حديث : ( لا طلاق في إغلاق ) ؛ هل يدخل فيه طلاق السكران ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
حديث : ( لا طلاق في إغلاق ) ؛ هل يدخل فيه طلاق السكران ؟
A-
A=
A+
السائل : فقد أفتينا بعدم وقوع طلاق السكران اعتمادًا على حديث : ( لا طلاق في إغلاق ، ولا طلاق فيما أذهب العقل ) ، وتوضيحًا من قبل للشوكاني ، و ... تبيَّن أن ذلك خطأ ، وهو قول السَّادة الفقهاء ؛ فما الصواب ... الصحيحة ؟

الشيخ : ما أدري ماذا يعني السائل أخفينا هل يعني ... ولَّا يعني حضرته ، ولَّا يعني أنا وأنت ولَّا ماذا يعني ؟

سائل آخر : حضرته .

الشيخ : حضرته ، فنقول نحن نفرِّق حديث : ( لا طلاق في إغلاق ) لا نُدخل فيه طلاق السكران ويمين السكران وأفعال السكران كلها ؛ ليه ؟ ؛ لأنه فرق كبير جدًّا بين إنسان فُوجئ بحالةٍ أثارته وأزعجته وأغضبته ، فخرج بها عن طوره ، وبالتالي خرج منه ما لا ينبغي أن يخرج ، أو ما لا يريد هو في وعيه وفي وضعه الطبيعي أن يتكلَّم به ، فهذا معذور طبعًا ؛ لأنه لم يتعاطَ السبب الذي يؤدِّي به إلى مثل هذا الذي هو يستنكره بعد فيئته ، أما السكران هذا محرَّم عليه أن يشرب قطرة من الخمر ، فضلًا عن أن يشرب كأسًا منها ، فضلًا عن أن يشرب كؤوسًا منها حتَّى يصبح لا يعي ولا يشعر بما يفعل ، فيطلق و و إلى آخره ، فقياس السكران على الغضبان هذا كما يقول ابن حزم - رحمه الله ، وغفر لنا وله - : أفسد قياس على وجه الأرض ، هو مذهبه أنُّو لا قياس في الإسلام ، وهذا طبعًا من شذوذه ؛ ولذلك هو حينما يقول هذه العبارة التي أنا اقتبسْتُها منه ويقدِّم بين يديها ما ليس من مذهب عامة المسلمين يقول : " القياس كله باطلٌ ، وهذا منه عين الباطل " ، القياس كله باطلٌ وهذا - يعني - لما يناقش قياس بعض الفقهاء الذي يتوسَّعون في القياس توسُّعًا غير مشروع يقدِّم هالمقدمة يقول : " القياس كله باطلٌ ، وهذا منه عين الباطل ، وهو أفسد قياس على وجه الأرض " ليه ؟ لأنه من باب قياس النقيض على النقيض ، وهذا في الواقع يقع فيه بعض العلماء ، يقيسون غير المعذور على المعذور ، يقيسون - مثلًا - تارك الصلاة عامدًا متعمِّدًا على تارك الصلاة نائمًا أو ناسيًا ، فالنائم والناسي بنصِّ الحديث معذور بأن يؤدِّيَ الصلاة حين يتذكَّرها أو يستيقظ لها ، يقولون : قياسًا للمتعمِّد لترك الصلاة على الناسي لها هذا قياس !! مثل ما بيقول ابن حزم : أفسد قياس على وجه الأرض ، متل هاللي يقيس القاتل العمد على القاتل إيش ؟ الخطأ ، مين بيقول هذا قياس شرعي ؟ قد قيل مثل هذا في بعض الأحكام الشرعية منها هذه المسألة ، مسألة طلاق الثلاث متعمِّد .

تجد كثيرًا من الناس حتى كبار السِّنِّ ليس في هذا العصر فقط الذي نرى فيه تناقضات ، نرى فيه شبابًا - يعني - انطلقوا من كلِّ قيود الشريعة ، وفي المقابل - والحمد لله - نرى شبابًا مقبلين على الطاعة ومنها الصلاة ، لكننا نرى حتى في هذا العصر بعض الكهول يدخلون المسجد فنراهم يقومون يقعدون يصلون ، فنحسُّ أن هدول يصلُّوا مما عليهم ، من أين جاءتهم هذه الفتوى ؟ من هذا القياس قياس النقيض على النقيض ، كان فاسق كان فاجر كان مهمل كان تارك صلاة بيشتغل تجارته ... بعدين صار عمره أربعين خمسين سنة فاء إلى ربِّه ، الآن بقى بدو إيش ؟ يقضي هذه الصلوات التي أخرجها عن وقتها عامدًا متعمِّدًا ، نسأل الفقهاء : شو دليلكم ؟ قال - عليه السلام - : ( مَن نَسِيَ صلاةً أو نام عنها فليُصلِّها حين يذكرها ، لا كفَّارة لها إلا ذلك ) ؟ بيقولوا : إذا كان النائم والناسي أمر بقضاء الصلاة فالمتعمِّد من باب أولى ، لا هو العكس غير ... فأقول - مثلًا - : الحلف اليمين ، لو أن إنسانًا حلف غير كاذب في يمينه ، أي : لم يكُنْ يمينه من اليمين الغموس ، وإنما حلف يمين رأى هكذا ... بيمينه فجاءه الحديث ليقول : ( مَن حلفَ على يمينٍ ثم رأى غيرها خيرًا منها ؛ فليأتِ الذي هو خير وليكفِّر عن يمينه ) هذا له كفارة ، اليمين الغموس يقول لك : والله العظيم البارح أنت لما جيت عندي البيت أنا ما كنت موجود ، وهو كذَّاب ، كان موجود ، ويؤكد اليمين ويقول : والله العظيم ؛ هذا له كفَّارة ؟ وُجِد من يقول : نعم ، له كفارة !! شو الدليل ؟ قياسًا على مَن حلف على يمينه ثم رأى غيرها خيرًا منه ؛ فليأتِ الذي هو خير ؛ لكن شو جاب هذا لهذا ؟ هذا حلف صادقًا ، جائز الإنسان لأنُّو أخطأ معه قال : والله ما عاد إجي لعندك ، ثم فاءَ إلى نفسه قال : هذه مقاطعة ما لها مبرِّر إسلاميًّا ، وراح لعنده وكفَّر عن يمينه ... أما واحد بيكذب " أَشْكَرَة " ويحلف بالله كاذبًا ، هذا ما له كفارة ؛ لذلك مبدأ الكفارات في الإسلام قائم بمجرَّد نقص يحصل للإنسان وهو مغلوب على أمره .

نرجع إلى قياس للسكران على الغضبان ، هذا قياس النقيض على النقيض ، الغضبان معذور ، فالسكران غير معذور ؛ فلا يُلحق هذا بهذا ، ذاك السكران تعاطى الأسباب هاللي تؤدِّيه إلى مخالفة الشريعة ؛ لأنه هو غريق في مخالفة الشريعة ، وما بُنِيَ على فاسد فهو فاسد ، أما هذا الغضبان فالرسول يقول : ( لا يحكم القاضي بين اثنان وهو غضبان ) ، وُوجِه بما أثاره وأغضبه ، لم يسعَ هو إلى ذلك إطلاقًا ؛ لذلك نحن نرى ما جاء في سؤال السائل أن بعض العلماء أفتوا بأن هذا خطأ ؛ أي : قياس طلاق السكران على طلاق الغضبان قياس غير صحيح ، أقول : هذا الكلام هو الصحيح ، قياس طلاق السكران على طلاق الغضبان غير صحيح ، طلاق الغضبان لا يقع ؛ لأنُّو خرج عن الوضع الطبيعي ، هذا الوضع الذي ربط الله - عز وجل - به التكاليف كلها افعل لا تفعل ، بدون قصد ، خرج عن طوره بدون قصده ، أما ذاك السكران خرج عن طوره بقصد منه .

مواضيع متعلقة