعالم إذا يجب أن يشغل عقله فحينما يأتيه قولان فإمّا أن يكون أحدهما صدر من غير عالم فليس لهذا القول أيّ وزن فيصفى القول الأوّل و قد يقع و هذا لا ننكره أنّ كلاّ منهما عالم بالكتاب و السّنّة لكن المسألة من مواطن النّزاع و الخلاف فهذا يقع كما وقع قديما و يمكن أن يقع اليوم هنا لابدّ لهذا العامّيّ من أن يشغل عقله و أن يجرّد نفسه عن هواه و لا يتّبع الهوى فيضلّ عن سبيل الله و قد قال عليه السّلام ( المجاهد من جاهد هواه لله ) لكن مع الأسف الشّديد إذا كان خاصّة النّاس اليوم يستغربون الأمور يقول لك يا أخي و كلّهم من رسول الله ملتمس الّذي ناسبه من المذاهب أخذ به فماذا نقول عن العامّة ؟ و كما قيل
" إذا كان ربّ البيت بالدّفّ ضاربا *** فما على السّاكنين فيه إلاّ الرّقص "
فإذا كان الخاصّة هكذا شأنهم إلاّ من شاء الله و قليل ما هم فماذا يكون حال العامّة نحن نذكّر الخاصّة و العامّة بأنّ الدّين ليس هوى و إنّما هو العلم و على العامّ أن يتعلّموا كيف يسألون و لعلّي ذكرت أكثر من مرّة في بعض هذه المجالس الجامعة المباركة إن شاء الله ذاك الحديث الّذي أخرجه الإمام أبو داود في سننه أنّ النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم أرسل سريّة للجهاد في سبيل الله فأصيب أحدهم بجراحات في بدنه فلمّا استيقظ صباح يوم وجد نفسه بحاجة إلى الغسل فسأل من حوله أيجدون له رخصة في أن لا يغتسل قالوا لا . لابدّ لك من الغسل فاغتسل فمات لأنّ الجراحات الّتي كان أصيب بها لمّا أصابها الماء قيّحت و أصابها الصّدأ و نحو ذلك و ارتفعت الحرارة و مات الرّجل فلمّا بلغ خبره رسول الله صلّى الله عليه و سلّم غضب عليه الصّلاة و السّلام أشدّ الغضب و قال ( قتلوه قاتلهم الله ) أي الّذين أفتوه بأنّه لابدّ له من الغسل كانوا سبب قتله ( قتلوه قاتلهم الله ألا سألوا حين جهلوا فإنّما شفاء العيّ السّؤال إنّما كان يكفيه أن يضرب ضربة بكفّيه الأرض ) و يتيمّم فقط فإذا هؤلاء أفتوه بغير علم فنأخذ من هذا الحديث عبرة أنّه لا ينبغي لعامّة النّاس أن يسألوا أيّ شخص كان ممّن قد يدّعي العلم أو يدّعى له العلم و إنّما من عرفت أيّها المسلم أنّه لا يفتي إلاّ وهو يصدر من قال الله قال رسول الله فهذا الّذي ينبغي أن توجّه سؤالك إليه أمّا هؤلاء النّاس الّذين يقولون ما لا يعلمون و يفتون بغير ما جاء في الكتاب و السّنّة فهؤلاء ليسوا بالعلماء و هؤلاء هم الّذين تنبّأ النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم عنهم حينما قال كما في صحيح البخاري و مسلم من حديث عبد لله بن عمر بن العاص رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم ( إنّ الله لا ينتزع العلم انتزاعا من صدور العلماء و لكنّه يقبض العلم بقبض العلماء حتّى إذا لم يبق عالما اتّخذ النّاس رؤوسا جهّالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلّوا و أضلّوا ) هذا هو واقع كثير من المسؤولين اليوم ممّن يظنّ أنّهم من أهل العلم فيقع السّائل العامّيّ في حيرة هذا يقول حرام و هذا يقول حلال أو هذا يقول فرض و هذا يقول سنّة أو غير ذلك من المسائل الخلافيّة يجب إجراء عمليّة تصفية في أذهان كلّ العامّة تصفية العالم بالكتاب و السّنّة عن العالم الّذي هو كما قال بعض الظّرفاء في بلادنا السّوريّة قال العلماء قسمان قسم عالم عامل و قسم عامل عالم فرّقتم معي ؟ عالم عامل أي بعلمه و آخر عامل عالم يعني عامل حاله عالم و ليس هو من العلم في شيء و هذا مع الأسف موجود و الّذي لا يعرف يجرّب اسأل من شئت ممّن تظنّ من أهل العلم معروفين عند النّاس و لا نسمّي و لو باللّقب سلوا من شئتم عن أي مسألة فقهيّة فيها خلاف سيقول لك بناء على مذهبه الّذي ترعر و نشأ و شاب عليه سيفتيك به تقول له ما هو الدّليل يقول لك نحن من أهل الدّليل ؟ نحن ما يفهّمنا بالدّليل هذا إذا كان صريح أمّا إذا كان كتيما يقول لك أنت ما يعرّفّك بالدّليل فهو يستر جهله بتجهيل غيره . هذا مع الأسف واقع كثير من النّاس اليوم و المستعان الله . غيره يا أستاذ الوقت يتداركنا .
السائل : في سؤال آخر في السؤال نفسه
الشيخ : تفضل .

مواضيع متعلقة